إنّ إعلان ترشيح البشير لدورة رئاسية جديدة من دون منافس او شريك ليكتمل مسلسل الدمار والقتل و التشريد و إستمرار العنف ضد الفئات المستهدفة فى السودان وإزدياد أمد المعاناة. إنّ عمر البشير المطلوب والموقوف دوليا للمحمكة الجنائية الدولية بجرائم الحرب ,جرائم ضد الانسانيه ,جرائم الابادة الجماعية يتطلب اعادة اقامة دعاوى جديدة على عمر البشير وكل الفاسدين ومسؤولي الأجهزة الأمنية للوصول إلى الجناة الحقيقيين الذين تسببوا بما حل بالبلاد من دمار وخراب ومآسي بشرية، وجرائم الإرهاب و تجنيد المليشيات وضياع مليارات الدولارات من خزينة الدولة السودانية ، كما تقع المسؤولية على عاتق كل وطني شريف الضمير مهما كان انتمائه الحزبي والفكري والأيديولوجي إلى تقديم الدعم اللازم لتوفير الأرضية المناسبة لنجاح مسعى الذين سيقومون بالمهمة ، هذه الدعوة ليست موجهة ضد شخص أو جماعة معينة بل إنها شريعة قانونية دولية ووطنية استعملت وتستعمل ضد الذين يخرقون القانون في البلد وأيضا تطبق بحق أولئك الذين يتهمون بالإبادة البشرية وخرق قوانين حقوق الإنسان وجرائم الحرب و جرائم الابادة الجماعية.
ولقد كانت ” لاهاي ” ساحة قضائية للكثير من مجرمي الحرب في البوسنة، و العديد من الدول و حكامها الدكتاتورين منها المحاكمات التاريخية بعد الحرب العالمية الثانية واشهرها محاكمات ” نورنبيرغ في 20 / 11 / 1941 ” التي تناولت بشكل عام مجرمي الحرب من القادة النازيين الذين ارتكبوا الجرائم بحق الإنسانية في أوربا كما جرت محاكمات للأطباء الذين اجروا التجارب الطبية على المعتقلين في المعسكرات والمعتقالات , والعديد من القضايا الجنائية فى أوغندة الشمالية وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية الأفريقية الوسطى و السودان (دارفور) وكينيا.
في الوقت الراهن تجرنا الأحداث المأساوية التي تعيشها السودان إلى تكرار القول والتذكير أحيانا وهما وسيلتان لوضع اليد على ما يجري من تداعيات في مرافق الدولة والحكومة واستمرار ممارسة النهج الخاطئ الذي أدى إلى كل ألازمات الحالية وفي هذا الصدد تذكرنا تلك المظاهرات والاعتصامات السلمية التي قامت في الخرطوم ومدن أخرى ضد النظام الحاكم و قد قام النظام بتجاوزات واعتداءات واعتقالات منافية للقوانين وفي حينها طالبت العديد من القوى وفي مقدمتها القوى الوطنية الديمقراطية بالابتعاد عن ممارسة العنف والاضطهاد والاعتداءات والاعتقالات العشوائية والتعذيب اللاإنساني الذي مورس للضغط وانتزاع الاعترافات من المتظاهرين والمعتصمين السلميين لكن ذلك كان قبضة ريح مما أدى إلى زيادة الاحتقان وازدياد المطالبة بمحاكة ومحاسبة الذين شاركوه في هذه السياسة الخاطئة..
اليوم وبعد أن جُرت البلاد من قبل البعض من كتل أحزاب الإسلام السياسي التي تقود السلطة إلى عدم الاستقرار الأمني وتكتنفها مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية فضلاً عن الحرب الدائرة في البلاد صار من الضروري إجراء تحقيق قضائي شامل حول ملابسات استمرار العنف ضد الآلاف من الضحايا الأبرياء ما بين قتيل وجريح ومفقود .
كما يجب أن تشمل التحقيقات القصف الجوي الإرهابي وأعمال العنف المنافية لجميع الأعراف والأديان من قبل مليشيات النظام و الأجهزة الأمنية وهذا التحقيق القضائي يجب أن يشمل الجرائم ضد المواطنين الأبرياء والأساليب التي اتبعت أثناء الاعتقالات العشوائية بدون الرجوع إلى القضاء وإصدار أوامر أصولية لإلقاء القبض أو الاستدعاء للتحقيق حيث تشمل جميع المسؤولين الذين ترتبط وظائفهم بالوضع الأمني بما فيهم مستشاريه الأمنيين ،
كما أن التحقيق القضائي السليم يجب أن يخص كبار قادة النظام الحاكم و قادة الجيش والمستشارين العسكريين وصفقات السلاح التي تقدر بملايين الدولارات والتي يشار لها بتهم الفساد الذي ادى الى نهب أموالا طائلة وهي أموال تخص الصالح العام حيث كان من المتفرض أن توظف بشكل سليم لفائدة الشعب وقضاياه الاقتصادية والمعيشية.
وقد يرى البعض من الصعوبة بمكان التحقيق مع ذلك الكم الكبير من المسؤولين وصعوبة المحاسبة لكننا بالتأكيد نعرف جيداً أن هناك عدداً معروفاً من الفاسدين ومرتكبي الجرائم وهم معروفين ،وان التوسع في التحقيق القضائي يجعل الرأي العام السوداني على بينة مما يحدث فى السودان !!!.
إن نجاح مهمة القضاء الدولي في قضية التحقيق القضائي العادل ووضع اليد على المسؤولين المقصرين والمساهمين في ما وصلت إليه البلاد من كوارث وحروب وتبديد الثروة الوطنية إضافة إلى السرقات والتجاوزات على المال العام سوف يخدم قضية العدالة ويكون رادعاً للذين مازالوا يفكرون بالغنائم التي يجنونها من خلال مواقعهم ومسؤولياتهم في الوظائف مهما كانت درجاتها الوظيفية وبدون تمييز وكذلك سيكون شاهداً في استبيان أولئك المسؤولين المختبئين خلف طائفة أو حزب أو كتلة سياسية معينة وبعد الإدانة القانونية والإثباتات يقدمون إلى القضاء ليأخذوا نصيبهم بالعقاب القانوني وبهذا تتحقق سبل إعادة بناء دولة السودانى العلمانى الليبرالى الفدرالى الحر الديمقراطى الذي يعيد الوجه الحضاري للعلاقة التاريخية بين المكونات المجتمع السوداني المتعدد ثقافيآ و عرقيآ و دينيآ.
بقلم : صلاح الدين ابو الخيرات بوش
[email protected]
28/10/2014م