حقوق اللاجئين والنازحين وشروط العودة في القانون الدولي (6) هارون سليمان
[email protected]
5. القيود على التنقل
حرية التنقل حق بالغ الأهمية للعائدين وهي أيضا حق يحرمون منه مرارا و أن العائدين سيحتاجون في كثير من الأحيان إلى السفر مسافات طويلة للوصول إلى منطقتهم الأصلية وقد تحاول السلطات الوطنية أو المحلية إجبار العائدين على استخدام طريق معين للعودة وقد تكون هذه الطرق المحددة أطول أو أشد خطرا في بعض الأحيان من الطرق البديلة الأخرى، ويؤدي تقييد التنقل إلى منع من القيام برحلة العودة. وقد يضطر العائدون في بعض الأحيان إلى الاستقرار في منطقة معينة، مثل منطقة لا تصلح فيها التربة للزراعة أو لا يتوفر فيها إلا قليل من موارد المياه أو تنتشر فيها الألغام التي تحيلها إلى منطقة شديدة الخطورة.
وقد عانى العائدون بالفعل من انتهاك حقهم في حرية التنقل عندما اضطروا إلى الفرار كلاجئين أو مشردين داخليا ولذلك فمن الأهمية الكبرى ضرورة احترام هذا الحق . وينبغي تدقيق فحص أي قيود تفرضها السلطات المحلية على التنقل بموجب المادة 12 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية و تفاديها حيثما أمكن.
أ) تنقل الشخص داخل بلده
السياقات الرئيسية التي قد ينتهك فيها حق الشخص العائد في حرية التنقل هي عند التنقل داخل البلد، وعند اختيار مكان إقامة، ونتيجة لقرارات تشريد مجموعات من العائدين أو ترحيلهم أو نقلهم.
ويقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 13(1) بحرية الإقامة والتنقل باعتبارها حقا أساسيا من حقوق الإنسان. وتنص المادة 12(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية بأن “لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته داخل هذا الإقليم.”
وفي حالات التوترات والاضطرابات يمكن تقييد حرية التنقل وإخضاعها لمختلف القيود الممكنة وتنص المادة 12(3) من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن القيود الوحيدة المسموح بها هي تلك القيود “التي ينص عليها القانون وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، وتكون متمشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد. وينبغي في كل الحالات أن تكون القيود متناسبة مع ما هو ضروري.
وقد تسوغ حالة النزاع المسلح الداخلي تقييد حرية التنقل. ومع ذلك، تحظر المادة 17 من البروتوكول الثاني تنقل المدنيين قسرا إلا في ظروف خاصة حيث لا يجوز الأمر بتشريد المدنيين لأسباب تتصل بالنزاع إلا إذا تطلب أمنهم ذلك أو كانت هناك دواع عسكرية تحتم ذلك وإذا كان يتعين تنفيذ هذا التشريد، تُتخذ كافة التدابير الممكنة لكفالة استقبال المدنيين في ظل ظروف مرضية فيما يتعلق بالمأوى والإصحاح والصحة والأمان والتغذية.
ب) مغادرة الشخص لبلده والتماس اللجوء
يقرر اللاجئون والنازحون الذين يعودون إلى بلدهم أو منطقتهم الأصلية مغادرتها مرة أخرى في بعض الأحيان وقد يُتخذ قرار المغادرة مثلا بعد تغير في الحالة الأمنية أو لعدم توفر فرص كافية للعمل.
ويحق للعائدين، شأنهم شأن أفراد السكان الآخرين، مغادرة بلدهم. وتنص المادة 12(2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن “لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده.
وللعائدين الحق أيضا في التماس اللجوء. وينص إعلان وبرنامج عمل فيينا على “أنه يحق لكل فرد، دون تمييز من أي نوع، التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتع به خلاصا من الاضطهاد ” وتنص المادة 14(1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه “لكل فرد حق التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتع به خلاصا من الاضطهاد.”
6)متطلبات وثائق تحقيق الهوية
قد يطالب مواطنو بلد ما بإبراز وثائق تحقيق الهوية في كثير من الأماكن وقد تكون هذه الوثائق ضرورية مثلا لشراء تذاكر الطيران أو الحافلات أو القطارات، أو للمرور من نقاط التفتيش أو لاسترداد الشخص لمكان إقامته، أو للتقدم إلى وظيفة وقد تشمل هذه الوثائق جوازات السفر، جنسية ، شهادات الميلاد، شهادات التأمين و رخص القيادة. ومن المستحيل في كثير من الأحيان أن يقدم اللاجئون والنازحون كل هذه الوثائق أو أيا منها. وبعد شهور أو سنوات من التشرد، قد يكون العائدون قد فقدوا كثيرا من متعلقاتهم أو سرقت منهم. أو تركوا في منازلهم التي غادروا منها قسرا أثناء الحرب أو أن الدولة لم تستخرج لهم من قبل أسباب تمييزية أو سياسية وعند حدوث حالات ولادة أو وفاة خلال فترة التشرد، ربما لا يستطيع اللاجئون والنازحون من الحصول على الشهادات ذات الصلة. وتتوفر في بعض مخيمات اللاجئين والنازحين تسهيلات التسجيل وعدم وجود متطلبات وثائق تحقيق الهوية قد يعرض العائدين للخطر عند عبور الحدود أو نقاط التفتيش.
