حركة العدل والمساواة السودانية مكتب المملكة المتحدة وايرلندا تقدم ورقة الاستاذ محجوب حسين بمناسبة الذكرى الرابعة لعملية الزاع الطويل
عملية الذراع الطويل ….. قيادة رجل هو وطن و أمة ، فنم أيها الشهيد
أسس و مبادىء:-
جاء في الباب الأول من وثيقة النظام الأساسي لحركة العدل و المساواة السودانية و المعنون تحت عنوان أهداف الحركة الأتي نصه:-
1- حركة العدل والمساواة السودانية حركة قومية وحدوية تعنى بالتغيير الجذري في بنية الحكم في البلاد، وتسعي لتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية عن طريق التنمية المتوازنة المستدامة القائمة على العدل و المساواة و المفضية إلى القسمة العادلة للثروة ،والسعي لتحقيق المشاركة السياسية العادلة و الفاعلة لكل المواطنين و عبر اعتماد المواطنة أساساً للحقوق والواجبات المدنية والسياسية
2- تسعى حركة العدل والمساواة السودانية، بالتنسيق مع الرفاق في المقاومة و قوى المعارضة الوطنية و قطاعات المرأة و الشباب و الطلاب و تنظيمات المجتمع المدني السوداني، إلى إسقاط نظام الحكم المستبد بكل الوسائل المتاحة، و إقامة دولة مدنية ديموقراطية، يسود فيها حكم القانون و تتداول فيها السلطة بطرق سلمية عبر انتخابات حرة و نزيهة.
3- تسعى حركة العدل و المساواة السودانية بالتنسيق مع قوى المقاومة و المعارضة الوطنية لإقامة نظام حكم بديل قادر على ادارة التنوع العرقي والديني واللغوي والثقافي في السودان وتجذير ثقافة قبول الآخر المختلف، وحق الآخر ان يكون آخر و مختلفاً ، و نبذ روح الإقصاء و إدعاء احتكار الحق،……. إلخ من أهداف الحركة ” راجع النظام الأساسي للحركة لعام 2012 “
هكذا و وفق الأهداف المشار إليها أعلاه في وثيقة العقد و العهد الدستورية و السياسية بين الشعب السوداني و حركة العدل و المساواة السودانية كمؤسسة قيادة و قاعدة ، يتلخص لنا و في عناوين كبري كالتالي:-
أ- حركة العدل و المساواة السودانية حركة قومية وحدوية، تعمل من أجل الوحدة السودانية، و ضدّا علي منهج التجزئة الذي يكرسه نظام الحكم في السودان.
ب – تعمل الحركة من أجل المشروع الديمقراطي فلسفةً و فكرة و ثقافة، في مواجهة الإستبداد بكل صوره و أشكاله.
ج – تتبنى الحركة فلسفة العدالة الإجتماعية و الثقافية و السياسية، في مواجهة الظلم و الإستغلال و الإحتكار.
د – الحركة كمؤسسة سياسية تقوم علي التجديد و العصرنة و المرونة و المواكبة، في مقابل الجمود و التصلب في المواقف.
و – تسعى الحركة إلي تحقيق التنمية العادلة و المستدامة؛ سياسية كانت أو إقتصادية أو إجتماعية في مواجهة التخلف و النمو المشوه.
ه – تتفاعل الحركة و تتحاور و تتحالف مع كل قوي التغيير السياسي و الإجتماعي علي شرط موضوعي و هو شرط اسقاط النظام، و من ثمّ التأسيس لدولة مدنية عصرية التوجّه، متعددة المكونات و الثقافات، قائمة علي عقد إجتماعي جديد متوازن، يستطيع أن يعبّر عن حقائق الواقع السوداني..
م – تقرّ الحركة، من أجل تحقيق تلك التطلعات العامة، شرعية ممارسة الكفاح السياسي و العسكري المرتبط بقضايا الوطن.
