أول مرشحة للرئاسة السودانية لـ «الشرق الأوسط»: بعت أملاكي لأفتح أبواب القصر للنساء
البروفسورة فاطمة عبد المحمود أول امرأة تقود حزبا في السودان: لن أقاطع الانتخابات لأن لدي رسالة أود توصيلها
فاطمة عبد المحمود
الخرطوم: موفد «الشرق الأوسط» عيدروس عبد العزيز
* فتحت أبواب البرلمان والترشح لحكام الولايات والدوائر الجغرافية.. والآن جاء دور الرئاسة
* أتفق مع المقاطعين للانتخابات في وجود ممارسات سالبة.. وأدعو إلى تقديم تنازلات لكي تستمر العملية الانتخابية
* هناك استحالة في إجابة مطالب المعارضة جميعها
* هدفي تمكين المرأة برفع نسبة مشاركتها في الأجهزة الحكومية والتشريعية إلى 40%
* سأضغط من أجل توقيع السودان لاتفاقية «سيداو» العالمية لحفظ حقوق النساء
* حزبنا منتشر في كل السودان.. ولن أحصل على المرتبة الأخيرة
* أتشرف بالعمل في نظام الرئيس الأسبق نميري لأنه صنع السلام ورسخ حقوق المرأة
* كل الأحزاب شاركت في عهد نميري بمن فيهم الإسلاميون والاتحاديون.. والأمة
* عهد «مايو» لم يكن لطائفة أو لجهة أو لقبيلة بل لكل السودانيين.. ولم تحدث خلاله صراعات قبلية كما هي الآن
* باعت أملاكها ومنها 5 مزارع وجميع مجوهراتها وهي، كما تقول، بالصناديق.. إضافة إلى عدد من المنازل، لتمول حملتها لانتخابات الرئاسة، على الرغم من علمها، في قرارة نفسها، بأنها قد لا تفوز بكرسي الرئاسة. فهي كما تقول لديها رسالة للمرأة السودانية والعربية والأفريقية تريد توصيلها.
تقول البروفسورة فاطمة عبد المحمود في حديث مطول وصريح مع «الشرق الأوسط»، إنها فتحت الطريق خلال سنوات عمرها للمرأة السودانية، فكانت أول وزيرة امرأة في السودان، والعالمين العربي والأفريقي، وأول امرأة تدخل البرلمان، وأول مرشحة لمنصب حاكم ولاية، وأول امرأة تنافس الرجال في دائرة جغرافية، وأخيرا أول امرأة ترأس حزبا، هو حزب الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي، ثم أول مرشحة لرئاسة الجمهورية.
قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن فوزها بكرسي الرئاسة ليس هو الشيء المهم، ولكنها تريد أن تفتح الطريق لبنات جنسها لطرق أبواب القصر الجمهوري.. حيث من الممكن لواحدة غيرها الفوز به مستقبلا. واجهت طوال حياتها حروبا من رجال.. حتى عندما تقدمت بترشيحها إلى منصب الرئيس، أسقط ترشيحها، فقامت بطعن لدى المحكمة الدستورية لإعادة ترشيحها وكسبت القضية، تقول إن إسقاط ترشيحها لم يكن مبررا، ومن فئة صغيرة مارست «التمييز» ضدها.
* وعندما انسحب عدد من زملائها، من السباق الرئاسي، لم تنسحب، على الرغم من اقتناعها بدواعي الانسحاب.. وحدوث تجاوزات، لكنها قالت إن لديها رسالة تريد إيصالها، بغض النظر عن معادلة الربح والخسارة. ودعت عبد المحمود الأحزاب السياسية لتقديم تنازلات كي تستمر العملية الانتخابية، وقالت إن هدفها هو تمكين المرأة من خلال رفع نسبة مشاركتها في الأجهزة الحكومية والتشريعية والسياسية إلى 40 في المائة. ودافعت المرشحة الرئاسية عن نظام الرئيس الأسبق جعفر نميري، (عرف بعهد مايو)، الذي عملت خلاله كوزيرة، وقالت إنه صنع السلام ورسخ حقوق المرأة، وأشارت إلى أن «مايو» لم يكن لطائفة أو لجهة أو لقبيلة بل لكل السودانيين.. ولم تحدث خلاله صراعات قبلية كما هي الآن. واعترفت بوجود سلبيات، قبل أن تشير إلى أن كل الأحزاب الكبيرة شاركت فيه بمن فيهم الإسلاميون والاتحاديون.. والأمة.
* ما موقفك من المعارضة الداعية لتأجيل الانتخابات أو مقاطعتها؟
– نحن مع استمرار العملية الانتخابية وعدم مقاطعتها. هذا قرار صدر عن حزبنا، على أساس أنني امرأة.. وباعتبار أن ترشيحي يعد أول مبادرة من نوعها في السودان، كأول امرأة تخوض مثل هذا المضمار. وأنا لدي رسالة أريد إيصالها من خلال خوضي لهذه الانتخابات، رسالة إلى المرأة السودانية، والعربية والأفريقية، لنؤكد قدرتها على خوض مثل هذه المجالات، والمنافسة على المستويات كافة. رأينا أن نواصل الرسالة وألا نقطعها لأي سبب من الأسباب، وإكمال الشوط إلى آخره بخيره وشره. العملية ليست مناصب فقط، بل وسيلة ودعوة لتوعية المجتمع وترسيخ قيم ومبادئ تقول: إن من حق المرأة خوض الانتخابات الرئاسية، وتثبيت هذا الحق في أذهانهم. كما هي وسيلة أخرى لنشر ملامح برنامجنا الانتخابي الذي نؤمن به. ونعمل من أجل تحقيقه وسيادته.
نحن نتفق تماما مع ما جاء في مذكرات هيئة مرشحي الرئاسة، ومع قوى المعارضة المنضوية تحت لواء «تحالف جوبا»، في جميع النقاط التي أثاروها، من حالات للتزوير، وممارسات سالبة، تحد من فرص الأحزاب في الحصول على أجواء منافسة عادلة. ونحن معهم في مطالبتهم بتأجيل الانتخابات إلى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) وتشكيل مفوضية جديدة، وتعديل قانون الانتخابات، لمعالجة الثغرات والنواقص، لكن هناك اختلاف في كيفية معالجة هذه الممارسات الخاطئة. البعض قاطع، والبعض الآخر قاطع مع فتح الباب للعودة، وكثيرون رأوا ضرورة المواصلة ومن بينهم نحن. لم يكن هناك إجماع، لذا كانت هناك مقاطعة جزئية.. رأينا أن نثبت حقنا في خوض التجربة، لتصبح مشاركة تاريخية، وفتح الباب أمام نظيراتنا العربيات والأفريقيات. وقد قمنا باستشارة عدد من التنظيمات النسائية العالمية، والمؤسسات التي تهتم بالمرأة، للاستنارة بآرائهم. وهم يشاركوننا الرأي نفسه بضرورة الاستمرار في الانتخابات. ونحن نتوقع أن يتدخل الخيرون بين الحكومة والأحزاب الأخرى من أجل حل وسط، واتفاق حد أدنى، يمكن الجميع من المشاركة.
* هل تتوقعين استجابة الدولة لحلول وسطى؟
– في تقديري هناك استحالة في إجابة مطالب المعارضة جميعها، ولكن يمكن تقديم تنازلات تمكن استمرار الانتخابات.
* تنازلات.. مثل ماذا؟
– لم يحدث شيء من هذا حتى الآن.. ولا أستطيع أن أتكهن.. ولكن هناك خطوط عريضة أحسب أنها قد تكون مناسبة لتمريرها.
* هل لمست تزويرا.. أو واجهت ممارسات سالبة في الانتخابات حتى الآن؟
– هناك الكثير من الممارسات السالبة مثل المضايقات التي يواجهها المرشحون في الندوات الانتخابية، وهناك تجاوزات كثيرة تعرضت لها، خلال خطاباتي الجماهيرية، من بينها مثلا، أن يتم قطع التيار الكهربائي، ولا يعود إلا في آخر الليلة، حدث ذلك لي في مدينة الجيلي (شمال) وفي منطقة الجزيرة (وسط). وعرفنا أن هناك جهة تقوم بتبليغ السلطات بأن الندوة الانتخابية المعنية قد تم إلغاؤها، فيتم قطع التيار الكهربي. كما اكتشفنا خروقات، مثل وجود بطاقات تسجيل متعددة تحمل اسم شخص واحد. وتم ضبط بطاقات التسجيل التي يجب أن تكون بحوزة الناخب، وجدناها لدى مجالس تابعة للحكومة، وعندما استفسرنا عن ذلك، قالوا إنهم أخذوا تلك البطاقات من الناخبين حتى يحتفظوا بها لديهم إلى حين الاقتراع. وهو إجراء غير صحيح.. وغير قانوني.
