في الجزء الثاني من حوار الناطق الرسمي بإسم العدل والمساواة :معركة امدرمان لم تكن إنتحارا ولم نتفق مع عناصر في الداخل .
*
أزمة السودان هي وجود المؤتمر الوطني
*
لا حل لمشكلة السودان دون كردفان
تحالفنا مع الحركات الأخرى مؤشر قوة وهذا ردي على أمين حسن عمر
الخرطوم – الدوحة : محمد المبروك
في هذا الحوار مع الناطق الرسمي لحركة العدل والمساواة الأستاذ جبريل ادم بلال، وهو أول حوار صحفي له بعد تقلده منصبه الجديد ،خلفاً لأحمد حسين الذي ذهب للعلاقات الخارجية ، يدعو ضيفنا حكومة الخرطوم لإقتناص فرص السلام المتوفرة الان والمضي قدما نحو تسوية سلمية لقضية دارفور. ويقول ان مستقبل العملية السلمية في دارفور سوف يكون أكثر تعقيداً إذا أصرت الحكومة على التعنت والتسويف وراهنت على الحسم العسكري مشيرا لحديث الرئيس البشير في الدوحه . كاشفا عن سعيهم مع المجتمع الدولي لتطبيق حظر الطيران في سماء دارفور وقال : حينها سوف لن تتمكن الحكومة من التحليق وسوف يحيد الطيران العسكري و سوف تضيق بعدها فرص التسوية السلمية. وإتهم بلال حكومة الخرطوم بالتسويف والتظاهر بالحرص على السلام في دارفور وقال: إن التخبط الاخير بين قيادات النظام اكبر دليل على عدم رغبة الحكومة في الحوار .
بقى أن نقدم ضيفنا للقارئ الكريم فهو خريج جامعة الزعيم الأزهري علوم سياسية ودراسات إستراتيجية وكان ضمن وفد الحركة لمفاوضات أبوجا وترأس مكتب الحركة في مصر و المملكة المتحدة وايرلندا الشمالية ثم نائبا أمين الشؤون السياسية للحركة وأخيراً أمين الاعلام الناطق الرسمي للحركة وعضو وفد الحركة لمفاوضات الدوحة .
( الجريدة ) : قبل شهور شهدت مناطق في كردفان نشاطا عسكريا ملحوظا لحركة العدل والمساواة .. هل يعني هذا ان الحركة جادة فعلا في نقل ميدان المعركة نحو الشمال؟
– وجود الحركة في كردفان ليس جديداً، وأذكر اننا طالبنا في ابوجا بعودة كل الاقاليم الى وضعها القديم ومن ضمن هذه المطالب عودة أقليم كردفان لان الوجود العسكري لابناء كردفان في الحركة كبير جداً لا يمكن حل مشكلة السودان في دارفور دون حل المشكلة السودانية في كردفان، ومازالت الحركة متمسكة بضرورة حل مشكلة كردفان وضرورة عودة ولاية غرب كردفان التي زوبت، وكردفان تعتبر المدخل الشرقي نحو الخرطوم وهي الطريق الاسهل والاقرب للعاصمة.
( الجريدة ) : ماذا سيكون موقف العدل والمساواة لو نجحت جهود المعارضة في إسقاط نظام الانقاذ ، كيف ستتعامل الحركة مع القادمون الجدد ؟
– كما ذكرت الحركة داخل إطار القوى السياسية السودانية ونعمل معهم على قدم المساواة من أجل الاصلاحات الشاملة في البلاد، وبالتالي إذا أسقط النظام من قبل القوى السياسية فسوف تعود المياة لمجاريها، لاننا نعتقد أن الازمة الحقيقية الان في السودان هي المؤتمر الوطني، وإستقل جنوب السودان نسبة لتعنت المؤتمر الوطني وكل الخراب الذي ساد الوطن بفعل هذا الجسم الغريب على الجسد السوداني، وبالتالي ستكون مسالة التفاهم مع الجديد القادم هي الاسهل إن لم نكن نحن الجديد.
( الجريدة ) : تبدو الحركة زاهدة في العمل السياسي في الداخل .. وتركز جهودها فقط على العمل العسكري .. ألا يضعف هذا من موقفكم السياسي في المستقبل ؟
– الحركة لم تزهد في العمل السياسي، كما أنها لم تركز فقط في العمل العسكري، فهي حركة سياسية فكرية عسكرية إجتماعية قومية تعبر عن طموحات الهامش السوداني العريض، ولنا تواصلنا مع كافة فئآت المجتمع السوداني في كل الاقاليم السودانية ولعل النظام الهيكلي للحركة يدل على شكل وقوة العمل السياسي الذي تقوم به الحركة والذي سوف تضاعفه عندما نكون في الوضع الاحسن، أما العمل العسكري فهو ضرورة مفروضة على الحركة علماً أن حركة العدل والمساواة إذا وجدت خياراً اخر يحقق توازن اختلال موازين السلطة والثروة في السودان لما حملت السلاح والان إذا جدت الحكومة في الامر نحو التسوية السلمية فستجدنا على أهب الاستعداد لوضع السلاح.
( الجريدة ) : لنعود للوراء قليلا .. مايو 2008 م .. معركة امدرمان .. الى ماذا كانت ترمي الحركة من تلك العملية الجريئة و الانتحارية ؟ وهل ترون أنفسكم كاسبون ام خاسرون من ذلك الحدث غير المتوقع ؟
– معركة أم درمان لم تكن إنتحارية، بل كانت معركة شرف خاضها أشاوس من قوات وقيادات الحركة بما في ذلك السيد / رئيس الحركة، ومن هذه النخبة من إستشهد في تلك المعركة ومنهم من هو في الاسر يعاني ويلات النظام الوحشي، ومنهم من هو مرابط في الميدان العسكري والميادين الاخرى، فنحن لن ننتحر، لان الموت قد إستسقنا مره، صدئت آلاته فينا ومازلنا نعافر، والحركة كانت ترمي لتغيير النظام الفاسد في البلاد، وعلى أقل تقدير علم النظام أن هناك حرب دائرة في اقليم دارفور واذا لم يسعى لحلها اتته في عقر داره وقد كان، ونعتقد أن الفوائد التي جنيت من معركة أم درمان كتيرة وعلى رأسها هزينا النظام وعريناه وكشفنا إنه نمر من ورق محروق كمان، واوضحنا للعلم وللقوى السياسية أن هذا النظام يمكن أن تغيره حركة اعدل والمساواة لوحدها دون مساعد الاخرين.
( الجريدة ) : من ضمن ما رشح من أسرار تلك الايام انكم كنتم على إتفاق مع البعض في الخرطوم للقيام بعمل متزامن لحظة دخول قواتكم الخرطوم ؟
– ليس صحيحاً ان هناك اتفاقاً مع احد ليقوم بعمل متزامن مع دخول قوات الحركة، ولم نشرك الاخرين في الامر لأن طبيعة العمل العسكري تقتضي السرية، ولذلك لم تعرف الحكومة طريق دخول قوات الحركة إلا في شوارع أم درمان، مع ان الحكومة كررت في الاعلام انهم على علم وانهم يريدون ان يجرجروا قواتنا لحرب المدن ولكن في الواقع أنهم حاولوا حرب الطيران ولكن طيرانهم ضل طريقه للصحراء متجهاً شمالاً نحو دنقلا، وهناك القليل من المناوشات عند مداخل أم درمان لم تصمت أما الثوار سويعات ودخلت قواتنا، والكل يعلم كيف أدرات قيادة الحركة المعركة داخل المدينة والكل يعلم مستوى الانضباط والالتزام من جانب قوات الحركة وهذا هو منهج العدل والمساواة في كل سكناتنا.
( الجريدة ) : أزمة المواطن الدارفوري تطاولت .. ما هي الجهود التي تبذلونها لإيقاف هذه المأساة ؟
– تطاولت أزمة المواطن في دارفور عن قصد من قبل الحكومة، فالحكومة تفشل في إلتزاماتها تجاه المدنيين وتحرم المنظمات العاملة في المجال الانساني من القيام بدور الحكومة الفقود من خدمات صحية وتعليم وإطعام وغيره، الحركة وقعت إتفاقأ لحسن النوايا لتحسين الوضع الانساني للمواطن البسيط ولكن للأسف الحكومة عملت عكس ذلك تماماً وقامت بطرد المنظمات الاساسية العاملة في المجال الانساني، ثم قامت الحركة بتوقيع إتفاق إطاري مع الحكومة وأعلنت الحركة وقف إطلاق النار بغرض تحسين الوضع الامني في الاقليم وبالتالي تحسين الوضع الانساني في الاقليم ولكن الحكومة رفضت أن تنفذ هذا الاتفاق ومازالت الحركة تقدم الخيارات والبدائل السلمية في الدوحه بغرض التوصل لسلام يضع نهاية لهذا الوضع ولكن للاسف مازالت الحكومة كعادتها تتسكع وترفض الحوار وتسحب الموضوعات من الطاولة بمراسيم جمهورية لتعطيل عملية الحوار، وتحرك الحكومة المتحركات العسكرية للحسم العسكري في الميدان وتتظاهر بالتواجد في الدوحه، ومع ذلك تصبر عليهم الحركة، وسوف نستمر في تقديم الجهود اللازمة لإنهاء هذا الوضع المتأزم ونأمل أن تكون الحكومة اكثر جديةً حتى تساعدنا للتوصل إلى تسوية سليمة في هذا الموضوع.
