تخلف الأراء في تحديد المشكلة السودانية نتجة ً لتعددها الثقافي ، الاجتماعي وتراكم مشاكلها المركبة وجمود الفكري والكساد الاجتماعي وإنحسار مسحات التفكيروالايمان بالغيب المطلق بمناه العام المعمي ،الذي غرسته تيارات الجبرية المتطرفة وخلقت حوله عصور الانحطاط السياسي والاجتماعي والفكري نسيجاً اسطورياً الي إيمان بكل ما غاب عن الحس هو منسوب الي عالم الآخر غير عالم الشهادة وكأن له قوة فاعلة حاكمة لكل شؤن الحياة الدنيا.
ولكن المناط بالامر النظر بعين الاعتبار في دور الخصوصية الثقافية في حيتنا وتاريخنا في ضوء العمل من اجل تحريك إيجابيا نحوالمستقبل الذي يستلزم تأويلات إبداعيا جديد ،تسمح به دينامية كل تراث الثقافي من أجل حشد الطاقات وحفز الارادة إعمال العقل . ومن ثم لست القضية في جوهراها نفي للغيب او إثبات فهذا ليس موضوع المقال فضلاً عن ان جميع الحضارات تؤمن بالغيب علي نحو او آخر وإن تباين نطاقة ومجال السلطة ولكن القضيه هي إفساح مساحة من الحرية الفكر المسؤلة والمتاحه للانسان لتناوله في العالم المشاهد او شؤن الحياة الدنيا .انها مسالة توزيع اختصاصات او فصل بين السطات وايمان بالعقل ايضا الذي لم يكن له اعتبار في مجتمعنا السودانيه لا في الماضي ولا في الحاضر. ولم يرد له الذكر والتوظيف الواضح المعالم والمسؤليات في الكتب المقدسة . فاذا قولنا فصل الاختصاصات فان المطلوب هو ان المنحازين الي تأويل القديم من دعاة الجبرمن السلفيين في نطاق السلطه الغيب انما يفرضون رؤية إسلام السياسيه في فضاء حرومستقل، ثم ان التراث الاسلامي له الياته الخاصه التي تسمح وتهيئ امكانية استمرار من خلال قابليته للتاويل فهو حمال اوجه ويبرز الوجه الثوري الدائم للتغيير بفضل الانسان زاته المؤامن بقدرات الانسان علي صنع حياته علي الارض ويختفي هذا الوجه ليبرز وجه استسلامي التواكلي في عهود الرده والانحسار .قد تكون خصوصية الاعتقاد مسالة نظرية ولكن الذي يعنينا نزع القناع السياسي عن دورها الاجتماعي الذي ساد قرونا طويلة وبيان كيف استثمر اصحاب السطات في التاريخ وهذه الخصوصية لصالح الحفاظ علي السلطة ضد كل من ناهضا سلطاتهم وسطوتهم ودعا الي التغيير والي اعتماد العقل اساسا لتدابير شؤن الحياة والثقه فيه مرجعة وهداية للبحث في ظواهر الطبيعيه والنفس والمجتمع.واذا نظرنا للمجتمعنا اليوم ان السلطه الدنيويه تستمد مشروعيتها من الدين لا من المواطن فقد كان رجال الدين المنوط بهم تفسير الدين اصحاب كلمة ازاء بيان مشروعية او شرعية السلطة.
وتوالي الاحداث التاريخية ما بين السلطه السياسيه والسلطه الدينيه او بين رجال الحكم وفقهاء الدين وهو تحالف ظل رقمًا عن التغيير لصالح الكافة ,ونحن في المجتمع بحاجة الي دراسة سوسلوجية معمقه تكشف جوهر هذا التحالف واسلوب توظيفه واثاره المدمرة علي العقل باعتبار ان هذا التحالف يستهدف خدمة الساسة وكانت العله الاساسيه وراء الانهيار الحضاري والجمود العقلي والامساك الفكري والاسهال المعنوي.
والمعروف في المجتمع السوداني ان هذه التحالفات لا تستثني احد من ديناصورات وقيادات التنظيمات التقليديه سواء كان طائفي او عقائدي او قبلي خاصةً (المهدي والمرغني وترابي)يمكن ان نسميهم بالثلاثي الكارثي في الساحة السياسيه .ودائماً يقفون في المناطق الرمادية ولكن هم المتحالفه مع النظام تحالف استراتيجي ومع المعارضة تحالف تكتيكي والتاريخ تشهد ذالك ،خاصة بعد ما انكشف سرتداول السلطة فيما بينهم بحنك انا وبن عمي علي الغريب. كما ظهرت عبارات ومصطلحات الصادق المهدي من خطاب البشير وحضورهم في المنصه وذلك يسترجع ذاكرتنا الي العهد القديم كأنما نحن في عهد الجنرال كتشنر باشا، دئماًيفرضون الغباء في انفسهم ويظنون انهم يفرضون الغباء في الشعب السوداني، اذا افترضنا جدل ان البشير جنرال(كتشنر باشا)وجعفر المرغني علي يمينه وعبدالرحمن الصادق علي يساره.كل واحد منهم يمثل اسلافهم الذين تحالفو مع المستعمر ضد مصالح الشعب السوداني وخدعوا الشعب السوداني بأنهم زعماء دينين وأخذوا شرعيتهم جزافاً ولقبوا النفسهم زعماء طوائف الدينة، المتمثله في طائفة الختميه والانصار بقيادةعبدالرحمن والمرغني,وورثوا السلطة والثورة من المستعمروواصلو ا إستعمارهم لشعب السوداني بنفس النهج او اكثرمنه ، لأنهم لايملكون من الفكر شئ وهم بحكمي انهم زعماء طوائف دينة متخلفة ويؤمنون بالغيب المطلق المعمي ويفتكرون ان القضاية السودانية يتحل بدعاء ،ورجوا الي الله وهذا لا يحل مشكلة السودان . وكل الملخص من وثبة الرئيس وتململ من القوة التقليدية جاءت نتيجة للاختراق ثورة الهامش والزيارات الماكوكيه التي قام بها قيادات الهامش.والاختراق السياسي والدبلماسي للمجتمع الدولي والاتحاد الاروبي,والحسم العسكري للنظام في النيل الازرق وجنوب كردفان ودارفور خاصه في اربع معارك التي هزم فيها النظام عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا لذلك تراجعومن موقفهم من إسقاط النظام الي حماية النظام ولكن نقول لهم انتم مسؤلون مسؤلية المباشرة لتدهور اوضاء البلادوانتم أتيتم البشيرالسلطةوتتحملون معه كل من يرتكبه تجاه الوطنوالمواطن.
وهذه خطوة مسبقه من قبل القوى التقليدية مدعومة من مجتمع الدولي ، لحماية إسقاطهم وتوريث ابناءهم الذين يغضعون لسياسات المستعمر بعد ان اصبحو عباره عن جثث سياسيه متحركه.مالم نفك تلاسم التحالفات التقليديه ,والكل يزعم انه يحكم باسم الدين ويروجون تاويلات علي لسان رجال الدين تدعم سلطاتهم . ويتهمون كل داعي الي العقل بالمروق والهرطقه والعنصريه والعماله ,وتحويل هذا التاويل الذي ترسخ في ازهان العامه الي سد منيع يحول دون استنهاضهم وتحفيزهم الي التغيير بارادتهم ودفعهم الي دائره سلبيه.
ودائما ادارة الشؤن الدونيويه إذا أعتمدة علي اساس ديني يخلق اضرابات سياسية لأن النص الديني دائما وابدا حمال اوجه قابل للتاويل ,والمفروض ان يكون التاويل حسب المصلحه الاجتماعيه العامه في الاساس لا للمصلحه السياسية للفئة,غير ان السؤال المطروح دائما هو كيف وظف اصحاب السلطه ومعهم رجال الدين هذا النص لصالحهم. لذالك لا مجال للقوة التقليدية الذين يستمدون شرعيتهم من الدين ،لكي يحكموا مجتمع فيها تعدد ثقافي ودين ، آن الأوان للقوى الديمقراطية واليبرالية والحداثوية التوحد لرسم مستقبل البلاد .آن الأوان للقوى الدينة المعتدلة لكشف عن تأويل إبداعي جديد يلائم مقتضيات العصر ومقومات الحضارة العصرية ،بحيث يحفزالانسان علي النهوض وخوض غمار الحياة الدنيا متحديا علي اسس عقلانية نقدية لتكون النهضة صحوة حقيقية لتغيير.
بقلم/ مبارك بخيت امين التنظيم والادارة لحركة تحريرالسودان للعدالة-[email protected]