هذه المسلمات السبع، و غيرها من المسلّمات الواردة في النظام الأساسي للحركة، شكّلت مشروعا جماهيريا مترابطا و متسقا، يطمح في أن يكون محل إجماع سوداني…….. لذا، و من أجل كل السودانيين، كانت عملية الذراع الطويل التي قادها شهيد الوطن و الإنسانية و الحقوق و العدالة و المساواة الدكتور خليل إبراهيم محمد و رفاقه.
إذن، و تأسيسا علي تلكم الركائز، و التي ما فتئت منذ سنوات الإستقلال الأولي تهيمن علي العقل الجمعي للشعب السوداني و في آماله و طموحاته ….. نفذت حركة العدل و المساواة السودانية، و بمسؤولية تاريخية فذّة، عملية الذراع الطويل في العاشر من مايو عام 2008 ، لتتسارع الأحداث بعدها و تحل معها اليوم الذكري الرابعة للعملية الوطنية ، و التي هي مساحة لتأكيد المعني و الدلالة و صواب الهدف و الخيار و الحل و صدقية القيادة و فلسفتها و وعيها ، و هكذا، لم تكن عملية الذراع الطويل معركة عسكرية خاطفة أو طويلة، و إنما كانت مشروعاً متكاملاً، تعدت ما هو متخيل إلي الواقعي و العملي و التطبيقي ، مع الإشارة إلي أن العملية أتت للتشكيك في مؤسسة الحكم دون الإنتقاص من سيادة الدولة.
و عليه ، يمكن لنا أن نستعرض هنا، و علي سبيل المثال لا الحصر، بعض المقاربات و التي ما زالت في أطوارها الأولي، و نذكر منها ماهو تاريخي و مفاهيمي و عسكري و سياسي.
– المقاربة التاريخية
لا يحدثنا التاريخ السوداني الحديث عن جرأة وطنية بطولية مشابهة و ذات أثر، دخلت الخرطوم، إلا ما هو مدرج في التاريخ القديم إبان قيام قادة الثورة المهدية بحصار الخرطوم و قتل المستعمر البريطاني آنذاك و تحرير السودان ، فكأنت عملية الذراع الطويل عملية ممنهجة لإعادة تاريخ السودان و تدويره مع إختلاف الظروف الزمانية و المكانية، و كذا المفاهيم التي نفذت من أجلها كلتا العمليتين؛ عملية التحرير الوطني بقيادة المهدي الأكبر، و عملية الذراع الطويل لتحرير الوطن من عقلية التسلّط تحت قيادة الشهيد المشير الدكتور خليل ابراهيم. لتجد الأخيرة بُعدها في حفريات التاريخ السوداني. حيث لم يكن الدخول عبر أم درمان العاصمة التاريخية للسودان عبثا، و منها إلي دينمو التحكم المنتج لكل أنواع الخلل السوداني في قصر الخرطوم الجمهوري أو ” سرايا غردون”
إلي ذلك، و في إطار هذه المقاربة، تمكنت عملية الذراع الطويل من إضفاء تعريفات حقيقية لشكل الأزمة البنيوية التي يتخبط فيها السودان و صانعي قراره طوال التاريخ الحديث بتجاوز مفهوم التهميش و الصراع المطلبي إلي صياغة كلية لكل القضايا السودانية و التي يحددها الشعب السوداني بعيدا عن مفاهيم الهبة و العطايا و المنح..