والمطالبة بوثائق معينة لا يستطيع المشردون الحصول عليها قد تمنع العائدين من السفر داخل بلدهم أو من الحصول على المنازل أو الوظائف داخل مجتمع ما.
وينص القانون الدولي على حق كل شخص في أن تكون له شخصية قانونية. وتعلن المادة 16 من الدولي العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن “لكل إنسان، في كل مكان، الحق بأن يُعترف له بالشخصية القانونية.”
ويطالب قانون اللاجئين الدول باحترام الحالة الشخصية ، مثل الزواج، التي كان عليها اللاجئ قبل التشرد. ويطالب أيضا بلدان الملجأ بتوفير خدمات إدارية للاجئين، بما في ذلك منح هؤلاء الأشخاص “الوثائق أو الشهادات التي تقدم في العادة للأجانب من جانب أو من خلال سلطاتهم الوطنية.”
7) جمع شمل الأسرة
وقد تتشتت من الأسر أثناء عملية النزوح واللجوء وأثناء عملية العودة ويفقد الأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة على وجه الخصوص. وفي بعض الحالات، قد يجد المشردون العائدون إلى الوطن أن السلطات المحلية تصدر أوامرها إلى بعض الأشخاص بالبقاء في مناطق محددة. وقد تفضي هذه الأوامر إلى تشتيت الأسر والمجتمعات. ويمكن تفادي بعض هذه المشاآل عن طريق تطبيق القانون الدولي فيما يتعلق بحرية التنقل. وهناك مع ذلك عدد آبير من الأحكام الخاصة بالحفاظ على وحدة الأسرة.
وتنص المادة 23 (1) من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن “الأسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.” وترد أحكام مشابهة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والميثاق الأفريقي والاتفاقية الأمريكية.
وترد في اتفاقية حقوق الطفل على وجه الخصوص أحكام تفصيلية بشأن أهمية الأسرة للطفل.
وفي حالات النزاع المسلح الداخلي، تنص المادة 4(3) (ب) من البروتوكول الثاني على اتخاذ جميع الخطوات الملائمة لتسهيل جمع شمل الأسر التي تشتت لفترة مؤقتة.
8) اللغة والثقافة
قد يُمنع اللاجئون والنازحون الذين يعيشون في منطقة غير منطقتهم الأصلية أو عقب عودتهم إلى الوطن من استخدام لغتهم الخاصة بهم وقد تمارس ضغوط عليهم لاستخدام لغة السلطات المحلية أو الوطنية أو لغة مجموعة لغوية أكبر في المنطقة.
وهناك عدد من المعاهدات التي تكفل الحماية الصريحة للحقوق اللغوية. و يُستدل أيضا على حق الشخص في استخدام لغته الخاصة به من عدد من الحقوق الأخرى، مثل الحق في حرية التعبير.
وتنص المادة 27 من الدولي العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه “لا يجوز، في الدول التي توجد فيها أقليات إثنية أو دينية أو لغوية، أن يحرم الأشخاص المنتسبون إلى الأقليات المذكورة من حق التمتع بثقافتهم الخاصة…أو استخدام لغتهم بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم.”
9) حرية التجمع
لا يتمتع العائدون في كثير من الأماكن بالتمثيل الكافي في الرابطات والهياكل الإدارية المحلية أو الوطنية. وقد يحتاجون إلى تكوين رابطات وتمثيل أنفسهم. وفي بعض البلدان، تُفرض قيود على حق بعض الجماعات في التجمع.
وتنص المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن “يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به.” وبالإضافة إلى ذلك، تنص المادة 22 على أن “لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع الآخرين ) في إطار القانون .
10) المشاركة في الشئون الحكومية والشئون العامة
قد يجد العائدون أنفسهم محرومين من أي فرصة للمشاركة في الشئون الحكومية أو الشئون العامة ويفضي هذا الحرمان بدوره إلى انتهاكات أخرى لما لهم من حقوق الإنسان.
وتنص المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه يحق لكل مواطن أن تتاح له فرصة المشاركة في إدارة الشئون العامة وفي أن يَنتخب ويُنتخب في انتخابات نزيهة تجري دوريا وينبغي ضمان حقوق المواطنين العائدين في المشاركة السياسية.
وجاء في قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1991 أن “حق كل شخص في المشاركة في إدارة شئون حكم بلده يعد عاملا حاسما للتمتع الفعلي بكل المجموعة الكبيرة من حقوق الإنسان والحريات الأخرى.”.
في الحلقة القادمة
مهددات العودة واستجابة القانون الدولي
الجماعات الضعيفة
1. النساء
2. الأطفال
3. كبار السن والمعوقون
هارون سليمان [email protected]