(التخطيط العمراني وسط دارفور نموذجاً)
التخطيط :أول من استعمل مصطلح التخطيط هم علماء الاقتصاد قبل مائتى عام من خلال معالجة النمو الاقتصادى، وقد تعددت التعريفات لنفس الكلمه.والتخطيط هوالأسلوب العلمى الذي يهدف إلى تقديم الحلول أو بدائل الحلول للمشكلات الحاليه أو المتوقعه للمجتمع وذلك في اطار خطه منظمة ذات سياسه واهداف واضحه، خلال فترة زمنيه محدده، تأخذ في الاعتبار الإمكانيات والموارد كذلك المحددات الحاليه أو المستقبليه سواء كانت بشريه أو طبيعيه. والتخطيط يجب أن يكون شاملا ومرنا ومستمرا حيث يمكن تعديل مساره حسبما يستجد من الظروف.
وإنني عندما أتناول هذا الموضوع سوء وفساد التخطيط العمراني بولاية وسط دارفور لا أقصد فساد المجموعة العاملة بمؤسسة التخطيط العمراني مع إنني لا أستطيع تبرءتهم من الفساد والحال بابين ولا يحتاج لشرح . ولكنني أتناول بشكل عام المنهجية وطريقة التعامل مع موارد وحقوق الشعب وذلك يظهر جلياً من خلال غياب النظرة المستقبلية وسوء التخطيط وعدم إستصحاب تغيرات المستقبل من النمو في السكان وتغيير في هيكل الإقتصاد ا لوطني مما يستدعي التوسعة في كل شئ وجعل المستقبل القريب رحبة يستطيع الناس من تأسيس منشآتهم الحيوية بصورة متيسرة وأنا عندما أتحدث أو أكتب عن هذا الموضوع الخطير وهو الأرض والذي يعتبر حقاً ثابتاً لجميع السودانيين الجيل الحالي والأجيال القادمة علي حد سواء فإن سوء التخطيط يكمن بصورة رئيسة في عدم مراعاة الأتي :-
1/ ساحات شاغرة:-
في كثير من الخطط الإسكانية التي يختلقها إدارة التخطيط العمراني ليس بها ساحات شاغرة تراعي حاجة الأحياء كبشر حيث أن من مستلزمات الحياة (منتزهات ، ميادين للأنشطة الرياضية المختلفة، مساجد ، مدارس ، ممستشفيات ،أسواق مقابر وإلي … الخ ) وهذه الأشياء المذكورة ليس خافية علي إدارة التخطيط العمراني وموظفيها عند التفكير في أي خطة إسكانية جديدة ولكن يتجاهلونها عمداً بقصد زيادة إيرادات المؤسسة من الرسوم والجبايات التي يحصولنها من المواطنين كما أنهم يتجاهلونها عمداً علي حساب القطع التي تُخصص لمهندسي وعمال إدارة التخطيط في كل خطة جديدة وهذا في حد ذاته نهب مقنن لثروات البلاد حيث نجد العاملين بهذه المؤسسة يعيشون حياة تختلف عن حياة موظيفي الدولة حيث البيوت الفخمة والعربات وحتي من صغار الموظفين في الوقت الذي يعيش فيه باقي موظيفي الدولة الفقر المُدغ وعدم قدرتهم لتلبية أساسيات الحياة من مأكل ومشرب مع العلم أن الهيكل الراتبي في كل مؤسسات الدولة متقارب ولا يسمح بالتميز الواضح بين المؤسسة والأخري .
في كثير من الأحياء يعيش عدد هائل من البشر بدون أي خدمات تذكر لأن المساحة الخاصة بقطة إسكانية كلها تقسم كمساكن لا مساجد ولا مدارس ولا حتي مقابر كما أنها تعتبر فرصة ذهبية لزيادة عدد القطع السكنية للعاملين بهذه المؤسسة قال لي أحد العاملين بهذه المؤسسة إنه يمتلك عدد 47 سبع وأربعون قطة سكنية.
2/ ضيق الشوارع
أما ضيق الشوارع والطرقات فحدث ولا حرج يمكن أن يكون عند التخطبط في مراحله الأولي لأي خطة إسكانية عرض الشارع 10 أمتار وبعد عام واحد يتفاجأ السكان بأن تم تخليص مساحة الطرق من 10 أمتار إلي 5 أمتار فتُجبر لكسر الحائط وزحزحة المنزل إلي حيز جديد بعد تضيق الشوارع وذلك بسبب خلق منازل جديدة في الخطة الإسكانية.
