شهدت الدوحة للمرة الثانية خلال أسبوعين محادثات مكثفة وبعيدة من الأضواء أجراها المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن مع الوساطة القطرية – الافريقية – الدولية المعنية بملف دارفور، ووفد الحكومة السودانية إلى مفاوضات الدوحة برئاسة وزير الدولة الدكتور أمين حسن عمر، كما عقد اجتماعين منفصلين مع قيادتي حركتي «العدل والمساواة» و «التحرير والعدالة» المتمردين.
واستهل غرايشن اجتماعاته بلقاء مع وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية أحمد بن عبدالله آل محمود مساء أول من أمس، قبل أن يلتقي زعيم «حركة العدل والمساواة» الدكتور خليل إبراهيم ورئيس «حركة التحرير والعدالة» الدكتور التجاني سيسي أمس. وعلمت «الحياة» أن غرايشن ركز في اجتماعاته مع أطراف أزمة دارفور على دفع المفاوضات بين الحكومة والحركتين، للتوصل خصوصاً إلى اتفاق لوقف النار مع «العدل والمساواة»، بعدما وقعت مع الخرطوم «اتفاق اطار» نص على ذلك.
ووصف الناطق باسم «العدل والمساواة» أحمد حسين آدم اجتماع غرايشن وإبراهيم بأنه «بناء وصريح»، لكنه قال: «أكدنا لغرايشن أننا مع العملية السلمية، لكن الطرف الآخر لم يتخذ حتى الآن قراراً استراتيجياً في شأن السلام في دارفور، ويركز على إجراء الانتخابات لا السلام». وأضاف: «أكدنا أيضاً أن الانتخابات بالنسبة إلينا لا تترتب عليها أية آثار سياسية أو دستورية، فهي مزورة ولا نعترف بها». وأوضح أن حركته طالبت خلال الاجتماع «المجتمع الدولي بالقيام بدور أكبر من دوره الحالي ليتكلم بصوت واحد ويساعد أطراف النزاع على التوصل إلى حل شامل».
وشدد على أن قيادة «العدل والمساواة» أبلغت غرايشن بأنها «لن توقع على شيء يمس حقوق المواطنين أو ينتقص منها، ولا بد من تحقيق سلام شامل». وزاد: «أبلغناه بأننا مع وقف النار ونتبادل اقتراحات مع الوساطة حالياً في هذا الشأن، لكننا نريد وقفاً حقيقياً للنار وليس كالاتفاقات السابقة».
وتلقت الحكومة السودانية من الوساطة القطرية «ورقة» أعدتها «العدل والمساواة» تتضمن رؤية الحركة لمشروع اتفاق لوقف النار، بعدما سلمت الوساطة الجانبين اقتراحاتها في هذا الشأن. وقال الناطق باسم وفد الحكومة الدكتور عمر آدم رحمة لـ «الحياة»: «نرى أن الورقة التي قدمتها الوساطة تشكل منطلقاً جيداً لاتفاق وقف النار، لكننا فوجئنا بأن ورقة قدمتها حركة العدل والمساواة إلى الوساطة مليئة بتفاصيل تنبغي مناقشتها في مرحلة وقف إطلاق النار نهائياً ومرحلة الترتيبات الأمنية المتصلة بها».
وأضاف أن ورقة «العدل والمساواة» التي يدرسها الوفد الحكومي حالياً «تناولت قضايا تفصيلية عدة تشمل إطلاق الأسرى والمنظمات المعنية بذلك، وموضوع الفصل بين القوات، والعفو عن مقاتلي الحركة، والمساعدات الانسانية، واستمرار قوات الحركة (بعد السلام) وتمويلها مع اقتراح آلية تمويل من دول أجنبية والحكومة السودانية»، إضافة إلى «ادعاءات بوجود معارضات إقليمية داخل الحدود السودانية»، في إشارة إلى المعارضة التشادية.
ورأى أن «هذا لا علاقة له باتفاق لوقف النار… والتفاوض على هذه القضايا يأتي في مرحلة المفاوضات ومرحلة الترتيبات الأمنية النهائية وليس الآن». ودعا «العدل والمساواة» إلى «الالتزام بالرد على اقتراحات قدمتها الوساطة في مشروع لوقف النار من دون الخوض في تفاصيل القضايا… ونحن ملتزمون بما قدمته الوساطة كأساس وإطار للتفاوض».
وكشف أن لقاء الوفد الحكومي وغرايشن شهد «تبادل وجهات النظر في شأن كيفية المضي قدماً في مسألة وقف إطلاق النار، ونأمل في أن تشكل زيارة غرايشن دفعاً للعملية السلمية». وقال: «بحثنا أيضاً في أهمية المضي قدماً في مسار المفاوضات مع حركة التحرير والعدالة، وأبدينا ملاحظات في هذا الشأن».
وأوضح أن «أولوية غرايشن تكمن في تهيئة الأجواء للمفاوضات من خلال وقف إطلاق النار بين الفرقاء، سواء بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة أو بين الحكومة وحركة العدل المساواة… هو يركز على ضرورة استتباب الأمن في دارفور ويعتبره الضمانة الوحيدة لتطبيع حياة الناس». ونقل عن المبعوث الاميركي قوله إنه «يجب أن يكون لأهل المعسكرات في دارفور دور بحيث تقدم لهم مساعدات خاصة لتأمين أنفسهم سواء في المعسكرات أو خارجها، من خلال الدفع بقوة للشرطة المجتمعية كما أكد على ذلك اتفاق أبوجا عام 2006».
وأكد رحمة أن «ما طرحه غرايشن عن الشرطة المجتمعية في دارفور هو ما تسعى الحكومة إلى تحقيقه من خلال قيام النازحين وأهالي القرى بالدفع بأبنائهم للعمل في الشرطة لحماية أهلهم وتوفير الحد الأدنى من الأمن في القرى والمعسكرات».
الدوحة – محمد المكي أحمد
الحياة