سلسلة فضح النخبة السياسية السودانية – الحلقة الأولى

بقلم : نسر الشمال
إن مانكتبه في هذه السلسلة من الحلقات هو للأجيال الحالية التي تغيب عنها كثير من الحقائق التاريخية للنخب السياسية في السودان بمختلف مكوناتها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
نكتبها كذلك لظن البعض من الأجيال الحالية أن هذه النخب قد تصلح لقيادة الدولة السودانية إلى بر الأمان وانتشالها من وهدتها التي وضعتها فيها ثلة من مجرمي نظام الجبهة الإسلامية وللحقيقة والتاريخ فإن بلادنا منذ نشأة مفهوم الدولة فيها بعد الإستقلال إلى حين مجيئ ثورة ديسمبر المجيدة كانت ترزح تحت وطأة تجارب أحزاب بالية يقودها الإنتهازيون والمجرمون وعاطلي الموهبة والمستلبين للخارج منهجا وسلوكا وهذا كان واضحا لا يحتاج لدليل وبرهان لأن بلادنا لم تتقدم خطوة إلى الأمام خلال كل سنوات أنظمة الحكم المتعاقبة عليها.
سأبدأ أولا بحزب البعث العربي لحضوره الحالي في المشهد السياسي بعد ثورة ديسمبر المجيدة بصورة حاول فيها البعثيون إستغلال طبيعة النسيان والتسامح عند السودانيين وقلة معرفة الأجيال الحالية بتاريخ هذا الحزب ومنهجه الفكري وتجاربه السياسية ومواقفه المفارقة لواقع الشعب السوداني.
*البعث والقومية العربية :-
تعتبر فكرة القومية العربية هي أهم مرتكزات منهج البعث العربي في السودان لا يحتاج هذا الأمر مني إلى شرح فقط أورد هنا شعار هذا الحزب الذي يتبناه (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) إن أقلنا معرفة بالعمل السياسي سيعرف مدى مفارقة هذا الشعار لواقع الشعب السوداني المتعدد ولأن الفكرة أصلا مستوردة فإن تطبيقها مستحيل ودائما مايظهر من يتبنونها في صورة المسخ المشوه الغريب عن مجتمع تتعدد مكوناته الإثنية والعرقية وكم كنت أتمنى لو أن البعثيين قاموا بعمل مراجعات لمشروعهم وتجديد فكرهم بما يتناسب مع طبيعة شعوب السودان وتنوعها ولكن لأن قدراتهم محدودة وأعدادهم محدودة ومواهبهم معطلة ثم إن عنصريتهم البائنة دائما ماتفضح سلوكهم السياسي ومواقفهم غير الرشيدة.
وأنا هنا لا أدعي زورا ولا أرميهم ببهتان فهل شهدتم قبل ذلك موقفا لحزب البعث يناصر فيه أهل دارفور وكردفان والنيل الأزرق وشرق السودان وحتى مشاكل أهلنا النوبيين في شمال السودان طيلة سنوات كفاحهم ضد نظام الجبهة الإسلاميه؟ هل شهدتم منهم موقفا يماثل صراخهم ومناصرتهم لأسيادهم في سوريا والعراق وحتى فلسطين؟
حتى عندما طالب البعض بتسليم البشير لمحكمة الجنايات الدولية إبان حكمه وحتى اليوم كان ومازال حزب البعث هو أحد الأحزاب الرافضة لهذا الأمر واللبيب بالإشارة يفهم، وهذا لظنهم أن البشير ينتمي الي القومية العربية التي يسعون لترسيخها في السودان حسب منهجهم.
الغريب في الأمر أن بعض أبناء الهامش خدعوا بمساندتهم لهذا الحزب العنصري وبعض أفراده وواجهاته لجهلهم بحقيقة أهداف هذا الحزب ومنهجه ولكن ما إن إستبان لهم الطريق إنفض سامرهم عنه وأصبح الإنتماء لحزب شعاره أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة أمر مخجل بالنسبة لهم لما فيه من إستغباء واستحمار واستهانة بطبيعة التنوع.
حتى في شمال السودان لفظ البعثيين لأن أهلنا النوبيون أكثر اعتزازا بلغتهم وهويتهم النوبية لذلك نجد أن أعضاء البعث العربي من أبناء النوبيين مثل وجدي صالح منبوذين حتى في مسقط رأسهم ولكل ذلك لا يتعدى أعضاء حزب البعث ركاب بص من بصات الوالي.
وكان صلاح قوش كلما اشتدت وطأة حرب قوي الكفاح المسلح على نظامه يركن الي البعثيين في إجتماعات سرية مستخدما فرية تهديد العروبة في السودان وإلى الآن لم ولن يستطيع البعثيين نكران ذلك الفعل الشنيع وهذه كانت إحدى نقاط التلاقي المهمة بينهم وبين نظام الكيزان العنصري البائد.
للحلقة الأولى بقية
نواصل……………..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *