ضحايا الخصخصة بالجزيرة:تشريد 4 آلاف من العاملين

عبر العاملون بمشروع الجزيرة عن أسفهم لإحالتهم إلى التقاعد الإجباري قبل بلوغهم أحد الأجلين وفقاً للقانون، ووجدوا أنفسهم دون سابق إنذار ودون حلول لمشاكلهم الحياتية المتفاقمة، الخصخصة التي طالت عدداً من مرافق ومؤسسات القطاع العام بدعوى أنها فاشلة حكمت على تلك المؤسسات بالبيع لصالح القطاع الخاص دون مراعاة لأوضاع العاملين الذين مازال عدد منهم في سن الشباب، فأجبروا على التقاعد بمعاش لا يلبي متطلبات الحد الادنى من ضرورات الحياة..
فاذا كانت الخصخصة قدراً لا فكاك منه أليس من الممكن استيعاب تلك العمالة صاحبة الخبرة في إطار التحول الجديد لملكية مؤسساتهم للقطاع الخاص؟ أليست العدالة تقتضي تقييماً موضوعياً للمشروع وتقديم الدعم له للخروج من واقعه المأزوم
لما فيه مصلحة العاملين؟ وأين هو دور النقابات العمالية المعنية بالدفاع عن حقوق العاملين وحمايتهم من أية إجراءات جائرة، وما رأيها في الذين أجبروا على التقاعد المبكر ومازال العديد منهم قادراً على العطاء والعمل؟.. أم أن دور النقابات قد تراجع وبلغ به الهوان مرحلة عدم الاستطاعة للقيام بالواجب تجاه تمثلهم وتدافع عن مصالحهم وفقاً للقانون؟ أعلنت نقابة العاملين بمشروع الجزيرة أن قرار مجلس الوزراء بالبدء في خصخصة المشروع سيحيل أكثر من (3) الاف عامل الى التقاعد، ورحب عاملون في مشروع الجزيرة بالقرار على مضض وحذر، واستبشر بعضهم بالخطوة واعتبرها نقلة للمشروع المتهالك، ورأى آخرون أن القرار يعني تحرير شهادة الوفاة للمشروع. المتفائلون بالقرار وبينهم عضو نقابة العمال بمشروع الجزيرة عز الدين كمون يرى أن خصخصة المشروع من شأنها إحيائه إذا إلتزمت الشركات التي سيؤول اليها بالجدية وكرست جهدها لزيادة الإنتاج. وقال كمون أن الوضع سيكون أفضل لحوالي 1600 من العاملين الذين تستهدفهم الخصخصة في المحالج والسكة الحديد والهندسة الزراعية، مشيراً الى أن القوة العاملة الموجودة حالياً لن تكون كافية ويمكن إستيعاب عاملين جدد، منوهاً الى أن نقابات العاملين بدأت بالفعل في حصر وتمليك العاملين المنازل الحكومية. المتفائلون يرون خلاف ذلك، حيث اعتبر أحمد محمد سعيد برهان وهو ضابط بإدارة الهندسة الزراعية أن الخصخصة تعني نهاية المشروع الذي وصفه بالقومي ولا يجب أن يُملك لشريحة محدودة من المواطنين. وحذر من فقدان الكوادر العمالية المدربة لان الشركات التجارية الخاصة ستركز على المكسب والربح بغض النظر عن الإهتمام بالمشروع والعاملين ودعا لإعادة المشروع لسيرته الأولى. واعتبر إبراهيم محمد أحمد الشيخ عضو نقابة المعاشيين أن خصخصة مشروع الجزيرة إجراء غير سليم، وقال “نعارض توجه الحكومة بخصخصة المشروع ونعتبره تصرفاً غير سليم مطالباً بإعادة النظر في القرار”!. عوائق صعبة وحياة مفقودة بمتابعة هذا الملف بما يحتويه من معاناة قاسية وظروف معيشية بائسة لعمال هم في الأول والأخير مواطنون وأولياء أمور لعائلات من زوجات وأولاد وبنات يحتاجون لأبسط مقومات الحياة اللائقة بهم من قوت ضروري وعلاج وملبس ومسكن وغيرها من ضرورات الحياة المعيشية الكريمة التي لم تعد بمقدور أرباب الأسر توفيرها إلا بشق الأنفس، وأدت تلك المشكلة إلى اعتصامات سلمية من أجل استعادة مصدر لقمة العيش وإحقاق الحق بعيداً عن الروتين والمماطلات حماية لعمال أفنوا حياتهم من أجل خدمة وطنهم حتى وجدوا أنفسهم أخيراً على قارعة الشوارع يبحثون عن مصدر رزق، وبعض هؤلاء وجد نفسه غارقاً فى مشاكل أسرية طاحنة أدى بعض منها إلى شتات الأسر تحت قسوة الأعباء المعيشية الضاغطة. وأعلن مجلس إدارة مشروع الجزيرة عن