احمد قارديا خميس
غيب الموت أمس( الجمعة) المهندس الشهير محمود بشير جماع, عن عمر ناهز 80 عاما في منزله بحي الشعبية بحري بعد صراع طويل مع المرض, شيعت جنازته من منزله بضاحية بحري( شرق النيل) الي مقابر أحمد شرفي, فيما يقام الماَتم بمنزله اليوم (السبت).
ولد الراحل في قرية ” لل” بمحلية امبرو ولاية شمال دارفور, ونهض تعليمه الاولية في دارفور, ثم تخرج من جامعة الخرطوم كلية الهندسة ثم نال منها ماجستير في الري. وبدأ مسيرته في عالم الهندسة من خلال عمله بوزارة الري حتي أصبح وزيرا للري, وكان اَخر منصب تولاه وزير الزراعة في عهد حكومة الصادق المهدي.
شغل الراحل العديد من المناصب التنفذية والتشريعية, حيث تولي مناصب عدة في وزارة الري والزراعة, عقب تخرجه من جامعة الخرطوم كلية الهندسة, مدير مشروع الجزيرة في عهد مايو, محافظ الفاشر في عهد مايو, وزير الري في اقليم دارفور في عهد مايو, نائب حاكم اقليم دارفور في عهد حكومة الأحزاب( الصادق المهدي), وأخيرا وزير الزراعة في عهد الديمقراطية الثالثة.
وخلال فترة حكم الرئيس الأسبق جعفرنميري, برغم تدرج الي عدة مواقع ومناصب, انتقد الراحل في مقولاته سياسات النظام( مايو), وأعلن بشكل واضح عن معارضته مشروع الاتحاد الاشتراكي.
كما شن جماع هجوما حادا من خلال أقوال أصدقاءه المقربون علي جماعة الإخوان المسلمين خلال فترة حكمهم الرئيس عمر البشير حاليا, وهو صاحب عبارة” الاخوان استنفذت مرات الرسوب الشعبي.. “.
ونشر جماع, الذي صنف كالمهندس الماهر, العديد من الاطروحات المميزة في صحف السودانية وعربية وعالمية, برز فيها اهتمامه بالشؤون الافريقية والصراع السوداني الدائم والمعضلات التي تواجهها ابناء الهامش السوداني. ويعتبر الراحل عالما جليلا ومهندسا ماهرا وبرلمانيا مشرعا ووزيرا ناجحا ومحافظا واداريا فذا, هو من أفضل وزراء الري والمياه قي السودان وكتب بحوثا كثيرة في الري وامن مياه النيل. وانشئ معظم الحزانات والسدود في دارفور. واتسم بالموضوعية في نقده خلال وجوده في البرلمان السوداني ولم يسع الي الرياء أو التقرب من النظام الحاكم بالبلاد طمعا في منصب أو جاه. وفي سنواته الأخيرة, خاض جماع معركة شرشة مع المرض, ورغم رفضه اللجؤ الي أي جهة أو مؤسسة رسمية, فان الأسرة تكلفت بعلاجه.
محمود بشير جماع الأب لثلاثة, ولدان هما جماع وبشير وبنت في رحمة الله, عرف جماع بدماثة وطيبة ابن البلد, ولكل من عرفه في دارزغاوة ودارفور والسودان يحمل ذكري طيبة معه لما كان يتمتع به من أخلاق نبيلة, ورغم معاناته طويلا في السرير فإنه لم يكن عدائيا بل واصل مسيرته بصمت وتأن الي أن لقي ربه حامدا وشاكرا.
ونعي السودانيون من مختلف الأطياف من كُتاب وصحافيون وسياسيون والتجار والشباب مهندسا الراحل أجمعوا علي حبه ونعي أهله ومحبيه علي صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي عبارات اتفقت جميعها علي أنه كان رمزا للمودة والمحبة. ونعي صفحة ابناء زغاوة حول العالم: الراحل كان رجلا وطنيا محبا للوطن ومدافعا عن هويته حتي اَخر لحظة حياته.. وبرحيله تفقد ابناء دارفور بصفة خاصة والسودان بصفة عامة واحدا من أهم رموزه.
وكتب المناضل بشارة مناقو علي صفحته في ” تويتر” بقول: رحمك الله أيها الأب الصديق الطيب كنت زعيما في محبتك للاَخرين وزعيما في ترفعك عن الصغائر..
وصف احد منتسبي لحزب الامة القومي ب” أحد القامات الوطنية الذي قدم للسودان من جهده وفكره ونضاله.. الراحل ترك ميراثا كبيرا من فكره ووعيه بقضايا أمته”. من جهته, وصف الاستاذ احمد يقوب شريف وهو من أسرته علي صفحته في ” فيس بوك” بقول: تفقد مدينة ودمدني ومشروع الجزيرة قبل أهله وعشيرته وقبيلته وتفقد مدينة بحري قبل دارزغاوة وتفقد أهلنا في السريف بني حسين قبل أهله في حزان اورشي وانابجي وتفقد مدينة الفاشر قبل أهله في قرية ” لل” رحم الله عمنا الفقيد بقدر ما قدم للوطن الكبير الشامخ..”.
وأخيرا اعزي نفسي وكل السودانيين, بان الراحل ” الرجل الشريف الذي لا يعوض.. الموت علينا حق, بس الفراق يا جماع, كنت أب وأخ وصديق.. الله يرحمك ويجعل مثواك الجنة.. البركة بأولادك واحفادك.. اللي خلف ما مات, رح تضل بقلوبنا.. المهندس جماع الله يرحمك.. ويجعل مثواك الجنة يا أطيب قلب العالم, شكلها داقت عليك الدنيا كثير مع انك باَخر مرة شفتك فيه قلت لي انو بدك تضل عايش وبدك ترشد وما رح تستسلم للمرض, بس هي إرادة رب العالمين “.
[email protected]