بسم الله الرحمن الرحيم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر الجديد
ما فتئت ابواق النظام العنصري الذين ما نطق لسانهم إلا لعنا وسبا وشتيمة لا صمتوا ولا قالوا خيراً مخالفة لتعاليم الرسول (ص) يهددون ويتوعدون الموقعين على ميثاق الفجر الجديد بالويل والثبور وعظائم الامور يوهمون الناس بموت الفجر الجديد وان العزاء قد انفض بمراسم الدفن. هكذا ظلت عصابة الانقاذ منذ انقلابها على الشرعية المنتخبة تكذب و تتحرى الكذب فهل تابت الي ربها وانابت عند اعلان الفجر الجديد لتتوقف عن عادتها المذمومة تلك. كلا فهي سادرة في غيها وضلالها وتضليلها … إلا ان الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر الجديد قد لاح واضحا ومبددا لسواد الليل الذي بداء يتلاشى امامه.
إن لقاء كمبالا الذي ارتقبته أحزاب المعارضة السلمية وفصائل الجهة الثورية طويلاً حين صار جليا ان اسقاط النظام وضمان استقرار البلاد بعد زواله لا يتأتى الا بلقاء الطرفين لإزالة الهواجس والمخاوف التي ظلت القوى المختلفة من ثورية وسياسية تضعها في مخيلتها عن الطرف الاخر، فالمعارضة الثورية كانت لا تعول كثيرا على المعارضة السياسية في الخرطوم باعتبار ان المظالم التي رفعوا من اجلها السلاح و الازمة التي عانو منها شاركت في صناعتها الاحزاب وتسبب فيها المركز دون تمييز بين مكونات ذلك المركز من احزاب معارضة او مشاركة في الحكم او بين بين. وهواجس الطرف الاخر تتمثل في ان الحركات الثورية ما هي إلا شكل مطور ومُحسّن من عصابات النهب المسلح وان قادة تلك الحركات الثورية أمراء حرب يتاجرون بدماء اهلهم علاوة على انها حركات عنصرية منغلقة منقسمة وهشة البنيان وان الحزام الزنجي المكون الرئيسي لها سوف يزحف بكل حقد نحو المركز لطمس الهوية وفرض اجندته العنصرية بقوة السلاح. زادت تلك الهواجس وغذتها آلة اعلام نظام العصابة وزينتها في أفئدة الخواص والعوام على السواء فكان لا بد للقوى الوطنية من الجلوس والحوار في لقاء مثل لقاء كمبالا لتقريب وجهات النظر و بناء الثقة ومن ثم طرد تلك الهواجس والأوهام من عقول الطرفين .
لقد تحقق تحت مظلة الجبهة الثورية إنجاز غير مسبوق تمثل ذلك في إتفاق الطلائع الثورية بكاودا للعمل من أجل هدف واحد هو إسقاط النظام وبذلك قطعت ثلث المسافة نحو تحرير الشعب من قبضة النظام. وأولت الجهة الثورية ضرورة وحدة كافة قوى المعارضة الأهمية المستحقة و ظلت في تواصل واتصال مع تلك القوى حيث التقت بالعديد منها الى ان توج ذلك بالاتفاق على مكان وزمان جمع المعارضة تحت سقف واحد للخروج برؤية موحدة وكان ملتقى ايوا الذي اوصى بضرورة توحيد وثيقة اعادة هيكلة الدولة ووثيقة البديل الديمقراطي في وثيقة واحدة المنصة التي انطلقت منها الدعوة للقاء كمبالا.
تلا ذلك لقاء لندن الذي جمعني والسيد ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبيةكممثلين للجبهة الثورية بالسيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة والدكتور علي الحاج ممثل المؤتمر الشعبي ومثلت مخرجات ذلك اللقاء قيمة مضافة دفعت في اتجاه لقاء كمبالا. هذا اللقاء الذي بادرت الجبهة الثورية بالدعوة إلية يعد إنجازا تاريخيا للمعارضة السودانية حيث اجتمعت كافة ألوان الطيف دون استثناء وبمبادرة وإرادة س ودانية خالصة دون تدخل أو وصاية وهدف إلى توحيد وثيقتي البديل الديمقراطي والإعلان الدستوري ووثيقة إعادة الهيكلة السودانية، وتداول الحضور بكل شفافية ووطنية وتواصوا على خريطة طريق تجنب البلاد مزالق الانهيار والتشرذم ، وتكاد ان تكون الوثيقتان متطابقتان في الرؤية والأهداف حول العديد من القضايا و ان مناطق التباين ( كما اتفق على تسميتها) و ان كانت معدودة إلا أنها حول قضايا أساسية منها ما لم يتم حسمه داخل الإجماع الوطني بالخرطوم كنظام الحكم ومستويات الحكم خلال الفترة الانتقالية وطول الفترة الانتقالية أما علاقة الدين بالدولة فلم يكن هناك خلاف حول مبدأ عدم استغلال الدين في السياسة وكان الخلاف حول صياغة التعبير عن هذا المبدأ. هذه القضايا نفسها وان كانت قوى الجهة الثورية متفقة حولها وضمنتها في وثيقة اعادة الهيكلة إلا ان قوى الاجماع الوطني لم تكن قد حسمت خلافها حولها وبالرغم توقيعها على وثيقة البديل الديمقراطي الا انها احالت تلك القضايا الخلافية الى الاعلان الدستوري الذي لم يتم الاتفاق عليه الى حين وصول وفد قوى الاجماع الوطني الى كمبالا. ومن المدهش ان تلك القضايا تم حسم الخلاف حولها في زمن قياسي حتى ان قوى الاجماع الوطني قد توحدت رؤيتهم حول تلك النقاط التي جاؤوا مختلفين عليها وهذا يؤكد مدى رغبة الجميع وحرصهم على ضرورة الوصول لاتفاق حول كل القضايا من ناحية ومن ناحية اخرى يبرر سرعة تراجع الاحزاب الموقعة عن ما التزمت به لحساسيتها. لذلك جاء التوقيع على ميثاق الفجر الجديد كمفاجأة كبرى للنظام الذي ظل يراهن على إستحالة اتفاق قوى الاجماع الوطني فيما بينها ناهيك من إتفاق كافة فصائل المعارضة بما فيها الثورية وسلاسة المفاوضات وسرعة الاتفاق فاجأت بعض الأحزاب التي أبطنت خلاف ما أظهرت ففعلت المفاجأة فعلتها.
إن ردود الأفعال التي أعقبت التي توقيع عل ميثاق الفجر الجديد و الهستريا التي أصابت النظام فضحت موقفه المرتبك وضعفه وخوفه من توحيد قوى المعارضة السياسية والثورية في المقام الأول فلجأ الى التضليل وحرك آلته الإعلامية في حملة شعواء بهدف ضرب هذه الوحدة وابتزاز أحزاب الإجماع الوطني والضغط عليها لتتراجع عن مواقفها المؤيدة للميثاق مبتدراً ذلك باعتقال المناضلين الذين شاركوا في اللقاء وعادوا إلى الخرطوم لتخويفها وتخوينها واخيرا تكفيرها مما اضطرها إلى ممارسة تقية سياسية بإصدار بيانات أشبه بما يكون تراجع عن مواقفها.
على الجبهة الثورية إن تدرك ان مواقف تلك الأحزاب أملتها ظروف عملهم بالداخل دون غض الطرف عن الملاحظات التي أبدوها. هناك ايجابيات كثيرة تحققت بلقاء كمبالا يجب اعتمادها والبناء عليها والعمل على تحسين وتطوير الميثاق بما يحقق وحدة كاملة وحقيقية وترك مساحة للقوى السياسية التي تحاول تجنب قهر النظام لها. إن الجبهة الثورية تعي تماما أهمية توحيد المعارضة أقلاه على الحد الأدنى و الآن الكرة في ملعبها بعد لقاء كمبالا للتمسك بهذا الإجماع والاتفاق والمحافظة على ما تحقق وتطويره بحسبان ان ما تم الاتفاق عليه به مساحة للتطوير والتحسين وهذا ما أكده القائد مالك عقار في كلمته في احتفال التوقيع على الميثاق.
والجبهة الثورية هي الطرف الأكثر فهما و إدراكا لحقيقة تعقيد القضية السودانية و الأكثر فهما وإدراكا إلى ضرورة توحيد المعارضة للوصول لحل لها وقد دافعت عن هذا المبدأ في كل المنابر الدولية باعتبار أن الحلول الجزئية هي تكرار لأخطاء عمقت المشكلة أكثر علاوة عن حلها، كما لا يغيب عنها التعقيدات الإقليمية مع الوضع في الاعتبار الضغط الذي يمارسه المجتمع الدولي على كل الإطراف. كل هذه المعطيات تجعل خيار وحدة المعارضة هو الخيار الأوحد في هذه المرحلة والمفضي لحل شامل لكل قضايا السودان ويقنع المواطن السوداني بالبديل الذي ظل ينتظره ويقنع المحيط الإقليمي والدولي بهذا الحل ويستقطب دعمه. خاصة تلك الدول التي باع لها النظام وهم عداء الجبهة الثورية للعرب والإسلام في السودان وبذلك يكتمل الوصول الى الثلث الثاني ويبدأ مشوار الثلث الأخير نحو الفجر الجديد.
نصرالدين الهادي المهدي نائب رئيس الجبهة الثورية عضو حزب الأمة لندن 31 يناير 2013