استقبال رسمي فاتر وشعبي دامٍ لوفد مجلس الأمن بالخرطوم
اشتباكات بين انفصاليين ووحدويين في أول بروفة للاستفتاء.. وسلفا كير يدعو لنشر قوات دولية بين الشمال والجنوب.. وكرتي: نرفض «الحرب» و«التدخلات»
الخرطوم: فايز الشيخ
شهدت العاصمة السودانية «توترا محدودا» واشتباكات بين جنوبيين انفصاليين وآخرين من دعاة الوحدة، مدعومين من قبل الخرطوم، في وقت متزامن مع لقاءات لوفد مجلس الأمن الدولي مع مسؤولين سودانيين خلال زيارته للعاصمة السودانية أمس. وعمدت الخرطوم لعدم تنظيم استقبال رسمي للوفد، ردا على عدم تضمين مقابلة الرئيس البشير لأجندة الوفد بسبب مزاعم المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور المضطرب، في وقت طلب فيه رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير، من مبعوثي مجلس الأمن الدولي نشر قوات حفظ سلام على طول الحدود بين شمال السودان وجنوبه قبل الاستفتاء.
وحبست الخرطوم أنفاسها أمس لدقائق معدودة في وقت متزامن مع زيارة وفد مجلس الأمن الدولي للسودان لمدة أربعة أيام، وفضلت الحكومة عدم استقبال الوفد رسميا، وببرود شديد، ردا على رفض أعضاء المجلس تضمين مقابلة الرئيس عمر البشير ضمن أجندة عمل المجلس، الذي بدأ زيارته بجوبا، ثم دارفور ليعود للخرطوم يوم الجمعة، وقام سفراء الدول الأعضاء بمجلس الأمن في الخرطوم باستقبال الوفد الذي وجد ترحيبا مغايرا في جوبا.
وحرصت الخرطوم على إظهار قوتها الشعبية بتنظيم مسيرة شعبية لهيئة دعم الوحدة، قدرت بنحو 3 آلاف من منسوبي الاتحادات والمنظمات وبعض سلاطين القبائل الجنوبية. ورفع المتظاهرون شعارات تدعو لوحدة السودان، وإدانة المحكمة الجنائية الدولية. ورفعت المسيرة مذكرة لمكتب الأمم المتحدة بالخرطوم بعد أن خاطبها رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر والقيادي في المؤتمر الوطني محمد مندور المهدي، وأكد الطاهر «التزام الحكومة بقيام كل المؤسسات السياسية والقانونية بما فيها تشكيل حكومة الجنوب، وفاء للعهد الذي قطعته الحكومة على نفسها، ولم يتبق من بنود الاتفاقية غير الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان».
وطالب الطاهر حكومة الجنوب «بمراجعة نصوص الاتفاقية، حتى لا يتجدد القتال مرة أخرى»، وناشد «المجتمع الدولي للعب دور مساند لوحدة السودان، لأن استقرار السودان يعني استقرار العالم». ومن جانبه قال محمد مندور المهدي: «إن قضية الاستفتاء قضية تهم كل أهل السودان، وليست مقصورة على أبناء الجنوب»، مضيفا «أن ما يجمع أبناء الجنوب بالشمال أكثر مما يفرقهم، وأن هناك أعدادا مقدرة من أبناء الجنوب ارتبطت حياتهم بالشمال، والآن هم جزء من أهل الشمال». وتقاطع عشرات من الشباب والطلاب الجنوبيين مع المسيرة، مما أدى لاشتباك بين دعاة الوحدة والانفصاليين، وتدخل مسلحون لتفريق الشباب الجنوبيين باستخدام الهراوات. وعقد اتحاد الطلاب الجنوبيين بالخرطوم مؤتمرا صحافيا بدار السلاطين، أشاروا فيه لاعتقال 75 طالبا خلال المسيرة، وجرح 36 خلال الاشتباكات. واعتبروا ما حصل يشكك في نوايا الخرطوم إجراء استفتاء تقرير المصير والاعتراف باستقلال الجنوب.
ويستعد الجنوبيون لاستفتاء بعد 90 يوما لتحديد مصيرهم بين اختيار البقاء مع الشمال في دولة واحدة، أو الانفصال وإعلان دولة مستقلة. وتسود أجواء التوتر بين الخرطوم وجوبا بسبب خلافات الاستفتاء وإجرائه في مواعيده المحددة «بحرية ونزاهة والاعتراف بنتيجته».
من جهته أعلن وزير الخارجية السوداني علي كرتي، أمس أمام سفراء الأمم المتحدة أن بلاده لا تريد «الحرب»، لكنها لن تقبل نتيجة الاستفتاء المقبل حول تقرير مصير الجنوب إذا حصلت تدخلات. وصرح الوزير أمام وفد سفراء الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن الدولي برئاسة السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس، الذي أنهى جولة من أربعة أيام في السودان قائلا: «إننا لا نريد الحرب».
من جهة أخرى قال دبلوماسي غربي لوكالة الصحافة الفرنسية إن رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير طلب من مبعوثي مجلس الأمن الدولي نشر قوات حفظ سلام على طول الحدود بين شمال السودان وجنوبه قبل الاستفتاء على استقلال الجنوب. وأضاف أن الطلب قدم خلال اجتماع في جوبا، عاصمة الجنوب يوم الأربعاء الماضي. وقال ستجرى دراسة الطلب ولكن مبعوثي الأمم المتحدة لم يتعهدوا بأي شيء لكير. وأكد دبلوماسي آخر مع وفد مجلس الأمن الزائر التقرير، وقال إن اتفاقية السلام الشامل لا تنص صراحة على نشر قوات، لذا فقد يتطلب الأمر بعض «التعديلات».