جنوب السودان تتهم الخرطوم بقصف جوي .. وتتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي
وزير الصحة بولاية الخرطوم: سياسة الوزارة تعنى بدعم وتقوية المستشفيات الطرفية والمراكز الصحية
لندن: إمام محمد إمام ومصطفى سري
في تصعيد جديد بين دولتي السودان وجنوب السودان اتهمت جوبا الخرطوم بقصف محلية (فاريانق) في ولاية الوحدة الغنية بالنفط التي تقع في أراضي الجنوب وتبعد (74 كلم) من حدود السودان، ولم تقع خسائر في الأرواح، فيما عبرت الأمم المتحدة عن خشيتها من أن تؤدي التوترات الأخيرة بين البلدين إلى جرهما إلى مواجهات مباشرة، في وقت دعت الخارجية السودانية إلى تنفيذ اتفاقية وقف العدائيات الموقعة بين الدولتين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الشهر الماضي لإعادة الثقة بينهما.
وأبلغ الدكتور برنابا مريال بنجامين وزير الإعلام المتحدث الرسمي في حكومة دولة جنوب السودان «الشرق الأوسط» ما وصفه بالتصعيد الحربي من جانب الحكومة السودانية ضد بلاده بقصف بلدة (فاريانق) في ولاية الوحدة الغنية بالنفط بسلاح الجو السوداني نهار أمس، مشيرا إلى أنه لم تقع خسائر في الأرواح، لكن سيارة تتبع لإحدى شركات النفط قد دمرت، وتبعد البلدة (50) كلم من (بانتيو) عاصمة الولاية كما أنها تبعد (74 كلم) إلى داخل أراضي الجنوب من حدود السودان. وأضاف: «هذه دعوة من الخرطوم للمواجهة المباشرة وإعلان حرب من طرفها ونحن لن ننجر لهذه الحرب ومتمسكون بمذكرة التفاهم التي وقعناها مع السودان بخصوص وقف العدائيات». وقال: إن بلاده تقدمت بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي توضح الاعتداءات المتكررة من السودان ضد دولة جنوب السودان. وتابع: «قوات الأمم المتحدة المنتشرة في الجنوب تشهد وبالأدلة على هذه الاعتداءات المتكررة التي لم تعد سرا ونحن لم نرد عليها حتى الآن، ولكننا سندافع عن أراضينا»، واصفا تكرار الحكومة السودانية بأن جوبا تعتدي على أراضيها بالكذب والتلفيق. وقال: «الخرطوم تعمل إلى جرجرتنا للدخول معها في حرب ونحن لن نذهب إلى ما يسعون إليه لأننا أعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي»، داعيا السودان إلى حل مشاكله الداخلية وحروبه في جنوب كردفان، والنيل الأزرق ودارفور بعيدا عن جنوب السودان.
وقال بنجامين إن ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في جنوب السودان هيلدا جونسون لم تطرح مبادرة لحل المشكلة بين جوبا والخرطوم بشأن التوترات الحالية. وأضاف أن جونسون لديها تفويض من البعثة الدولية للقيام بزيارة بين البلدين وأنها تقوم بزيارة للخرطوم وستذهب إلى إثيوبيا وكينيا وأوغندا. وقال: «لم نطلع على مبادرة من جونسون لأننا نتحاور مع السودان برعاية الاتحاد الأفريقي، وهذا المنبر يجد الدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ليست هناك مبادرة أخرى سنذهب إليها».
من جانبها أعربت هيلدا جونسون ممثلة الأمم المتحدة إلى جنوب السودان في تصريحات صحافية في الخرطوم عن خشيتها من أن يؤدي التوتر الحادث بين دولتي السودان وجنوب السودان إلى جرهما إلى مواجهة مباشرة. وعبرت عن أملها في أن تسهم القضايا ذات الصلة والمتعلقة بالتجارة في السماح لمواطني البلدين على الحدود بالتحرك من دون قيود، وفقا للعلاقات والمصالح التي تربط المجموعات السكانية الحدودية وأن تؤدي إلى تطبيع العلاقات بين الدولتين. واستعرضت خلال لقائها مع رحمة الله محمد عثمان وكيل وزارة الخارجية السودانية الترتيبات الجارية لاستخراج وثائق ثبوتية لأبناء جنوب السودان تمهيدا لعودتهم إلى بلادهم، داعية الخرطوم النظر بعين الاعتبار لأوضاع الجنوبيين في السودان لاستكمال استخراج أوراقهم حتى التاسع من أبريل (نيسان) المقبل الموعد المحدد بشأن أوضاع مواطني البلدين الجنوبيين في الشمال والشماليين في الجنوب.
على صعيد آخر، تصاعدت الخلافات حول نقل أقسام مستشفى الخرطوم إلى مواقع مختلفة في ولاية الخرطوم، إذ نفذ عدد من الأطباء وقفة احتجاجية أول من أمس داخل مباني مستشفى الخرطوم، رفضا لسياسات وزارتي الصحة الاتحادية والصحة بولاية الخرطوم في هذا الصدد، خشية تشريد العاملين. بينما أعلن الدكتور عبد الرحمن أحمد الخضر والي ولاية الخرطوم أن الولاية ماضية في تنفيذ سياسة تزويد المستشفيات والمؤسسات العلاجية الطرفية بالخدمات الطبية التخصصية عبر مبان جديدة بمساحات واسعة تمكن المرضى من تلقي علاجهم في بيئة جيدة وبأحدث المعدات الطبية في إطار تخفيف الضغط على المستشفيات المركزية، ووجه بإعلان المواطنين بالخدمات العلاجية المجانية التي توفرها مستشفيات الولاية ودعوتهم للاستفادة من هذه المزايا. ورفض الدكتور محمد عبد الرازق رئيس اللجنة التمهيدية للاختصاصيين، تفتيت وتقطيع المستشفيات. وأعلن رفض الأطباء لتشريد العاملين وزيادة الأعباء على المواطنين.
وكان البروفسور مأمون محمد علي حميدة وزير الصحة في ولاية الخرطوم اجتمع يوم السبت الماضي بـ137 من اختصاصيي مستشفى الخرطوم لشرح خطة وزارته الهادفة إلى دعم وتقوية المستشفيات والمراكز الصحية في أطراف وأرياف الولاية بالخدمات الطبية والصحية، بغرض التخفيف على المستشفيات المركزية في الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان.
وقال البروفسور مأمون حميدة لـ«الشرق الأوسط»: «إننا في وزارة الصحة الولائية لم نطلب تفكيك مستشفى الخرطوم، ولكن نعمل على دعم وتقوية المستشفيات والمراكز الصحية في الأطراف والأرياف لتخفيف العبء عن المستشفيات المركزية في المدن الثلاث، وتقديم العلاج للمواطنين في أحيائهم وأريافهم. وفي اجتماعي بالاختصاصيين في مستشفى الخرطوم تذاكرت معهم حول مصير مستشفى الخرطوم بعد تخفيف العبء عنه، والوقوف على رؤيتهم في تحديد مستقبله، من حيث الإفادة القصوى منه في المرحلة المقبلة بوضع تصور جديد لمآله، مع التأكيد على أن سياسة الوزارة في دعم وتقوية المستشفيات الطرفية والمراكز الصحية لا تعني تشريد العاملين». وأضاف: «إنه من الضروري زيادة المستشفيات المتخصصة، لذلك نعمل على إنشاء مستشفى جراحة الرأس المتكاملة، بمفهوم جديد لجراحة الرأس والمخ والأعصاب والأنف والأذن والحنجرة والعيون والفك والأسنان، في الموقع الجديد بشارع 61 في حي العمارات بالخرطوم الذي سينتقل إليه مستشفيا العيون والأنف والأذن والحنجرة في مساحة تساوي 3 أضعاف مساحة الموقع الحالي للمستشفى الذي ما عاد يحتمل تزايد المرضى عليه».
وأوضح الوزير أن استراتيجية الوزارة توسيع الخدمات الطبية التخصصية، لذلك من الضروري وضع تصور جديد ضمن الخارطة الطبية الجديدة لوزارة الصحة في ولاية الخرطوم، وفقا للمشاورات الجارية لتنفيذ هذه الخطة، وليس هناك مانع في أن يظل مستشفى الخرطوم من ناحية المباني كما هو، ولكن يجب دعم الخدمات الطبية والصحية في الأطراف والأرياف بالولاية، مشيرا إلى ضرورة التفكير العلمي في مصير مستشفى الخرطوم، إذا أردنا التحسين ينبغي أن نعمل له، وذلك من خلال التفكير الاستراتيجي، مؤكدا أن مستشفى الخرطوم سيبقى من ناحية المباني، وليس هناك تشريد للأطباء أو العاملين في المستشفى بل سيتم دعمه، وفقا للتصور الجديد.
يذكر أن الوالي برفقة وزير الصحة بالولاية قاما بجولة على المواقع الجديدة وأقسام الحوادث التي سيتم افتتاحها خلال الأيام المقبلة، وتشمل مستشفى إبراهيم مالك والمستشفى الأكاديمي ومستشفى حاج الصافي ومستشفى النو، والتي أنشئت خصيصا لخدمات الطوارئ الصحية والخدمات التخصصية بغرض التخفيف على المستشفيات المركزية التي تقع في وسط المدن الثلاث.