بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة مُوجزة في متن مُسمَّىَ وثيقة الدستور الانتقالي لعام 2019 م
بعد اطلاعي على متن مُسوَّدَةِ وثيقة مُسَمَّىَ الدستور الانتقالي لعام 2019م ، تجَلَّتْ لي جملة من المُعْطيات الأساسية التي تواضع على الأخذ بها المشرعون الدستوريون و تعارفوا على تضمينها متون وثائق دستورية انتقالية لبلدان تمر بمنعطفات استثنائية في تاريخها السياسي لم يَعبأ بالأخذ بها المُشرِّع السوداني الذي قعَّد و صاغ أحكام الوثيقة الدستورية محل النظر . أذكر هنا في هذه العُجالة على سبيل النمذجة بعض هذه المُعْطيَات فيما سيأتي بيانه.
أولا:– لم يتضمن متن مُسوَّدَةِ وثيقة مُسَمَّىَ الدستور الانتقالي لعام 2019م دِيبَاجة ً تشتمل على اعلان قومي ، شِعَارٍ وَطَنِيًِّ ، أهْدَاف ٍ مِحْوَريَّةٍ ، و مُوَجِهَات ٍ عَامَّة ٍ ُتعَرِّفُ بمبادئ دستورية أساسية هي بمثابة معايير، ُتجَسِّد القيم المُشكِّلة لِوجْدان الأمة السودانية و ضوابط أخلاقية تحكم سُلوكيات مُمثلي الشعب المُناط بهم دستوريًا ٳدارة الشأن العام قبل و بعد انتهاء أجل تكليفهم . أقترح أنْ يُضافَ الى صدر وثيقة مُسَمَّىَ الدستور الانتقالي لعام 2019م ديباجة ً تتضَمَّنُ ما سيأتي بيانه:
I- اعلان قومي ، أقترح الصيغة التالية :
” تجْسِيدًا لطموحات ثورة ديسمبر المجيدة لعام 2019م ، استجابة لمطلب الحراك الثوري الشعبي المشروع المتمثل في نقل السلطة كاملة الى الشعب ، واستنادًا الى مبدأ الشعب مصدر السلطات قام ممثلون عن ” قِوَىَ اعلان الحرية و التغيير” المنبثقة عن و المُمَثِلة لٳرادة قِوَىَ الحراك الثوري الشعبي بوضع مُسَوَّدَةِ وثيقة دستور انتقالي لعام 2019م لِتُحْكم بهِ البلاد لِفترَةٍ انتقالية حُدِّدَ أجَلُهَا بأربع سنواتٍ تبدأ من تاريخ دخول هذا الدستور حيِّز التنفيذ.
* في هذا المنعطف المِفصلي الدقيق في السَّيرورة التاريخية لشعبنا ، نَحْنُ الأمة السُّوُدَانيةَ ، أفرَادٌ طبيعِيوُنُ ، كيَانَاتٌ مجْتِمَعِيَّة اعْتِبَاريَّة ( قوميات ثقافية ) ، أحْزَابٌ سياسية مدنية ،حركات سياسية مسلحة، نقابات مِهنية و عمالية ، اتحادات مزارعين ، روابط طلابية ، هيئات نسوية و مُنَظَّمَاتُ مُجْتمَع ٍ مَدَنِي ٍ ، ٳعْلانا و تأكيدًا لقناعتنا ، و استجابة لطموحاتنا و ٳعمالا لمشيئة ٳرادتنا الحُرَّة المُعَبِّرَة عن رضائنا ، قدْ تعَاقدْنَا و توَاثقنَا عَلىَ التَّعَايُش مَعَاً أمَّة ٌ سُودَانِيَّة وَاحِدَة ٌ فِي ٳطَار ٳْقلِيم الوَطَن ِ السُّوُدَانِي ِ بحُدُودِهِ الْمُعْترَفُ بهَا دُوَلِيَّاً ، َتحْتَ مَظلَّة ِ سَيَادَة ِ كيَان ِ دَوْلة مُؤسسات قانونية مَدَنِيَّةٍ اتحَادِيَّة فدْرَالِيَّة ٍ ديمُوقراطية ٍ ، يَتسَاوَىَ فِيهَا الجَمِيعُ أمَامَ القانوُن ِ و فِي حُقوق ِ و التِزَامَاتِ المُوَاطنة ِ ، ُتعَزَّزُ فيها حُقوقُ الإنسان ِ و ُتصَانُ حُرَّياته ُ الأسَاسِيَّة تقديسًا لذاتِيَّةِ كينونته البشرية ، صونًا و تعزيزًا و احترامًا لكرامته و تحقيقا ً لسعادته، قْد آلَيْنَا عَلىَ أنْفُسِنَا الالْتِزَامَ و التَّقيُدَ بأحْكَام ِ هَذه الوثيقة الدستورية الانتقالية .
* المُوَاطنَة ُ هِيَ أسَاسُ كَافَّة ِ الحُقوُق و الالتزامَات الدُسْتوُريَّة في دَوْلة المُوَاطنة المَدَنِيَّة الاتحَادِيَّةِ الفِدْرَالِيَّة الديمُوقرَاطِية ، فالجميع مُتسَاوون أمَامَ القانُون و في حُقوق و التزامات المُوَاطنَة ِ مَا توَفَّرَت فِيهم ُشرُوطُ أهْلِيَّةِ الوُجُوب و الأدَاء.
* السيادة ُ مُتأصِّلة في الأمة السودانية في كليتها و لصيقة بها ، و السلطة ُ مُلك ٌ لها وحَدَها ، و الشرْعِيَّة ُ مُنبَثِقة ٌعن ٳرادتها. تمَارسُ الأمة السودانية سلطتها الشرعية تعبيرًا عن سيادتها بذاتِهَا عَبْرَ الاسْتفِتاء ، و ُتفوِّض عند الاقتضاء مُمَارَسَتهَا وَكَالة عنها لِنُوَّاب تخْتارَهَمُ بمحض ٳرادتها الحُرَّة بالاقتِرَاع السِّري المباشر .
* سِيَادَة ُ الأوْطان ِ مِنْ سِيَادَةِ الإنْسَان.
* لاشَرْعِيَّة لحاكم على الأمة السودانية ِبلا َتفويض ٍ مباشر صَادِرٌ عنها.
* الفَصْل ُ بَيْنَ السُلطات ِ التنفِيذيَّة ِ ، التشريعِيَّة ِ و القضَائِيَّة ِ في دَوْلة ِ المُوَاطنة المَدَنِيَّة الاتحَادِيَّةِ الفِدْرَالِيَّة الدِيمُوقرَاطِيَّة مَبْدَأ قارّ. يُحْظرُ قانوُناً الجَمْعُ بين سُلطَتيْن أوْ أكثر في َشخْص ِ فرْد ٍ أو عُصْبَةٍ من الأفراد أوْ كيَان ٍ وَاحِد ٍ ٳلا في حالات استثنائية يُحَدِّدَها عند الاقتضاء قانون ساري .
* الفَصْلُ بين مُتعَلقات الدِّين ِ و الدَّوُلة جَوْهَرُ حِيَادِيَّة دَوْلة ِ المُوَاطنة المَدَنِيَّة ِ الاتحَادِيَّةِ الفِدْرَالِيَّة الدِيمُوقرَاطِيَّة.
* التَّدَّاوُلُ السِّلْمِي الدَّوْري للسُلطة ٳقرَارٌ بحَق الآخَر فِي مُمَارَسَةِ حُكْم ِ بلاده و َتجْسِيدًا عمليًا لِمَبْدَأ الدِّيمُوقرَاطِية “حُكْم ُ الشَّعْبُ بالشَّعْب ِ لِلشَّعْب ِ” لا حُكم فَرَدٍ أو عُصْبَةٍ أو كيان ٍ بديلٍ عن الشعب.
* مَبْدَأ ُ الفَصَلُ بَيْنَ كَيَان ِ الدَّوْلة ِ و كَيَانَات ِ الأحْزَاب ِ السِّيَاسِيَّة ِ و المُؤَسَّسَات المدنية الخاصَّة و مُنظمات المُجْتمَع ِ المَدَنِي ضَمَانُ حِيدَة َ الدَّوْلة ِ و َتأكِيد ِ مِلْكِيَتِهَا لِلْجَمِيع و سُمُوّها و َتمَوْضُعِهَا فوق الجميع.
* مبدأ القِيَادَة ُ الجَمَاعِيَّة ُ يُجَسِّدُ ٳعْمَال العقل الجَمْعِي ، و حَمْلا ً للمسؤوليات الجماعية تضامنيًا ، هو عِصْمَة مِنْ الفَسَاد ِ، و تِرْيَاق ٌ و حَصَانة مِنْ مَخاطِر داء لوثة الأنا المُفضِيَّة ٳلى تألِيهِ الذات و ٳقصَاء الآخَر، و مِنْ ثمَّ تعْمِيد دِّكْتاتوُريَّة ِ الفرد أو العُصْبْة.
* تحَمُّلُ الفَرْدُ مَسْئوُلِيَته ِ الذاتِيَّة عَنْ الأداء الأمثل للتكلِيفات ِ العَامَّة ِ أسَاسُ المُوَطنَة ِ الصَّالِحَة.
* النزاهة، الشَّفَافِيَّة، المسائلة القانونية و تحمل المسؤولية عن مُمارسات سلطات الولايات العامة، من مقتضيات حَصَافَة و مِصْداقِيَّة ِ الحُكْم الرَّشِيد.
* الكَشْفُ عَنْ مُحْترَزَات ِ الذِمَّة ِ المَالِيَّة َقبْلَ و بَعْدَ تقلُّد ِ الولايَاتِ العَامَّة َتزْكِيَة ٌ لِلنَفْس ِ الوطنية الشريفة.
* الخضوع و الاذعَانُ الذاتِيِّ الطوعي لِسُلطان ِ القانوُن و احْتِرامُ المُؤَسَّسِية دَعَامَة ٌ لِفعَالِيَّة ِ السُّلطة ِ العامة في دَوْلةِ المُوَاطَنَةِ المَدَنِيَّة الاتحَادِيَّةِ الفِدْرَالِيَّة الدِيمُوقرَاطِيَّة.
* مَبْدَأ ُ جَمْعُ (لمُ) الشَّمْل و رَتق نسيج اللُّحْمَة ِ الاجتماعية بَيْنَ كيَانَاتِ المُجْتمَعَاتِ المُمَزَّقة القاطنة فِي مَناطِق التمَاس المُتاخِمَة للحُدُوُدِ الدُّوَلِيَّةِ المُشْتركةِ بَيْنَ دَّوْلةِ المُوَاطنَة المَدَنِيَّة ِ الاتحَادِيَّةِ الفِدْرَالِيَّة الدِيمُوقرَاطِيَّة و دُوَلِ الجِّوَار يُمَثلُ دعامة للتعايش السلمي و تعزيز الصداقة بين أمم دول الجوار.
عليه ، َكحَقّ ٍ من الحُقوُق الاجتماعية الأساسية للإنسان أنْ يكون لكيانات القوميات الثقافية القبائلية التي تقطن في المناطق التي َتشْطُرُها خطوط الحدود الدولية ، حَقُّ التوَاصُل مع أصُوُلِهَا و ُفرُوُعِهَا ، بُغْيَّة تمْتِين الرَّوَابطَ الاجتماعية و التاريخية ، و تعزيز المَوْرُوُثِ الثقافي و تدعم تنمِيَّة العلاقات الإنسانية.
لتفعيل هذا المبدأ ، ُتنْشأ لتحقيق هذا الهدف مُنظماتٌ و قنواتُ اتصال مَدَنِيَّة تسَجَّلُ و يُعْترَفُ بها رَسْمِيَّا ً من قِبَل سلطات الدول ذات الحدود المشتركة. تمارسُ مُنظماتُ و قنواتُ التواصل المَدَنِيَّة المُقترحة أنشطتها وفق برنامج رسمي مُعْلن مُعْترَف ٌ به و مجاز قانونا من قِبَل سلطات الدول المَعْنِيَّة في تناغم و ٳتساق تام مع القوانين و التدابير المتعلقة بحماية المصالح الاستراتيجية و مقتضيات الأمن القومي للدول المَعْنِيَّة.
* التعايش السلمي و تعزيز السلام و الأمن الدوليين ، تمتين علاقات الصداقة و التعاون مع أعضاء المجتمع الدولي القائم على أساس المساواة و التعامل بالمثل وفقا لمبادئ و أحكام القانون الدولي العام ، و الاحترام المتبادل لسيادة و استقلال الدول ، احترام وحدة الٳقليم الوطني للدول و عدم التدخل في الشئون الداخلية و الخارجية للدول و التزام مبدأ الحياد الايجابي في العلاقات الدولية الٳقليمية و العالمية تمثل وصفات توطيد السلم و الأمن العالميين. ”
2- شِعَارُنَا : ” وَطنُنَا السُّوُدَانُ و الدِّينُ للِدَيَّان ِ”
3- غايَتنا : ” الأخُوَة ُ و الوئام ”
4- أهْدَافنَا : “السلام ، الوحدة ، الحُريَّة ، العَدْلُ ، المُسَاوَاة ُ و العَمَلُ ”
4/أ- السلام : “يرمز الى اشاعة الأمن حفظا للنفس و العرض و المال.”
4/ب- الوُحْدَة ُ ” تجَسِّدُ ضَمَانة دَيْمُومَة كيْنُونتنا أمَّة سودانية مُوَحَّدَةِ الارادة متكامِلةَ العَزَائِمَ .”
4/ج- الحُرِّيَة ُ ” تجَسِّدُ الانعِتاق َ و التحرر مِنْ كافة أصفاد العُبوُدِيَّة ِ و التَّحَلُّل ِ من هَيْمَنةِ الغَيْر ِ و ٳسَار ِ الْحَاجَة ِ.”
4/د- العَدْلُ ” يُجَسِّدُ ٳعْمَال أحكام القانُوُن ِ ٳحْقاقا لِلْحَق ِ و دَرْءَاً لِلْظُلْم ِ و الجُوُر ِ.”
4/ه- المُسَاوَاة ُ ” تجَسِّدُ التَّكافُؤَ في الفرَص ِ و َتمَاثل ِ الأنْصِبَة فِي غيْر ِ تمْييز ٍ أوْ حَيْف ، و المِعْيَار في كل ذلك هو المؤهلات العلمية ، الكفاءات الخبروية و القدرات الطبيعية للمُواطِنة و المُوَاطِن .”
4/و- العَمَلُ ” يُجَسِّدُ الكَدْح الرَّشِيد ِ الشَّريف ِ المُفضِي ٳلى توَافِر الخَيْر و الرَّفاه ِ العَامِّ .”
ثانيا:- لم يُحَدِّد مَتنْ مُسوَّدَةِ مُسَمَّىَ وثيقة دستور انتقالي لعام 2019 الكيفيات ، التدابير و الٳجراءات القانونية التي يتم بمقتضاها عند الضرورة تعديل أحكام الوثيقة محل النظر كان ذلك تعديلا بالحذف ، بالٳضافة أو بالاثنين معا أو ٳلغائها .