صرف استحقاقات العاملين برئاسة المشروع (بركات) والغيط  وحدد اليوم الثلاثاء موعداً لبداية الصرف. ووسط احتفائية كبيرة بمدينة الحصاحيصا قال رئيس المجلس الشريف احمد عمر بدر لـ(اجراس الحرية) ان المالية صادقت على (105) مليار جنيه كمستحقات لكافة العاملين بالرئاسة والغيط توطئة لاعادة هيكلتهم في اطار انفاذ قانون مشروع الجزيرة، واشار الى تسلم العاملين في محالج مشروع الجزيرة (مارنجان والحصاحيصا والباقير) والبالغ عددهم (1064) عامل وعاملة كافة استحقاقاتهم المالية. وأكد الشريف ان كل مستحقات العاملين سيتم صرفها بالكامل خلال اسبوع، وقال لـ(اجراس الحرية) ان هيكلة الادارة سيكون وفق قانون المشروع لسنة  2005 وقد اُنزل هذا القانون على أرض الواقع، وأضاف الشريف ان اجتماعاً عقد مع رئيس الجمهورية، ووزيري الزراعة والري، والنقابة، واتحاد المزارعين، تم بموجبه المصادقة على تمليك المنازل وصرف الاستحقاقات في الوقت الذي وصفت فيه  قطاعات العاملين بالمشروع تسليمهم مستحقاتهم وسط تلك الاحتفائية بأنه تأبين  للمشروع ولـ(4) الاف عامل هم ضحايا الخصخصة، وقالوا ان تسريح العاملين وصرف مستحقاتهم يعني تحرير شهادة الوفاة للمشروع. واتهم العاملون الحكومة باختلاق الأزمة وغضها الطرف عما يجري للعاملين وللمشروع برمته. من جانب آخر رحب عاملون في مشروع الجزيرة الزراعي بالقرار على مضض وحذر، واستبشر البعض بالخطوة واعتبرونها نقلة من شأنها أن تريح معاناة العاملين من جراء تأخير الرواتب. ويرى آخرون ان الحكومة تعمل في صمت على فصل وتشريد العمال الزراعيين والموسميين. المتفائلون بقرار صرف المستحقات ومن بينهم اعضاء بنقابة العمال بمشروع الجزيرة يقولون ان خصخصة المشروع من شأنها احياء المشروع اذا ما التزمت الشركات التي سيؤول اليها بالجدية وكرست جهدها لزيادة الانتاج والمحاسبة، وقالوا ان الوضع سيكون أسوأ لحوالي (4) الاف من العاملين الذين طالتهم الخصخصة في مصالح المحالج والسكة الحديد والهندسة الزراعية وبركات، مشيرين الى ان القوة العاملة الموجودة حالياً غير كافية وان نقابات العاملين بدأت بالفعل في تسليم العاملين المستوعبين للسكن في منازل المشروع “دون عدالة في التوزيع”، في اشارة الى ان القيادات العليا بالمشروع حُرمت من حق التمليك في العربات والمنازل. واعتبر صديق يوسف احمد المصطفى مسئول التأمين الزراعي ان الخصخصة تعني النهاية لمشروع الجزيرة الذي وصفه بالقومي، وقال انه لايمكن أن يؤول هذا المشروع القومي لشريحة محدودة من المواطنين، وحذر من فقدان الكوادر العمالية المدربة، واشار الى ان الشركات التجارية الخاصة ستركز

على الحصول على الربح بغض النظر عن الاهتمام بالمشروع وبالعاملين، ودعا لاعادة المشروع لسيرته الأولى. الى ذلك توقع الخبير الاقتصادي محمد ابراهيم كبج أن يصبح العام 2009  هو عام تسريح العمال وارتفاع معدلات البطالة نتيجة للسياسات الحكومية وانزلاق الاقتصاد نحو الركود، واضاف: ربما يكون العام القادم الأسوأ بالنسبة لفقدان الوظائف، إذ قامت الحكومة بخصخصة العديد من مؤسسات القطاع العام والاستمرار في تسريح العاملين. وفي السياق قال كمال النقر الامين العام لنقابة العاملين بالمشروع ان رئيس الجمهورية صادق على تمليك (570) منزلاً للعاملين، مشيراً الى ان قرار الغاء الوظائف سيحيل أكثر من (4) آلاف عامل إلى التقاعد الاجباري. وبينما تحفظ المدير العام للمشروع عن الادلاء بأية تصريحات اكد عبد السلام محمد صالح عضو سكرتارية تحالف المزارعين رفضهم لهذه الخطوة وطالب باعادة النظر في القرار، وقال أنهم سيتبعون الطرق القانونية لإفشال هذه الخطوة، واضاف عبد السلام لـ(اجراس الحرية) ان خصخصة المشروع اجراء غير سليم ويعتبر كارثة ستحرق الولاية، وشدد على ذلك قائلاً: «نعارض توجه الحكومة بخصخصة المشروع ونعتبره تصرفاً غير سليم » وأعرب عن اسفه لتراجع الانتاج والانتاجية في ظل تطبيق قانون 2005 في الوقت الذي هدد فيه باستئناف الاضراب من جديد لان الحكومة تعمل في صمت على فصل وتشريد العمال الزراعيين والموسميين وبيع اصول المشروع لمنتسبيها بثمن بخس. واضاف: سنواصل مسيرة مطالباتنا باتخاذ جميع الوسائل المتاحة وفق ما نصت عليه القوانين واتخاذ الخطوات اللازمة للحفاظ على حقوقنا المشروعة. وقال ان المشروع يعاني من معوقات كثيرة ومن تدني منسوب المياه في القنوات الرئيسية والفرعية ومن تطبيق قانون المشروع لسنة  2005 بجانب تسريح العاملين وبيع الاصول، وان المشروع يسير نحو الهاوية وان نهايته بدأت تلوح في الافق بعد بيع وحدات الهندسة الزراعية والمحالج والسكة الحديد، وحمل اتحاد المزارعين المسئولية، وقال ان الاتحاد الذي اتى بهذه الكارثة لا يمثل المزارعين والعاملين في المشروع وانهم سيقاطعون الانتخابات، مشيراً الى ان وجود المشروع ببنياته الى يومنا هذا يرجع الفضل فيه لاجيال من العمال والمزارعين والمهندسين الزراعيين والموظفين. الى ذلك اعتبر ياسر عرمان نائب الامين العام للحركة الشعبية قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005م لا يحقق العدالة التي تطالب بها الحركة الشعبية في السودان الجديد، ودعا الى وحدة البلاد على أسس المساواة والتحول الديمقراطي، وحذر من عوامل الانقسام بسبب التفرقة على أساس اللون أو الدين. وقال ان الحكومات في العالم تدعم المزارعين ولكن حكومتنا تضرب المزارعين بالعصا على رؤوسهم!! وأكد عرمان ان الحركة الشعبية تقف مع قطاعات المزارعين ضد السياسات الزراعية الخاطئة، واكدا انهم في الحركة يعترضون على هذه السياسات معتبراً بيع اصول وممتلكات مشروع الجزيرة نوعاً من انواع الفساد، وإنه من عوامل ترجيح الانفصال، وشدد على ضرورة ان يأخذ العمال والمزارعون حقهم وتغيير السياسات الفاسدة في الخرطوم. ملاك الاراضي: لا استثمار فوق حقوقنا أكد عبد الله محمد احمد بيلا عضو لجنة مبادرة ملاك اراضي مشروع الجزيرة على حقهم في استعادة ارضهم وأنهم سوف ينظمون اعتصامات متواصلة حتى يستعيد الملاك حقهم، وطالب كافة المنظمات الحقوقية والاحزاب السياسية بمساندتهم ضد مافيا الاستيلاء على الاراضي والعمل على عدم المساس بأملاك مشروع الجزيرة الذي يمثل علامة بارزة في تاريخ الاقتصاد والتنمية في السودان، وقال:” بدون اعطاء الملاك حقهم يصعب الاستثمار في المشروع”. وحذر مما قد يترتب على ذلك من آثار قائلاً: “نحن أصحاب الحق نشير إلى أن ما خرج به اجتماع وزيري الزراعة والمالية بالملاك مؤخراً هو مجرد افتراءات وأباطيل ليس إلا ويستهدف انتزاع حقوقنا وسلبها عنوة من دون وجه حق أو أسانيد.. نحن ملاك الأراضي، بحوزتنا الوثائق والحجج المؤكدة لصحة ملكيتنا لهذه الأراضي، وهي ملكيات شرعية وتاريخية منذ مئات السنين، وهناك توجيهات صريحة وواضحة من رئيس الجمهورية بتمكيننا من حقوقنا من دون إبطاء أو مماطلة”. وقال بيلا لـ(اجراس الحرية): “أننا نحتفظ بحقنا في الرد على كل من يحاول النيل من حقوقنا أو التصرف فيها بأي شكل من الأشكال بما في ذلك حقنا في الاعتصام السلمي واتخاذ شتى السبل المشروعة للتمسك بحقنا في وجه الطامعين. وقال بيلو ان هناك أيدٍ خفية تقف وراء تأخر صرف مستحقاتهم وتقوم بالتحريض نظراً لارتفاع القيمة المالية للارض.
تقرير: ايوب ودالسليك

اجراس الحرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *