بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم :أحمد رضوان
تداعيات الصراع في دولة جنوب السودان على دول الإقليم !!
تقع دولة جنوب السودان في قلب إفريقيا ،وتعتبر مدينة جوبا عاصمتها .وتبلغ مساحتها حوالي 600,000كم مربع ،بعدد سكان يقارب ال10 مليون نسمة وبها أكثر من 60 من 6 من المكونات القبلية المصدر حديث الرئيس سلفا كير لقناة الجزيرة ،وتتمتع بمناخ إستوائي في الجانب الجنوبي ومناخ السافنا الغنية في الأجزاء الشمالية .
في أغسطس من عام 1955م تمرد بعض أعضاء الفرقة الجنوبية من الجيش السوداني ،إحتجاجاً على قلة تمثيلهم في أول حكومة بعض الإستقلال والتي ترأسها الزعيم الراحل إسماعيل الأزهري وذلك عندما نادت الأحزاب الجنوبية وعلى رأسها حزب سانو بإستقلال الجنوب عن الشمال وبدأت حركة الأنانيا أولى عملياتها في 1963م . تخلل فترة الخمس عقود الماضية مفاوضات بين حركات التحرر الجنوبية ،والحكومات المتعاقة في الشمال ،أبرز هذة المفاوضات التي أفضت الى إتفاق أديس أبابا في مارس 1972م ،مُنح فيه الجنوب حكماً ذاتياً إقليمياً (مجلس الشعب الإقليمي ) و(المجلس التنفيذي العام) . إستمرت هذة الإتفاقية أحد عشرة عاماً ،حتى ركلها الرئيس الراحل جعفر نميري بإقدامه على تقسيم الإقليم الى ثلاث أقاليم ، الأمرالذي أوحى للجنوبين بمحاولة تفتيت نسيجهم وتمزيق قواهم وبالتالي السيطرة على الأقليم ، وكذلك نقل الكتيبة (105) وبعض الجنود الى الشمال وإتهام قائدهم كاربينو كوانين بإختلاس أموال عامة،ومن ثم تم إرسال قوة من الجيش السوداني لإخضاعهم فتمردوا ودخلوا الغابة، ثم ارسلت قوة أخرى لتأديبهم بقيادة النقيب وقتها جون قرنق إلا انه تمرد إنضم إليهم هو الآخر، بل تزعم تكوين نواة الجيش الشعبي لتحرير السودان في عام 1983م ثم جاءت إتفاقية الميرغني قرنق في نوفمبر 1988م إبّان حكومة الإئتلاف(الحزب الإتحادي وحزب الأمة) ،والتي لم تنفذ بسبب المشاكسات داخل الإئتلاف الحاكم ،زد على ذلك إنقلاب يونيو 1989م.وفي عهد الإنقاذ العسكرية أعُلن الجهاد ضد جنوب السودان فتعقدت الأمور وأزهقت أرواح عزيزة وإنعدمت الثقة على قلتها ،فكان الموت والتشريد لمئات الألاف من المواطنيين السودانيين سواء كانوا جنوبين أو من باقي أقاليم السودان الأخرى ،ثم جاءت جولة مفاوضات أبوجا 1992م إلا أنها لن تنطلق من أرضية ثابتة يمكن ان تفضي الى سلام في ذلك الحين .وإستمرت الحرب بشكل أكثر ضراوة بين الجانبين تخلله إتفاق جزئي بين حكومة الإنقاذ ومنشقين من الحركة الشعبية بقيادة د.رياك مشار ود.لام اكول أجاوين وآخرين،عرفت بإتفاقية الخرطوم للسلام في مارس 1997م وسرعان ما فشل الإتفاق بينهم وذلك لمراوغات المؤتمر الوطني المعهودة فعادوا أدراجهم الى حضن الحركة الشعبية الأم .وعندما إستيئس الطرفان فكرة الحسم العسكري دخلا في مفاوضات جادة في عام 2004م ،والتي تٌوجت في النهاية بإتفاق سلام 2005م أعطى بموجبه الجنوب فترة إنتقالية تصل الى ستة سنوات مع حق تقرير المصير في نهاية هذة المدة،ولما كان االشمال لا يزال يستخدم التكتيك في تنفيذ ماأتفق عليه أضطرت الحركة الشعبية ان تنسحب من عضوية الحكومة المركزية إحتجاجاً على تماطل الحكومة ،وهذا شجع الجنوبين على التصويت فيما بعد بنعم للإنفصال في يوليو 2011م .
هنا ولدت دولة جنوب السودان من رحم المعاناة لمخاض عسير إمتد ذهاء الخمس عقود ،فترة كانت عصيبة على السودان الكبير كدولة وبالطبع على الجنوب كأقليم آنذاك ،حيث خسر الجميع أرواحاً عزيزة وموارد ثرة كان يمكن ان تساهم في إخراج البلاد من الفقر الذي يرزح فيه عقودا من الزمان .فالحرب في تلك الفترة لا ينكر احد ان جُل مسوغاتها داخلية من ظلمٍ وإضطهادٍ وتهميش ومحاولات الإخضاع بالقوة لسلطة الشمال في المركز،إلا ان هذا لا ينفي التدخلات الإقليمية والدولية في هذا الشأن نسبة لتقاطع مصالحها في هذه المنطقة البكرة التي لم تشهد إستقلالاً حقيقاً لتبدأ في إستخراج كنوز الأرض وإستقبال بركات السماء.
إذاً إذا إستمر الصراع بين طرفي النزاع (سلفا –مشار) في دولة جنوب السودان فإن أثره يكون بالغ على السودان الشمالي خاصة في الجانب الإقتصادي والأمني والإنساني وكل ذلك يلقي بظلاله على الشعب المطحون ،لان السودان يعتمد بشكل كبير في ميزانيته على رسوم عبور البترول الجنوبي،وكذا تداخل العناصر المسلحه هنا وهناك,ولايسلم الجار الجنوبي لجنوب السودان وهى دولة يوغندا لأن الجنوب استوعب لها اعداد كبيره من المواطنين الاوغنديين كعماله وتجار وايضاً التخوف الامني عند انفراط عقد الامن بجنوب السودان بدخول جماعات جيش الرب اليوغندي وينسحب ذلك على كل من أثيوبيا والصومال والكنغو الديمقراطية ,وذات التأثير الاقتصادي على كينيا .
عليه نقول للأخوه اطراف الصراع في الدوله الوليده ان هلموا الى كلمةٍ سواء توحد صفوفكم ,وتفوت الفرصه امام الطامعين والشامتين , وتصون الدم الجنوبي الجنوبي , وعليكم ان تتعظوا من خلال النظر للمنطقه حولكم فهناك الجاره القريبه افريقيا الوسطى تغرقُ في حربٍ طائفيةٍ قبليه حيث اننا نشاهد يوميا كيف ان الدم الافريقي رخيص جداً يسيل عبر الشوارع والجثث ملقاة على الطرقات , والعربات العسكريه للقوات الفرنسيه والإفريقيه تمر خلالها ولا احد يرف له جفن في دفنها ! ولازالت معاناة اخوانكم وجيرانكم في جبال النوبه ودارفور والنيل الازرق مستمره اذن على الجميع اليوم وقبل الغد الإحتكام لصوت العقل , والفكاك من عقد القبليه , والاعتصام بحبل الجنوب كوطن ينتظر الكل للإسهام في ترقيته وانمائه .اخيراً نقول اللهم ارفع عن اخوتنا كل اشكال الصدام والقتال واجمعهم على قلب رجل واحد.
أحمد رضوان
أمين التنظيم والإدارة بإقليم دارفور
[email protected]