الحرب ضد الجماعات الإسلامية في شمال مالي وتداعياتها علي الوضع في السودان
هنالك معلومات تتوارد وبدءت تتكشف تأكيداتها بأن هنالك بعضٌ من المجموعات الإسلامية المتشددة بعد أن كثرت عليها ضربات الطيران الفرنسي، و الضغط عليها من كل الإتجاهات هرب البعض منها إلي داخل الأراضي السودانية بمنطقة دارفور شمال مدينة كتم. والشئ الذي يؤكد حقيقة ذلكم الأمر و أن تسلل جزء كبير من تلكم المجموعات إلي شمال دارفور هو عمل مدبر ومخطط من قبل حكومة المؤتمر الوطني. وإليكم بعض الشواهد والتي تذهب إلي ما أرمي إليه، وألخصها في التالي:
1/ بعض من مليشيات الجنجويد إستجلبها النظام من (مالي – النيجر – موريتانيا) وجزء كبير من هؤلاء إستوطنوا بالمنطقة ويعملون تحت إمرة الحكومة. وهنالك حلم جديد وأكبر ظهر في منطقة (إقليم الأزوات) شمال مالي، حيث الذهب و المعادن و أيضا بروز سلطة جديدة لحكم المنطقة مع مجموعة لا تؤمن بالحدود والجنسيات.
2/ هذه المنطقة عبارة عن شريط ممتد من إقاصي الحدود المصرية إلي منطقة الساحل الصحراوي، وتوجد بها طرق سالكه فلذا يسهل التنقل بها بواسطة عربات الدفع الرباعي. وكذلك دول المنطقة لا تسيطر سيطرة فعلية عليها فتداعيات السقوط المتتابع والمتزامن للأنظمة في هذا الإقليم ساهم مساهمة فاعلة في خلق تلكم الفجوات الأمنية.
3/ في خبر نشر في عدة مواقع إلكترونية ومن بينها موقع “إيلاف” البريطاني في أكتوبر المنصرم يشير بأن هنالك مجموعة تقدر بحوالي 150 مقاتلاً أتت من السودان . ومن القرائن السابقة وإرتباط من تم إستقدامهم في السابق من منطقة الصحراء الساحلية يتضح لنا بأن “ال150 إسلاميا” ماهم إلا من العناصر التي كانت ضمن مليشيات الجنجويد (المستقدمين أو بما يسمي بالمستوطنيين الجدد) وطبيعة عملهم قيادية وكانوا يشكلون حلقة الوصل لتجنيد عناصر المليشيات في السابق. وبالتالي هنالك علاقة مباشرة بينهم وبين جهاز الأمن والمخابرات لنظام المؤتمر الوطني.
4/ سلاح النظام السوداني حاضراً في منطقة شمال مالي. و نسترجع ذلك بأن نسبة كبيرة ومقدرة من عناصر تلكم الجماعات أتت من ليبيا. وتقارير المخابرات الغربية تؤكد أن المجموعة (بقيادة ما يسمي بالأعور) أتت من ليبيا و هذه المجموعة نفذت عملية إختطاف العمال الغربيين بحقول أميناس الجزائرية. ونعلم علم اليقين بأن الثوار الليبين عبارة عن مجموعات متباينة ولديها عقائد وخلفيات مختلفة. وكان جهاز الأمن والمخابرات السوداني حاضراً بينهم، ويمارس نشاطه عبر المجموعات الإسلامية المتشددة وقدم لهم السلاح ومركبات الدفع الرباعي وهنالك فيديو علي موقع اليوتوب يوضح ذلك. والمتابع للهجة بعض الموجودين علي هذا الشريط يتضح له من هم هؤلاء؟ وأيضاً السودانيين ليسوا من الجيش وهم عبارة عن عناصر من جهاز الأمن والمخابرات وبعض من عناصر مليشيات الجنجويد المستقدمين من خارج الحدود. وكانت العملية بقيادة ضابط من الأمن برتبة النقيب. أدناه رابط التسجيل المصور:
http://www.youtube.com/watch?v=gZDMwXnxAAw
5/ كل التقارير والوسائط الإعلامية تشير بأن الجماعة الإسلامية المقاتلة (الليبية). هي التي قامت بتنفيذ الهجوم علي القنصلية الأمريكية في بنغازي في 11 سبتمبر من العام الماضي. وكل القرائن تشير إلي أن تسليحها الأولي أبان الصراع مع نظام القذافي تحصلوا عليه من السوداني وكان الحرس الثوري الإيراني حاضراً في تلكم العمليات. ولكن الجماعة الإسلامية تعرضت لعملية هجوم وطرد من منطقة بنغازي و كان ذلك بواسطة الشباب الليبين، وبالتالي سوف يبحثون عن قواعد جديدة لهم وكان “إقليم الأزوات” بشمال مالي يشكل لهم الملجأ الآمن حتي حين والملاحظ بأنهم دخلوا المنطقة بعد أن سيطر المسلحين من جبهة الأزوات (الطوارق) عليها.
