تسعى ليبيا المنتشية بانتصاراتها الدبلوماسية الى التوصل الى حلول او على الأقل تقريب وجهات النظر بين الفصائل المتنازعة في الملفات الأفريقية خلال قمة خاصة تحتضنها طرابلس وتسبق الاحتفالات المرتبطة بالذكرى الأربعين لثورة الفاتح من سبتمبر.
ويأمل الزعيم الليبي ورئيس الاتحاد الافريقي معمر القذافي أن يتواصل النشاط المكثف للدبلوماسية الليبية في الآونة الأخيرة الى حلول لأكثر النزاعات الافريقية تعقيدا في كل من دارفور والصومال.
وكانت الدبلوماسية الليبية قد نجحت مؤخرا في تحقيق نجاحات مدوية بعد التوصل الى الافراج عن المواطن الليبي عبد الباسط المقرحي الذي يواجه عقوبة السجن مدى الحياة في قضية تفجيرات لوكربي باسكتلندا. وفي نفس الأسبوع توصلت طرابلس كذلك الى تسوية دبلوماسية مع بيرن بشأن قضية ايقاف نجل الزعيم الليبي هانيبال القذافي وزوجته في احد الفنادق السويسرية واضطر الرئيس السويسري الذي زار طرابلس الى تقديم اعتذاراته كاملة للشعب الليبي.
وعززت تلك النجاحات السياسية من امكانية توفق الوساطة الليبية في تذليل أخطر الأزمات التي تعاني منها القارة في اقليم دارفور السوداني وفي الصومال.
وقبل انعقاد القمة اشاد الموفد الأمريكي الى السودان سكوت غرايشن بالدور “الايجابي جدا” الذي تضطلع به الدبلوماسية الليبية في ملف النزاع في دارفور وتداعياته في تشاد، وذلك بعدما التقى مسؤولين مصريين وليبيين وسودانيين على هامش قمة رباعية في القاهرة.
وصرح غرايشن للصحافيين “انا معجب وممتن كثيرا للدور الذي يؤديه الليبيون”، لافتا الى جهود طرابلس لدفع الفصائل المتمردة في دارفور الى التوحد تمهيدا للتفاوض حول السلام واحتواء التوتر بين الخرطوم ونجامينا.
واضاف ان “الليبيين يؤدون دورا ايجابيا جدا ونحن فخورون بشراكتنا معهم” حول هذه الملفات.
وكانت القاهرة قد احتضنت لقاء رباعيا تشاوريا بين مصر وليبيا والسودان والولايات المتحدة لبحث مستقبل السلام في السودان قبل القمة المخصصة لحل النزاعات الافرقية أواخر الشهر في ليبيا ومحادثات الدوحة القادمة.
وكان زعيم حركة العدل والمساواة في إقليم دارفورد. خليل إبراهيم قد اكد بدوره في طرابلس أن الحركة تريد سلاما عادلا منصفا وليس سلاما مؤقتا، مشيرا إلى أنها حركة قومية تحب السودان والوحدة وأنها ضد الانفصال، ولا تطالب به على الإطلاق.
جاء ذلك في كلمة له خلال استقبال الزعيم الليبي ورئيس الاتحاد الافريقي معمر القذافي لوفد من حركة العدل والمساواة يضم قيادات الحركة من عسكريين وسياسيين ومدنيين بطرابلس.
من جانبه أعرب القذافي عن أسفه الشديد أن تكون دارفور “ديار حرب وعدم أمان ونهب ومشردين ولاجئين ونازحين” مؤكدا أن السلام في دارفور لمصلحة أبناء الإقليم ومن أجل أولادهم وعائلاتهم ونسائهم وأطفالهم.
ونوه إلى أن قضية دارفور ستتصدر جدول أعمال القمة الإفريقية المخصصة لحل النزاعات الإفريقية الساخنة التي من المقرر أن تعقد في طرابلس يوم الحادي والثلاثين من الشهر الجاري.
ونشطت الدبلوماسية الليبية بشكل مكثف في الفترة الأخيرة لتحريك عملية السلام في دارفور، وجمعت في وقت سابق في طرابلس مسؤولين من الخرطوم وواشنطن والدوحة والوساطة الأممية – الأفريقية المشتركة في أزمة الإقليم، الى جانب ممثلين من قادة فصائل المتمردين، في مسعى لإقرار اتفاق إطار يشمل وقفاً للنار مطلع الشهر المقبل.
ووضع الصراع في دارفور الذي استمر ست سنوات ميليشيات موالية للحكومة وقوات حكومية في مواجهة متمردين معظمهم من أصول غير عربية حملوا السلاح عام 2003 مطالبين بتمثيل افضل ومتهمين الخرطوم بإهمال التنمية بالمنطقة.
وتتراوح تقديرات عدد القتلى في دارفور بين عشرة آلاف وهو العدد الذي تذكره الخرطوم و300 الف وفقا لبيانات الامم المتحدة. ويقول عمال إغاثة إن أكثر من 2.7 مليون شخص نزحوا عن ديارهم من جراء القتال.
وصرح مارتن لوثر اجواي قائد القوة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي “يوناميد” للصحفيين في الخرطوم بأن الصراع هبط الآن الى مستوى اللصوصية وأن اشتباكات “منخفضة الكثافة للغاية” قد تستمر في المنطقة النائية بغرب السودان لسنوات اذا لم يتم التوصل لاتفاق للسلام.
وقال في مؤتمر صحفي عقد في الخرطوم الأربعاء “في الوقت الحالي لا أستطيع أن أقول إن هناك حربا في دارفور.
“عسكريا ليس هناك الكثير. ما لدينا هي قضايا امنية اكثر الآن. اللصوصية والقضايا المحلية ومحاولة الناس حل المشاكل على المياه والأرض على مستوى محلي. لكنها ليست حربا حقيقية. أعتقد أننا تجاوزنا ذلك.”
وأصبح اجواي فيما يبدو أحدث شخصية بارزة تقلل من شأن مستوى العنف في الوقت الحالي بدارفور حيث استقطب الصراع اهتمام العالم وحشد النشطاء الذين اتهموا الخرطوم بالإبادة الجماعية.
وتساند القوى الغربية قرار المحكمة الجنائية الدولية في قرارها باعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير بتهمة الابادة وارتكاب جرائم حرب في دارفور وهو قرار ترفضه بشدة الدول العربية والاتحاد الافريقي.
ويريد الزعيم الليبي ورئيس الاتحاد الافريقي معمر القذافي قطع الطريق امام القوى الدولية التي تمارس ضغوطا مستمرة على السودان ما قد يهدد بتقسيمه وزعزعة الاستقرار في كامل المنطقة.
ونجح القذافي بالفعل في جمع ثمانية فصائل متمردة الى جانب حركة العدل والمساواة، حركة التمرد الرئيسية، على طاولة المفاوضات قبل القمة التي تنعقد في الحادي والثلاثين من الشهر الجاري وسيكون ذلك تمهيدا للتوصل الى اتفاق اطار للسلام الشامل في الجولة المقبلة من المفاوضات.
وكل ما يأمله السودان الآن هو ان تكون احتفالات الفاتح طالع خير عليه لتنهي أخطر أزمة سياسية تهدد مستقبل الدولة.
العرب الأسبوعي