عشية الموعد الذي حددته الوساطة القطرية لإطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور في الدوحة اليوم الأحد، وصل إلى قطر أمس مستشار الرئيس السوداني الدكتور غازي صلاح الدين المسؤول عن ملف دارفور مع وفد حكومي يضم رئيس وفد التفاوض الوزير الدكتور أمين حسن عمر، فيما يوجد في الدوحة وفد من «حركة العدل والمساواة» برئاسة أحمد تقد.
وتبادل مسؤولان في وفدي الحكومة و«حركة العدل» الانتقادات والاتهامات في حديثين إلى «الحياة» قبل بدء المشاورات مع الوسيط القطري. وكان واضحاً أن وساطة اللجنة العربية – الأفريقية – الدولية برئاسة قطر ستعطي الأولوية اليوم لإجراء مشاورات مكثفة مع الأطراف المختلفة كلّ على حدة للتوصل إلى مخرج لمعالجة قضايا خلافية تتعلق بالأطراف التي ستشارك في المفاوضات من جانب الحركات المسلحة وقضايا إجرائية أخرى قبل التوصل إلى توافق في شأن إمكان عقد جلسة مفاوضات «في وقت لاحق».
وأكد الدكتور غازي صلاح الدين أن الحكومة السودانية «منفتحة على التفاوض ومستعدة له». لكنه رأى أن ذلك «يعتمد على مشاركة أطراف النزاع وليس طرفاً واحداً فقط، لأنه لا يمكن تحقيق نجاح في أي تفاوض بإرادة من طرف واحد»، في إشارة ضمنية إلى «حركة العدل والمساواة» التي ترفض إشراك حركات تمرد أخرى في المفاوضات مع الحكومة. وترى «حركة العدل» أن الحركات الأخرى هي مجرد مجموعات تضم مواطنين دارفوريين لكن لا وجود لها على أرض الواقع.
وأكد غازي صلاح الدين أن الحكومة «جاءت إلى الدوحة للتفاوض»، مشدداً على «ضرورة توافر إرادة سياسية ونية حسنة لدى أطراف التفاوض للتوصل إلى اتفاق».
وبدا واضحاً أن الحكومة تركّز على ورقة الانتخابات الرئاسية المقبلة لإحداث تغيير كبير في الخريطة السياسية السودانية والدارفورية، إذ قال مستشار الرئيس عمر البشير إن الاقتراع المقبل «سيعيد تأسيس المشروعية على أساس الحل السياسي السلمي والثقل الجماهيري»، في إشارة إلى توقعه فوز الرئيس البشير في الانتخابات التعددية الأولى منذ 24 سنة والمقررة في نيسان (ابريل) المقبل.
وفي حديث إلى «الحياة» شدد رئيس الوفد الحكومي إلى مفاوضات الدوحة وزير الدولة الدكتور أمين حسن عمر «أننا جئنا للتفاوض، ولكن هذا يتوقف على المجموعات (الحركات الدارفورية المسلحة). نحن نريد التفاوض معها ولكن هل هي جاهزة للتفاوض؟». وأشار إلى وجود «مجموعة طرابلس» (تضم حركات تمرد دارفورية) في الدوحة حالياً لافتاً إلى أن «مجموعة أديس أبابا» لديها مشاكل لوجستية لكن يُتوقع وصول وفدها الى قطر. وأضاف «أما مجموعة خليل إبراهيم (يعني «حركة العدل والمساواة») فإنهم ما زالوا في مرحلة وضع الشروط».
وسألته «الحياة» عن رأي الحكومة السودانية في شأن رفض «حركة العدل» اشراك مجموعات دارفورية ترى أنها ليست «حركات مسلحة» في المفاوضات، فأجاب أن «أي مفاوضات مشروطة مرفوضة، وإذا اشترطت الآن (حركة العدل) فإنها ستشترط في كل مرحلة شرطاً جديداً».
وشدد على «أن فهمنا (الجانب الحكومي) لاتفاق حسن النوايا (مع «حركة العدل» العام الماضي) واضح. فأولاً لا بد من تهدئة عسكرية لأن الحل سياسي (لأزمة دارفور) وليس عسكرياً، وثانياً الانخراط في التفاوض وبناء عليه يمكن النظر في اطلاق المعتقلين». وفي شأن ما أعلنه رئيس وفد «حركة العدل» لـ «الحياة» قبل أيام من أن الكرة الآن في ملعب الحكومة، قال أمين حسن عمر: «لا يهمنا الكرة في أي معلب، نحن هنا لا للتشبيهات بل للتفاوض مع أي طرف جاد ومن دون شروط مسبقة، وأين توجد الكرة هذا لا يعنينا».
من جهة أخرى، وجّه الناطق باسم حركة العدل والمساواة أحمد حسين آدم انتقادات شديدة إلى رئيس وفد المفاوضات الحكومي أمين حسن عمر وقال إن الأخير صرّح قبل وصوله إلى قطر بأن لا طريقة لإشراك أهل دارفور في السلطة الآن لأن الانتخابات قادمة وأنه لن يكون هناك اتفاق (بين الحكومة وحركات دارفور) حول اقتسام السلطة. وكشف أن «حركة العدل» أبلغت الوساطة القطرية وجهّات دولية بتصريح رئيس الوفد الحكومي، قائلاً إن هذا التصريح «حكم على العملية السياسية (التفاوضية) بالفشل لأنه أشار الى عدم استعداد الحكومة للتفاوض حول كل المسائل الخلافية، وهذا يعني أنه لا داعي للمفاوضات». وأكد أحمد حسين أن الحكومة السودانية قامت أمس «بقصف عشوائي في مناطق في غرب وشمال دارفور وتحديداً في جبل مون»، كما حكمت على اثنين من أعضاء الحركة بالإعدام. واعتبر ذلك «رسالة حرب من الحكومة ومحاولة منها لإجهاض عملية الوساطة».
وفي خطوة لافتة قال الناطق لـ «الحياة» متحدثاً عن رئيس «حركة تحرير السودان» عبدالواحد نور: «الأخ عبدالواحد رجل نقدّره وله دور كبير في الثورة (التمرد في دارفور)، وهناك قضايا كثيرة تجمعنا».
الدوحة – محمد المكي أحمد
الحياة