حسن اسحق
ان الانسان ولد حرا ،وهو الان مكبل بالاغلال في مكان ،ان الحكام في جميع انحاء الارض ،ماهم الا نواب للشعب ،وللشعب الحق في اختيارهم ،جان جاك روسو .الانظمة الشرعية المحترمة هي التي تقدر مواطنيها ،تعطيهم الحقوق القانونية والدستورية المدونة في المواثيق والعهود الاقليمية والدولية التي صادقت عليها اغلب دول العالم ،علي الرغم من اعتراف الجميع ان الحقوق والحريات لا تعط بل تأخذ .اذا نظر الجميع الي الداخل السوداني ،ان حكومة المؤتمر الوطني تمارس سياسة السيطرة علي كل مؤسسات البلد ،ويصر بتعمد واضح علي فعل ذلك ،الحزب الدموي بقيادة فئة انحرقت بالسياسة الداخلية والخارجية ،ان مايقولوه هم انه يمثل الدولة ،ويجب ان يفرض باي طريقة حتي لو قاد الي استخدام القوة بكل انواعها الاعلامية والامنية والاقتصادية ،بهدف وضع الجميع في قفص ضيق جدا ،كي يسهل تسييرهم حسب ما يخطط له ويريدوه هم .
اذا نظر الجميع الي القوة الاعلامية التي اقصد كتعبير مجازي ،والنظر الي مجريات الاحداث السابقة والحالية ،وعلي الجميع ان يتساءل اين دور الاعلام اذا كان فعلا حرا في احداث المظاهرات التي اندلعت شرارتها في الخرطوم العاصمة ،ثم انتقلت بعدها الي الولايات ،وتتوهم وتعتقد الحكومة وتصرح دون خجل ،ان الشعب معها ويساندها ويقف بجانبها ،وهذا دور الاعلام المكتوب والمسموع والمرئي ،يكتب وينقل مايحبذه المؤتمر الوطني واجهزته ذات الاحتراف والعمل في الخغاء ،لم تتجرأ اي صحيفة في نشر مادار في ولاية الخرطوم من تظاهرات ضد المؤتمر الوطني ،وحتي اذا نشر تنشر فقط ما يقبل به حزب الفئة المسيطرة وترغب ان تسمع ماتري انه يخدم مصالحها الحزبية والمصالح المشتركة مع الانتهازيين .
ماحدث في نيالا من قتل للاطفال ورجال ونساء متظاهرين ،وكذلك كارثة معسكر كساب للنازحين ،البعض شبهها ،بتفاصيل واحداث الحرب الاهلية النيجيرية التي اندلعت في اقليم بيافرا جنوب شرق نيجيريا قبل اكثر من اربعة عقود ،ضحاياها النساء والاطفال والعجزة ،وصورت هذه الاحداث الدموية والكارثية في فيلم سينمائي اطلق عليه اسم دموع الشمس ،عبارة عن وصف دموي مارسته حكومة ابوجا ضد شعب يطالب بحقه الانساني في البقاء وحقه الدستوري في المشاركة في السلطة كالاخرين في جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور التي تئن تحت وطأة النزوح واللجوء المهين للبشرية في عهد التسلط البشيري،باعتبارها مناطق تعيش نفس وقائع اقليم بيافرا ،اختلفت الازمنة وتشابهت التفاصيل باماكنها البعيدة ،بينما القوة الامنية تمثل الدور السالب والمنفذ للنظام ،يجب عليها ان تقوم بالدور المحايد والمهني تجاه واجبها الوطني المسطر في الدستور والقانون ،لكن عندما يحدث ترويض وتدجين تصبح كالحيوان المفترس الذي اكتسب صفة العمل في السيرك .
وصورتها المعكوسة في عيون الكثيرين مليئة بالمرارة وذاكرة التعذيب والاهانة قد تقود في المستقبل القريب اذا تدهورت الدولة ،ووصلت الي حافة الانهيار ،ستقود الي مسلسل انتقامي وضحاياه سيكونون كثرها
هناك عنوان رواية للكاتب الروسي قسطنطين سيمونوف اطلق عليها رحي الحرب وعنوانها الاصلي البشر لا يولدون جنودا ،توصف حالة الحرب التي دارت بين الاتحاد السوفيتي والمانيا في فترة الحرب العالمية الثانية ،واقول ان الشعوب السودانية لم تولد كي تستعبد ويتم ترويضها وتدجينها للعمل في سيرك والعاب المؤتمر الوطني الهوائية ،ان التغيير قادم ورحلته شاقة وطويلة ،وللتعيير اساليب وطرق ،والكل لديه حق اختيار الاسلوب الذي يراه مناسبا في تحقيق هدفه المنشود للحرية والديمقراطية والمشاركة ومستقبل دولة تري التعدد والتنوع الديني واللغوي والاثني وادارة اقتصاد البلاد دون تحيز لمجموعات بعينها ،حلم يراودنا جميعا ونسعي في تحقيقه والوصول الي شواطيء الانسانية بمفهومها التعددي .
هناك من يري ان احداث تغيير بطرق سلمية ،هو حل ينبغي ان يتبع ويوصف بانه افضل الاساليب ،وهذا حق يجب ان يحترم من الاختلاف في الاراء ،واخرون يرون ان نظام كهذا ادمن القمار السياسي من الصعب ان يؤمن بحق قانوني ودستوري كهذا ،ممارسة تظاهرة سلمية او رفع مذكرات الي جهات ذات الاختصاص ،هؤلاء حسب نظرتهم للواقع الذي يمثل الماضي المعاش بتفاصيله واحداثه المخزونة في الذاكرة ،نظام كهذا لا يستمع الا الي الية القوة والعنف الذي يمارسه جهارا نهارا ضد المتظاهرين السلميين ،واوضح برهان علي مايسرد ،احداث نيالا الاخيرة بتفاصيلها المحزنة وصورتها الدموية .
البشر قد يشتركون في المطالبة بالحرية والديمقراطية ،لكنهم فقط يحتلفون في اساليب انتزاعها سواء اكانت سلمية او غير ذلك .
يجب ذكر مقطع شعري يصور مانحن عليه من بؤس وشقاء وكبت ،يذكر فيه غياب دور الدولة التي تتسلط علي شعوبها علي الرغم من حرصها علي اخذ الضريبة منه ،ويقول المقطع ،الم اقل لكم مرارا ،ان المدافع التي تصطف علي الحدود في الصحاري ،لا تطلق النيران الا حين تستدير للوراء ،ان الرصاصة التي ندفع فيها ثمن الكسرة والدواء،لا تقتل الاعداء،لكنها تقتلنا اذا رفعنا اصواتنا عاليا ،تقتلنا وتقتل الاطفالا،بالفعل صدق الشاعر المصري امل دنقل ،فيما وصفه وهذا ينطبق علي نظام 1989 ،اكتسب قدرة علي القتل والتشريد ،ولكن الية الدفاع عن البلاد وحماية اراضيها من احتلال دول مجاورة كالفشقة وحلايب ،وقادر علي اطلاق النار علينا ،اذا رفعت الاصوات او خرجت التظاهرات السلمية ،السؤال الذي يجب ان يطرح بعد كل هذه الاحداث ،هل الحركات التي تحمل السلاح في وجه النظام لها الحق قفي ذلك ؟قد يختلف البعض او يتفقون ،ولكن لاصحاب الوجعة الحقيقية رأي فيما يقال .
حسن اسحق
صحفي
[email protected]