الطريق إلى الخرطوم وحتمية فرز الصفوف …./ بقلم حسن إبراهيم فضل.

الطريق إلى الخرطوم وحتمية فرز الصفوف …./ بقلم حسن إبراهيم فضل.

يجدر  بي والشعب السوداني والشرفاء من أبناء وطني يحيون هذه الأيام مناسبتين عظيمتين , الأولى هي  ذكرى مولد سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد بن عبدالله المصطفى المختار , الذي ولد عام الفيل ذلك العام الذي غزا فيه أبرهة الأشرم (أبرهة الحبشي ) الكعبة المشرفة,والذكرى الثانية هي  أربعينية  البطل المقدام الشهيد المشير الدكتور خليل إبراهيم محمد , الذي اغتيل غدرا بواسطة  أبرهة الراقص وزمرة من خارج السودان ,فسقط الشهيد واقفا مدافعا عن مقدرات وآمال الشعب السوداني  ,فالمناسبتين لرجلين لكل منهما مشروع كبير للإصلاح  , واتى كل منهما ببرنامج لتغيير واقع مرير وخلل كبير في المجتمع الذي يعيش فيه وبنائه الروحي والعقدي والسياسي ,فاجتماع النقيضين اعني هنا الاحتفال بمولد الذي يحمل الفرح المطلق , والتفاعل مع ذكرى الشهادة و الرحيل الأبدي الذي يحمل الحزن الفرح,  رغم أن رحيل البطل يجب ألا يحزن فيه لان سيرته يكفي بان يبهج المجتمع والعالم دهورا من السنين , و رحيل رجل بقامة الدكتور خليل له طعم آخر يستلهم الناس العبر في رحيله وسيرته.

لست في موقع مقارنة ما بين رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم , وبين قائدنا الملهم الشهيد المشير دكتور خليل إبراهيم محمد , ولكن الواقع الذي كان عليه مجتمع الجزيرة العربية وما يعيشه مجتمعنا السوداني , هي ذات الملامح وان كانت حاجات الناس والواقع من حيث  الزمان  والمكان فيه كثير من الفروق  ,فليس من المصادفة بان يغزو أبرهة الأشرم الكعبة في ذات السنة التي ولد فيها مخلص العالمين من التيه والضلال ,كما أن ليس من  المصادفة أن  يؤسس القوى الثورية في ذات السنة التي يستشهد فيه المشير خليل إبراهيم , لا شك أن هناك حكمة في تناغم هذه الأحداث , وان قدسية وأهمية كلا الهدفين كان دافعا مهما في أن يحدث التغيير. فإذا كانت الكعبة وجهة كل الأمصار في الجزيرة فان مشروع المشير دكتور خليل كان أمل كل الطامحين لغد أفضل خالي من الفساد والمفسدين في السودان .  كما أن لهجوم أبرهة الأشرم على الكعبة دور في إن وحدت قلوب الناس على شناعة ذلك السلوك باعتباره غير مألوف على مجتمعهم , بذات القدر إن جريمة أبرهة الراقص وصحبه الأبكم ومن شاركهم في الجريمة وحدت رأي الشعب السوداني على ضرورة التغيير وعلى مشروع العدل والمساواة الكبير , ونبههم إلى ظاهرة خطيرة وهي الاغتيالات السياسية فهي  دخيلة على المجتمع السياسي السوداني . فان أبرهة الراقص وصحبه نسوا أو تناسوا في غمرة التخبط والإحباط الذي يعيشونه أن لمشروع المشير الشهيد  جنود يحمونه , فان  قتل خليل فملايين من الخليل يحملون ذات العزيمة و والإصرار في انجاز المشروع , كما كان أبو طالب يقول للأشرم الأول , للكعبة رب يحميه وصدق فيما قال , والعدل والمساواة صدقت عندما لم تستسلم لصدمة الفجيعة رغم هولها بل تقدمت خطوات في إطار مؤسسية فريدة فهبوا من كل حدب وصوب وتحت مظلة جامعة (معا لانجاز مشروع الشهيد ) فقتلوا أحلام الراقصين وماتوا بغيظهم ولم يجدوا شيئا غير أنهم اخذوا يشككون في انعقاد المؤتمر تارة وتارة أخرى في موقع انعقاد المؤتمر , مع أن  الأهم في الأمر  ولكل عاقل هو ما خرج عن المؤتمر وعن الذين حضروا وهل عقد هذا المؤتمر بشكله المؤسسي أم لا ؟

ولا شك أن مخرجات تلك التظاهرة كما قال احد المراقبين إن العدل والمساواة أثبتت أنها مؤسسة , بسلاسة الانتقال في مؤسساتها والجرأة في اتخاذ قراراتها , فالتحية خالصة لكل أبطال هذا الشعب الأبي أنى وأين ما كانوا وأحي روح الشهيد الذي يظللنا ويلهمنا العبر ويعطينا الزاد والعدة في أن نمضي إلى انجاز المشروع الكبير الذي خطه البطل  , وسطر من أجله حروفا ستظل محفورة في عقولنا  وستظل روحه  ملهمنا في سكناتنا وحركاتنا وفي كل خطوة نخطوها ويزيدنا كل يوم إصرارا في أن نتمسك بهذا المشروع الكبير  , الذي نعتقد انه مشروع الخلاص وهو الطريق الوحيد الموصل إلى أن يكون السودان وان يبقى ما بقي منه , وان نحتفظ بعلاقات ملئها الدفيء والاحترام مع جيراننا سيما الجنوب الحبيب الذي رحل عنا بفعل صلف هذا النظام .

أعود فأقول هذه إشارات على الطريق وإلا فان محور حديثي  حول الطريق إلى الخرطوم وضرورة إسقاط واجتثاث هذا النظام  وبلا رجعة , ولا شك إن كل المعطيات الآن في الساحة السودانية مهيأة لذلك , فالفساد المالي والإداري ازكم الأنوف ,تفكك النسيج والعقد الاجتماعي بين مكونات الشعب والفساد الأخلاقي وعبارات تطلق لا تليق باي فرد مهما فسد أخلاقه وجهله لكن تلك العبارات أصبحت  جزءا أصيلا من قاموس السياسة السودانية ومن أعلى قمتها , مما حدا بأحد ممثلي النظام في الخارج أن  رأي في وصف حكومة الجنوب عملية  استيلاء حكومة المؤتمر الوطني على بتروله بأنها عملية سرقة رأى ذلك الدبلوماسي أن عبارة سرقة عبارة غير دبلوماسية لكنه لا يرى في (لحس والكوع والمجتمع الدولي تحت جزمتي والدايرنا يجي يلاقينا ) هذه العبارات السوقية عند هؤلاء قمة في الدبلوماسية !!! ,فالبلد يترنح في كل جوانبه والتدهور الاقتصادي بلغ مبلغا يصعب ان لم يكن مستحيلا إيقافه , بعد ان عمد النظام إلى افتعال المشاكل  مع جمهورية جنوب السودان  للهروب مما يعانيه من تململ داخل الحزب الحاكم وسيل المذكرات المضروبة منها والجادة كتلك التي صدرت عن العسكر , والسقط من بعض المنتفعين الذين لم يجدوا حظهم في كعكعة  الحكومة المريضة  التي قصد منها إشراك المهرولين والمناضلين بما يسمى بالنضال الناعم ليخرجوهم من دائرة الرمادية إلى دائرة المشاركة في الجريمة , لان اليوم النظام يبحث فيمن يشاركه الجرم ,لان فشل النظام في أن يحمل الآخرين فصله للجنوب , وسعيه الدءوب في إجبار بعض الخانعين بضرورة انفصال دارفور , الذي يمثل قمة في الغباء السياسي لأنني أرى فيمن ينادي  بفصل دارفور عن عمقه السوداني  كمن يصارع إلى  جعل الشمس يشرق من مغربها 0 فدارفور هو السودان , وأي حديث في هذا الإطار يعتبر ضربة لا تغتفر وهي محاولة لإجهاض مشروع كبير يطمح إليه الشعب السوداني في سودان جديد قوامه العدالة الاجتماعية بين مكوناته ومساواة بين الجميع  أساس هذه العدالة هي  المواطنة , فأولئك الذين يحصرون أنفسهم بالحل في دارفور اعتقد أن دارفور أو النيل الازرق أو شرقنا الحبيب هي عناوين بارزة لمشكلة أكثر عمقا وهي ضرورة تغيير المركز , وسدنة المركز لان خطورة سدنة المركز والمحذرين من قدوم الهامش بهذه الصورة الدافعة اعتقد إن هؤلاء السدنة أكثر ضررا من الراقصين المفتتين أنفسهم.

فالنظام اليوم اوهن من بيت العنكبوت وأحقر من أن ينفذ إلى أي محيط فهو نظام معزول دوليا وإقليميا وداخليا لا شعبية له إلا شعبية الدولارات التي تنشط وتختفي باختفاء تلك الدولارات . , النظام فقد محيطه العربي بوقوفه مع إيران وقوى الإرهاب ضد مصالح الأشقاء في الخليج , وما غياب مهندس مهزلة الدوحة عن تشييع دوحة السيسي إلى مثواه الأخير  الذي يتمحور في توظيف البعض وعودة الآخرين إلى الغابة إلا دليلا دامغا  على ما نقول , النظام وقف مع طاغية الشام ضد إرادة أبناء الشعب السوري الشقيق , فلم يقف معه في هذا الجرم في الجامعة العربية إلا تلك الدول التي تدور في فلك  إيران فاليوم  يلتقي قائد فيلق القدس في دمشق  مع مدير استخبارات الأسد  من اجل ماذا من اجل استقدام 1500 ألف وخمسمائة عنصر من فيلق القدس لقمع أشقائنا في سوريا و بعد فيتو القتل من روسيا والصين ودعم من الراقص  ومن وقف إلى جانبه , وهي ذات الدول التي ساهمت في عملية الإبادة الجماعية في دارفور واليوم ينفذونها في حمص وحلب وادلب , بذات الآليات , ومن سخرية الأقدار أن يكون الدابي الذي كان شاهدا ومشاركا في الإبادة في دارفور اليوم شاهدا على الإبادة والمجازر في سوريا الحبيبة.

