لابد من التعمق في تحليل خطاب الرئيس السوداني عمر البشير في فاتحة أعمال الدورة العاشرة والأخيرة لبرلمان حزبه, الذي جاء بعد طول انتظار من مليشياته, وأختلف تماما مع الرؤية المحلية والإقليمية والدولية علي أنه خطاب يقوم علي إنكار للواقع, وأنه لم يقدم جديدا, وبلا أي مبادرات حقيقية وعملية.
المنطق الاتحاد الافريقي والعقلية الدولية تقوم علي المفهوم البراغماتي العملي الذي يقول” إن المنطق يحتم أن يعكس الخطاب السياسي طبيعة وحقيقة الوضع السياسي والعسكري الذي تفرضه الأوضاع علي الأرض”.
وهذا يعني أن حقيقة الوضع القتالي المتردية لمليشيات الرئيس السوداني كان يجب أن تعكس أي مرونة سياسية للتفاوض. هذا هو المنطق التعارف عليه, لكنه ليس منطق حزب المؤتمر الوطني السوداني.
كان الرئيس السوداني يزداد تشددا كلما خسر معركة تلو الأخري في حربه مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة المناضل الدكتور جون قرنق في جنوب السودان. وكان يزيد من علو الصوت السياسي والتهديد الأمني للولايات المتحدة وإسرائيل ويوغندا كلما ساء الأداء العسكري لقواته في حرب الاهلية.
إن قانون المنطق الإخواني- الحركة الاسلامية السودانية- هو: استمر في التشدد الي ما لا نهاية لأن قوتك هي في الرفض الدائم وليس في الرغبة في التفاوض أو المقايضة.
من هنا فإن فهمي المتواضع لخطاب الرئيس البشير يقوم علي النتائج التالية:
1) أن الرجل باق ولن يرحل.
2) أن عمر البشير يعد نفسه للاستمرار في الحكم من خلال مشروع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين.
3) أن الرئيس إذا كان لم يهزم عسكريا بعد لأن الدعم العسكري لمليشيات ما زال قائما, فهو أيضا لم ينتصر ولم يسحق أعداءه. إذن عمر يتصرف من منطق غير المنتصر وغير المهزوم الذي يعد العدة لمشروع” الرحيل الي الداخل”.
الرجل إلي” الداخل” يعني أن نسمع البيان رقم أثنين من الخرطوم لمشروع الحضاري بصوت الجنرال عمر معلنا استمراره للكفاح والنضال ضد” المجرمين والعملاء والخونة” وقائمة الشتائم للاسلاميين معروفة وكثيرة.
لا يمكن لعمر أن يرحل الي الخارج بعد أن وصلت فاتورة خسائره الي أكثر من 580 ألف قتيل وعشرات آلاف جريح وثمانية ملايين مهاجر ونازح داخل الوطن وخارجه, وهو مطلوب لدي محكمة جنائيات الدولية. إن ما يحدث الآن في السودان هو عملية تطهير عرقي يهدف تحضير البلاد لخارطة جديدة.
السؤال المهم: هل الاتحاد الافريقي علي استعداد للتفاوض علي نصف السودان أم تريد المحافظة علي السودان بحدوده التاريخية؟!
احمد قارديا حميس
[email protected]