قال شهود عيان لـ«الشـرق الأوسط» إن رجلا رشق الرئيس السوداني عمر حسن البشير بحذائه، خلال مؤتمر عام بالعاصمة الخرطوم أمس. وذكروا أن نحو 10 من أفراد الحرس الرئاسي سارعوا بإلقاء القبض على الرجل.
ويروي شهود عيان القصة قائلين إن رجلا يشارك في مؤتمر للتخطيط الاستراتيجي عقد في قاعة «الصداقة» بالخرطوم، كبرى قاعات المؤتمرات في البلاد، قام بقذف الرئيس البشير بحذائه، أثناء مخاطبة الرئيس للمؤتمر، وذكروا أن الحذاء لم يصب البشير، لكنه اصطدم بحافة المنصة، وعلى الفور قامت الأجهزة الأمنية وحرس الرئيس، التي كانت موجودة بكثافة جوار المنصة، القبض على الشخص مرتكب الحادثة، واقتادوه عاجلا إلى خارج القاعة. وثار الهرج والمرج المكان، قبل أن تعود الأمور إلى طبيعتها في القاعة. وحضر الجلسة أكثر من 400 شخص في القاعة الدولية بقاعة الصداقة. ووقعت الحادثة بعد الساعة العاشرة صباحا، وروى شاهد عيان لـ«الشـرق الأوسط» ما رآه داخل القاعة، وقال إن شخصا بحجم يميل إلى السمنة، تحرك من مقعده في الصف الثاني بعد الأول المقابل للمنصة، وتوجه نحو المنصة وقذف بحذائه صوب الرئيس البشير ومن معه على المنصبة، وهما كوستا مانيبي وزير شؤون الرئاسة بمجلس الوزارء، وتاج السر محجوب الأمين العام للمجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي. وأضاف أن الحذاء اصطدم بحافة المنصة، دون أن يصل إلى المكان الذي يقف عليه الرئيس عمر البشير والمسؤولين الآخرين. وقال «ومع قيام الشخص بقذف الحذاء اعترضه رجل امن فسقط على الأرض ودهمته مجموعة من حرس الرئيس ورجال امن آخرين في المكان واقتادوه إلى خارج القاعة، ولا يعرف الوجهة، التي اقتادوه إليها. وحسب شهود عيان فإن الواقعة خلفت نحو دقائق من الهرج والمرج، قبل يستمر الرئيس البشير في إلقاء خطابه مباشرة. وقالوا إن الجلسة سارت بصورة عادية فيما بعد، ولكنهم ذكروا أن الأجهزة الأمنية في القاعة لاحقوا الصحافيين المغطين للمناسبة واخذوا منهم ما بحوزتهم من أشرطة وشرائط تصوير. وأثارت الواقعة جدلا واسعا في العاصمة السودانية بين مصدق ومكذب.
ولم يعلق المسؤولون في الحكومة على الواقعة رسميا، حتى المساء، ووعد مسؤولون بإصدار بيان رسمي حول الواقعة غير انه لم يصدر حتى ساعة متأخرة من مساء أمس. لكن نسب إلى رئاسة الجمهورية نفيها للواقعة. وقالت الرئاسة إن «رجال الأمن استوقفوا الرجل الذي كان يحمل ظرفا أراد توصيله للبشير». وقال عماد سيد احمد المتحدث باسم الرئاسة لرويترز إن الرجل كان يريد مجرد إعطاء مذكرة للرئيس لكن الأمن اعترضه.
وذكر مركز «إس إم سي» الإخباري المقرب من الدوائر الأمنية اعترف ضمنا بالحادثة وقال إن مواطنا اسمه عادل محمد فتح الرحمن محجوب حاول اختراق الترتيبات الأمنية أثناء انعقاد الدورة الأولى لعام 2010 للمجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي بقاعة الصداقة بالخرطوم أمس أثناء حضور رئيس الجمهورية. وقال إن «المواطن يتلقى العلاج النفسي حالياً وانه سيتم تسليمه إلى ذويه بعد اكتمال علاجه». وذكر أن «المواطن محجوب يعاني من مرض الشرود الذهني المزمن، الذي يسبب الاضطرابات النفسية ويتلقى العلاج لدى الدكتور عبد السميع محمد حسن وانه عاود العيادة آخر مرة في 18 يناير (كانون الثاني) الجاري. وبحسب وصف الطبيب المعالج فإن المريض تأخر خلال الفترة الأخيرة عن تلقي العلاج الذي وصف له مما أدى لعدم استقرار حالته النفسية».
وذكر المركز أن المواطن محجوب «يعاني من عقدة الظلم الاجتماعي من البشر وإن كان ليس لديه أي انتماء سياسي أو اجتماعي ويشغل عدد من أقربائه مناصب حكومية». وقال المركز الإخباري السوداني إن المواطن المذكور قام بكتابة مظلمة بخط يده وحاول تسليمها لرئيس الجمهورية أثناء انعقاد الدورة الأولى لعام 2010 للمجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي بقاعة الصداقة، إلا أن حرس الرئيس اعترضه باعتبار أنه اختار المكان والزمان غير المناسبين مما أخرجه عن طوره فبدأ في قذف حذائه على الحضور لكنه لم يكن يحمل سلاحاً وكان بعيداً نسبياً عن المنصة. وكشف أن المواطن عادل محمد فتح الرحمن محجوب من مواليد الأبيض عام 1965 ووطنه الأصلي مروي وتلقى جميع مراحله الدراسية حتى الثانوي بالأبيض وهو عازب ويعمل بالتجارة.
ولم تتضح الدوافع وراء قيام الرجل برشق البشير بالحذاء، حيث أشيع تارة انه من دارفور، وتارة أخرى قيل انه من مجموعة الأشخاص الذين أحيلوا إلى الفصل التعسفي من وظائفهم خلال السنوات الأولى لحكم البشير. وبدا البشير هادئا أمام الواقعة، وألقى خطابه، وركز خلاله على خطوات البلاد نحو التحول الديمقراطي، ودعا إلى عمل مشترك من اجل إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتعهد بالحوار «السياسي الجاد بين شريكيها للوفاء بما تبقى من استحقاقات اتفاق السلام بين الشمال والجنوب».
ولم يتسن لشهود العيان من الصحافيين والاقتصاديين، الذين حضروا المؤتمر، تحديد هوية الشخص، لكنهم قدروا عمره بأنه يفوق الستين عاما، واجمعوا بأنه يميل إلى الضخامة، ويرتدي زيا أنيقا (بنطلونا وقميصا)، كما لم يتسن لهم معرفة دوافع الحادثة، التي أعادت إلى الأذهان قيام الصحافي العراقي منتظر الزيدي بقذف الرئيس الاميركي السابق جورج بوش بفردتي حذائه، أثناء مؤتمر صحافي عقده في العاصمة العراقية بغداد، العام الماضي، قبيل تركه السلطة، بحضور رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.
ومنع الصحافيون من تغطية الحدث، وصادرت الأجهزة الأمنية منهم كاميرات التصوير (الفوتوغرافي والتلفزيوني)، كما أخضعت الحضور إلى تفتيش دقيق في نهاية الجلسة، تحسبا لتسرب اية صور من الحادثة الى وسائل الإعلام، التي كانت تسجل حضورا كبيرا لتغطية المؤتمر، وهو دورة جديدة لمجلس التخطيط الاستراتيجي في البلاد. وقال صحافيون حضروا الحادثة إن مسؤولين إعلاميين رسميين طلبوا منهم عدم التطرق للواقعة.
الشرق الاوسط