أوباما يتحاشى ذكر اسم البشير في اتصال هاتفي مع سلفا كير ويدعو لاستفتاء هادئ
الرئيس السوداني: الاستفتاء ليس نهاية التاريخ.. والخرطوم تتحسب لتأثيرات الانفصال الاقتصادية وترفع عائدات الذهب
واشنطن: محمد علي صالح الخرطوم: فايز الشيخ
قال البيت الأبيض أمس إن الرئيس باراك أوباما اتصل هاتفيا مع النائب الأول للرئيس السوداني رئيس حكومة الجنوب، سلفا كير ميارديت، وطلب منه إجراء «مفاوضات جادة» مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان بزعامة الرئيس عمر البشير بهدف «حل المواضيع المتبقية في اتفاقية السلام، واتخاذ إجراءات لمنع العنف» قُبيل استفتاء تقرير المصير في الجنوب المقرر في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل.
وقال بيان صادر عن البيت الأبيض أمس، إن أوباما «كرر التزام الولايات المتحدة بأن يكون الاستفتاء في موعده، وسلميا». وإن أوباما «كرر أهمية قيادة نائب الرئيس سلفا كير خلال هذه الفترة الصعبة في تاريخ السودان». وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن بيان البيت الأبيض لم يشر إلى اسم البشير، بسبب عدم وجود اتصالات أميركية مباشرة معه منذ قرار محكمة الجنايات الدولية بإدانة البشير وطلب القبض عليه. واستعمل البيت الأبيض «حزب المؤتمر الوطني» في اتصاله مع سلفا كير عندما تحدث عن إجراء «مفاوضات جادة». ولم تكن هذه أول مرة يتحاشى فيها أوباما الاتصال مباشرة مع البشير. ففي الأسبوع الماضي، بعث أوباما برسائل إلى قادة دول عربية وأفريقية للضغط على البشير لإجراء الاستفتاء في موعده، وللاعتراف بنتيجته مهما جاءت، ولتحاشي اشتعال حرب جديدة بين الشمال والجنوب.
وأعلن بيان للبيت الأبيض في ذلك الوقت أن أوباما أرسل الرسالة إلى قادة كل من: مصر وليبيا ونيجيريا وكينيا وأوغندا وتشاد وجنوب أفريقيا وإثيوبيا ورواندا. وجاء في البيان: «الرئيس أوباما أوضح أن السودان واحد من أولويات سياستنا الخارجية. وأن لدينا رؤية مستقبلية للسلام، والأمل، والرخاء، لشعب السودان». وقال البيان إن الرسالة تعرضت إلى كل من مشكلتي جنوب السودان ودارفور. وأن هذا «كان جزءا من الجهود الدبلوماسية الأميركية الحالية لتأكيد الأهمية التي يوليها الرئيس أوباما لتطورات سلمية في السودان». وأضاف: «وضعنا، وسنواصل وضع، قدر هائل من الجهد في سبيل ضمان أن الاستفتاء سيجرى في الوقت المحدد، وسلميا، واحترام نتيجته».
وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن اهتمام أوباما بالسودان بدأ يظهر في سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما اشترك في قمة السودان في الأمم المتحدة. ودعا البيان المشترك الذي أصدرته القمة إلى أهمية إجراء الاستفتاء في موعده المقرر، ودعا الأطراف السودانية المعنية لزيادة الجهود للوصول إلى اتفاقيات حول الحدود بين الشمال والجنوب وتقسيم الثروة والمواطنة. وفي خطابه في المؤتمر، دعا أوباما السودانيين للحرص على إجراء الاستفتاء في موعده. وحذر من أن عدم حدوث ذلك سيزيد المشكلات الداخلية في السودان وسيزيد عزلة السودان. وقال أوباما: «في هذه اللحظة، مصير ملايين الناس في الميزان».
إلى ذلك، شدد الرئيس السوداني عمر البشير على أن استفتاء الجنوب ليس «نهاية للتاريخ»، في خطابه أمس في الخرطوم. وعقد المكتب القيادي للمؤتمر الوطني الحاكم اجتماعا بحث تداعيات انفصال جنوب السودان قبيل إجراء الاستفتاء المقرر له في التاسع من يناير المقبل، وأقر المكتب «ضبط الإنفاق الحكومي وتوفير المدخلات اللازمة التي تضمن نجاح الموسم الزراعي الصيفي تمثل أهم المعالجات لتخفيف تأثيرات الانفصال على اقتصاد الشمال». وأشار الحزب الحاكم إلى ضرورة التركيز في المرحلة المقبلة على زيادة الإنتاج في السلع الاستراتيجية مثل الذرة والسكر والقمح لتقليل الطلب على العملات الحرة للاستيراد، لكنه أكد «ضعف تأثير الانفصال على موازنة عام 2011 باعتبار أن قسمة النفط ستستمر وفقا للاتفاق طوال الفترة الانتقالية التي تنتهي في يوليو (تموز)» من العام المقبل.
وفي ذات السياق، كشفت الخرطوم عن أن صادرات الذهب للعام الحالي بلغت 899.9 مليون دولار أميركي. وقدر بنك السودان أن هذا الرقم يمكن أن يتخطى مبلغ مليار دولار بنهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وتوقع بنك السودان أن يرتفع إنتاج الذهب بما يقدر بـ3 مليارات دولار العام المقبل.
إلى ذلك، قلل حزب المؤتمر الوطني من أهمية عرض قدمته الحركة الشعبية بشأن جعل خيار الوحدة جاذبا للجنوبيين الذين سيصوتون للاستفتاء في التاسع من الشهر المقبل. وعرضت الحركة تعديلات دستورية ورئاسة دورية بين الجنوب والشمال ومحاصصة جديدة للثروة والنفط مع الإبقاء على الجيش الشعبي وهو الذراع العسكرية للحركة الشعبية، وأكد كل من المسؤول السياسي للحزب الحاكم إبراهيم غندور، ومستشار وزارة الإعلام ربيع عبد العاطي، في تصريحات صحافية أن العرض لم يقدم خلال مفاوضات رسمية وإنما قدم عبر تصريحات ومؤتمرات صحافية على لسان نائب الأمين العام للحركة الشعبية ومسؤول القطاع الشمالي ياسر عرمان، ورأى المسؤولان «أن قطاع الشمال بالحركة الذي قدم العرض لا يمثل التيار الرئيسي داخل الحزب، معتبرا العرض مجرد مناورة سياسية».