بسم الله الرحمن الرحيم
حركة العدل والمساواة السودانية
شعارنا : ( عدل ومساواة
ووحدة واخاء )
بدأت العصابة الحاكمة في الخرطوم تملأ الأرض ولولة و ضجيجا بعد ما تبيّن لها أن المجتمع الدولي يعني ما يقول، و أنه حريص على إيقاف الفظائع التي يرتكبها النظام و مليشياته في حق المستضعفين من المواطنين الأبرياء في دارفور، و لو كلفه ذلك حشر قواته في أرض تبلغ مساحتها مساحة فرنسا و بلجيكا معا، و أن المجتمع الدولي عازم على ألاّ يسمح بتكرار تجربة رواندا المأساوية أمام ناظريه مرة أخرى، و بعد أن تبيّن للعصابة أن نظرية السحق- اللفظة التي استحسنها ولاكها رأس النظام و من بعده صلاح عموش و بقية زمرة نمور الورق- في علاج الثورة في دارفور على خلفية أن أهل دارفور مسلمون ولا أحد يدافع عن المسلمين في هذا الزمان الذي ذلّ فيه الأمّة الوسط ، و استرخص فيه كل لئيم دماءهم، و نسوا أن الله يدافع عن الذين آمنوا و له جنود السماوات و الأرض يسخرهم وفق مشيئته.
و لكن هل تجدي الولولة و سب الدهر والوعيد بالمزيد من الفظائع في أن يفت من عضد المجتمع الدولي و يثنيه عن المضي في قراره القاضي بإيقاف نزيف الدم في دارفور مهما كلف الثمن؟! كل ذي لبّ يعلم أن العويل لا يخرج العصابة من ورطتها، و أن عنتريات مصطفى عثمان لا تقتل ذبابة، و اسقاط رزايا النظام على البرنامج الانتخابي الأمريكي لا ينجيه من قدره الذي صنعه بيده ، و أن اعلان الحزب الحاكم عن تعبئة عامة فقاعة لا تصمد أمام الريح الصرصر، و حشد بعض العربان في اطراف الجنينة لا يخيف المجتمع الدولي و لن يحول دون تدخله إن تمادى النظام في غيّه لأن الأفيال لا تخشى بأس الجرابيع، و أن بكاء رأس النظام على الدولة الإسلامية بعد أن باعها بأبخس الأثمان، و سلم المسلمين المستجيرين بالسودان إلى أعدائهم و صار أكبر مصدر للمعلومات للغرب عن المسلمين لن يجديه فتيلا ، و لن يحرك في مسلمي العالم شعرة و لو زرف دموع التماسيح أنهارا، فقد بان نفاقه و ساء عمله. ما المخرج إذا مما زجتنا فيه العصابة المتنفذة بحماقتها و سوء تقديرها وعجزها عن تصريف الأمور بما تستحق من حكمة و حصافة ؟
الإجابة في غاية البساطة و المباشرة. أن يصدق النظام مع نفسه و مع الشعب بعد أن إستيأس الناس من أن يصدق مع ذي القوة المتين، و ينزع السلاح الذي سلّمه لمليشياته بالعدد و الأرقام عبر عقدائهم و عقداء عقدائهم و عمدهم و شيوخهم و هم جميعا أشخاص معروفون ليس فقط لضحاياهم من أهل دارفور و لكن أيضا لدى الغربيين الذين ينادون بنزع أسلحتهم و محاسبتهم على ما إقترفوه من خطيئة في حق أهليهم و مواطنيهم مقابل وعود زائفة من نظام زائل قريبا بإذن الله . فلا يجدي هنا التلفيق و لا تلبيس إبليس و لا الإلتفافات المكشوفة إلا لمدبريها، و لا يغني إعادة محاكمة بعض قطاعي الطرق ممن كانوا في سجون نيالا قبل نشوء مشكلة المليشيات باعتبارهم "جنجويد"، فالعالم أصغر والناس أوعى من أن تنطلي عليهم مثل هذه المسرحيات، و خير للعصابة أن تقول أن السحر انقلب على الساحر، و أنها عاجزة عن نزع سلاح مليشياتها مع الاعتراف بتسليحهم، بدلا من محاولات "الغسيل" أو التقنين باستيعابهم في القوات النظامية كما صرح بذلك وزير داخلية النظام، فاستيعابهم في الجيش أو الشرطة يخرجهما من كونهما حماة الشعب إلى جزاريه و منتهكي أعراضه، و هذا ما لا نقبله لقواتنا النظامية و تاريخها المشرق.
و المخرج الثاني و الذي يجب أن يتزامن مع الأول، هو أن يقلع النظام عن السعي لحل المشكل السوداني "بالقطاعي"، فالقنابل الموقوتة ليست بالقليلة، و محاولات تجزئة الحل يطيل أمد الصراعات و يولد المزيد من النزاعات، فالاقبال نحو المحادثات بروح صادقة تبحث عن حل شامل للمشكل من جذورها هو أقصر الطرق ، والدعوة لمؤتمرات ديكورية لا يقبل عليها و لا يأبه بها إلا هتافة التهريج و حاملو بخور السلطان مضيعة للوقت و لا تساهم في حل الإشكال، كما يستدعي صدق التوجّه أن يكوّن الوفد المفاوض من أصحاب القرار في الفئة المتنفذة و بمعزل عن قادة "الجنجويد" أو الذين يحملون ألقاب مملكة في غير موضعها،فالظرف أدقّ من أن يستفز الثوار بأتيانهم بمفاوضين ممن تولّوا كبر الفتنة ، و المتسلقة لا يصلحون لمثل هذه المهام الجسام.
أما أمر الإغاثة و العمل الإنساني، فمن العيب أن يدسّ النظام المحافير و يعيق جهود الذين جاءوا لدفن سوءاته، و مهما تكن عيوب المنظمات الطوعية العالمية، فالسماح لها بالعمل دون قيد أو شرط أهون من اعطاء المبررات للتدخل العسكري بإعاقة عملها، و عمليات الاعادة القسرية للنازحين إلى قراهم المحروسة بالمستوعبين من "الجنجويد" مع الادعاء بأنها صارت آمنة، سلوك عبثي لأن الذئب لا يؤتمن على الغنم، كما أن القرى التي يجبر النازحون على العودة إليها غير مؤهلة لاستقبالهم بعد أن غدت خرابا يبابا بفعل سياسة الأرض المحروقة التي اعتمدتها العصابة المتنفذة في تعاملها مع الثورة في دارفور.
و يبقى السؤال هل وعت العصابة الدرس و فاقت من سكرة السلطة التي أعمت بصيرتها أم هي مصرة على المضي في تعاميها و منهجها العقيم في التعاطي مع الأحداث حتى ضحى الغد؟!
المسئول الاعلامي
مكتب الخليج
حركة العدل والمساواة السودانية
28.07.2004