إمتهن نظام المؤتمر الوطني ممارسة لعبة المتناقضات واللعب بالبيضة والحجر في سلة واحدة. ومثال لذلك الجمع في علاقاته بين إيران و دول الخليج العربي، و مثالٌ آخر إنه نظام يرعي الإرهاب من ناحية ويدعمه من الناحية الأخري. وفي هذا الجانب يقوم بمغازلة الدوائر الغربية وفي قمتها CIA جهاز المخبارات الأمريكية، ويقوم بإيهامهم بالتعاون معهم في عمليات الحرب علي الإرهاب. وكانت لهم صولات وجولات في هذا الخضم (كالقيام بعمليات التجسس وجمع المعلومات خلال الحرب العراقية – تسليم مطلوبين عبر الخرطوم – فتح معتقلات سرية لل CIA و مدهم بالمعلومات عن التنظيمات الإسلامية المتشددة) و لاقت تلكم اللُعبة بعض النجاحات منذ عهد الرئيس جورج بوش الإبن. وهاهو النظام الآن تحت حماية البيت الأبيض، والأمير القطري حمد بن خليفة وبعضٍ من اللوبيهات العربية والإسلامية بواشنطن.
6/ هنالك تقارير عديدة تتحدث عن جزور القاعدة في أفريقيا و كان السودان من ضمنها تقرير نشر يوم السبت 19/01/2013 في صحيفة المدينة، وهذا التقرير منقولاً عن موقع فوكس نيوز الأمريكي.
http://www.al-madina.com/node/427834
ونعود لدارفور، ففي كل مراحل القضية السودانية في دارفور كان النظام يعمل بكل جهده لجعل القضية عبارة عن صراعات بين المجموعات الإثنية وأنها تنحار قبلي محلي. ولكن لم يحقق أي نجاحات في هذا المخطط. و فشل النظام في إحتواء وهزيمة الجبهة الثورية في دارفور. و لم يتبقي في يديه الآن إلا كرت (الجماعات الإسلامية) فبهذا يعمل الآن علي أدخالهم إلي منطقة دارفور ويقود بهم عمليات إبتزاز جديدة علي الدول الغربية، وحينها تزيد حصته من الدعم المخابراتي ويحدث التلاحم بينهم و بين قوات “الإيكواس” الغرب أفريقية، وصديقهم الرئيس التشادي إدريس دبي رأس الرمح في تلكم المنظمة وتقود قواته العمليات البرية بمالي، والرئيس الفرنسي “أورلاند” سوف يبصم بالعشرة لنجدة الخرطوم من خطر الإرهاب القادم علي دارفور. وبالتالي سوف يتم إدخال المنطقة في هرج ومرج ولن يفرق الطيران الفرنسي والتشادي ما بين قوات الجبهة الثورية و المدنيين العذل وتلكم الحفنة من المتشددين المتسللين. فالعمليات المخابراتية علي الأرض سوف تكون بقيادة نظام الخرطوم وبدعم تكنلوجي غربي، أي أنهم سوف يوجهون البوصلة الأرضية. و عندها سوف تنعكس التداعيات علي سكان المنطقة وتحدث المجازر وسوف تجر أرجل الجميع في أتون هذه اللعبة.
نظام الجنرال عمر البشير وعناصره لا يهمهم أبداً الدخول في أي مغامرة حتي وإن كانت بهذا الحجم والشكل والمضمون. و ليست لديهم إي حسابات للجرائم ضد الإنسانية وفقدان الأرواح. فهاهم الآن علي سطح الأرض وعلي سدة الحكم رغماُ عن إبادة الملايين من الشعب السوداني، وتشريد الملايين منه، و البقية المتبقية من الشعب السوداني بين سندان الحياة و مطرقة الموت. وليس لديهم أي حسابات إلي أي هاوية سوف تنحدر وتنزلق البلاد ، فإنهم يعملون بنظرية (رزق اليوم باليوم) و أن بقائهم في السلطة هو الهدف السامي لديهم وليذهب السودان والشعب السوداني إلي الجحيم مادامت الشمس تشرق كل يوم وهم علي سدة السلطة. و ليس ببعيدٍ عنا نظرية مثلث حمدي.
