لكل حركة ثورية قواعد أساسية سامية، وهي مبادئ معيارية يقاس بها فعلها وتأثيرها من كافة الجوانب، وهنا نذكر بعض النقاط عن مشروع ثورة الهامش السوداني بالتحليل مع حالة السقوط المتكرر والمريع للرفاق من قطارها التي لا تتوقف أبداً.
معلوم ان مشروع ثورة الهامش قد بدأت بإمكانيات محدودة ولكنها يقيناً سوف تنتهي بصورة مجيدة مثلما هو الحال في بقية الثورات العالمية.
قد يظن أعداء الثورة أن الانشقاقات المتكررة في صفوف الحركات الثورية والارتماء في احضان النظام من الذين قد أعياهم طول المسيرة و
المسير هو مقياس لإنهيار وضعف أمال الحركات الثورية التي تقاتل نظام الإبادة الجماعية من أجل استرداد الحقوق وانهاء الظّلم وإقامة دولة المواطَنة علي أسس ديمقراطيّة.
أن المعيار ألحق لمشروع الثورة ومدي فاعليه تأثيرها هو درجة وعي الثائر نفسه وإلمامه بقضيته وعمقه، وتستدعي الذاكرة الثورية هنا اللمحات المشرقة للأسير الجريح الأسد يوسف ابو كيلو وفهمه العميق لقضية الهامش وهو نموذج حي للثائر الحق الذي قاتل من أجل تلك القضايا حتي وقع في الأسر ذاكراً مواقفه البطولية في حيرة من امر اعداؤه وجوماً.
كلمات ذاك الأسد كانت أقوي من تلك الرصاصة التي تخترق جسده النحيل، تلك الرصاصة التي تضاهي النفس البشرية سعراً في نظر النظام وجنجويده.
وعلي ذَات الفرضية أن الثائر الحقيقي لا تحركه نوازع الذات او مطالب النفس إلا فهو صاحب مصلحة شخصية و لن يلبث ان تهدأ نوازعه وحماسه إذا أستجيب ذات المطالَب التي يتوق إليها، ومثّل هولاء يتساقطون كالذباب في مستنقع النظام الآسن يوماً بعد يوم، وبذلك يحركون البركة الساكنة و المليئة بدماء الأبرياء ودموع الحياري وحليب اليتامي.
والثورة لا تعوّل عليهم كثيراً، بل وهم مؤثرين سلباً علي المسار الثوري باتخاذهم مساراً عكس المسار الثوري، وذلك عبر ممارساتهم وتصويبهم السهام تجاه رفقاء الأمس قولاً وفعلاً باشارة من أولياء نعمتهم.
غير ان المهم ذكره في هذه المساحة هو أن مشروع ثورة الهامش السوداني في نهاية المطاف هو فكر والأفكار لا تموت، فكّر نابع من دوافع معينة وهي باقية الي حين ذوال تلك المسبّبات.
وهي لا تدور في دائرة مفرغة كما يتخيل البعض، بل هي بمثابة سعي دؤوب تقدم فيه الانفس والدماء الذكية مهراً لتغيير واعتدال الموازين بدلاً من الاختلال الحاصل بفعل سياسات النظام، والعمل علي تغيير واقع الظلم الاجتماعي والسياسي في البلاد دُون تحيّز أو تفرقه.
لذلك رأي الثائرون أن الموت أهون مَن الصبر عَلَيْه، ولذلك لم يبخلوا عن مواجهة نظام الخرطوم وإن كان ألموت يتربص بهم.
كما يهدفون دائماً الي غاية وطنية نبيلة، واعين بهدفهم وساعين اليه بكل ما فيه مَن توقٍ وشوقٍ لواقع أفضل وفِي سبيل ذلك دفع البعض منهم ارواحهم مهراً وايماناً بهذا المشروع.
وهنا تتجلي قامات فكرية سامقة أضاءت لنا عتمة الطريق منهم علي سبيل المثال: الشهيد/ دَاوُود بولاد، الشهيد/ عبدالله ابكر، الشهيد/ الدكتور خليل إبراهيم، والشهيد المصادم طرادة ورفاقه في معارك الكرامة الأخيرة.
وقائمة شرف الشهادة تطول بطول آيات وجماليات الكسوة التي تٌزين الْبَيْت العتيق المطرزة بأيادي أجدادنا العظماء.
جل هولاء الشهداء أمنياتهم كانت أن تظل شعلة الثورة متأججاً وأن تظل الراية عالية ترفرف في السماء، ورفاقهم علي الوعد والعهد قابضين علي الزناد لاستكمال الطريق حتي نهاية المسيرة دون كلل او ملل.
وعلي وعدهم تظل الجذوة متقدة حتي إنهاء المسبّبات وبيان الإنتصار.
عندئذ يعلم السطحيون معاني ومغانم التغيير..