أظهرت البرقيات الدبلوماسية السرية الأميركية خلال العامين الماضيين اهتمام واشنطن بحركة المبعوثين الصينيين في السودان، وبمواقفهم من مذكرة اعتقال الرئيس عمر البشير واحتمال انفصال الجنوب عن الشمال، وأثر ذلك على مصالح بكين النفطية.
وتشير برقية أرسلها القائم بالأعمال ألبرتو فرنانديز في 4 سبتمبر، ونشرها موقع ويكيليكس عبر صحيفة الغارديان، الى أن مبعوثا صينيا إلى الخرطوم أبدى قلقه من مذكرة اعتقال الرئيس البشير التي أصدرها مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو، وحثه الخرطوم على مواصلة التعامل مع المجتمع الدولي. ويقول السفير في برقيته إنه التقى السفير الصيني في الخرطوم لي تشنغ ون، وإن الأخير حدثه عن مهمة مساعد وزير الخارجية الصيني زهاي جون، الذي يتولى مسؤولية الشرق الأوسط وأفريقيا في الخارجية.
مباشرة أو غير مباشرة
ويضيف أن جون افتتح قنصلية جديدة في جوبا (عاصمة الجنوب) وامتدح حكومة السودان على تعاملها الهادئ مع مذكرة اعتقال البشير، وأنه طرح «اقتراحا وديا بأن تستمر حكومة السودان بالتعامل مع المحكمة الجنائية ذاتها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أملا في ضبط الخطوة التالية للمحكمة.
وتقول البرقية إن «لي قال إن حكومة الصين قلقة للغاية بشأن تأثير قرار اتهام البشير على الاستقرار بدار فور، مؤكدا أن ذلك شجع المتمردين على اتخاذ موقف متشدد من موضوع السلام».
السفير الصيني أبدى انزعاجه من الدعم البريطاني ــ الفرنسي لأوكامبو، وقال «بغض النظر عمن خلق هذه المشكلة فهو سيتحمل المسؤولية إذا ما وقع السودان في الفوضى جراء قرار الاتهام».
انزعاج السفير
وتضيف البرقية أن السفير الصيني أبدى انزعاجه من الدعم البريطاني الفرنسي لأوكامبو، وقال «بغض النظر عمن خلق هذه المشكلة فهو سيتحمل المسؤولية إذا ما وقع السودان في الفوضى جراء قرار الاتهام».
ونقلت عن السفير الصيني قوله «إن انعدام الاستقرار في السودان ليس في مصلحة أحد، وان مساعدة السودان يعني أننا نساعد أنفسنا وعلى الفرنسيين والبريطانيين أن يفهموا هذه الفلسفة». ولاحظ أن شركات النفط الفرنسية لديها اهتمام بالسودان مماثل لاهتمامها بتشاد.
ردود فعل العرب والأفارقة وساركوزي
وفي برقية ثانية مؤرخة في 3 ديسمبر عام 2008، يتناول الممثل الأميركي بالأمم المتحدة ألخندرو وولف قراءة مدعي عام الجنائية لردود فعل القادة العرب والأفارقة والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على مذكرة اعتقال البشير.
وجاء في النص «المدعي مورينو أوكامبو تحدث في 2 ديسمبر إلى السفير وولف في الأمم المتحدة. وقال أوكامبو إن مذكرة اعتقال البشير يمكن أن تصدر في يناير أو فبراير. وقال إن القادة العرب محبطون من البشير وأنه يجب إبلاغ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بضرورة التحرك ضد رئيس السودان».
انفصال الجنوب.. والمخاطر
سيرمان لاحظ القلق الصيني المتنامي بشأن انفصال الجنوب عن الشمال بالسودان، والتهديد المحتمل لمصالحها النفطية. على الصينيين أن يفهموا بأن سلوك السودان تجاه دارفور وتشاد يمكن أن يزيد احتمال الصدع بين الجنوب والشمال بما يحمله ذلك من أثر على حصة الصين في قطاع النفط.
مصير البشير
وبشأن موقف الصين من مذكرة اعتقال البشير، تقول الفقرة الخامسة من البرقية «أوكامبو قال إن الصين لا تهتم بمصير البشير ما دامت محافظة على امتيازاتها النفطية في السودان، وهي لن تعارض اعتقاله إذا لم يتم التعرض لعوائدها. ويقترح أوكامبو على الولايات المتحدة أن تعطي ضمانات للصين بشأن امتيازاتها النفطية».
وفي برقية ثالثة مرسلة من السفارة الأميركية في باريس في 13 مارس 2008، يتطرق المستشار السياسي في السفارة أندرو يونغ إلى مصالح الصين النفطة بالسودان من خلال استعراض قدمه رومان سيرمان مستشار الرئاسة الفرنسية عن زيارة قام بها الرئيس ساركوزي إلى تشاد في 28 فبراير، والتي بحثت خلالها هجمات خصوم الرئيس إدريس ديبي انطلاقا من أراضي السودان.
سلوك السودان تجاه دارفور وتشاد
تقول البرقية «سيرمان لاحظ القلق الصيني المتنامي بشأن انفصال الجنوب عن الشمال بالسودان والتهديد المحتمل لمصالحها النفطية. على الصينيين أن يفهموا أن سلوك السودان تجاه دارفور وتشاد يمكن أن يزيد احتمال الصدع بين الجنوب والشمال، بما يحمله ذلك من أثر على حصة الصين في قطاع النفط».
القبس