3/ خلق وإختراع خطط إسكانية زائدة عن الجاجة الحقيقية للسكان.
هذه النقطة هي النقطة المحورية التي جعلني ودفعني دفعاً لأن أمسك بقلمي وأسطر هذه الأسطر القليلة بإعتبار أن خلق خطط إسكانية زائدة عن الحاجة الحقيقية للسكان وبدون دراسات للنمو السكاني أي النمو الديمغرافي يعتبر إجحاف وظلم للإجيال القادمة أي أننا نتصرف في حق الغير وذلك حسب المفاهيم الحديثة للتنمية المستدامة حيث أن التنمية المستدامة هي التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر دون الاضرار بقدرة الأجيال القادمة في المستقبل على الوفاء باحتياجاتها الخاصة ، وهي تفترض حفظ الاصول الطبيعية لاغراض النمو والتنمية في المستقبل. وبناءً علي هذا التعريف يجب أن نحافظ علي هذا الأصل الغالي ونسخدمه فقط علي قدر حاجتنا الحالية ونبقي الباقي للإجيال القادمة حيث أنه من حقهم أن يحصلوا علي قطع سكنية بالتعاقد مع حكومة جمهورية السودان.
والهدف الأساسي والمنظور للناس من خلق وإختراع خطط إسكانية متكررة وهو تقنين سرقة الأراضي بواسطة العاملين في وزارة التخطيط العمراني ومنح المتبقي للمتنفيذين والأغنياء من سكان المدينة ليحتكروا الأرض ويزيدوا بها ثرواتهم في مقبل الأيام. والشاهد علي ذلك هنالك عشرات الخطط الإسكانية لم تسكن بعد ويعود تاريخها لعشرات السنين وهي خالية من السكان وتقدر الآن المنازل المخططة بدون سكن عشرات الألاف وهذا يعني أننا ملكنا السكان الحاليين كل الأراضي الصالحة لسكن بدون مراعاة حق الأجيال القادمة في المستقبل القريب أو البعيد وكل من أراد في المستقبل قطعة أرض سكنية عليه أن يبيعها بأسعار مفتعلة من الذين أمتلكوها قبل عشرات السنين إذن ما ذنب الجيل القادم؟ لماذا لا نحفظ لهم حقهم ونوزع الأرضي السكنية حسب حوجة الناس وتمليك القطعات السكنية للمحتاجين فقط وذلك بعد عمل المسح الإجتماعي ودراسات ديمغرافية تحدد لنا النمو السكاني وحاجة البلد لخطة إسكانية جديدة بدلاً من تميلك حفنة من الأغنياء والمسؤلين مئات القطع السكنية ليقوموا بيعها في المستقبل علي حساب الأجيال القادمة. بهذا السلوك وبعدم التخطيط السليم للمستقبل نحن نخلق مشكلة إجتماعية ذو بعدين البعد الأول هو مجموعة قليلة من السكان يحتكرون جل القطع والمناطق المخصصة للسكن وبهذا خلقنا لوردات يحتكرون الأرض علي حسابهم والبعد الثاني هو مجموعة كبيرة من السكان في المستقبل لا يجدون مساكن إلا بالشراء من هؤلاء اللوردات الذين أحتكروا الأرض بالتواطئ مع سلطات الأراضي.
لذا نري علي الحكومة إنقاذ الوضع وتحقيق العدالة الإجتماعية وإستخدام موارد البلد حسب الحالة مع مرعاة حقوق الإجيال القادمة عليه.
لو كنت والياً لهذا البلد لأصدرت أمراً بمصادرة كل الخطط الإسكانية التي تم تخطيطها قبل خمسة سنوات ولم تُسكن مع تعويض أصحاب القطع المقابل التي خسروها في الحصول عليها مراعاة الفرق بسبب التضخم وبذلك نستطيع إستراجاع القليل من الأراضي المنهوبة من وزارة التخطيط العمراني بالتواطئ مع السماسرة في زمن الخفلة.
نرجو بهذا المقال أن نكون قد ساهمنا بقليل من المفاهيم وبما يمليه الواجب علينا تجاهـ هذا الوطن والمواطن.
إلي لقاء آخر مع الشباب التصحيحيين ولاية وسط داروفور
عنهم/ حيدر عبد الرحمن
[email protected]