تونس على طريق الصحيح هيأ نتعلم بقلم شاكر عبدالرسول*

تقول الاخبار بان المجرم هرب , والتوانسة  بدأوا يصطفون في صفوف طويلة  لانتخاب ممثليهم في الحكومة ,  وهي حقا لحظة رائعة في حياة الشعوب,
بينما الناس في الانتظار يأتي الشيخ راشد الغنوشي  رئيس حركة النهضة مع مرافقيه ليدلي بصوته متجاوزا الصف الطويل . فينبري له الشباب التونسي بصوت واحد ارحل ارحل ارحل يا شيخ,
 اعتذر ويتراجع بهدؤ ليحجز مكانه في الصف الخلفي وعندما جاء دوره بدأ يدلي بصوته وسط
تكبيرات وزغاريد من شباب وشابات, ملتحين وغيرملتحين , متحجبات وغير متحجبات انه مشهد جميل
يبعث السعادة والغبطة في النفوس. مع ذلك لا نستطيع ان نفسر
 لماذا تجاوز الشيخ الغنوشي الصف , وهو الذي عاش جزءا مهما من حياته في الغرب وفوق ذلك وهو صاحب
المؤلفات ” حقوق المواطنة في الدولة الاسلامية,
طريقنا الى الحضارة , نحن والغرب ” المهم الشعب التونسي قاوم الموقف واهم من ذلك بان الشيخ
اعتذر وتراجع . وبهذه اللفتة البارعة استطاع  التونسيون بان يضعوا بلادهم في المسار الصحيح
منذ بدايات النصر , ونشوة الانتصار احيانا قد يعمي بني البشر .المشهد يدل على ان الديكتاتور
لا يصنع نفسه بنفسه بل نحن نصنعه  , ونبعث في عقله روح الامل وطول البقاء ,  وعندما يحاصره
صروف الدهر ننسلخ منه ونتركه ليواجه مصيره بوحده كأن شيئا لم يحدث, كم كانوا وما زالوا اغبياء .
لانستغرب اذا سمعنا في يوم من الايام بان الدكتور خالد المبارك قد قدم استقالته من
النظام بحجج مثل حماية المدنيين والديمقراطية وغيرها . نقول ذلك لاننا حتى هذه اللحظة لم
نشاهد مثقفا واحدا رافق الديكتاتور الى قبره او سجنه او منفاه .  ألم يواجه كل من صدام التكريتي
وزين العابدين بن علي والعقيد القذافي ومبارك مصيرهم لوحدهم ؟ اين ذهب اصحاب الحناجر القوية
الذين كانوا يرددون بالدم والروح نفديك؟ كلهم هربوا واختفوا كالجرذان . الولاء لا يجب ان يكون
للاشخاص بل يفترض ان يكون للمؤسسات التي يحتكم  اليها الناس . كي لانطيل عليكم  نقول هذه
النماذج المذكورة تحتاج الى وقفة او دراسة خاصة في اطار العلاقة بين المثقف و الديكتاتور. وفي
تونس ايضا تقول الاخبار بان محكمة في مدينة سيدي بوزيد حكمت بسجن على والدة محمد البوعزيزي
لانها وجهت شتائم لفظية  لموظفين حكوميين يعملون في المحكمة. وهو الخبر الذي حرًك شجوني
لكتابة هذا المقال  والبوعزيزي هو بائع الخضار الذي احترق ليشعل شرارة ربيع العربي .  بلا  شك
قد يشمئز البعض من الخبر لكننا نرى بان القانون يجب ان يكون فوق الجميع ويطبق بالتساوي ألم يقل
قائدنا ومعلمنا قبل اًلاف من السنين ” لو ان  فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت محمد يدها ” . لو كان
البوعزيزي من بلدنا او من بلديتنا كيف يكون حال عائلته وحالة البلدة ؟ نثير مثل هذا السؤال
لاننا شوفنا اناسا عاشوا ومازالوا يعيشون من تحت سنان حربة الجد الطويلة , او من تحت اطناب
خيمة او قبة الجد . ألم يقل السيد مبارك الفاضل ذات يوم ان وجود اسم المهدي في اي موقع يعد
كمصدر للالهام مثل غاندي . الَان عرفنا لماذا يوجد حفيدي المهدي والميرغني في القصر
الجمهوري بينما يمنع الدكتور كامل ادريس بان يكتب مجرد مقال في الصحف السودانية , ويعش
اساتذة بارزين من امثال الدكتور شريف حرير وعبدالله التوم  كلاجئين سياسيين في الغرب. والامر ينطبق على
الذين ينتمون الى الثورة ولا ينظرون الى الثورة الامن خلال ملُ جيوبهم . وفي هذا الصدد لي زميل
في السودان كلما دلفنا الحديث الى التغيير يقول لي بنبرة عالية تعالوا صلحوا احوالكم , تعالوا
غيروا انفسكم , ثم يستشهد بمناسبة ومن دون مناسبة بالاية القرأنية ” ان الله لا يغير ما
بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم”ويذهب اكثر من ذلك عندما يعدد لي بالارقام عن اشخاص صلحوا او
غيروا احوالهم بحسب فهمه بعد احدى اتفاقيات دارفور. بلاشك بعض من معلوماته قد تكون صحيحة
والبعض الاخر قد تكون مغلوطة لكن لو صح 10% فقط
مما يقوله  قد يشعر المرء بهول الكارثة . ملُ الجيوب واشباع رغبات النفس لا تحتاجان بان يموت من اجلهما شخص
واحد بغض النظر عن نصف مليون شخص ماتوا واكثر من مليونين يعيشون في  معسكرات الذل والاهانة .
وعلى كثرة الاتفاقيات الموقعة بين الحكومة وثوار دارفور وعلى كثرة العائدين الى الخرطوم
والخارجين منها لم نجد  ثائرا واحدا نصب خيمته في معسكر زمزم او ابوشوك او غيره . اكثر من 90% من
قيادات الصف الاول تكدسوا في الخرطوم وتقاتلوا وما زالوا يتقاتلون بالسكاكين والمسدسات من
اجل حطام الدنيا. التغيير لا يعني تغير احوالنا الشخصية مثلما قاله صديقي .عندما يحط
 المرء في مطار الخرطوم ويجد نفسه لا حاجة له بان يقف في طابور قسم قوائم المطلوبين او الممنوعين
من المغادرة هو التغيير , وعندما يعبر المرء عن
ارائه بلا رقيب ولا مصادرة هو التغيير , وعندما
يقف في الصف د. الترابي والصادق المهديوالميرغني وعقار ود.جبريل ومناوي وعبدالواحد
ليدلي كل واحد منهم بصوته هو التغيير , وعندما يتهيأ المواطن الساكن في مدن مثل شندي والقرير
بان يحكمه شخص مؤهل من دارفور او جبال النوبة او
نيل الازرق ذاك هو التغيير الاكبر , هو التغيير الاكبر وهو ما نسميه بالتغيير البنوي.المهم لمن
لم يسمع في تونس الخضراء وقف الشيخ الغنوشي
 في الصف , وفي مصر الكنانة ابن محمد المرسي –
رئيس الجمهورية – الذي يعمل طبيبا في احدى
مستشفيات صحراء الربع الخالي رفض العودة الى
بلاده لانه مبسوط اوي من عمله ومن معاملة
الاهالي على حد قوله, وفي تونس ايضا حكمت
المحكمة على والدة البوعزي بسجن هيا نتعلم………
*مدير مكتب حركة العدل والمساواة السودانية
بامريكا          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *