ممثل جنوب السودان في واشنطن لـ «الشرق الأوسط»: الجنوب ليس على شفا حرب جديدة
جاتكوث: حزب البشير يسلح الميليشيات في الجنوب.. حتى يقول للعالم إن الجنوبيين لا يستطيعون حكم أنفسهم
محمد علي صالح
في مقابلة مع «الشرق الأوسط» في واشنطن، قال ازيكيال جاتكوث، ممثل حكومة جنوب السودان في واشنطن، إنه سيرحب بالوحدة مع الشمال «إذا صارت الوحدة جذابة»، وإن شعب جنوب السودان هو الذي سيقرر مستقبله حسب الاستفتاء الذي سيجري سنة 2011، وانتقد حزب المؤتمر الوطني، شريك الحركة الشعبية في الحكم، وقال إن الحزب يريد إجراء تعديلات في اتفاقية السلام سنة 2005، بهدف تقييد حرية الجنوبيين لتحديد مصيرهم. وقلل من أهمية الأخبار التي قالت إن الجنوب على شفا حرب جديدة، لكنه اتهم حزب المؤتمر بتجنيد ميليشيات قبلية في جنوب السودان لعرقلة تنفيذ اتفاقية السلام، وليقول للعالم إن الجنوبيين لا يقدرون على حكم أنفسهم.
* هل أنت مع الوحدة بين الجنوب والشمال، أو مع انفصال الجنوب؟
ـ حسب اتفاقية السلام سنة 2005، سيقرر شعب جنوب السودان مستقبله في الاستفتاء، سنة 2011. وأنا شخصيا لا أرفض الوحدة مع الشمال على شرط أن تكون جذابة.
* ماذا تقصد؟
ـ ظل شعارنا هو تأسيس سودان جديد. سودان حر وديمقراطي وعلماني وتعددي ومتسامح. وأنا لا أقول ذلك بسبب عداء للعرب وللمسلمين. لكني لست عربيا ولست مسلما.
* ألا يجب أن يثبت الجنوبيون أيضا أن الوحدة جذابة؟ لماذا ترفعون علم جنوب السودان، من دون علم السودان إلى جواره؟
ـ نرفع علم السودان في جوبا، في مكتب نائب الرئيس السوداني (ورئيس حكومة الجنوب). برلمان الجنوب هو الذي قرر أن يرفع علم الجنوب في الجنوب، وفي كل مكتب تابع للجنوب.
* كيف تثبتون أن الوحدة جذابة وأنتم تعرقلون انتشار الإسلام في الجنوب؟
ـ هذه أخبار يروجها الذين يريدون خلق المشكلات. والرئيس سلفا كير أعلن مرات كثيرة احترام حرية الأديان في الجنوب.
* لماذا تقولون إن ستين في المائة من السودانيين أفارقة؟ أليس كل السودانيين أفارقة؟
ـ بعض السودانيين يقولون إنهم ليسوا أفارقة. على أي حال، لا أريد الدخول في نقاش عن من هو العربي ومن هو الأفريقي. كل واحد منا يقدر على أن يحدد هويته.
* مؤخرا، تكررت أخبار وتعليقات عن أن الحرب في الجنوب ستنشب مرة أخرى؟
ـ أنا لا أتوقع ذلك. الحركة الشعبية لا تريد الحرب ولا حزب المؤتمر، ولا يريد الحرب الجنوب ولا الشمال.
* وماذا عن أخبار بأن الجنوبيين يسلحون أنفسهم استعدادا لحرب جديدة؟ ماذا عن الدبابات التي كانت تحملها السفينة الأوكرانية التي خطفها قراصنة صوماليون، وقيل إن الدبابات كانت في طريقها إلى جنوب السودان؟
ـ أولا: شراء وبيع وتصدير وشحن أسلحة موضوع يهم تجار الأسلحة، واسألهم أنت. ثانيا، ما هو الغريب أن تكون للجنوب دبابات؟ كانت لنا دبابات أيام الحرب الأهلية. وربما من دون الدبابات ما كنا سنقدر على أن نحقق ما حققنا. ثالثا: هذه ليست أسلحة نووية، هذه أسلحة تقليدية. رابعا: لم تمنع اتفاقية السلام أن يتسلح الجنوب. نصت على أن تكون للجنوب حكومة وقوات مسلحة. كيف تكون هناك قوات مسلحة من دون أسلحة؟
* وأخبار عن أن الجنوب يستورد صواريخ؟
ـ لا أعرف أي شيء عن هذا.
* هل يريد الجنوبيون غزو الشمال؟
ـ لا داعي لتضخيم هذا الموضوع. ولا داعي للإثارة والتخويف. ولا داعي للقول بأن الجنوب صار ترسانة أسلحة، وإن قبائل الجنوب كلها صارت مسلحة بأسلحة حديثة. الحقيقة هي أن حكومة الخرطوم هي التي تسبب المشكلات لأنها ترسل أسلحة إلى ميليشيات جنوبية بهدف عرقلة تنفيذ اتفاقية السلام. والحقيقة هي أن هناك بعض الأسلحة العادية عند بعض القبائل، وتستعمل في نزاعات حول الأبقار والمراعي. وتعمل حكومة الجنوب على مصادرتها.
* بسبب النزاعات حول الأبقار، وبسبب الاشتباكات القبلية، قالت حتى صحف غربية إن الجنوبيين لن يقدروا على حكم أنفسهم؟
ـ بعد حرب دامت لأكثر من عشرين سنة، ليس سهلا تأسيس حكومة مستقرة مثل حكومات دول أعمارها مئات السنين. نعم، هناك مشكلات حكم، لكنها مشكلات عادية تواجهها كل الحكومات، ونحن قادرون على مواجهتها.
* هل تقبل الحركة الشعبية بأن الانفصال لن يحدث إلا إذا صوتت معه نسبة 75 في المائة من الجنوبيين؟
ـ هذا أغرب طلب في تاريخ الانتخابات. وحزب المؤتمر الحاكم هو صاحب هذا الطلب. قال: الانفصال بنسبة 75 في المائة، لكن الوحدة بنسبة 51 في المائة. قلت لك إن حزب المؤتمر يريد عرقلة تنفيذ اتفاقية السلام.
* هل تقبل الحركة الشعبية أن يصوت الجنوبيون في الشمال حول الانفصال أو الوحدة؟
ـ نحن نقول «المواطنون الجنوبيون»، ونقصد الذين ينتمون إلى الجنوب انتماء يمكن إثباته. ويجب أن يشمل التعريف الجنوب أيضا، أي ليس كل من يسكن في الجنوب.
* في الأسبوع الماضي، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، قال لام أكول، رئيس حزب الحركة الشعبية، التغيير الديمقراطي، إن الحركة الشعبية فشلت وحولت الجنوب إلى جحيم؟
ـ انشق لام أكول عن الحركة الشعبية، وأسس حزبه الجديد، الذي هو أداة لحزب المؤتمر الحاكم.
* لكن لام أكول شخصية جنوبية قيادية، وكان وزيرا لخارجية السودان؟
ـ لام أكول، كل حياته السياسية، ظل يتحالف ثم يتمرد ثم يتحالف. ليست هذه أول مرة ينشق فيها عن الحركة الشعبية. انشق في الماضي، وحاول التمرد على الزعيم جون قرنق. سجل لام أكول ليس ناصعا.
* قال لام أكول إن منصب نائب رئيس الجمهورية، الذي يشغله سلفا كير نائب رئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب، منصب شاغر لأن سلفا كير ليس موجودا في الخرطوم، ويعيش في الجنوب بصورة شبه دائمة؟
ـ أنت أجبت عن سؤالك، وأجبت عن نقد لام أكول. سلفا كير هو رئيس حكومة الجنوب، ومكانه الرئيسي هو الجنوب.
* اشتكى لام أكول من سيطرة قبيلة الدينكا (قبيلة الزعيم الراحل جون قرنق والزعيم الحالي سلفا كير) على حكم الجنوب؟
ـ ليس غريبا أن يرفع لام أكول شعار القبلية. يريد أن يصور حزبه الجديد كحزب لقبيلة الشلك. لكن، ليست المشكلة هي شلك أو نوير أو دينكا. رياك مشار، نائب رئيس حكومة الجنوب، من النوير. ولام أكول كان معنا وهو من الشلك، وباقان اموم، أمين عام الحركة الشعبية، من الشلك. ورئيس برلمان الجنوب من الباريا، وهكذا.
* اشتكى لام أكول من الفساد في حكومة الجنوب، وقال إن ثمانية مليارات دولار من عائدات النفط سلمت إلى الحركة، لكن لم يشهد الجنوب أي تقدم؟
ـ يوجد الفساد في كل مكان. لماذا لا يشتكي لام أكول من الفساد في حزب المؤتمر الحاكم الذي يموله؟ وماذا عن الفساد داخل حزبه الجديد، وهو فساد من الأساس لأن حزبه أسس بأموال من حزب المؤتمر الحاكم.
* لكن حتى صحف غربية تحدثت عن انتشار الفساد في الجنوب؟
ـ كما قلت، يوجد الفساد في كل مكان. والرئيس سلفا كير حريص على الشفافية وعلى الأمانة، وفصل وزير المالية، وأسس لجنة لمحاربة الفساد لها سلطات قانونية، حتى حكومة الخرطوم لم تفعل ذلك.
* ما علاقتك مع سفير السودان في واشنطن؟
ـ علاقتنا الشخصية قوية، وهو وأنا ننتمي إلى الحركة الشعبية. لكن، رسميا، لا هو يرأسني ولا أنا أرأسه، وذلك لأن، حسب دستور السودان بعد اتفاقية السلام، السودان دولة واحدة يحكمها نظامان.
* لكنكم تحكمون الجنوب، وتشتركون في حكم الشمال؟
ـ نحن نحكم الجنوب ونشترك في حكم السودان، وليس في حكم الشمال.
الشرق الأوسط