ومن المخالفات رفض الحكومة تمويل الأحزاب ورفضها أن تحصل على تمويل من جهات خارجية. وهددت الحكومة بإلغاء أي حزب، إذا ثبت أنه تلقى تمويلا من الخارج. وهذه جميعها شروط قاسية.. ولكن من الممكن التنازل بنحو 50 في المائة من أجل أن تستمر العملية الانتخابية التي في حد ذاتها تطور إيجابي مهم جدا بالنسبة إلى السودانيين والقوى الداعية للديمقراطية، وخطوة يمكن البناء عليها.
* ما أهم ملامح برنامجك الانتخابي فيما يتعلق بالمرأة خصوصا؟
– برنامجنا الانتخابي واعد ويتضمن نقاطا عديدة تمثل نحو 25 مبدأ تخص المرأة والرجل والطفل وجوانب الحياة. وفيما يتعلق بالمرأة التي لها مكتسبات كثيرة في الحياة السودانية منذ أكثر من نصف قرن، يركز البرنامج على تمكين المرأة أكثر في الأجهزة الحكومية. ونحن نرى ضرورة منح المرأة نحو 40 في المائة من المناصب والوظائف في الأجهزة التنفيذية والتشريعية والسياسية. وسنعمل على إزالة بعض العقبات مثل تلك التي تحول بين التوقيع على مواثيق دولية تخص المرأة مثل اتفاقية «سيداو» الدولية التي تهتم بإزالة التهميش عن المرأة، والتي وقعت عليها 183 دولة من أصل 191. والسودان والصومال هما الدولتان الوحيدتان في العالم الإسلامي اللتان لم توقعا عليها. وسنقوم بتكوين اللجان ونقيم الورش ونستشير علماء الدين والفقه للوصول إلى رؤية إسلامية تمكننا من التوقيع على هذه الاتفاقية المهمة التي تريد أن تزيل كل أشكال التمييز عن المرأة.
* هل يملك حزبكم قوة جماهيرية حقيقية؟
– حزبنا هو امتداد للتنظيم السياسي «الاتحاد الاشتراكي» الذي أسسه الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري عام 1972، ولكننا قمنا بإجراء تعديلات في نظامه الأساسي، بإضافة بعض المفاهيم الجديدة، فالتنظيم كان شموليا، يعتمد على الحزب الواحد، الذي كان مقبولا وقتها، أما الآن فإننا نؤمن بالديمقراطية التعددية وحقوق الإنسان، وفتحنا الأبواب لكل من يلتزم بنظامنا السياسي من القطاعات كافة. حزبنا يؤمن بأن الشريعة الإسلامية مصدر للتشريعات، من غير تطرف أو غلو، ونحترم جميع الأديان، ونحن نؤمن بالطرق الصوفية ونتعامل معها باعتبارها تشكل أكثر من 50 في المائة من تفكير السودانيين، ونحترم نشاطها الاجتماعي والديني. ونؤمن بالسلام ووحدة السودان، ونعمل على تحقيق ذلك.
* ولكن هناك من يقول إن الحزب الحالي صغير، ولا تملكون المال، ولديكم مرشحون قليلون في الدوائر الجغرافية.
– نحن منتشرون في كل مناطق السودان، وعندما قمنا بتسجيل حزبنا لدى مسجل الأحزاب، كان لدينا 6 ملايين عضو، ولكن في الانتخابات اختصرنا عدد المرشحين إلى أقل عدد ممكن لأسباب مالية وغيرها.. وعندما تم استبعادي عن السباق الرئاسي في المرحلة الأولى للسباق قد أثر على كثير من المرشحين الذين أثروا الابتعاد.. لكني أقنعتهم بالمواصلة للنضال من أجل حقوقنا. والآن فإن غالبية مرشحينا هم من قائمة المرأة (25% من مقاعد البرلمان)، والقائمة الحزبية، (15%). ومن أسباب قلة المرشحين، هو ضعف الجانب المالي، فالحكومة وعدت بالتمويل، ولكنها لم تف بذلك. كما أن قانون الانتخابات لا يسمح بأي دعم خارجي.
