أنصار عرمان يطالبونه بالعودة إلى السباق ويتهمون المفوضية بالتلاعب وارتكاب انتهاكات.. الحركة الشعبية تدرس مشاركة تستثني رئاسة السودان ودارفور
الخرطوم-فتحي العرضي-الرياض-عبد النبي شاهين-رويترز:
كشف أتيم قرنق القيادي البارز في الحركة الشعبية لتحرير السودان ونائب رئيس البرلمان السوداني لـ”الشرق”إجراء مشاورات داخل المكتب السياسي للحركة الشعبية للمشاركة في الانتخابات السودانية في كافة مستوياتها باستثناء رئاسة الجمهورية ودارفور. وقال: إن قطاع الشمال في الحركة يرى الانسحاب كليا من الانتخابات رغم أن بطاقات الاقتراع الخاصة بالتصويت للولاة والمستويات البرلمانية والتشريعية طبعت في الخارج وبها مصداقية. وأضاف: “ مازال النقاش دائرا حول هذا الأمر. وحول أسباب سحب الحركة لمرشحها من سباق الرئاسة، قال: إن الحركة سبق وأن حذرت القوى السياسية والمفوضية والمؤتمر الوطني من وجود قضايا لم تحل يتم ترحليها، من بينها قضية نتيجة التعداد السكاني الذي ترتبت عليه دوائر جغرافية انتخابية غير مقبولة لدى بعض القوى السياسية، ولم تحل هذه المسألة. أيضا حدثت خروقات في السجل الانتخابي مثل تسجيل القوات النظامية ” الجيش والشرطة والعناصر الأمنية” في مواقع عملها بدلا عن مواقع سكنهم كمواطنين وليس كعاملين لدى الدولة خلافا لما ينص له القانون، وهذه المسألة أيضا لم تحل. وأشار قرنق إلى انتقاد القوى السياسية لعملية طباعة بطاقات الاقتراع الخاصة برئاسة الجمهورية داخل السودان بدلا عن الخارج، ولكن المفوضية لم تلتزم بذلك وقامت دون شوري الأحزاب السياسية بطباعة البطاقات الخاصة برئاسة الجمهورية في الخرطوم، وعندما احتجت القوى السياسية تعزرت الحكوم أن مطابع العملة لديها مهنية عالية، وهذا بدوره تزوير مبكر لنتائج الانتخابات، وهذه المسألة أيضا لم تحسم. وقال قرنق إن هناك العديد من الخروقات التي دعتنا لمقاطعة الانتخابات، وأضاف عندما يقوم مرشح لحزب المؤتمر الوطني بالحديث في أمر من صميم عمل المفوضية، وأن المفوضية لم تحتج على ذلك باعتبار عدم تدخل الأحزاب في صميم عملها. على سبيل المثال لا الحصر هدد مرشح الوطني للرئاسة عمر البشير عندما اقترح مركز كارتر تأجيل الانتخابات لبضعة أيام لأن لديه بعض الملاحظات التي أوردها ويعتقد أن حل هذه القضايا من شأنه أن يجعل الانتخابات حرة ونزيهة، وبدلا من الرد كتابيا على مركز كارتر ومقارعة الحجة بالحجة هدد البشير بقطع الأيدي والأعناق. وأرى أن هذا ليس من واجبه لأن المادة 106 من قانون الانتخابات لعام 2008 تعطي المفوضية فقط الحق في طرد أي مراقب سواء كان وطنيا أم أجنبيا. الأمر الآخر أن مرشح الوطني في لقاءاته دائما يصرح بأنه لن يؤجل الانتخابات كأنه هوالسلطة الأخيرة في هذا الشأن، ولم يقل إننا في حزبنا نرى عدم تأجيل الانتخابات وقيامها في موعدها المحدد، وهذا يعني أن كل الأمور في يده. أما بالنسبة لقضية دارفور فإن الأحزاب السياسية دخلت الانتخابات على أمل أن يتم تحقيق السلام في دارفور قبل بدء الاقتراع، لكن اتضح لنا في الحركة الشعبية أن عملية السلام لم تأت بسهولة لذلك رأينا أن نقاطع الانتخابات في دارفور ورئاسة الجمهورية والاستمرار في بقية المستويات الانتخابية الأخرى، ولكن قطاع الشمال يرى أن مقاطعة الانتخابات في الشمال أفضل لأن عوامل التزوير التي تنسحب على رئاسة الجمهورية أيضا تنسحب على بقية المستويات الأخرى رغم أن أوراق التصويت للمستويات الانتخابية الأخرى طبعت خارج السودان وهذا بدوره يعطي عملية الاقتراع مصداقية أكبر، ولكن مازال النقاش دائرا على مستوى المكتب السياسي للحركة الشعبية لتحرير السودان.
وفي الخرطوم، تجمع أنصار الحركة الشعبية لتحرير السودان أمام مقر الحركة في الخرطوم أمس مطالبين بعودة ياسر عرمان بالعودة إلى السباق من جديد. وحمل عشرات من المتظاهرين أعلام الحركة الشعبية لتحرير السودان ورددوا هتافات مؤيدة لعرمان. واتهم المتظاهرون المفوضية القومية للانتخابات السودانية بالتلاعب وارتكاب انتهاكات.
وفي الرياض كشف مصدر سياسي إفريقي رفيع أن انسحاب مرشح الحركة الشعبية لمنصب رئاسة الجمهورية في السودان ياسر عرمان من الانتخابات كان أمرا متفقا عليه قبل يوم 26 سبتمبر من العام الماضي الوقت الذي اجتمعت فيه أحزاب المعارضة السودانية على ضيافة الحركة الشعبية في مدينة جوبا عاصمة الجنوب السوداني. وأكد المصدر الذي رفض الإفصاح عن هويته في تصريح خاص لـ”الشرق” أن المكتب السياسي للحركة الشعبية اتفق قبيل انعقاد ذلك الاجتماع على تقديم ياسر عرمان كمرشح للرئاسة بهدف توصيل عدة رسائل لشريكه وخصمه في الحكم في الوقت نفسه المؤتمر الوطني، مشيرا إلى أن هذا الأخير فهم الرسالة.
وأضاف المصدر القريب من الحركة الشعبية لتحرير السودان أن سيناريو انسحاب عرمان من سباق الرئاسة قبل أيام قليلة من الانتخابات كان أمرا مبيتا منذ ذلك الوقت لإحراج المؤتمر الوطني، لأن الحركة كانت تدرك أنها لن تستطيع منافسة مرشح هذا الحزب، مشيرا إلى أن أحزاب مؤتمر جوبا لم تكن تعلم بهذا التكتيك الذي يهدف إلى إرباك مسيرة العملية الانتخابية وخلط أوراق حزب المؤتمر الوطني.