ثالثا:- لم يُنوِّه متن مُسوَّدَةِ الوثيقة محل النظر الى طبيعة مَرْجَعِيَّةِ شرعية الجهة (قِوَىَ اعلان الحرية و التغيير) التي وضعتْ و صاغتْ أحكام الوثيقة المُنوَّهُ ٳليها أعلاه كانت شرْعِيَّة مَرْجَعِيَّتها تفويض شعبي صريح أو ضمني أم تفويض صادر عن المجلس .“ De facto authority ” العسكري القائم بصفته سلطة الأمر الواقع
رابعا:- نصَّتْ المادة (7) من مُسوَّدَةِ الوثيقة محل النظر على أنْ ” ُتحْكمَ جمهورية السودان خلال الفترة الانتقالية البالغ قدرها أربع سنوات ، تبدأ من تاريخ دخول الدستور الانتقالي حيز التنفيذ…”
(أ)- لم يُبيِّن مَنطوُق نصّ ُ مَتن ِ المادة المُشار ٳليها أعلاه المِعْيَارين النظري و العملي الذين وفقا لهما تمَّ اخِتِيارُ أجَلُ السنواتِ الأربع كفضاء زمني للمرحلة الانتقالية .
(ب)- لم ُتشِرْ المادة المَذكوُرة أعلاه صراحة و لا ضمنا الى احتمال تمديد أجَلَ فترة السنوات الأربع المُنوَّه ٳليها عند اقتضاء الضرورة ذلك مراعاة للصالح العام ، و لم تطرح أيضًا أي أجل زمني كمقترح ٍ لِتمديد أو تمديدات ٳضافية بعد انقضاء الأجل المُحَدَّدُ وفقا لمنطوق نصِّ مَتن المادة (7) من مُسوَّدَةِ مُسَمَّىَ وثيقة الدستور الانتقالي محل النظر.
خامسًا:- نصَّتْ الفقرة ( 1) في المادة (9) من مُسوَّدَةِ مُسَمَّىَ وثيقة الدستور الانتقالي لعام 2019 مَحَلُ النظر على أنْ ” يتكون مجلس السيادة الانتقالي بالتوافق بين قِوَىَ اعلان الحرية و التغبير و المجلس العسكري.” َّ
(أ)- ٳنَّ صياغة متن الفقرة المُشارُ ٳليها أعلاه يَشوُبها عيبُ الغموض و عدم دقة الدلالة ، لذا هي مَدْعَاة ٌ لٳثارة التساؤلات الآتية:-
(أ/1)- ٳنَّ عبارة (يَتكوَّنُ) ُتشير لُغة ً الى هُويَّةِ أو صِفةِ الأفراد المُتحَدَّث عنهم (في سياق مَنْ هو مَدَنِي ٍ و مَنْ هو عسكري ٍ) الذين يَتشكَّلُ مِنْ شخوُصِهم مجلس السيادة ، لذا يدور تساؤل عام عن عدد المدنيين و العسكريين من أعضاء مجلس السِّيَادة المُوَقر المُنوَّهُ ٳليه (باعتبار ما سيكون) هذا من جهةٍ، و من جهةٍ أخرى ، هل يَضُم فريق المدنيين أشخاصًا غير أعضاء الكوكبة التي تقوم بالتفاوض مع المجلس العسكري تأكيدًا لقومية مجلس السيادة المُوَقر ، أم تكون العُضْوِيَّة حِكْرًا و وقفا على أفرادٍ من الشمال النيلي المُمَثلِينَ وفق معطى الأمر الواقع في شخوص الكوكبة المُنوَّه ٳليها.؟
(أ/2)- ٳنَّ منطوق متن الفقرة (1) في المادة (9) من مُسوَّدَةِ مُسَمَّىَ وثيقة الدستور الانتقالي لعام 2019 لم يُحَدِّدْ صراحة و لا ضمنا عدد مُمثلي كلٍ من قِوَىَ اعلان الحرية و التغيير من جهةٍ و المجلس العسكري من جهةٍ أخرى في عُضوية مجلس السيادة. عليه لتأكيد تحَققُ مطلب الحراك الثوري الشعبي بنقل السلطة العامة من حَوْزةِ المجلس العسكري الى مدنيين ، يقتضي واجب (و ليس ضرورة) الالتزام الثوري بالتمسك و التقيد المُطلقين بتحقيق المطلب المشروع للشعب بنقل السلطة الى مدنيين عمليًا ، ذلك بتخصيص ثلثي مقاعد مجلس السيادة لمُمَثلِي الشعب كحدٍ أدني .
