قاتلو غرانفيل (خاطئون) والشريعة (تبيح) قتل المسلم بالكافر
الفتوى الخلافية غير ملزمة لأحد والمجمع الفقهي حاول وفشل
على الذين أدوا “صلاة الغائب” على (بن لادن) أن يستحوا!
على نسق مختلف من جل الدعاة الدينيين وقادة الدعوة الإسلامية بالسودان، شغل رئيس حزب الوسط الإسلامي عضو هيئة علماء المسلمين الدكتور يوسف الكودة الأوساط برؤيته حيال انتقال روح زعيم القاعدة اسامة بن لادن الى العالم الآخر، كان الكودة الأكثر انتقاداً لمسلك الدعاة الآخرين والجماعات الإسلامية المتعددة في البلاد والتي صلت على بن لادن (صلاة الغائب) وصنفته (شهيدا)، غير أن الكودة مضى لمنحى آخر بصراحة يحسد عليها بعد سيادة ثقافة التكفير في عصر التفكير، (الأحداث) حاولت سبر الأغوار المتباينة لقضايا كثيرة عن المفاهيم المتطرفة والمروَّج لها بكثافة مع الرجل لتخرج من صدره هواءً ساخناً ربما سيكون له فعل السحر على الجماعات المتطرفة والرؤى الدينية النازقة.. وتطرقت المقابلة لمواضيع شتى من لدن التكفير والدولة الإسلامية والفتاوى تحت الطلب وغيرها من أغلاظ الاسئلة التي لم يتوانى الرجل في الإجابة عليها التي تجدونها تالياً بالحوار.
حوار: خالد فتحي: عبير عبد الله
ــ نبدأ بحديث الرسول (ص) “أجرأكم على الفتية أجرأكم على النار” وفي الآونة الأخيرة برز بصورة واضحة الكثير من الفتاوى التي تبث في أجهزة الإعلام فما رأيك في هذا؟
عندما يشكو الناس من مسألة عدم الانضباط في الفتوى والتجاوز فإنني دائماً أقول انهم يعالجون المسألة بالمطالبة بإيقاف كل الناس في التلفاز أو الراديو ويذكرون انه لا يجوز أن يتحدث كل إنسان ، لكنني ارى أن معالجة هذا الأمر بتلك الطريقة ت باهظ الكلفة وان العلاج لاينبغي ان يكون بهذه الصورة، ولا بد أن يفرق بين الداعية والمفتي، واذا ما فرقنا بينهما فمن الممكن أن نعالج المسألة، الداعية لا يجوز له أن يفتي لكن يقول قال الله وقال الرسول في قضية متفق عليها وأنه من الممكن أن يتحدث عن الصلاة، الصيام، يذكر الناس بالدين هذا محق فيه استناداً على قول الرسول (ص) “بلغوا عنى ولو آية” ويمكن أن يحاجج في ذلك فالمنابر ينبغي عليها أن تميز من هو الداعية الذي تسمح له ببرنامج يتناسب مع علمه ومن هو المفتي الذي تسمح له أن يظهر على المنابر ويجيب على أسئلة السائلين، والمفتي غير الداعية لكن للأسف الشديد الناس كلهم يظنون أنهم مفتون وهذا هو الإشكال.
ــ هذا يقودنا لسؤال هل الفتوى ملزمة لأحد بالتخصيص في شؤون الحكم والسياسة وهل هي ملزمة للسلطان؟
الفتوى غير ملزمة نهائياً لأي شخص، الفتوى والقول في الدين في الأمور الخلافية المبني فيها الخلاف على اجتهاد لا يجوز الإلزام فيها والإنكار فيها ولا أمر معروف فيها ولا يترتب عليها ما يترتب على بقية المتفق عليها من حب وبغض وسائر هذه الأشياء، لكن الفتوى أو الحكم المتفق عليه بين العلماء ملزم للمسلمين وللدولة، فلذلك فرَّق العلماء ما بين ما هو متفق عليه وما هو غير ذلك.
ــ ما هي شروط الاتفاق؟
ليس هنالك شيء يسمى شروط اتفاق. فالحديث يكون صحيح، والآية تكون واضحة قطعية الدلالة والحديث صحيح السند لا يحتمل أي معنى آخر أو دلالات أخرى وما هو غير ذلك فهو غير متفق عليه.
ــ سبق وأن دار جدل كثيف حول قبول القروض ذات الفوائد الربوية، ما هو وجه الاتفاق أو الاختلاف في مثل هذا؟
أريد أن أُقرر لك بالتقريب، المتفق عليه واضح للناس مثل الصلاة، الصيام، الوقوف بعرفة، هذه أمثلة، لكن هنالك العديد من الأمور غير المتفق عليها والتي بها الخلاف سائدا وهذا هو الذي لا يجوز أن نلزم الآخرين به وهذا ما يسمى بأن لا يجوز حمل الآخر على المذهب وعلى الاختيارات الفقهية فهو حر باختيار الدين واختيار العالم الفقهي. فإذا كان الأمر لا يزيد على انه اختيار فقيه فهذا الاختيار به حوار ونقاش وليس به نوع من الإلزام.
ــ حتى في شؤون الحكم والسياسة؟
السياسة بالذات هي من أوسع المناطق التي تسمح فيها بالرأي الآخر ومن أوسع المساحات القابلة للتقدير، السياسة كما عرفها “بن القيم” قال هي كل فعل يكون معه ناس أقرب الى الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم يصنعه الرسول (ص) ولا نزل به وحي، السياسة أغلبها تقديري وفيها مقطوع به لكن أغلب الأمور السياسية تقديرية.
ــ سبق وأن احتجَّ المجمع الفقهي على أنه يجب أن تكون الفتاوى التي يصدرها ملزمة للدولة؟
حاول المجمع الفقهي أن ينسق مع الدولة لأن تعمل بفتواه لكن حتى الآن الذي أعلمه أن هذا الأمر لم يتم.
ــ هل تتفق معنا في أن المجمع الفقهى كان يبحث عن دور أشبه بدور “ولاية الفقيه”؟
أنا لا أقول إنه يبحث عن دور أشبه بولاية الفقيه لكن هو حال الناس دائماً والمؤسسات سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات يريد الإنسان أن يمضي رأيه هو وفقهه هو الذي يسود ويرى أن ذلك هو الأصلح للناس ويرى انه طالما سئل ينبغى أن يعمل برأيه، لكن نعود ونقول لا يجوز في القضايا الجهادية الخلافية أن نلزم فيها الآخرين وإنما نترك لهم الآراء المختلفة وربما ننصح ولكن لا نلزم.
ــ كثيرون اتهموا البعض هيئة علماء السودان أنها تصدر فتاوى حسب الطلب؟
هذه شبهة ليس لدي عليها دليل، ولكن أسمع اتهامات بأن المؤسسة أقرب الى النظام من انها مستقلة. لذلك تجد قيام مؤسسات أخرى موازية لها كالرابطة الشرعية لعلماء المسلمين أساس قيامها ان هيئة علماء السودان لا ترضي طموحاتهم وهي أقرب الى النظام من كونها جهة مستقلة.
ــ البعض يتهم الرابطة الشرعية لعلماء السودان بأنها الأكثر تشدداً من هيئة علماء السودان؟
نحن نقدر الرأي الآخر ونحترمه لكننا أيضاً نلاحظ أن هنالك بعض الآراء التي يمكن أن يصفها الناس بالشدة تصدر من الرابطة الشرعية لعلماء السودان وآخر ما ناقشناه مع الدكتور “علاء الدين الزاكي” على قناة النيل الأزرق بأنه يحرم ما اتفق عليه الناس في نيفاشا بأنه يمكن أن يسمح للناس بالتصويت لصالح الانفصال وهو يرى أن هذا لا يجوز، ناقشنا هذا معه واختلفنا معه على الملأ على برنامج “حتى تكتمل الصورة” وأنا في رأيي أن هذا فيه شيء من التشدد.
ــ القانونيون على الدوام يثيرون نقطة تعذير غير المسلم لحد الخمر، من ناحية فقهية هل يجوز التعذير مع غير مسلم؟
الراجح أن الأقليات من مسيحيين أو يهود يسمح لهم بممارسة ما أُحل لهم من خمر أو أكل لحم الخنزير شريطة أن لا يكون في هذه الممارسات استفزازاً لمسلم، على أن يتحاكموا الى ما يريدون ويجب أن تتم مشاورتهم إذا أرادوا أن يتحاكموا بالشريعة وإذا أرادوا المحاكمة بقوانينهم فلهم ذلك، هذا رأي معتبر موجود في الشريعة الإسلامية.
ــ البعض يقول إن بعض الفقهاء ذهبوا الى تغريم المتلف لخمر الكتابي أو غير المسلم؟
نعم من يعتدي على ما يقدسونه هم وما يجيزه لهم دينهم من يعتدي عليه يضمن، بخلاف ما أوجد ذلك بين المسلمين، اذا وجدنا الخمر بين المسلمين فأتلفناها فالمسلم غير ضامن، ولا ضمان فيما هو غير ما يكون شرعا، لكن بالنسبة لأهل الكتاب المواطنين فمن حقهم أن يمارسوا هذه الأشياء دون أن يعتدي عليهم أحد واذا اعتدى عليهم أحد فهو ضامن بمعنى أنه مسؤول ومحاسب على ما أتلف مما هو حتى عند المسلمين غير جائز.
ــ هل تعتقد أن الفرصة أصبحت سانحة لتعديل أو مراجعة هذه المواد؟
ينبغي أن يكون هذا مقرراً وموجوداً أمام المسلمين الذين يعيش معهم غير المسلمين.
ــ هل هذا يعني أننا طوال الفترة التي مضت كنا على خطأ في هذه المسألة؟
نحن لسنا على خطأ في هذه المسألة فقط بل نحن على خطأ في الكثير من المسائل، نحن نشكو من الكثير وليس هذه النقطة فقط.
ــ لماذا لا تتم المراجعات؟
لا يمنعنا أن نراجع شيء لكننا دائماً نراجع ما هو ملح على الساحة وكلما تطرأ قضية نتحدث عنها.
ــ هل يجوز أخذ المسلم بغير المسلم قصاصا؟
نعم عند مذهب الإمام أبوحنيفة يقتل المسلم بغير المسلم.
ــ ماذا يقول الجمهور؟
الجمهور يقول بعكس ذلك، لكن نحن نرى أن الراجح دائماً هناك آراء وإن كان بها خلاف مع رأي الجمهور نرى أن آراء الجمهور تصبح مقدسة، إلا اذا كان هناك ما يقوي أن تقدير الناس ضعيف فمن الممكن حينها الأخذ بالرأي الآخر، مثال لذلك أن الجمهور يرى قراءة القرآن بوضوء، و أنا أرى أن هذا التفلت عن القرآن والبعد عنه بسبب فتوى هذا الجمهور
، لكن الفتوى المفيدة هي دعم الرأي القائل بأنه يمكن للإنسان أن يقرأ القرآن دون وضوء حتى نستطيع ترغيب الناس على قراءة المصحف وأن نشجعهم بدلاً من أن نكسلهم.
ــ ما رأيك فيما احتجَّ به الذين قتلوا الدبلوماسي الأمريكي غرانفيل وسائقه بأن القاضي أخطأ عندما أصدر حكماً عليهم بالإعدام قصاصاً ودافعوا بأنه لا يجوز أخذ المسلم بغير المسلم، هل هم محقون؟
لا ليسوا محقين، لأنه يمكن أن أقتل أنا مسلم تعذيرا.
ـ هل قتلة غرانفيل محقون في ذلك؟
نحن متفقين على انهم غير محقين، ليس هنالك عاقل يجيز هذا، وأنا أتساءل كيف تسمح دولة كالسودان مثلاً سفارتها في واشنطن أو في أي مكان آخر أن تعطي غير المسلم أو الأجنبي تأشيرة في السفارة ثم يأتي الى مطار الخرطوم ويعطى تأشيرة دخول ثم يذهب الى شعبة الأجانب ويعطى إقامة فيتتبعه مواطن يقتله.. هذا من أنكر المنكرات وأنا أقول أخف بكثير أن تقتل غير المسلم في بلده من أن تستدرجه وتقتله في بلدك، هذا يضر بالإسلام أيما ضرر فلذلك أنا اقول في الذين قتلوا غرانفيل هؤلاء لم يتوفقوا أبداً وهم مخطئون، نأتي في إشكال: هل يجوز قتلهم بغير المسلم هذا خلاف فقهي موجود، وأنا اقول بعيداً عن مسلم بمسلم أو مسلم بكافر أنا اقول إن القاضي من الممكن أن يقتل إنساناً تعذيراً لأنه أضرَّ بالبلد وجلب عليها فتناً ومشاكل، لذا فمن الممكن أن نقتله.. هذا المنطلق حتى إذا قلنا إن الإسلام لا يسمح أن يقاد المسلم بغير المسلم.
ــ هذا يقودنا الى الفتوى التي تستند عليها الجماعات الإسلامية وهي فتوى “التترس” يقولون إنها تأتي من ابن تيمية؟
ابن تيمية لم يقل ذلك.
ــ فتوى التترس هل تصلح الآن؟
وأين التترس في السودان، نحن لدينا دولة لها رئيس ولدينا حكومة تعطي الناس تأشيرات وتأمن الناس، فمن المتترس، أنصار السنة مثلاً يكون لديهم حق التترس، أو الإخوان المسلمين، نحن لدينا دولة وقانونا، التترس هذه من تصرفات سلطان، أن يتصرف السلطان للمصلحة وأن يستخدم التترس أو كل ما يجيزه له الشرع، هذه تصرفات سلطان وليست مجموعات، وجيوب هي أصلاً منبوذة أو معروفة.
ــ لكن حجتهم أن الولايات المتحدة عدو صائب لا بد من ملاحقته في كل مكان؟
هذا خطأ فاحش، لا يجب أن تضع الغرب ككل في سلة واحدة، هؤلاء الناس يمكن تقسيمهم كالآتي: منهم من هو ضد الإسلام حقيقة ولو كان الموت في يده لألقى به على المسلمين، ومنهم من لا يعرف عن الإسلام شيئا، ومنهم من هو متعاطف مع الاسلام، واذا قسمناهم هكذا نستطيع أن نتعامل معهم، الآن هنالك في الغرب منظمات ومراكز دراسات تناصر المسلمين ومنظمات لحقوق الإنسان وهي ترفض الظلم نهائيا، وأنا أقول بدلاً عن أن نخرج في مظاهرات، لو جمعنا هذه المراكز وعرفنا مواقعها وعناوينها ومواقعها لاستفدنا أكثر من أن نخرج في مظاهرات عندما يُساء الإسلام أو الرسول “ص”.
ــ هل كان أسامة بن لادن دائماً على خطأ؟
أنا لا أعرف شيئا اتفقَّ فيه مع بن لادن سوى انه رجل مخلص، صادق، مسلم، متضرر ومتألم من الظلم الواقع من الفيتو الامريكي، المنحاز لإسرائيل تجاه الفلسطينيين، لا أعرف له شيئا غير هذا، لكن تعبيره عن هذا الشعور واستخدامه لآليات كان بصورة غير مشروعة. بل كان ضاراً طوال فترة جهاده، هذا باستثناء الفترة التي ساعد وعمل جاهداً لإخراج السوفييت من افغانستان.
ــ لكنه وأصحابه يحتجون بأنهم لا يعتدون، وأفعالهم تأتي رداً على أفعال عدوهم؟
حتى الأفعال اذا كانت ردود فعل ينبغي أن تكون بالشرع، فلا يجوز أن أُكفر من كفرني فالتكفير حقٌ لله سبحانه وتعالى، ولا يجوز أن أكذب على من كذب علي وإلا قضيت على كل القيم الإسلامية، ولا يجوز أن أزني من زنا بموليتي، إذا اصبحت أنا رهن ردود الفعل لكل ما يحدث من قضايا غير شرعية وخاطئة وظالمة تجاه المسلم، أكون بذلك قد تنصلت وقضيت على كل القيم الإسلامية.، هم يقتلون نساءنا وأطفالنا وشيوخنا ويهدمون المساجد ونحن ممنوعين من ذلك، الرسول “ص” كان عندما يرسل للجهاد يقول لهم “لا تقتلوا وليدا، ولا امرأة، ولا شيخاً فانيا، ولا راهباً في كنيسته، ولا تقطعوا شجرة”، لكن إذا قصدنا المقاومة فنحن من المفروض أن نقاوم الاحتلال ونحاربه لكن بالطريق المشروع، وأن أحارب احتلال الحق، أنا لست مسؤولاً أن أعيد حق الآخرين بقدر ما أنني مسؤول من إعادة حقنا، الفلسطينيون يعيدون حقهم، يساعدهم الناس لا بأس في ذلك، كذلك الأفغان، والعراقيون، أنت تصارع وتقاتل لتُجلي المحتل من منطقة، ولديك هنا حق المقاومة وإخراج المحتل.
ــ هذا يقودنا لسؤال هل العمليات التي تقوم بها حماس في حق المدنيين الإسرائيليين هي خطأ؟
لا هذه جائزة، أنا أقول إن حماس أمرها يختلف عن المدنيين في أمريكا أو في أوربا، فبالنسبة لحماس فالإسرائيليون كلهم معسكرين، أنا لا أجيز قتل المدني لكن أبرر قتل الذي في ظاهره مدني وفي باطنه عسكري إسرائيلي. ثم ثانياً: غير أنه معسكر، هل أمريكا الآن تحتل واشنطن؟ وهل المدنيون فيها يحتلون قطعة أرض لشخص ما، حتى أقول لهم اقتلوه، لكن المدني الإسرائيلي حتى ولو سلمنا انه مدني فهو يحتل أرضا، والمدنى عندما يحتل أرضاً فأنا أموت في ذلك “ومن مات دون ماله فهو شهيد”، والأرض مال، لذا حتى على فرض انهم مدنيون فإنه يجوز قتلهم لأنهم احتلوا أرضاً لأناس آخرين.
ــ ما رأيك في إعجاب العامة الشديد بـ(بن لادن)؟
العاطفة عمرها لم تكن ديناً أو رأيا، ونحن نقدر عاطفة العامة لكن العيب أن تتملك هذه العاطفة العالم والفقيه والداعية، العاطفة يجب أن تتوج بعلم شرعي وفقه، أصلاً أنا لا أشك أن أهل القاعدة ما يحركهم عظيم، لكن وسيلتهم في التعبير غير عظيمة وسيئة وضارة وغير مشروعة، والعامة أحياناً يكون عندهم أمر الإعجاب هذا في منطقة اللاوعي فلا يقبلوا فيه نقاشا، والكثير من محبي بن لادن حبهم الآن يكمن ويجلس في منطقة اللاوعي ويمنع أي نقاش في هذه القضية كغيرها من القضايا، وبالتالي أصبحت المسألة مثل الثقافة الشعبية.
ــ هل هي هوى نفس؟
ليس هذا بل أقول آراء، فهوى النفس هو أن تعرف أن الأمر غير جائز شرعاً لكنك تهواه وتحبه لمصلحة ما تقدرها أنت، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه عاطفة غير مقرونة وغير متوجة بعلم شرعي أو فقهي سليم.
ــ حدثنا عن الرأي الفقهي في صلاة الغائب التي أقيمت عليه؟
صلاة الغائب حتى غير الشهيد مختلف فيها فضلاً عن الشهيد الذي ورد أن الرسول “ص” دفن شهداء أحد ولم يصلِ عليهم، فصلاة الغائب لغير الشهيد الذي يجب أن يُصلى عليه مختلف فيها. أما الصلاة على الميت العادي الذي يجب أن يُصلى عليه فإذا ثبتت الصلاة عليه فيقول العلماء أنه لا يجوز الصلاة عليه مرة أخرى، والمتواتر أن بن لادن صلَّى عليه المسلمون في الجيش الأمريكي، إذن فإن كان بن لادن غير شهيد ومسلم عادي فقد صلوا عليه فلا تجب شرعاً الصلاة عليه مرة أخرى، وإذا كان شهيداً فالأحاديث الأخرى تقول لا يُصلى على الشهيد. انظر “فتح الباري في شرح صحيح البخاري”، الحديث رقم (1278) في باب الصلاة على الشهيد، يقول من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، “كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول أيهما أكثر أخذاً للقرآن فإذا أشير الى أحدهما قدمه في اللحد قائلا: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة” وأمر بدفنهم ولم يغسلوا ولم يُصلى عليهم. هذا الحديث في البخاري، وأعجب من إمام يقول أمام المصلين أن شهداء أحد قد تمت الصلاة عليهم، ولننظر لتعليق ابن حجر الذي قال في باب الصلاة على الشهداء “قال زين بن منير أراد به حكم الصلاة على الشهيد، ولذلك أورد فيه حديث جابر الدال على نفيها وحديث بن عقبة الدال على إثباتها، وقال يحتمل أن يكون المراد بمشروعية للذين قالوا بجواز الصلاة على الشهيد المراد بها مشروعية الصلاة على الشهيد الصلاة في قبره بعد أن يدفن وليس قبل أن يدفن، وهذا رأي ضعيف. والجمع بين ظاهر الحديثين، قال الشافعي “جاءت الأخبار كأنها عيان ووجوه متواترة أن الرسول “ص” لم يصلِ على قتلى أحد وما رُويَ عنه أنه صلى عليهم وكبَّر على حمزة سبعين مرة لا يصح. وقد كان الشافعي ينفي ويقول: “من عارض هذه الأحاديث الصحيحة أن يستحي على نفسه”، وأنا أقول إن الصلاة على الشهيد على أرجح الأقوال غير موجودة والرأي الآخر الذي يقول بجواز الصلاة على الشهيد قد تم الرد عليه ومن أراد فليرجع الى صحيح البخاري، الحديث (1278). لذلك أمر بن لادن إذا كان غير شهيد فقد صُلِّيَ عليه ولا يجوز إعادة الصلاة. وإذا كان شهيداً فلا تجوز الصلاة عليه وأنا أسلفت بأن العاطفة تقود الناس.
ــ هل معنى هذا أن من صلوا على بن لادن صلاة الغائب يجب عليهم أن يستحوا؟
نعم على من صلوا على بن لادن صلاة الغائب أن يستحوا.