* أنتم متهمون بأنكم تعتمدون على الأسماء، وليس لديكم قاعدة جماهيرية، وتعتمدون على نظرية حكم انتهى بانتفاضة شعبية.
– هذا اتهام باطل، نحن قمنا بدراسة وضعنا التنظيمي، وقمنا باتصالات واسعة وجدنا أن غالبية القاعدة الجماهيرية التي كانت تؤيد الاتحاد الاشتراكي في السابق ما زالت موجودة، على الرغم من أن الكثير من القيادات انضمت للمؤتمر الوطني الحاكم، والأحزاب الأخرى، وعقدنا مؤتمرات تنظيمية، وقمنا بتصعيد قيادات جديدة، إضافة إلى القيادات التقليدية القديمة.. والآن لدينا قاعدة عريضة من المهن الطبية.
الذين يطلقون مثل هذه الادعاءات بأن حزبنا لا يملك قاعدة جماهيرية عريضة هم الذين يخافون من عودتنا إلى الحياة من جديد. نحس بتأييد كبير من الشارع، وعلى الرغم من المقاومة التي نواجهها من بعض الجهات، التي لا ترغب في ظهورنا من جديد فإن لدينا من العضوية ما لا تملكه كثير من الأحزاب الأخرى.
* هل أنتم جاهزون للانتخابات؟
– نحن جاهزون.. وحملتنا الانتخابية ليست أقل من أي حملة انتخابية أخرى للأحزاب المنافسة. قمنا بتسجيل 75 في المائة من قواعدنا وهؤلاء جاهزون للتصويت لنا.
* كيف تمولين حملتك الانتخابية؟
– المال هو القضية المعضلة التي تواجهنا.. بل هي معوق أساسي، فالحكومة لا تمولنا ولا تسمح لأي جهات أخرى بتمويلنا، أنا قمت ببيع كل ممتلكاتي من عقارات ومزارع.. ومجوهرات كانت تملأ الصناديق، حصلت عليها خلال سنوات الاغتراب، ومن خلال ما ورثته من عائلتي. بعت 5 مزارع وعددا من المنازل وتبقى القليل، لكني لن أبيع منزلي الذي أسكن فيه، وسيارتي. كل ذلك من أجل تمويل حملتي الانتخابية.. وأنا غير نادمة. أبنائي في الخارج في السعودية والخليج وعواصم أوروبية، يشجعونني على ذلك ويساهمون أيضا بقدر ما يملكون.. لأني أبني تاريخا. أنا صرفت حتى الآن أكثر من 4 مليارات جنيه سوداني من أجل تأسيس الحزب، والصرف على الحملة الانتخابية.. بعت أعز ما أملك، حتى قبل أيام بعت مزرعة من 14 فدانا، لكن أنا طبيبة أستطيع من خلال عملي كطبيبة أن أحصل على ما يعينني على الحياة. الحكومة لا تمنحنا المال.. وتمنعنا من جلبه من الخارج، سواء من أفراد أو من منظمات.
* هل تتوقعين الفوز بالرئاسة.. وأين تضعين حزبك بين الآخرين؟
– لن أكون متفائلة أو متشائمة، وأعتقد أنني سأحصل من الأصوات لي ولحزبي على ما يقنعني، ويبرر ترشيحي. هناك أحزاب بلا قواعد وترفع من سقف توقعاتها لدرجة غير معقولة، ولكننا متواضعون. نجاحي ممكن، وفشل تماما مستبعد. وأأكد أنني لن أكون من أحزاب القعر، وحصولنا على نسبة أصوات عليا يعد نجاحا لنا بشكل كبير.
* ما رسالتك إلى بائعات الشاي المنتشرات بشكل لافت في طرقات العاصمة السودانية؟
– أعلم أن لديهن مشكلات اجتماعية وصحية.. فهناك قطاعات كبيرة مهمشة في المجتمع، مثل بائعات الأطعمة والشاي في الطرقات.. نريد أن نؤمن لهن المكان المناسب بدنيا وصحيا. وبيئة مناسبة لممارسة عملهن. فهن يجلسن بطرق غير صحية تحت ظلال الأشجار، ويتعرضن للأضرار من خلال استعمالهن المستمر للمواد الحيوية مثل الفحم النباتي، والحطب، وهذا يعرضهن للأضرار خاصة أمراض الصدر والرئة.
ونركز أيضا على موضوع محو الأمية، باعتباره عصب التنمية والتوعية، وندعو للعلاج المجاني والتعليم المجاني.
* هل تعتقدين أن الظروف في السودان مهيأة الآن لقبول امرأة على كرسي الرئاسة في القصر الجمهوري؟
– الظروف مهيأة في السودان منذ عهود.. والآن مهيأة أكثر… الدستور لا يمنع.. ولا الدين والشرع.. الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان يقول إن النساء شقائق الرجال.. وخذوا دينكم من هذه الحميراء (السيدة عائشة). ووجود النساء في المناصب العليا في الدول الإسلامية لم يعترض عليه أحد، ولم تصدر فتوى ضده. والمرأة كان لها دور مميز في التاريخ منذ عهد الفراعنة وكانت ملكة على مر العهود. كما أن المرأة السودانية تطورت كثيرا وتبوأت مناصب رفيعة منذ بداية القرن العشرين، داخل الأحزاب.. والحكومات، وكانت سفيرة وقاضية… على غير نظيراتها في المنطقة اللائي ما زلن يجاهدن لدخول البرلمان، وتولي المناصب الرفيعة. وحتى هنا لا نشعر أن الرجل السوداني يمارس علينا ضغوطا غير مشروعة، إلا من قلة قليلة لا تكاد تذكر، ودائما هناك شواذ للقاعدة.
* حزبكم امتداد لحقبة رفضها الناس بثورة شعبية ضدها؟
– ليس صحيحا أن نظام «مايو» الذي أتي بالرئيس نميري عام 1969، هو نظام غير مقبول من الشارع. أي نظام حكم في العالم له مؤيدون، ومناوئون. ونظام مايو قدم للسودانيين الكثير، مما لا يمكن التغاضي عنه. في مجال العلاقات الخارجية، برز اسم السودان وشارك في حل مشكلات كثيرة جدا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وحاول ونجح في حل قضايا الجوار. وفي الداخل أنجز مشروعات تنموية ناجحة مثل مصانع السكر التي تعد الأكبر في أفريقيا وعددها 5 مصانع. وقام بتحسين مشروع الجزيرة الزراعي (أكبر مشروع زراعي في العالم تحت إدارة واحدة)، وأضاف إليه امتدادات جديدة. وتم تأهيل خطوط السكك الحديدية، وفتح الطرق، وبينها طريق الخرطوم – بورتسودان (الميناء)، وبنيت خزانات المياه على الأنهار، وتحقق السلام في جنوب السودان ووقعت اتفاقية أديس أبابا 1973، وأشرك الجنوبيين في الحكم، وانطلقت الثورة التعليمية المجانية. وأنصف «مايو» المرأة السودانية، عبر تعيين أول وزيرة في أفريقيا هي شخصي الضعيف، ومكنها من المشاركة في البرلمان، والحكم الشعبي المحلي. كما أن قائمة المرأة وحصولها على نسبة 25 في المائة من مقاعد البرلمان التي تنفذ الآن في هذه الانتخابات نفذت من قبل في عهد مايو. وتم إنشاء اتحاد نساء السودان.
مايو لم يكن لجهة أو قبيلة أو طائفة بل كان لكل السودانيين، ولم تكن هناك صراعات قبلية كما تحدث اليوم. نحن نتشرف أننا عملنا في عهد مايو لأن تاريخه كان حافلا بالإنجازات.
* ولكن كانت هناك أحداث سلبية كثيرة وعمليات قمع.
– نعم كانت هناك سلبيات ونحن نعترف بها، مثلما حدث بعد انقلاب الشيوعيين في أوائل السبعينات، وأحداث الجزيرة أبا، وودنوباوي، وانقلاب 1976، ولكننا نقول: ما الذي يمكن أن يفعله أحد في السلطة لحماية حكمه، إذا هوجم؟ بالتأكيد لن يجلس مكتوف اليدين. للأسف هناك قطاعات تأذت من نظام مايو، وتأذى نظام مايو منها، لأنها حاولت الاستيلاء على السلطة بالقوة، والسلطة حاولت أن تحمي نفسها. نحن نعترف بالسلبيات ولم نتبناها. وعلى الرغم من ذلك حصلت المصالحة وشاركت غالبية الأحزاب في نظام مايو، بمن فيهم الإخوان المسلمين، وحزب الأمة، والاتحاديون، والشيوعيون في البداية، وقد كانت مشاركة الإسلاميين والاتحاديين، وهما الشريحة الأوسع في السودان، حتى نهاية عهد مايو في أبريل (نيسان) 1985.
* لماذا تم استبعادك من السباق الرئاسي في المرحلة الأولى؟ وكيف تقرئين الأسباب؟
– استبعادي كان فيه تمييز ضدي، وقتل للحزب، ومعروف عني أنني كنت أناضل طيلة سنوات طويلة من أجل حقوق المرأة، ولي تاريخ عريض في هذا المجال، وهم لا يريدون فتح جبهة جديدة. حققت الكثير للمرأة خلال عملي ولن أتوقف.. أنا أول من فتح الباب للنساء ليدخلن الحكومة كوزيرات.. وكنت أول وزيرة وأول مرشحة لدائرة جغرافية في عهد النميري، نافست فيها الرجال، عام 1981، وكانت انتخابات متعددة في عهد «المصالحة». وكنت أول امرأة تترشح لمنصب والي. لذلك تم استبعادي.. لكني لجأت إلى المحكمة الدستورية، التي قامت بإنصافي، ونفت الاتهامات التي قالت إن أوراقي كانت غير مكتملة، وأعادتني إلى سباق الرئاسة.
* زميلة أوباما في جامعة كولومبيا الأميركية
* طبيبة حاصلة على بكالوريوس الطب من جامعة موسكو، وماجستير في مجال الطب العام وصحة الأسرة وتنمية المرأة من جامعة كولومبيا الأميركية بنيويورك وزاملت الرئيس الأميركي باراك أوباما في جامعة كولومبيا الأميركية بنيويورك (1979 – 1984). كما حصلت على دبلوم عال (فوق الجامعي) في طب وصحة الطفل عام 1971، وأمراض الأطفال الصدرية 1970، وطب المناطق الحارة 1970.
حائزة على جائزة سيرز الذهبية للأمم المتحدة ضمن أميز نساء العالم، ومن بينهن رئيسة وزراء الهند السابقة انديرا غاندي، وتم إدراجها مع أميز 60 امرأة عملن مع اليونسكو على مدى 60 عاما، وصدر كتاب بهذا المعنى 2007.
زاملت الرئيس الأميركي باراك أوباما في جامعة كولومبيا الأميركية بنيويورك (1979- 1984). تقوم بإعداد دراسة هي الأولى من نوعها في السودان، وهي «المرأة السودانية في المجال الاجتماعي والسياسي والاقتصادي عبر قرن من الزمان» كرمز لعطاء المرأة والصحة والطفولة لأكثر من مائة عام.
كانت الطبيبة المقيمة بمؤتمر اللاءات الشهير (القمة العربية) في الخرطوم 1967. وأحد مؤسسي اتحاد نساء السودان، ورئيسة جمعية المرأة السودانية بالإمارات وراعية الجمعية (1973- 2004). محاضرة بجامعة همرسمث بلندن 2001 واختصاصية أطفال بمستشفي ويمبلي بلندن 2001. رئيسة مجلس إدارة مستشفى ابن سينا 2008، وبروفسورة محاضرة بعدد من الجامعات العالمية وجامعات الخليج وجامعة كولومبيا الأميركية 1984 – 1989. أول وزيرة دولة للصحة والرعاية الاجتماعية 1974، وأول وزيرة مركزية للشؤون الاجتماعية والرياضة 1975. فازت في أول دائرة جغرافية في انتخابات ولاية الجزيرة (وسط السودان)، وحازت على وسام «ابن السودان البار» (كأول امرأة حازت عليه)، كما حازت على وسام الجمهورية ووسام «النيلين الرفيعين»، ووسام الامتياز من الدرجة الأولى في السودان.