(أ/3)- ٳنَّ تخصيص ثلث مقاعد مجلس السيادة للمجلس العسكري أملته فضيلة اشادة ، احترام و عرفان جماهير الشعب السوداني بالدور العظيم و الاستراتيجي الذي قامت به طليعة ضباط و ضباط صف و جنود القوات المسلحة السودانية الباسلة بانحيازها التام و المُطلق الى ناصية جماهير الحراك الثوري السلمي ، حماية لأفراد الشعب و الحيلولة دون سفك الدماء و اقتراف مجازر من قِبَل ِ مليشيات الظل (الأشباح) و فرق القناصة التابعة للنظام المُتعسف الزائل الذي خطط لاقتراف مجازر تمَّتْ التعبئة و الحشد و الشروع عمليا في تنفيذها ، فكانت القوات المسلحة السودانية كعهدها وفيه لشعبها ، فأحبطت خططهم و رَدَّتْ كيدهم الى نحورهم ، و لا يزال جيش الشعب دِرْع ٌ للشعب.
(أ/4)- أنَّ مطلب تخصيص ثلثا مقاعد مجلس السيادة لمُمثلي الشعب بالنصِّ على ذلك صراحة ً في متن وثيقة الدستور ُتمليه ضرورة التأمين القانوني لنصاب الثلثين كآليَّةٍ لاتخاذ القرارات الهامة من جهةٍ ، و تفاديًا لأي مشكل قد يقع مستقبلا عند وضع اللائحة الداخلية لمجلس السيادة التي ُتعْقدُ و ُتفضُ جلسات دورات المجلس ، ترتب موضوعات جداول أعمال جلسات المجلس و ُتتخذ ُ قراراته وفقا لِمُوَجِّهَاتِ أحكامها.
سادسا:- نصَّتْ المادة (10) من مُسوَّدَةِ وثيقة الدستور الانتقالي لعام 2019 محل النظر على أنْ ” يتكون مجلس الوزراء من رئيس و نائبًا له و عدد من الوزراء لا يتجاوز سبعة عشر وزيرا يتم اختيارهم بواسطة قِوَىَ الحرية و التغيير.”
لم يُحَدِّد منطوق نصِّ مَتن ِ المادة المذكورة هُوية (وفقا لسياق الصفة المدنية أو العسكرية) الأشخاص الذين سَيَتِمّ ُ اختيارهم لتقلد حقائب الوزارات السبعة عشر، هل جميعهم مدنيين؟ أم جميعهم عسكريين؟ أم خليط من بين هذا و ذاك ؟. هل سَتخَصَّصُ حقيبة ٌ وزارية لِمرشح تختاره كل ولاية من ولايات السودان السبعة عشر كمُمثل عنها في مجلس الوزراء الموقر لكي تتحقق قوميَّةِ تكوين المجلس المشار ٳليه؟ أم سيتم قصر و احتكار تقلد الحقائب الوزارية على أشخاص يُختارون من قِبَل ِ الكوكبة التي تقوم بالتفاوض مع المجلس العسكري و مِنْ بَيْنَ أعضائها المُبَجَلين الذين يمثلون وفقا للأمر الواقع السودان النيلي.؟
سابعا:- نصَّتْ الفقرة (1) في المادة (11) من مُسوَّدَةِ وثيقة الدستور الانتقالي لعام 2019 على أنْ ” تتكون السلطة التشريعية و الرقابية خلال الفترة الانتقالية من مجلس يتكون من 120الى 150 عضوا، يتم التوافق عليهم بواسطة القِوَىَ الموقعة على اعلان الحرية و التغيير، على أنْ يُراعى في عضويته تمثيل القِوَى المشاركة في التغيير و لا يقل تمثيل المرأة عن 40% من عضوية المجلس.”
(أ)- لم يُشرْ صراحة و لا ضمنا منطوق نصِّ متن الفقرة (1) في المادة (11) من مُسوَّدَةِ وثيقة الدستور محل النظر الى المعيار الشكلي أو الموضوعي الذي وفقا له سيتم اختيار أعضاء المجلس التشريعي ، هل سَيُختارُ مُمثِلوُن عن كل ولاية من ولايات السودان السبعة عشر الكائنة قانونا ، وفقا للتمثيل النسبي المؤسس على الكثافة السكانية للولاية محسوبة من المجموع الكلي لسكان السودان وفقا لأرقام التعداد السكاني القومي الأخير المُعْتمَدُ رسميا من قِبَل ِ النظام الزائل ؟ أم سيكون تمثيلا رمزيًا ُتمَثلُ فيه كل ولاية بعددٍ من الأفراد تتفق عليه (أي العدد) الولايات فيما بينها تحقيقا لقومية المجلس التشريعي؟ أم سيكون معظم أعضاء المجلس الموقر من ولايات الشمال النيلي .؟
(ب)- لم يُحَدِّد صراحة و لا ضمنا منطوق نصِّ متن الفقرة (1) في المادة (11) من مُسَوَّدَةِ وثيقة الدستور محل النظر المؤهلات العلمية و القدرات الخِبْرَوِيَّة العملية التي يُشترط توافرها في شخْص ِ مَنْ يُختارُ عُضوٌ في المجلس القومي التشريعي . لكي تتحقق معرفة أعضاء المجلس بتشريع القوانين ، اقتراح مشاريع قوانين اجراءات تطبيقاتها و تعديلاتها و /أو الغائها، أقترح أنْ يكون المُرشح لعضوية المجلس القومي للتشريع (دون اعتبار للنوع- الجندر-) من بين رموز القضائيين الجالس و الواقف أو مِنْ بين مَنْ لهم خبرة عملية في تدريس علم القانون أو خريجي معاهد و كليات القانون.
هذه فقط ملاحظات أولية رميت من وراء التنويه ٳليها تنقية مُسوَّدَةِ وثيقة الدستور الانتقالي لعام 2019 مِمَّا عَلِقَ بها من شوائب و تكملة لِمَا اعتراها من نواقص بُغية تحقيق مقاصدها السامية.
كلمة أخيرة أقولها صراحة ً لكم بني وطني: عهدا لكم علينا لنْ نخلفه ” ٳذا رأينا اعوجاجا في مسلكٍ أو فجاجة ً في رأي ٍ ،أو قصور في نظر، لا خير فينا ٳنْ لم نقلها جهرا لتصويب أي خطأ ، و لا خير فيكم ٳنْ لم تسمعوها و تعوها و تركنوا ٳليها. كلنا وطنيون سودانيون قبل أنْ نكون مدنيين أو عسكريين ، كلنا جنود لهذا الوطن نعْتزُ بعِزَتهِ ، و نكْرُم بكرامته ، فليعمل كل منا عسكريين و مدنيين في مجال تخصصه ، غير آبهين لرقابة رقيب أو حسيبٍ كان مَنْ كان غير ضمائرنا ، لا ولاء لنا سوى ولائنا للسودان، الذي لا يعلوه ولاء ، بل يَصْغرُ أمامه كل ولاءٍ لطائفةٍ ، أو لحزب، أو لقبيلة أو جهةٍ الى حَدِّ التلاشي و العَدَم ِ . لِنكُنْ فاعلين كل مِنا في مجال تخصصه ، و ليعمل كل مِنا و فق قدرته و معرفته من أجل ٳنجاح ثورة شعبنا العظيم و بلوغها مقاصدها المُعَبِّرُ عنها في صراحة و شفافية شعارها النبيل ” حرية سلام و عدالة ” . ٳنَّ نجاح الثورة الشعبية حتمية لا جدال فيها ، لتقودها جسارة و حماسة الشباب و حِنكة و حِكمة الشياب.
على الله قصد السبيل.
مقدمة/ موسى الباشا / 4/مايو/2019م.