كل مشاريع الثورات و التغيير وبناء السودان الجديد تم ويتواصل هدمها بصورة منهجية وإعادتها للوراء بفعل الدعم (لغربي والإسلاموي العروبي)
فالغرب لا يهمه من يجلس علي سدة الحكم؟
و هل هنالك عدالة سائدة أم لا؟
وبهذا القدر إنهم يبحثون عن المصالح المشتركة وليس مصلحة الشعوب! فالأحداث التالية تشير إلي ماذهبت إليه، وبما أنها من الشئون السودانية فحتماً هنالك تنسيق الم أو درجةٍ ما من التنسيق أو الإخطار عندما تم التنفيذ، و يتزيل كل حدث من تلكم الإحداث من المحتمل بأن يكون ورائه:
1. إغتيال الدكتور. جون قرنق (غربي)
2. إحراق الطيران المصري لقري دارفور في عهد المخلوع مبارك (مباركة غربيه)
3. الدعم الفرنسي التشادي “طرد عبدالواحد من فرنسا وعملية دز خليل بمطار أنجمينا” (غربي – تشادي إسلاموي عروبي)
4. إغتيال د. خليل إبراهيم (غربي تشادي إسلاموي عروبي)
5. تنفيس عملية هجليج وتدخل البيت الأبيض بصورة مباشرة (غربي)
6. الدعم القطري الغير محدود “ونحن نعلم ماهي دولة قطر”(إسلاموي عروبي بإيعاز غربي)
7. الدعم والتسليح الإيراني (إسلاموي)
8. البشير حرا طليقا (غربي)
9. غياب القضية السودانية عن الساحة الإعلامية (عروبي إسلاموي)
10. جعل المعارضات السودانية “الجبهة الثورية ومجموعات الداخل” تجري خلف السراب وتبحث عن المستحيل “لا تغيير قبل توحدكم ” (غربي)
11. الكيل بمكيالين مقارنة الحالة السودانية بما يحدث في المحيط الإقليمي (غربي وإسلاموي عروبي)
12. تفكيك الحركات الثوريه، وخلق الإنقسامات بينهم (إسلاموي عروبي)
وعندما إقول عروبي لا أعني العرقيات و الإثنيات، ولكنني أعني من يحملون هذا الهاجس والمشروع في مخيلتهم. وليس بعيداً عنا دعم القوميين العرب لنظام الخرطوم وذلك رغماً عن المفارقات الأيدلوجية فيما بينهم. و مثال لذلك (النظام العراقي السابق – النظام السوري) لست من المتشائمين وكلي يقين بأن النصر سوف يكون حليفنا فقضيتنا قضية عادلة. والشعب السوداني خلق لكي يعيش.
ولكن هل عدالة القضية وحدها تكفي للنصر؟
أيٌّ من الأجيال السودانيه سوف يحقق ذلكم النصر؟
وأيضاً لا أرفع المسئولية عننا جميعاً، إبتداءاً من القيادات الراهنة و وصولاً لآخر الصفوف. فالمشاهد للوضع الراهن لا يري إلا محاولة إلي التستر خلف الزرائع للوقايه من ضربات النظام وكأننا لا نتدارس ونتعلم من العبر والتجارب. فلدي كل العلم بأن من يقودون دفة العمل المعارض الآن يمتلكون تلكم المعلومات ولكن يأتي السؤال هل وضعوا الإجتهادات نصب أعينهم لبناء اللبنات السليمة وفهم ماذا يحيط بنا؟
و إلي أين نحن ذاهبون؟
والعمل في ذلكم الخضم، وتعلم السباحة عكس التيار، نعم السباحة عكس التيار فإنها ثورة والثورات تبدء من داخل النفوس فتنعكس أفعالاً و تبلورها النتائج علي الأرض. وأستحضر هنا أهلنا في معسكرات اللجؤ والنزوح.
و أقول لكل من يحمل في جوفه زرة ثورة أومعارض لهذا النظام، أن يتفكر في السودان وشعب السودان بعيداً عن الأفخاخ والمطبات والتي زرعها النظام فينا وينفخ في نارها بشتي الأدوات والسبل. وهنا أدق ناقوس الخطر.
فإن لم نصل لدرجة ذلكم التفكير والغوص داخل جوف رموز النظام والإرتقاء بفهمنا بصورة علمية ودقيقة، لن نصل إلي بر الأمان وننقذ ما تبقي من البلاد من عصابة المؤتمر الوطني.
وإلي الملتقي