جمعة الكنداكة..احتفاء بالمرأة السودانية والتحية للحرائر في المعتقلات واللائي يقُدن الاعلام الثوري الالكتروني
خالد ابواحمد
الكثير منا يعرف القصة المشهورة التي حدثت في الزمن الماضي..قصة (الإستحو ماتوا..) التي تحكي عن الحمامات التركية التي كان يقصدها الناس للإستحمام ولما فيها من فوائد صحية للأجساد، وأصل القصة تقول أنه في إحدى هذه الحمامات القديمة كانت تستعمل الحطب والأخشاب والنشارة لتسخين الأرضية ومن ثم تسخين المياه لتمرير البخار من خلال الشقوق، وكانت قباب ومناور معظم الحمامات من الخشب وحدث أن حريقا قد شبّ في حمام للنساء، وبما أن الحمام مخصص للنساء فقد اعتادت الكثيرات منهن على الإستحمام عاريات لا يسترهن إلا البخار الكثيف.
وعندما حدث الحريق هربت كل النساء اللائي كن يلبسن الملابس، أما النسوة العاريات فقد بقين خشيةً وحياءاً وفضّلن الموت على الخروج، وعند عودة صاحب الحمام هاله ما رأى وسأل البواب.. هل مات أحد من النساء..فأجابه البواب نعم …. فقال له منْ مات ؟..
أجاب البواب : اللي استحوا ماتوا…!!.
سردت هذه القصة لكي نعرف قيمة الحياء لدى البشر رجالاُ كانوا أم نساء.
فالحلقة التلفزيونية التي بثتها (قناة الجزيرة) يوم الثلاثاء الماضي وكان بطلها الدكتور العالم عمر القراي ممثلاً للحق المُر، والدكتور ربيع عبدالعاطي ممثلاً لنظام الكذب، أحد عباقرة الكذب في السودان، هذا الكاذب الذي لا يستحي، ونظامه المجرم الذي لا يعرف الحياء برغم أنه شعبة من شعب الإيمان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
النسوة في هذه القصة التي أصبحت مثلاً في ترسيخ قيمة الحياء فضلّن الموت على الخروج وهن عاريات برغم أن الموقف العصيب يسمح لهن بذلك، لكن الخبير الوطني في الكذب والتدليس ظهر للعالم قاطبة على شاشة (الجزيرة) عارياً تماماً من كل مصداقية ومن كل فكر.. كما ولدته أمه، لا حياء يستر به عورته، ولا مصداقية في الحديث ولسان نتن، ولا خلق.. ولا أدب.. ولا مراعاة للذوق العام واحترام عقول المشاهدين، واستمرار ممعن في الغباء لتكذيب ما لا يُكذب.
لا أدري لماذا لا يستحي قادة المؤتمر (الوطني) ومسؤوليه وهم ينكرون رفيقهم الدكتور ربيع عبدالعاطي كأحد قادته، كما أنكروا وجود الربيع الثوري في السودان فإن حلقة (الاتجاه المعاكس) برغم أن القناة طرحت سؤالاً مبهماً للمشاهدين أرادت من خلاله التعاطف مع الحزب الحاكم في السودان إلا أن الحلقة كشفت عن الهزيمة الثقيلة التي تلقاها الحزب من الدكتور عمر القراي ذلك لأنه كان يعبر عن وجهة نظر السواد الأعظم من الشعب السوداني في الداخل والخارج، وأن الله سبحانه وتعالى قد حقق في ربيع عبدالعاطي وعده في قوله “.. وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُون..”إلخ 28 سورة القصص.
حلقة (الاتجاه المعاكس) فضحت كذب النظام
أراد الله سبحانه وتعالى أن يفضحهم ويشفي صدور قوم مؤمنين..هؤلاء (عباقرة الكذب) ما عاد أحد يصدقهم في هذا العالم المترامي الاطراف، هؤلاء (الأنبياء) الكذبة، قاتلهم الله انا يؤفكون، استحلوا تعذيب الحرائر واعتقالهن، ثم يتغنون بأغاني الحماسة والرجولة وهم أبعد خلق الله عن الرجولة وعن المروءة، لأولة مرة في حياتي أشعر بأن المرء الذي يعتنق الحقيقة ولا شي غيرها تجده في اشراح تماماً كما كان الدكتور القراي في هذه الحلقة منشرحاً مبتسماً واثق من نفسه ومن معلوماته، أما الطرف الآخر لأنه جاء لكي يُكذب ويُراوغ ظهرت على وجهه القمئ علامات البؤس والضجر، وكانت كل مزعة لحم في وجه تقول أنه كاذب، ومن أول وهلة ظهوره على الشاشة شعرت بمدى قبح هذا الوجه الدميم الذي يغالط حقائق المنطق والواقع، يُكذب ثم يكذب وقد كتب عن الله كذاباً.