فالنظام أصبح يدور حول نفسه , ويطعن في شرعية بعض أعضاء حزبه تارة يتحدث عن فوز لذلك الوالي وبأغلبية يعلم الجميع انعدام وجودها وسرعان ما ينقلب كبيرهم على تلك الشرعية المدعى عليه ليقول وعلى الملأ أن ذلك الرجل أو هذا رسب في الانتخابات ووسط أهله إلا أن الحزب فوزه , لينطلق شرارة الخلاص في بقعة مشهودة لها بالانتفاضات ومهيأة كذلك , واعتقد ان قوى المعارضة فرطت في فرصة كبيرة جدا للخلاص الا وهي  فانتفاضة  نيالا البحير ( حماها الله من كل شين) , رغم انه  نتاج عن ازاحة طبيعية للرماد الذي كان يخفي الكثير من الخلافات بين شرذمة النظام الا ان الذي يؤخذ على قوى المعارضة انها لم تستثمر ذلك واعتقد الفرص لا تكون مواتية في كل الوقت وكذلك ما يجري في ولاية القضارف  والمحاولات اليائسة لإخفاء الأزمة ولو هرول الراقص إلى زيارة الولاية لإضفاء روح اللا خلاف إلا أن الحقيقة أن الولاية تغلي  ومن داخل مؤتمر الشرذمة ناهيك عن شرفاء القوى السياسية التي تعمل بجد للخلاص من هذا النظام.

إن  الطريق إلى الخرطوم أو إلى إسقاط النظام يحتم على كل القوى التي تسعى إلى خلاص الشعب السوداني أن تتخذ عدة مواقف ضرورية في إطار هذا العمل , واعتقد أن أولى هذه الخطوات يجب أن تتمايز الصفوف ويجب أن يعرف من يقف مع مشروع الخلاص ومن يقف ضد هذا المشروع , لا مكان للمواقف الرمادية , ببساطة لان هذه المواقف الرمادية هي اخطر على مشروع الجبهة الثورية وقوى تحالف الأحزاب لإسقاط النظام من موقف النظام نفسه , الوضع الحالي  يفرض على الجميع أن يكون هناك فرز واضح بين ما يسمى بالنضال الناعم والمواقف الضبابية وبين المواقف التي تدعو إلى إسقاط النظام وبكل السبل , اعتقد جازما من لا يؤمن بالقوة لإسقاط النظام فهو بالضرورة في صف الرماديين ولا مكان للرماديين في هذا الظرف التاريخي الذي يمر به البلاد في أن يبقى , ومن يحلم بان يذهب هذا النظام دون بحور من الدماء فانه ينتظر كثيرا , ولا وقت للانتظار وعلينا أن نتقدم هذه الدماء التي يجب أن تراق مهرا للقضية ولعهدنا مع الشعب السوداني الذي عاهدناه على انتزاع حقوقه والشعب أوفى معنا فعلينا أن نفي بوعدنا.

فالمطلوب الآن من قوى تحالف الجبهة الثورية خصوصا والتي اعتقد أنها  الأقدر على  أن يتقدم خطوات في هذا الإطار أن  يصدع وبصوت عال من ليس معنا فهو بالضرورة ضدنا , إما أن يصار إلى موقف موحد نحو إسقاط النظام بقوة السلاح ومن ثم الحوار بعده أو أن يتمايز الصفوف بين الموقفين.  وعلى الرفاق في حركة العدل والمساواة على وجه الخصوص والأشاوس القابضين على الزناد , أقول إن دم الشهيد أمانة في أعناقنا جميعا , والقصاص له فرض عين على الجميع وفي مسارين ضروريين يجب أن يسيران في آن  واحد , القصاص على قاعدة السن بالسن والعين بالعين وان يسقى النظام من ذلك الكأس ويجب أن يفي أي من أعضاء الحركة بالأمانة الملقى على عاتقه و الوفاء بذلك العهد ,أما المسار الآخر فهو القصاص عن طريق انجاز مشروع الشهيد  , والمضي قدما دون الالتفات لما جرى بل أن يضع كل منا جرم وفجيعة استشهاد المشير نبراسا ينير لنا الطريق , وان نقولها داوية لأخواتنا اشتة و حلوم وخديجة لا تمشطي فموعد مشاطك يوم أن  نأتي إليك  بقدح رأس الراقص لتشربين الزلال به عندها فمشطي  وانطلقي حيث شئت  وذلك عهد علي إما أن أنجزه أو  انضم إلى ركب من يجب يقتص لهم  , فهيا أيها الرفاق وإلا فلا أنصاف للحلول.

بقلم حسن إبراهيم فضل.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *