بسم الله الرحمن الرحيم
الخرطوم… ما بين الإفلاس والتفليس
بقلم: سامي الخالدي
[email protected]
السودان ذلك البلد الذي ابتلاه الله بعقوق أبنائه.. وآخر هؤلاء تلك الشرذمة الغاشمة التي تسلطت على البلاد والعباد باسم دين الله العظيم.. وعاثت في الأرض فسادا. فلم تترك مركباً للدين إلا وامتطت ظهره، فحاربت حتى طواحين الهواء باسم الدين، وما دخلت في معركة إلا وخرجت منها ((بخفي حنين)) وليتها توقفت عند هذا الحد، بل خلطت الحابل بالنابل وأخرجت دين الله الحنيف من محتواه، فأصبح الدين في السودان أضحوكة لدى بني علمان، فقد اتخذت هذه العصابة المجرمة الربا رائداً لاقتصادها الفاسد وقد نسوا قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ))، بل تمادوا في تلك الفعلة الشنيعة متجاهلين قول الحق ((فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)) والأدهى والأمر إنهم لم يراجعوا أنفسهم حتى يفوزوا بالتوبة (( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ)) لذلك كان العقاب الرباني: ((يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ)) فقد دخلت البلاد في ضائقة لا مثيل لها، وليس في الأفق القريب بصيص أمل نراه ماثلاً أمامنا للخروج من هذا النفق المظلم، فها هي دولة ((العبث الحضاري)) تشكو قلة الفئران في بيتها، فلجأت إلى الضغط على المواطن البسيط بعد أن هدت حيله بالجباية والمكوس وغيرها من الأدوات الربوية في سالف الأيام معتمدة في ذلك على فتاوى هيئة ((جهلاء السودان)) حينما كانت تحلل لها الربا متحدية الله ورسوله فهذه السياسات التقشفية لم ((تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا)) وقد((ضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ)).. حتى تحكموا السنن الكونية فيكم((ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) فدولة ((العبث الحضاري)) عدلها مفقود، وأمنها مسلوب، وحالها منكود، وجسمها مهدود، فأنّا لها السلامة والخروج من هذه الحالة سالمة؟؟؟.. فحالة التفليس المادي جعلت رئيس العصابة يهزئ ((مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ)) والجماهير وشبح الجنائية يطارده ((خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ)) إلى مزبلة التاريخ((صَلُّوهُ)). فبعد دخول البلاد مرحلة الاحتضار كما يقول مغني الشمال: ((وانكشف المغطي ستار)) ظهر الإفلاس اللفظي عند القوم فكبيرهم الذي علمهم الغش والكذب قال بالحرف الواحد: ((إنه سوف يأتي بالمجاهدين لضرب المواطنين)) تمام سيدي الرئيس لقد كشفت عن سوءتك بنفسك في أول أيام الربيع السوداني.. فكثير من الذين أدخلتهم في حالة البيات الشتوي بأنك رجل الدين الذي تنافح ((أمريكيا روسيا قد دنا عذابها)) بالمجاهدين قد ظهرت على الحقيقة بأن هؤلاء المأجورين بحفنة من الدراهم المسروقة من خزينة المواطن البسيط ما هم إلا كتائب ورباطة يقتلون بني جلدتهم تنفيذاً لأمركم المعظم الذي ((لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ)). وما أعجني بأن بطانة السوء وإظهاراً لحسن النوايا بأنها سوف تخوض مع معاليكم بحر الدماء الذي وعدتم به الشعب المسكين حتى نهاية المطاف قد تبارت في الوعيد والتهديد فمنهم من قال: ((من أراد أن يخرج للشارع فليحمل معه كفنه)).. وغير ذلك كثير يعفن اللسان عن ذكره.. وآخر المطاف تلك القلادة التي قلدت بها شعبك الصبور على الأذية طيلة ربع القرن وأن تمتطي صهوة جواد الكذب باسم الدين حيث وصفتهم بأن ((شذاذ آفاق)).. سيدي الرئيس هؤلاء القوم لم يخرجوا على سلطانكم العادل بل أخرجهم الجوع والمرض والفقر.. فقد دخلوا في حالة لا مثيل لها ولا يدخلوا بيوتهم مرة ثانية مهما كذبت باسم الدين فشعارهم أخرج منها يا ملعون فإن الجماهير قد كسرت حاجز الخوف وما مدافعك المنصوبة في مشارف الأقسام من أجل سحل وقتل البسطاء بمخيفة لهم.. وهكذا الطغاة في كل وقت.. وما معمر القذافي عنكم ببعيد!!!.