ربيع عبدالعاطي هذا النتن الذي يسترزق من آهات المعذبين ومن أنات امهاتنا وأخواتنا قد استمرئ الكذب حتى النخاع، وقبل عامين تم استضافته بقناة (الجزيرة) في برنامج عن السلام في السودان وبلا حياء وبلا خجلة قال ” إن الرئيس عمر البشير أوقف أطول حرب في أفريقيا..”..!!!.
كدت ساعتها أن أقع من طولي، وفي اليوم الثاني كتبت مقالاً طويلاً بيّنت فيه كيف أن الولايات المتحدة الامريكية مارست كل الوسائل في الضغط على الطرفين للوصول لاتفاقية في غضون فترة حددتها بالتاريخ وإلا…!!.
ومن الثابت أن امريكا هددت النظام في السودان بشكل غير مباشر بزواله حُكمه، لذا تنازل كل التنازلات التي نعرفها جميعاً، وبالفعل حدث ذلك وكان الطرفان في حالة استعداد للقتال حتى آخر جندي لديهما، وذكرت في المقال ما قاله ليّ أحد الاخوة الذين شاركوا في المفاوضات بصفة مراقب بأن الولايات المتحدة الامريكية كانت قد قامت بتأجير منتجع نيفاشا بكل ما فيه، وأن امريكا كانت تدفع من عندها كل مصاريف أكل وإقامة الطرفين والاعلاميين والصحافيين والمراقبين والحراسة الأمنية، بل امريكا دفعت حتى ثمن الخمرة التي شُربت في المنتجع، شهور عديدة كانت وفود التفاوض تأكل وتشرب وتنوم وتستخدم كل الآليات في نيفاشا مجاناً.
وبعد كتابة هذه المعلومات في المقال وصلني أكثر من اتصال هاتفي في ذات اليوم من أشخاص كالوا لي السباب والشتيمة وبكل الألفاظ البذئية، ولم يتركوا لفظة بذيئة في قاموس الردحي لم تقال لي في ذلك اليوم، وقد حوى البريد الالكتروني رسائل متشابهة، وقد أدركت ان رسالتي وصلت للجميع والحمدلله لأنني أفشلت عليهم كذبة كبيرة كانت ستتداوم إلى يوم الدين مفادها أن الرئيس عمر البشير أوقف الحرب في جنوب السودان..,أنا له ذلك..و هو الذي اشعل الحرب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وإلى هذه اللحظة لم يدرك خطورة ما قام به من تقتيل للناس وحرق لبيوتهم.
ربيع عبدالعاطي يتعاطي الكذب باستمرار
لم ينتهي كذب هذا المتعاطي ففي مرة أخرى تم استضافته في القناة نفسها لا أتذكر موضوع الحلقة لكن صاحبنا قد تعود على القنبّلة على قولة الدكتور الانسان عوض دكام عليه رحمة الله الواسعة.. فقال بملء فيه أن “الإنقاذ هي التي فتحت الباب لدخول الصين للقارة الأفريقية”..!! هذه المرة كاد قلبي أن يتوقف من الصدمة الشديدة فكتبت مقالاً اليوم الثاني وبينت فيه بأن الصين عندما دخلت أفريقيا في بداية الخمسينات وتعاملت اقتصادياً وسياسياً مع دول القارة الافريقية حينها (الانقاذ) لم تكن حتى فكرة في أذهان مؤسسي الحركة (الاسلامية) وان المتعاطي هذا لم يكن قد ولِد عندما كانت الصين ايام الزعيم ماو تستو تونج تقدل بخيلاء في أفريقيا وكان لها صولات وجولات في ربوع القارة السمراء وقد تعاملت الصين مع السودان ايام مايو في بداية أيامها وقد بنت (قاعة الصداقة) أشهر وأكبر المعالم الصينية في السودان.
