نعرف ونقدر تماماً المصالح المشتركة بين الدول والحكومات، ومتطلبات الإقتصاد والأمن والمواقف السياسية، ولكن المبادئ لا يمكن ان تتجزأ بأي صورة، واهم من يفتكر ان ما يدور في مصر لا يعنينا في السودان والعكس صحيح.
اول سقوط لمرسي الرئيس المصري المدني والمنتخب.. هو الإعتراف بالبشير ومصافحته وتبادله الزيارة، ضارباً بقيم الحرية والديمقراطية والثورة التي جاءت به عرض الحائط، واراد ان يبني علاقة غير شرعية قوامها جماعة الاخوان المسلمين، بعيداً عن الدولة المصرية، وفي غياب الدولة السودانية المختطفة من قبل إخوته في الجماعة (فرع السودان).
بفضل ثورة 25 يناير بدأ الشعب المصري وفي مقدمته الشباب ان يتلمس سبل المعرفة بالسودان، والمصير والمصلحة المشتركة بين البلدين، وعزز ذلك صعود جماعة الاخوان لسدة الحكم وإختطافهم للدولة المصرية، بسلم ديمقراطية <السكر والزيت والعدس> واصبح كل الشباب ينظر لتجربة الاخوان في السودان، مما عجل بسقوط الاخوان وإنعكس ذلك في كل حوارات النخبة وحجم الخوف والهول من الحال الذي وصل إليه السودان من تقسيم وحروب طاحنة بإسم الدين وفقر وجوع ومرض وفساد ممنهج اقعد السودان وجعل منه جثة هامدة.
رأيت شباب الصحفيين وهم يدافعون عن زميلتهم المعتقلة في معتقلات البشير، شيماء عادل وعلي رأسهم الشهيد الحسيني ابو ضيف، الذي اغتالته الجماعة امام قصر الإتحادية، واجزم بأنه اول من هتف علي الإطلاق ..يسقط يسقط حكم المرشد.. ومرسي لم يكمل شهره الأول ولذلك تم اغتياله، وشهدنا الصورة السيئة التي رسمتها زيارة مرسي الي السودان وجلوسه مع البشير وجماعته في حلقة لتلاوة القرآن الكريم بعيداً عن الدولة والأعراف الدبلماسية، ولحقتها زيارة البشير الي القاهرة، فتأكدنا تماماً ان مرسي سقط علي صخرة البشير الكاذبة المتسربلة برداء الدين والقيم الإسلامية.
لا مانع من رعاية المصالح المشتركة بين الدول والحكومات، وفي حال مرسي القادم بعد ثورة عظيمة ومن ورائه شعب من المفترض اختاره رئيساً بالتراضي، كان عليه ان يسأل عن احوال الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان والإبادة الجماعية في السودان.. وكان سقوط مرسي بالنسبة لمعظم ابناء الشعب السوداني لأنه تناسى جرائم الحرب التي إرتكبها البشير وجماعته ولم يأبه بدماء الابرياء من ابناء الشعب السوداني، الذين راحوا ضحايا حروب التنظيم الدولي (فرع السودان).
ومن المؤسف ان يهنئ قاضي مجرم حرب إنتهك حقوق الناس بالقتل والإغتصاب والتشريد، فتهنئة القاضي لا تعتبر إنسانية لأنها لم تسبقها إدانة او مطالبة بالتحقيق برغم ما يتناقله العالم في هذه القضية التي تعتبر قضية القرن، هذا ما فعلة مولانا عدلي منصور الرئيس المؤقت بتهنئته للمجرم البشير بنجاح العملية الجراحية وتبقي هذه برائة منقوصة من قاضي كان منوط به ان لا يفعلها لأنه قادم بعد 30 يونيو الثورة الأعظم من يناير في تقديري لأنها كنست فجور ونفاق الكهنة تجار الدين.
ما لا نريده لمصر (الإمساك بالعصى من المنتصف) بحجة المصلحة التي اصبحت كلمة ممجوجة ويرى كل الشعب السوداني انها تمثل الإنتهازية والإستغلال الغير مبرر.
المطلوب هو الإنحياز للشعب السوداني فهو الوحيد الضامن للمصالح المصرية وهو العمق الحقيقي لها عن طيب خاطر واخوة صادقة ترعي حقوقه ولا تعترف وتصافح من قتل ابنائه وشردهم ونهب ممتلكاته وإغتصب نسائه.
من السهل بناء جبهة شعبية مشتركة بين الشعبين ترعى المصالح بعيداً عن السلطة والحكومات.. والضغوط السياسية والدبلماسية علي نظام البشير من كل دول الجوار المؤثرة وعلي رأسها مصر جديرة بان تضع حداً للجماعة الحاكمة في السودان.
لا نريد لاي رئيس مصري قادم ان يسقط علي صخرة المجرم البشير الملطخة بدماء ابناء الشعب السوداني، ونقدر المصالح المصرية وحقها في سيادة علاقاتها.. ولكن لما تلعبه العلاقة بين الشعبين من مصير مشترك لا فكاك منه لا بد من المواجهة الصريحة وبلا توارى، وعلي مصر ان تعترف بجرائم النظام ضد الشعب السوداني ويمكنها ان تسأل من قتل وإنتهك حقوق شعبه في الإطار الإنساني والقانوني، لأن ذلك مبدأ لا ينكره اي رئيس او دولة تمارس الديمقراطية وتعمل من اجل الحرية وكرامة الإنسان.
يقيني ان زمن الرجل الواحد قد ولى؛ ولا رجعة للوراء فالشعوب هي من تقرر مصيرها، طال الزمن او قصر، وايضاً زمن الإمساك بالعصى من المنتصف قد طويت صفحاته فالجميع اصبح يمسي ويصبح بحلم الثورة التي ستحطم كل قلاع الظلم والإستبداد.
خليل محمد سليمان
[email protected]