( الجريدة ) : لماذا قلب ادريس دبي الطاولة عليكم .. وإتخذ موقفا مناوئا ضد الحركة وتقارب مع الخرطوم ؟
– ليست لدينا طاولة في تشاد حتى يقلبها النظام، كل ما في الامر هناك طارئ حصل في العلاقة بين السودان وتشاد وهذا امر طبيعي، ومن أكبر فوائد هذا الامر ظهرت الحركة بعد ذلك على سجيتها بعدما كال النظام كل ما يستطيع من تهم ضد الحكومة التشادية وأعلنت الحكومة حينها للعلن أن الحركة تتلقى الدعم من تشاد وأن الحركة سوف لن تصمد ستة اشهر إذا اغلقت البوابة الغربية، وقد كان ولكن مازالت الحركة الاكثر نشاطاً والاكثر منعة وحرية في التنقل أينما ارادت، ولذلك سعى النظام لاتهام أطراف اخرى حتى لا ينكشف زيفة أن حركة العدل والمساواة السودانية تعيش وتحى على أكتاف الابطال وسوف تبقى ما بقي النظام ظالماً للشعب.
( الجريدة ) : كيف تفكرون في مرحلة ما بعد مبارك في القاهرة ، وما بعد القذافي في طرابلس ، وما بعد الجنوب في الخرطوم ؟
– كل الثورات في دول الجوار شأن داخلي لن تتدخل فية حركة العدل والمساواة، ونامل ان تحل كل تلك الثورات بالطرق السلمية ونسعى للحفاظ على الجوار النظيف مع الدول الشقيقة، أما المرحلة في السودان بعد الجنوب امر ما كان ليصدقه العقل، ولكن هذه افعال النظام الحاكم، وطالما أن المؤتمر الوطني حاكم في الشمال فإن الجنوب سوف لن يسلم من مناوشات الحكومة في الشمال، وسوف لن ينعم بالامن والاستقرار، فالحكومة سوف تبزل قصارى جهدها لزعزعة النظام في الجنوب وسوف تقوم بتسخير ما تبقى من امكانيات الشمال لذلك، ونعتقد ان بعد استقلال الجنوب يجب ان يتصب جل التفكير لحلحلة مشاكل السودان في أماكن يؤر الصراع في كل من دارفور وكردفان، ولابد من حل كل القضايا العالقة بين الشمال والجنوب، ولكن نعتقد انه بوجود المؤتمر الوطني وبهذه العقلية سوف لن يساعد تسوية هذه الموضوعات ولذلك ندعو كافة القوى السياسية لمزيد من العمل المشترك لإنقاذ السودان من الانقاذ.
( الجريدة ) : يعتقد كثير من المتابعين للشأن الدارفوري بأن العدل والمساوة تفكر في التفاوض بعد إعلان دولة الجنوب وتأمل في وراثة مناصب الحركة الشعبية في الشمال ؟
– الحركة دخلت التفاوض قبل إتفاق السلام الشامل وهذا يدل على جديتها للسلام، وسعينا مع الحكومة في العديد من العواصم لحل المشكل ولكن إنعدام الرغبة الحكومية حال دون التوصل لأي سلام طوال السنين الماضية، والان الحركة موجودة في الدوحه بوفد عال المستوى حرصاً منها على السلام وباسرع ما يمكن، وليس هناك أي اتجاه لتأخير التفاوض والسلام لما بعد استقلال الجنوب، بل نحن حريصون ان نساهم في مستقبل السودان بعد الجنوب وحريصون على المساهمة في وضع الدستور الجديد للسودان، بل نرى أننا يمكن ان نلعب الدور الاكبر في تسوية القضايا العالقة بين الشمال والجنوب اذا كنا في سدة الحكم مع الاخرين، ولا نعتقد ان عدم التوصل لسلام طوال الايام الماضية معزي لتفكير الحركة في وراثة مناصب الحركة الشعبية، فالحركة تفكر في وراثة السودان قبل الانقاذ ارضاً ولا تفكر في وراثة المناصب.