شمائل النور
قبل أيامٍ، وفي أحد تقاطعات شَوارع الخرطوم، دَخَلت سيارة صالون إلى الطريق الرئيسي قَادمةً من أحد الشوارع الداخلية، كادت أن تصطدم بـ “ركشة” عند التقاطع، ربما المَشهد أكثر من طبيعي، لكن سائق السّيّارة امتعض وأنّب سائق “الركشة” ثُمّ ردّ عليه سائق “الركشة” بذات الدرجة وأعنف، كلمة من هنا وكلمة من هناك، استل سائق “الركشة” سكيناً بحجمٍ كبيرٍ، أخرجها من تحت مقعده، وهَمّ بطعن الشاب لولا تدخل المارة.
اللافت في هذا المشهد، أنَّ درجة العُنف زادت في الشارع على نَحوٍ مُزعجٍ، مسائل بسيطة يلجأ المُختلفون فيها إلى استخدام العُنف، وإلى أي عنف، هو الشروع في القتل.
خلال هذا الأسبوع والذي قبله، حَدثت جرائم قتل شديدة البشاعة، مقتل أحد مشايخ الطرق الصوفية على يد متطرف في سنار، ذبح وحرق أسرةٍ كاملةٍ في منطقة المسلمية بالجزيرة، ولم تتّضح دوافع الجريمة حتى الآن ولا خَيْطٌ يُوصِّل للجاني.. طالب جامعي يقتل زميله ويُصيب آخرين والسبب وفقاً لـ “السوداني” صورة شخصية في موبايل.
قبل فترة، وَقَعت حادثتان شنيعتان، مريض دخل على طبيب في مدينة سنار وانهال عليه طعناً بالسكين ولم يتوقّف إلّا بعد ما تأكّد أنّ فريسته لم يَتبقَ لها أمام الموت إلا ثوانٍ معدودةٍ.
في نهر النيل، حادثة أكثر فظاعةً.. خلافٌ حَول بئر في مناطق التّنقيب عن الذهب قَادَ إلى مَجزرة، الجُناة قاموا باختطاف ضحاياهم وانتقلوا بهم إلى مكانٍ بعيدٍ عن أعين الناس، ثُمّ نفّذوا مَجزرتهم الشّنيعة.. ذَبحٌ وتهشيم رؤوس.
قبل فترة قصيرة، انشغل الرأي العام على مدار نحو شهر، بقضية قتيلة أبو آدم “أديبة” حيث وجدت الجثة في البحر، ووفقاً لتقرير الطبيب الشرعي، فإن انتقاماً شديداً صاحب عملية القتل.
اللافت في هذه الجرائم، ليس تفاهة الدوافع، وفقدان الناس السيطرة من شدة الغضب، لكن الذي يدعو صَراحةً إلى الوقوف عنده ليس تكرار جَرائم القتل لأتفه الأسباب، بل الانتقام الشديد الذي يُصاحب تنفيذ الجريمة.
هل تذكرون حادثة لص (اللاماب) الذي تعرّض لتعذيب وحشي بالشطة، وتَمّ تصويره بواسطة شبابٍ أظهروا أنفسهم مثل الفرسان، ونشروا مقطع التعذيب على أوسع نطاق في مواقع التواصل الاجتماعي.
هناك تغييرٌ حقيقيٌّ في المُجتمع، ليس فقط الجُنوح نحو العُنف الذي اقترب أن يكون جُزءاً من الثقافة، بل تصوير هذا العُنف وكأنّه القانون.
نقلا عن التيار