البشير ينفرد بالسلطة حاسماً لصراعات الوطني
خالد عثمان*
” الشمولية هي شكل حديث للطغيان ، وهي حكومة خارجة على القانون يمارس السلطة فيها رجل واحد”
حنا أرندت
عندما بدأت الانقاذ في يونيو 1989 كان لها مجلس شورى أربعيني ، وكان لها مرجع ديني يفكر ويؤلف الكتب ويتمتع بعلاقات عالمية ورؤية إستراتيجية، وكان يحلم بمقارعة روسيا وأمريكا. لقد أستطاعت الجبهة الاسلامية القومية في فترة الديمقراطية الثالثة أن تبنى قواعدها الشعبية ، كذلك أستمالت عددأ كبيرأ من المثققين والخريجين. وعندما أستلم العساكر السلطة ، كان الترابي حينها بطراً، ثملاً بالنصر، يحيط به تلاميذه الذين توافدوا عليه من كل فج عميق، ولانه صاحب المشروع ورب الفكرة طغىّ ولم يراعي حماقة العسكر، فكان يوزع الاوامر وبدأ في تجاهل الشورى وكانت عينيه على الكرسي.
وكان الشيخ الصامت على عثمان محمد طه ، الذي يحيط بأمور التنظيم ويملك كل الخيوط يعمل بجد ليحل محل شيخه الذي مارس الطغيان عليه ومن معه، وكان الناس متيقنين من أن البشير واجهة فقط ، ومرحلة ليس إلا ، وان أي حركة تصحيحة على نسق ( عبد الخلق محجوب \ نميري) ستبعده عن الكرسي ، الذي سيقود منه الترابي الجمهورية الاسلامية العالمية!!.
وحدث ما حدث ، وحل على عثمان محل شيخه لكنه لم يهنأ، فهو لايرقى فكرياً ولا ذهنياً، ولم يكن مقعناً ، فطمع في السلطة والسيطرة من تلطخت أيديهم بالدماء فنازعوه ، وصار الكل يتؤدد الي العسكر، والكل يحيك المؤامرات ضد البعض.
وكان المتشددين من أمثال نافع وقوش والعتباني يحيطون بالرئيس ويزينون له طغيانه وتجبره، وكان هو أذكى منهم جميعا، فالريس له خاصته وجنوده وله حرسه الجمهوري ومليشاته الخاصه ، وهو يعتمد على أبناء قبيلته الاشداء المسلحين والذين جندهم الراحل مجذوب الخليفة. وان الصراع الذي دار مؤخرا ما هو الا صراع الشغيلة في خليه النحل ، اذ لا يطمح أحدهم في مكان الملكة.
ان ما تتكهن به المعارضة الخائبة ، كذلك استماتعها بمشاهدة المعارك الهامشية يؤكد ضآلتها وعبثيتها ويضيع قضية الشعب السوداني وفرصته في الانعتاق والحرية.
ان السلطة الغاشمة التي لا تخضع لقانون ، والتي يمارسها الحاكم لابد ان تكون معادية لمصالح المحكومين، ان خوف الشعب من الحاكم ، وخوف الحاكم من الشعب هي عين التجربة الشمولية ، وهي عقبة لازمة الاقتحام.
• رئيس تحرير صحيفة المهاجر السودانية الاسترالية
• مدير موقع يارانايل. www.yarranile.com