– المقاربة الدلالية لمفهوم الذراع الطويل:
يمكن القول أن عبارة الذراع الطويل أصبحت تمثل اليوم مصطلحا و مفهوما له حفرياته و أسانيده و مرجعياته، و شكلت أيضا إطارا معرفيا جديدا في أدبيات نيل الحقوق ، حيث يتبين الأمر أكثر عندما نتأمل في البحث التمهيدي في العبارة / المصطلح نجده لا يتعلق بالتعريف الإصطلاحي لكلمة “الذراع” و التي تمثل جزءا من أعضاء جسم الإنسان ، كما يمثل وحدة قياسية لدي بعض المجتمعات، و إنما هي تلك اليد الطولي الممتدة لنزع الحقوق و التي تجد سندها في المقولة السائدة و هي ” أن الحقوق لا تعطي و لا تمنح و إنما تنتزع “. و تلك الحقوق هي التي تتأسس عليها دولة المواطنة مثل الدستور و حقوق الإنسان و الحريات و القانون . و بالتالي القراءة المفاهمية الأولية لدلالة المصطلح تقول أنه مصطلح يعبّر عن رمز ية واضحة لإرادة الشعب السوداني في إنتزاع حقوقه و بناء دولته؛ و أنه بذلك يمتلك الإرادة، و التي تعني هنا الذراع الطويل، و كيفية توظفيه للعطاء و الإنجاز.
– المقاربة العسكرية
عملية الذراع الطويل، ليست كشأن كل فنون الحروب التقليدية المتعارف عليها كما وصفت ، و إنما مدرسة خاصة و خالصة في الدراسات الإستراتيجية العسكرية لحركة العدل و المساواة السودانية و قيادتها و جنودها الأفذاذ الأبطال، والتي تسندها إستراتيجية و إدارة و صرامة قائد الحركة المشير الدكتور خليل إبراهيم، و التي إستطاع أن يعبر بها مسافة تقدر بحوالي 1600 كيلومتر داخل الأراضي السودانية ، و هو الشيء الذي دفع بخبير عسكري إلي القول: ب” إن تنفيذ عملية عملية الذراع الطويل بتلك الشاكلة كانت الأحري أن تكون من مهام الدول و ليست الحركات، و هي مهام قد تصعب علي مؤسسات دول عظمي كما نشاهد في تجارب العراق و أفغانستان ، لتكون العملية برمتها دليلا آخر علي صدقية الإرادة في تجاوز العقبات و وعي المستحيل لصناعة الدولة من جديد”.
أيضا المؤكد ضمن واقع مجريات العملية كانت، و سوف تظل مدرسة مهمة في علوم الجغرافيا الحربية العسكرية، و إنتاج جديد في أدب المقاومة المسلحة السودانية علي مدي التاريخ المعاصر، كما أشرنا من قبل ، حيث الأرض مكشوفة و واسعة و ممتدة و بتضاريس معقدة جدا ، فيها تمكنت القيادة و ثوار العدل و المساواة من عبورها دون أن تتمكن قوات ” العدو” في الحيلولة دون تقدمهم رغم أسراب الطائرات التي بدأت قصفها إبتداءً من جبل عيسى في منطقة الميدوب و الحشد العسكري الكبير و الذي تجاوز اربعة أحزمة عسكرية ، أخرها حزام سودري و حزام العاصمة في المرخيات و وداي سيدنا ، لتصل نهارا جهارا و في الساعة الثانية بعد الظهر إلي أم درمان / العاصمة التاريخية، و من ثم تؤدي الواجب الوطني بمهنية و إحتراف، و تُحدث خللا مهما في توازن القوي، مع احترامها في ذات الوقت لكل قوانين الحرب الدولية و الإنسانية، تنفيذا لأوامر القيادة في عدم المسّ بالمدنيين و العزّل، و كذا المؤسسات العامة؛ و إلا كان بإمكان قوات الحركة التمادي في تنفيذ سياسية الأرض المحروقة، و التي قد تقضي علي المدينة بكاملها، لولا قرار القائد الشهيد المشير خليل إبراهيم بالإنسحاب و الذي قال فيه : “المهمة إنتهت و أدت نتائجها، و الرسالة وصلت، و حفاظا علي أرواح المدنيين عليكم بالإنسحاب”.
الجدير بالذكر هنا، أن جنود الحركة – عند دخولهم العاصمة – قاموا بشراء كل شيء حتي أعواد الثقاب ناهيك عن الأشياء الأخري، و ذلك لإيمان القيادة و قوات الحركة في كون أن النضال المسلح، رغم ما يعتريه من بعض التجاوزات، إلا أن معيار الأخلاق هو محدد أساسي لها وفق فلسفة الشهيد و الذي قال فيها: ” إنها عملية نظيفة”.
– المقاربة السياسية
الواضح أن عملية الذراع الطويل، وضعت الأسئلة الصعبة أمام الدولة السودانية ما بعد الإستعمار الخارجي ، و إمتدت تلك الأسئلة لتشمل مساءلة دقيقة للمشروع الوطني السوداني في وجوده أو غيابه ، كما حددت المسؤولية السياسية من خلال تشريح بنيوي دقيق للنقطة المركزية رابطة العقدة التي تقف أمام الدولة السودانية، و تنقلها من طور المشروع إلي مرحلة الدولة وفق ما هو متعارف عليه في النظم الحديثة، فيها تستطيع ترسيخ مفهوم الدولة و دورها الوظيفي و المؤسسي و القانوني.
إلي ذلك أيضا، تمكنت العملية من التعريف بالمحيط السوداني القادم نحو نقطة تمركزه، و تعريف الأخير بدوره السالب تجاه أي مشروع نهضوي سوداني إن كان الأمر يتعلق بالمركز أو المحيط ” الهامش”، حيث كانت العملية في مجملها تعتبر المدخل الحقيقي لتعريف دولاب عقل الحكم بقضية الهامش السوداني، و الذي يسعي عبر حراكه اليوم إلي تقديم مشروع وطني بديل، و هو ما تسعي إليه حركة العدل و المساواة السودانية مع رفيقاتها لتحقيق العدالة المجتمعية و الجماعية . و الهامش هنا إنتقل كمفهوم سياسي ليشمل كل الشعب السوداني.
تلك هي الأعمدة الكبري في هذه المقاربة السياسية، و التي شكلتها عملية الذراع الطويل لإنهاء وعي الصراع و الصراع المضاد حول الدولة السودانية و ماهيتها.
السؤال الآن…….،
………و في لحظة تاريخية كهذه اللحظة، و التي تصادف الذكري الرابعة لعملية الذراع الطويل ، كيف يمكن لنا فك شفرة الأزمة السودانية عبر تطوير عملية الذراع الطويل لتخرج من إطار المحاولة و التجربة و النجاح و التطبيق و التنفيذ، إلي عملية ذراع طويل جديدة تحمل رقم 2 ما دامت كل المعطيات الماثلة أمام السودان و الشعب السوداني، و دون تفصيلها، تقول و بصفة الجزم أن نظام الحكم في الخرطوم سوف يقود الدولة السودانية إلي حالة الإنهيار كدولة عرفت في التاريخ و الجغرافيا.
و لمقابلة ذلك وتجنب وقوعه ، جاءت الجبهة الثورية السودانية و التي تمثل تحالف حركة العدل و المساواة السودانية بقيادة قائدها الدكتور جبريل إبراهيم مع كل قوي المقاومة السودانية و الديمقراطية تحت عنوان أساسي ، يرتقي بالنظر إلي الحالة السودانية في ظل نظام البشير إلي مسودة المشروع الوطني، و الذي من أجله يجب علي كل القوي السودانية أن تعمل تحت لوائه، و هو عنوان و مبدأ إسقاط نظام الحكم في السودان عبر كل الوسائل المتاحة، و من ثمّ تأسيس دولة مدنية وطنية عادلة، تنبي علي مبدأ المواطنة الحقّة. و هو ما سوف تبرهنه الجبهة الثورية عملا و تخطيطا و تنفيذا لصالح خلاص السودان و شعبه.
إعداد
الاستاذ محجوب حسين
مستشار رئيس حركة العدل والمساواة للشئون الإعلامية