منح الشارع السوداني حيزا كبيرا للتساؤلات حيال ما أعلنته الحكومة من توقعات لمهددات أمنية قالت إنها ستضرب مناطق متفرقة من البلاد أثناء الانتخابات وما بعدها.
وبينما لم تخف الحركات المسلحة بدارفور رغبتها في منع إجراء الانتخابات في الإقليم قبل إتمام عملية السلام، اعتبر خبراء ومحللون سياسيون أن الإعلان مجرد تحذير للقوى السياسية بعدم منافسة المؤتمر الوطني في ولايات السودان محل التوتر المزعوم.
لكن المؤتمر الوطني نفسه وعلى الرغم من عدم تحديده لآلية مواجهة تلك التهديدات، أكد استحالة تأجيل الانتخابات كما هو الحال بالنسبة لـلحركة الشعبية لتحرير السودان الشريك الثاني في حكومة الوحدة الوطنية.
دعوة للتأجيل
غير أن حركة العدل والمساواة أكدت أن دليل جدية الحكومة في السلام أن تؤجل الانتخابات أولا، مشيرة إلى أن إجراءها وفق رغبة المؤتمر الوطني “الذي يريد أن يشرعن لنفسه مواجهة المجتمع الدولي والشعب السوداني تجعلنا مقبلين على كارثة حقيقية”.
وقال الناطق الرسمي باسم الحركة أحمد حسين آدم في تصريحات صحفية إن نتائج الانتخابات ستكون مزورة وستزيد من العنف الذي يحصد أرواح المدنيين الأبرياء.
بدوره استبعد أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين عوض أحمد سليمان في حديث للجزيرة نت أن يؤدي العنف المحتمل في الانتخابات إلى تأجيلها “لأنها ذات طابع دولي وهو الذي يضغط باتجاه إجرائها في موعدها”.
وقال إن مصلحة المؤتمر الوطني هي بإقامة الانتخابات في موعدها بسبب سيطرته على مفاصل الدولة، معتبرا أن المرحلة المقبلة بما فيها من مشكلات ربما تكون أفضل مناخ للوطني لإنجاز العملية الانتخابية، وبالتالي فإن العنف أو أي توترات قد تحدث لن يعطل الانتخابات إلا بموافقة المؤتمر نفسه والحركة الشعبية.
مواقع أخرى
وذكر آدم أن هناك مواقع أخرى غير المواقع المعروفة تتوفر فيها عوامل اندلاع العنف “ليس بسبب الانتخابات وإنما لغياب المؤسسية في العمل السياسي بجانب غياب الشفافية والمصداقية”، مشيرا إلى إمكانية استفادة الحركة الشعبية من أي فوضى في الجنوب “بينما سيتعامل المؤتمر الوطني مع حلفائه الضعفاء لحين قيام الانتخابات بانتهازية”.
وتوقع اندلاع العنف عقب الانتخابات من أي قوى سياسية إذا جاءت نتائج الانتخابات مخيبة لآمالها خاصة في مناطق نفوذها.
أما الخبير السياسي الأمين عبد الرازق فاعتبر أن إجراء الانتخابات في وجود مهددات أمنية يصبح غير مفيد للسودان، مشيرا إلى أن المهددات المتوقعة “ربما جاءت بنتائج عكسية”.
سلام جديد
وقال للجزيرة نت إن التهديدات الأمنية ستحول دون وصول القوى السياسية لقواعدها “وبالتالي لن تتمكن من التفاعل سياسيا في كافة المستويات”.
ونصح عبد الرازق بالتوصل لاتفاق سلام جديد في دارفور يستوعب حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور “وهذا نفسه سيكون بعيد المنال لأنه يهدد حظوظ المؤتمر الوطني في الفوز بحكم البلاد من جديد”.
واعتبر أن توقيع سلام في دارفور قبل الانتخابات يعني دخول منافسين آخرين للمؤتمر الوطني في دارفور، مشيرا إلى أن المناطق المحددة بأنها مناطق نزاع “هي في حقيقة الأمر مناطق خارج نفوذ المؤتمر الوطني”.
ومن جهته اعتبر أستاذ الدراسات الأفريقية بجامعة أفريقيا كمال جاه الله أن التهجير القسري والقلق والإهانة وانعدام الخدمات يعمق الآثار النفسية والاجتماعية مما يترتب عليه الإحساس بالغبن والرغبة في الانتقام في أي فرصة مواتية، مشيرا إلى وجود البيئة الملائمة للعنف والتخريب.
عماد عبد الهادي-الخرطوم
الجزيرة نت