اتفاق دارفور يدشن ماراثوناً جديداً للسلام
وقع الرئيس السوداني عمر حسن البشير اتفاقاً لوقف اطلاق النار مع أكبر جماعة للمتمردين في دارفور في اطار اتفاق يحدد بنود مفاوضات السلام.
ويمثل الاتفاق مع حركة العدل والمساواة الذي وقع امس الاول خطوة للامام لكن سيتعين على البشير بذل جهد أكبر بكثير لتحقيق هدفه المعلن وهو “مداواة” الصراع في دارفور. وربما يكون لدى حركة العدل والمساواة أكبر قوة عسكرية متمردة في دارفور لكن قبيلة واحدة هي الزغاوة مسيطرة على قيادة الحركة. ولن يصمد أي اتفاق بدون دعم الكثير من القبائل الاخرى في المنطقة.
ويأتي توقيع الاتفاق بعد عام بالضبط تقريباً من اتفاق لوقف اطلاق النار أيضا بين حركة العدل والمساواة والخرطوم والذي يقول المتمردون انه انهار خلال يوم واحد.
وبدأ بالفعل ظهور اتهامات من حركة العدل والمساواة بأن الجيش السوداني هاجم مواقعها قرب الحدود مع تشاد منذ توقيع النسخة المبدئية لاحدث اتفاق يوم السبت.
وتنفي الخرطوم هذه الاتهامات. وسيتعين على الخرطوم أن تعمل على صمود هذا الاتفاق لفترة من الوقت حتى تشعر الجماعات المتمردة الاخرى بالثقة الكافية للسعي لتسويات مماثلة.
وربما يكون هذا الاتفاق مصدر تهديد على وجه الخصوص لميني اركوا ميناوي زعيم الفصيل الوحيد في جيش تحرير السودان الذي وقع اتفاق سلام فاشل في 2006 مع الخرطوم.وأصبح ميناوي وهو أيضا من الزغاوة الذي اشتبكت قواته مع حركة العدل والمساواة مساعدا رئاسيا كبيرا بعد الاتفاق. وربما يتهدد منصبه باعتباره أبرز شخصية من دارفور داخل الحكومة اذا أوفت الخرطوم بوعدها بمنح أعضاء حركة العدل والمساواة مناصب رسمية في اطار اتفاق سلام نهائي. كما أن أي تحالف بين الخرطوم وحركة العدل والمساواة ضد جيش تحرير السودان بزعامة نور ربما يزيد من العنف في واقع الامر.
وبموجب اتفاق الاطار ستتحول حركة العدل والمساواة الى حزب سياسي بعد اتفاق السلام النهائي. وربما يكون الوصول المفاجىء لقاعدة جديدة للسلطة الى الساحة السياسية السودانية أثر مفسد للانتخابات المقررة في نيسان المقبل هذا بافتراض أن حركة العدل والمساواة والخرطوم ستلتزمان بالمهلة التي حدداها للتوصل الى اتفاق نهائي بحلول 15 الشهر المقبل.
اتفاق الاطار الذي تم توقيعه الثلاثاء يقع في ثلاث صفحات فقط. لكنه يضم قائمة طويلة من رؤوس الموضوعات التي سيجري بحثها خلال محادثات.
وهناك علامة استفهام كبيرة حول ما اذا كانت حركة العدل والمساواة والخرطوم ستتمكنان من التوصل الى هذا العدد الكبير من الاتفاقات خلال مثل هذا الوقت المحدود.
وأشارت حركة العدل والمساواة بالفعل الى أن موعد 15 آذار ربما لا يكون واقعيا وهي تطلب من الخرطوم أن ترجىء الانتخابات وهي خطوة مثيرة للجدل بشكل كبير في أجزاء أخرى من الساحة السياسية بالسودان.
لدى البشير أهداف على المدى القصير والمتوسط من توقيع اتفاق الثلاثاء. وبمجرد تحققها ليس هناك ضمان أنه سيشعر بالحاجة للمضي في سلام على المدى الطويل.
يريد البشير القيام بانقلاب دبلوماسي خلال الفترة التي تسبق الانتخابات وابعاد الانظار عن القضية التي تقيمها المحكمة الجنائية الدولية ضده للزعم بارتكابه جرائم حرب في دارفور. كما أن اتفاقاً مؤقتاً لوقف اطلاق النار مع الخصم العسكري الرئيس في دارفور سيتيح له المجال الكافي للتعامل مع جيش تحرير السودان وأعداء آخرين.
ولحركة العدل والمساواة طموح سياسي على المدى الطويل يمكن تحقيقه من خلال اتفاق. حيث ينظر لتشاد المجاورة على أنها مصدر دعم رئيسي لحركة العدل والمساواة حيث انها تمدها بالسلاح والملاذ الآمن لقواتها. وفي وقت سابق من الشهر الحالي اتفق السودان مع تشاد على انهاء الحرب بالوكالة التي يخوضها كل منهما والمستمرة منذ فترة طويلة وقالا انهما لن يسلحا بعد الان متمردي الطرف الاخر أو يوفرا لهم الملاذ.
المصدر: الدستور /«وكالات»