إحداهن انتحرت هربا من مجتمعها بعد اعتقالها واغتصابها
احمد قارديا
اعتقلت سارة, وهي فتاة عشرينية تقطن مع عائلتها في إحدي قري منطقة” تابت” في شرق جبل مرة , ولاية شمال دارفور, بعد اتهامها من قبل ميليشيات المؤتمر الوطني بمساعدة “الثوريين” وتزويدهم بالمعلومات من داخل القرية, تعرضت سارة, وهو اسم مستعار, الي تعذيب وحشي وصل, وفق ناشطين دارفوريين, الي ” حد اغتصابها مرات عدة”, مما وضع عائلتها في موقف حرج, لا سيما بعد شيوع الخبر في أنحاء المنطقة.
بعد مرور أيام علي اعتقالها, أطلق سراح الفتاة التي عادت الي منزلها محطمة ومرعوبة, لكن محنتها لم تننه هنا, إذ وجدت نفسها منبوذة في محيطها الاجتماعي المحافظ الذي يساوي بين الضحية والجلاد في مثل هذه الحالات. أقدم خطيبها, الذي كانت مرتبطة به قبل دخولها المعتقل, الي فك ارتباطه بها, فيما لم تجد سندا عاطفيا ودعما معنويا ونفسيا من قبل عائلتها, التي منعتها من مغادرة المنزل والاختلاط بالناس. وبعد مضي أسابيع قليلة, صدم أهالي المعسكر, بحسب أحد الناشطين, بجثة الفتاة, وهي مضرجة بالدماء, بعد أن رمت بنفسها من فوق الجبل بجوار القرية.
هذه الحادثة تعكس نموذجا واضحا عن شابات دارفوريات انخرطت في الحراك الثوري بأشكال مختلفة, ليدفعن الثمن مضاعفا: مرة من النظام وقمعه الوحشي, ومرة ثانية من المجتمع وأحكامه القاسية. وإذا كانت تلك الفتاة الضحية قررت أن تنهي حياتها بنفسها عبر الانتحار, فإن ناشطين عديدين يؤكدون أن عددا من الفتيات الدارفوريات اللائي يغتصبن في سجون النظام السوداني يتولي الأشقاء والأباء مهمة مضيقاتهن غسلا للعار وتجنبا للفضيحة. تكرار هذه الحادثة مرات عدة دفع الأعيان والشيوخ الي اصدار فتاوي, تداولها المعارضون علي صفحات مواقع التواصل الاجتماعي, بحذر فيها من انتحار الفتيات الدارفوريات “المغتصبات” من قبل مليشيات حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان, داعيا الشباب الي الزواج منهن.
وفق ناشطين حقوقيين, وصلت حالات اغتصاب النساء في سجون النظام الي أكثر من مئات آلاف حالة, وقع معظمها في معسكرات النازحين. ولكن حادثة الأخيرة في منطقة تابت, إن أفراد حامية تابت العسكرية قد قاموا مساء الجمعة, 3 نوفمبر الجاري, باغتصاب جماعي بقرية” تابت”, طالت أكثر من( 200) سيدة وفتاة, وهذه عملية” مقيت ومقلق وخطير”.
وفي سياق متصل, تقول الاختصاصية النفسية من الخرطوم إن” النظام السوداني يستخدم سلاح الاغتصاب بهدف التخويف, فهو يعلم أن السودان مجتمع يحرّم المساس بسمعة المرأة, فيقوم باغتصاب النساء كي يمنعهم من المشاركة في الثورة, وبذلك ينجح حتي في تعطيل مساهمة نصف المجتمع في الثورة ضده”. وتوضح الاختصاصية أن” بإمكان الثوار تعطيل سلاح النظام المتمثل في اغتصاب النساء عبر تشكيل فرق دعم نفسية لمساعدة الفتيات المغتصبات وكذلك لتوعية المجتمع كي لا ينظر الي الفتاة المغتصبة نظرة أخلاقية قاسية تؤدي إما الي نبذها …”.
وتشير منظمات نسائية الي توثيقها عشرات حالات اعتداء جنسي في دارفور يوميا منذ بدء الأزمة الدارفورية, مؤكدة أن” دارفوريات يتعرضن لاغتصاب جماعي أو الاعتداء كتكتيك حربي من قبل ميليشيات النظام السوداني”. وترجح المنظمات أن يكون” استهداف النساء هدفه معاقبة مقاتلي المعارضة, إذ يكشف عدد من التقارير عن جنود أو جنجويد يدخلون منزلا ويبحثون عن رجل في الأسرة منهم بأنه من( حركات مسلحة) ثم يغتصبون( أمامه) المرأة”.
وكانت قصة ناشطة دارفورية حواء جنقو معروفة, قد أدلت بشهادتها أمام الأمم المتحدة عما تعرضت له من إهانة وتعذيب أثناء فترة اعتقالها في سجون النظام, وأكدت أن” جميع النساء اللائي اعتلقن في السجون السودانية تعرضت للاغتصاب, إلا أن أحدا لم يعلن ذلك علي الملأ, خجلا من المجتمع الذي لا يرحم”.
يذكر أن منظمات نسائية غير حكومية, أكدت في أحد تقاريرها أن” الاغتصاب هو السبب الأساسي وراء فرار الاسر من السودان الي الدول المجاور”, كما أشارت تقارير أخري الي أن” كثيرات من النساء والفتيات يواجهن ظروفا غير آمنة في مخيمات النازحين ومستويات مرتفعة من العنف الجنسي”.
[email protected]