مسؤول العلاقات الخارجية في الجبهة لـ«الشرق الأوسط»: الخرطوم أصبحت مركزا للإسلام السياسي في أفريقيا والشرق الأوسط
لندن: مصطفى سري
اتهمت الجبهة الثورية المعارضة الحكومة السودانية بالسعي لخوض حرب واسعة في ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور في الصيف المقبل، واتهمتها بعرقلة المفاوضات بينها وبين الحكومة برعاية الاتحاد الأفريقي، ودعت قوى المعارضة إلى جعل منع قيام الانتخابات معركة سياسية فاصلة مع النظام لإسقاطه، وشددت على أن الخرطوم أصبحت مركزا للإسلام السياسي في المنطقة، وبتعاونها مع دولة أخرى، لم تسمها، أرسلت الأسلحة للحركات الإسلامية في ليبيا، اليمن، إثيوبيا وأفريقيا الوسطى، وأن السودان يؤوي الجماعة الإسلامية المصرية، وعدت أن ذلك أصبح مهددا للأمن الإقليمي.
وقال مسؤول العلاقات الخارجية في الجبهة الثورية الأمين العام للحركة الشعبية – شمال السودان، ياسر عرمان لـ«الشرق الأوسط»، إن المؤتمر الوطني الحاكم هو المسؤول عن تأجيل المفاوضات بين الحركة الشعبية والحكومة السودانية التي دعا إليها رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة ثابو مبيكي في الرابع عشر من الشهر الجاري، وأضاف: «ليس صحيحا أن الآلية الأفريقية هي التي قامت بتأجيل المحادثات التي كان الغرض منها الاتفاق على وقف الأعمال العدائية بين الحكومة والجبهة الثورية، بل إن المؤتمر هو من قام بذلك بعد خطاب البشير في السابع والعشرين من سبتمبر (أيلول) الماضي»، متهما البشير بالسعي لخوض حرب واسعة في ولايات جنوب كردفان، النيل الأزرق ودارفور، وقال: «قبل عيد الأضحى بأسبوع جرى استدعاء 10 آلاف من ميليشيات الجنجويد والدفاع الشعبي للذهاب إلى ولاية جنوب كردفان». وتابع: «وقد وصلت في اليومين الماضيين قوة من ميليشيا الجنجويد إلى مدينة الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق، ويجري قصف بالطيران تدميري شامل في كل مناطق جنوب النيل الأزرق، وهناك قوات غير سودانية جاءت إلى المنطقة»، مشددا على أن الجبهة الثورية مستعدة لمواجهة القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها، وقال: «المؤتمر الوطني لن يستطيع أن يحقق ما فشل فيه طوال ربع قرن وسنلحق به الهزيمة».
وقال عرمان إن خطاب البشير الأخير أساء إلى الآلية الأفريقية الرفيعة وأحبط جهود الاتحاد الأفريقي الذي استطاع أن يمرر قرارا هو الأهم منذ انفصال جنوب السودان في دعوة كل القوى السياسية للاجتماع في أديس أبابا، وأضاف أن المؤتمر الوطني يخشى، كما يخشى الموت، من عقد مثل ذلك الاجتماع، داعيا المعارضة لتوحيد نفسها وتصعيد نضالها بكل أشكاله لإسقاط نظام حكم المؤتمر الوطني.
وكان مساعد الرئيس السوداني ورئيس وفد الحكومة في المفاوضات مع الحركة الشعبية إبراهيم غندور قد أعلن الأحد الماضي عن تأجيل المفاوضات مع الحركة إلى ما بعد الخامس والعشرين من الشهر الحالي، وقال إن موعد المحادثات يتزامن مع انعقاد المؤتمر العام للحزب الحاكم إلى جانب أن بعض أعضاء وفده في الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج.
وقال الأمين العام للحركة الشعبية إن الحكومة السودانية أصبحت اللاعب الرئيس في الأزمة الليبية بإرسالها أسلحة إلى جماعات الإسلام السياسي في ليبيا بمشاركة دول أخرى لم يسمها، وأضاف أن النظام الحاكم في الخرطوم جزء من أزمة الحوثيين، وأنه أرسل أسلحة بالتعاون مع دولة أخرى في المنطقة إلى اليمن، دون أن يشير إلى تلك الدولة، وتابع: «الجماعات الإسلامية المصرية موجودة في السودان، والنظام طرف رئيس في أزمة أفريقيا الوسطى، ويدعم جماعة السلكا، كما أنه طرف أساسي في أزمة جنوب السودان، وما زال يحتفظ بالمعارضة التشادية التي أصبحت جزءا من ميليشيا الجنجويد، وكذلك يعمل مع جماعات سلفية داخل إثيوبيا».
وقال إن جامعة أفريقيا في الخرطوم تعد المنبر الرئيس لتخريج كوادر وقيادات الإسلام السياسي في أفريقيا والشرق الأوسط، وأضاف: «النظام يمتلك أكبر مجمع عسكري في الخرطوم بمساعدة إيران التي لديها خبراء في السودان، ومن هذا المجمع ترسل الأسلحة». وقال: «لن تنصلح علاقات النظام مع السعودية ومصر؛ لأن الخرطوم أصبحت مركزا لجماعة الإسلام السياسي في أفريقيا والشرق الأوسط، وتربطها علاقات وثيقة مع إيران».
وشدد عرمان على أن الجبهة الثورية متمسكة بالحل السلمي الشامل، وأنها واحدة من آليات عمل المعارضة، وقال: «هذا هو موقفنا المبدئي، ومتى ما وجدنا سلاما عادلا وشاملا، ونرفض أي حل جزئي أو صفقة تؤدي إلى الحفاظ على الوضع الحالي، ولن تقبل إلا بتغيير حقيقي يؤدي إلى دولة المواطنة والديمقراطية وترتيبات انتقالية جديدة». وأضاف: «أما استيعابنا داخل النظام فهذا مستحيل، ولن نسمح له بالاستمرار في الحكم، وسنقاتله ونحاربه، ونواصل نضالنا إلى أن يحدث التغيير»، مشيرا إلى أن المؤتمر الوطني اتخذ قراره بإجراء الانتخابات في أبريل (نيسان) المقبل، وقال إن هناك وثائق تملكها الجبهة الثورية تؤكد ذلك، داعيا القوى السياسية المعارضة إلى جعل منع قيام الانتخابات، وليس مقاطعتها، معركة فاصلة لإسقاط النظام الحاكم عبر الانتفاضة السلمية.
وعبر عرمان عن تقديره للقرار التاريخي الذي اتخذه الرئيس الكيني أوهورو كينياتا بالمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وقال إنه قرار شجاع ومحترم أخلاقيا وسياسيا في أن وضع كينياتا مصالح الشعب الكيني قبل مصالحه الشخصية، وأضاف: «البشير في الجانب المعاكس؛ فهو قسم السودان على أسس دينية وإثنية، وحكم السودان لمدة 25 عاما، وتهمه نفسه بشكل أناني، ولا يضع أي اعتبارات لا لمصلحة شعبه أو لمستقبل الحركة الإسلامية التي أتت به إلى سدة الحكم». وقال إن البشير أمامه فرصة أخيرة ليختم تاريخه السياسي بتحقيق إجماع وطني ومصالحة تاريخية بين السودانيين تأتي وفق إرادتهم وتفتح الطريق لمستقبل جديد.