وإذا كان من إدعاء لدخول الصين لأفريقيا كان الأحق به نظام مايو بقيادة الراحل جعفر محمد نميري وفي عهده تم تأسيس العديد من المشروعات الصينية في البلاد ومن ضمنها مستشفى ابوعشر، ومصنع الصداقة للغزل والنسيج، فإن العلاقات الأفريقية الصينية قديمة وهي مؤثقة ويمكن للجميع أن يتأكد من ذلك.
هذا (الربيع) الذي لم يأخذ من اسمه شيئاً، دميم الوجه ترتسم في ملامحه كل صُور الخِسة والدناءة، فكيف للمرء الصادق أن يكذب تظاهرات الربيع السوداني التي شاهدتها عبر (اليوتيوب) كل شعوب العالم وأصبح الناس في دول الخليج والكثير من الدول العربية تتابع أحداثها عبر قناة (العربية) و( اسكاي نيوز عربي) وغيرها، وهذا الدعي يقول ان تظاهرات جامعة الخرطوم لم تتعدى اصابع اليد الواحدة، فإن حرائر جامعة الخرطوم قدمن درساً لهذا المتعاطي ولم يقف خلفه، ومن معه في الجريمة التي ترتكب الآن، والحمدلله يقوم الآن بتوثيقها ثلة من أبناء وبنات السودان الشرفاء الذين رضعوا من أمهاتهم كل معاني وقيم النبل والوطنية ونكران الذات.
جمعة الكنداكة..احتفاء بالمرأة السودانية المناضلة
كان جميلاً ورائعاً أن تُسمى هذه الجمعة (الكنداكة) والله انه لفخر لنا ولأمهاتنا وأخواتنا في كل مكان في هذه الأرض الرحبة فالمرأة السودانية تستحق هذا الشرف وتستحق منا أكثر من تسمية جمعة نضال ضد هذا النظام العبثي والاجرامي، وتخرج اليوم جمعة (الكنداكة) وعدد كبير من أخواتنا الحرائر في السجون والمعتقلات ويتعرضن لصنوف العذاب والتنكيل، وتشهد سوح الجامعات والشوارع الكبيرة نضال المرأة السودانية وفي البيوت الصامدات على أذى المواجع يقفن مع الثورة بالدعاء والتأييد.
لم يكن في خلد السودانيين البتة أن يأتي نظام حكم في البلاد ويذيق المرأة السودانية كل هذه الأهوال، كما لم تكن تصورات الناس تحمل اي إرهاصات تكشف عن هذا المصير الذي نعيشه حالياً، فإن الإهانات والإساءات التي تعرضت لها المرأة السودانية في ظل نظام (الإنقاذ) الإسلاموي لم تحدث في كل الأنظمة التي حكمت البلاد، كما لم تحدث في كل سوابق الحكم في المنطقة العربية والأفريقية المحيطة بالسودان، لم تشهد المرأة العربية وفي الدول الأفريقية الجلد في الشارع وأمام الملأ بهذه القسوة التي تحملتها المرأة في السودان.
الكثير من المشاهد المؤلمة والمؤسفة التي حدثت في هذا العهد الأسود ذاقت فيه المرأة السودانية ما ذاقت من صنوف التنكيل والاعتقالات وآخرها ما حدث أول أمس بجامعة الخرطوم ومحاولات جهاز الأمن والرباطة الهجوم على داخليات الطالبات وألحاق الأذى بهن، وفي هذه الأيام المباركة برغم ما يحدث فيها من تجاوزات تلمع في سماء السودان نجوم سودانية من كنداكات السودان في عهده الجديد بدأً من يسرى عبدالله مهدي التي اعتقلت في الحاج يوسف إلى الاخت مزدلفة التي أغتصبت في داخلية جامعة الفاشر، ومن هنا أحي كل الاجهزة الاعلامية الثورة المتمثلة في الاخوات الكريمات نجلاء سيداحمد وأماني العجب اللائي يمثل قطاعاً كبيراً من الناشطين والناشطات في مجال الاعلامي الإلكتروني بمهنة عالية واحترافية ألقت بظلالها على الصورة الرائعة للثورة الشعبية في السودان بإثباتاتها المصورة الشاهدة على الملاحم البطولية التي سطرها الشعب السوداني في الثورة على نظام الظلم والاستبداد والقهر والجوع والكذب.
صباح الجمعة 13 يوليو 2012م