بالامس القريب فجعنا بنبأ حزين مفاده استشهاد القائد الميداني الثاني الرفيق فضيل محمد رحومة بعد المعركة التي دارت رحاها بأبوزبد والتي دخلها الابطال جهاراً نهاراً علي غرار معركة الزراع الطويل والتي تعتبر اول معركة تقوم بها حركة تحررية علي هذا النوع فقد كانت العدل والمساواة اول حركة متمردة في العالم اجمع تصل الي عاصمة النظام الذي تقاتله
بالأمس اغتالت مليشيات المؤتمر الوطني ومرتزقته القائد خليل ابراهيم وهاهي ذي اليوم تغتال القائد فضيل محمد رحومة
يتساءل كثيرون هل مثل هذه الاغتيالات تؤثر سلبياً على مستقبل الحركة والثورة بشكل عام ونحو أي طريق تقودها؟
وهذا تساؤل منطقي وموضوعي وللاجابة علي هذه التساؤلات ينبغي ان نستصحب الاتي:
أن الراحل خليل قد غيبه الموت ولم تلن للحركة قناة بل لعلها اصبحت اقوي وانضج فسياسياً علي ايام الشهيد القائد خليل ابراهيم لم تعرف الحركة ميثاق االفجر الجديد او حتي التحالفات الجديدة مع عدد من القوي الاخري الطامحة للتغيير
وكذلك قد غيبت السجون قادة الحركة سنين عدداً فالرفيق عبدالعزيز عشر والسلطان ابكر هاشم والقائد ابراهيم الماظ لايزالون رهن الاعتقال والسجون والزنازين المغفرة فما أثر ذلك على الثورة ولا على الحركة بل استمرت عملياتها في تطور مطرد، من حيث نوعية العمليات، ومن جهة أدواتها وآلاتها أيضاً كماً وكيفاً ولازال مدي الثورة يتسع حيناً بعد حين
بالإضافة إلى ذلك أن دعوة الحركة ليست قائمة بحال من الاحوال على أشخاص وافراد بأعينهم بل هي دعوة لكل الشعب السوداني يحملها خلف عن سلف فإن تولى أقوام قيض الله لها آخرين وإن خذلتها فئات قام لنصرتها الباقين حتي إذا سقط الشهيد مضرجاً بدمائه مد اللواء إلى الشهيد الآخر ولقد عرفت الحركة مناضلين عددا وافراد لايشق لهم غبار فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ولم يزد ذلك النضال الا قوة وصلابة
كما أن عمليات الاغتيالات ستوطد في النفوس بغض العصابة الحاكمة أكثر واكثر وستصرف تردد بعض القاعدين عن اللحاق بركب الرفاق والمناضلين ولعل العالم بأعينه التي اصابها الرمد رأى كيف أن النظام يبيد شعبه ابادة ممنهجة عبر استهداف اسباب الحياة من خلال تدمير الزراعة والبنية التحتية للصناعة وكذلك نفس العالم ذو المعايئر المختلة العاجزة عن محاسبة مجرم هارب من العدالة الدولية راي بأم عينه كيف ان الجماهير خرجت عن بكرة أبيها تشيع وهي تردد الهتافات الغاضبة التي تنم عن حنق ملأ الصدور يوشك أن يجد سبيلاً فيتنفس في اثناء هبة سبتمبر المجيدة ونفس العالم اخذ يتفرج وشباب السودان يقتل بدم بارد من قبل طغمة مستبدة جاسمة فوق صدور هذا الشعب الابي
ثم إن القيادة العسكرية الي تمثل الجناح العسكري لحركة العدل والمساواة السودانية جهاز منفصل عن الجهاز السياسي و تربط بين الشقين وحدة الأهداف واتفاق الرؤى غير أن لكل جهاز أسلوب عمله وخصوصيتة في ادارة المعركة مع النظام وازياله
وحركة العدل والمساواة بالمقام الاول وبالدرجة الاولي هي حركة مؤسسية ومؤسسات لذلك فأ ن العمل المؤسسي لاينبغي أن ينهدم بغياب بعض أفراده فالمؤسسة جهاز متكامل يسد بعض الناس فيها وظائف محددة وأعباء معروفة فإذا فقدوا لمرض أو سجن أو موت طبيعي كان من الطبيعي أن يختار العمل المؤسسي شخصاً آخر يسد تلك الوظائف والمهام التي كان يسدها سلفه فلئن سقط في مواجهة العدو الغاشم شهداء ثابتون على المبادئ ومناضلون ابرار فسوف يخلفهم آخرون يطورون في أساليب من قبلهم ويستفيدون من تجارب من سبقهم ويلحق بهم كل يوم ممن توقظه الأحداث فئات وإني لأرجو أن تكون هذه الأفعال نواقيس توقظ الشعب السوداني من ثباته العميق و لتهب جماهيره وتسترد بمجموع التضحيات والنضالات التي قدمها الشعب وعلي راسه حركة العدل والمساواة السودانية يسترد عزته التي سلبت بليل
وفي نبأ اغتيال الفضيل جوانب أخرى كلها تشعر بنتائج إيجابية –رغم عظم المصاب- سوف تتمخض عن اغتيال القائد الفيل
بعض متبلدي العقل ضعيفي الفهم والادراك من قادة الوطني يقودهم ظنهم الاثم ان موت الفضيل او اي قيادي اخر سوف يودي الي تحرير شهادة الوفاة لكن خاب فألهم وبعض قياديي الوطني يدركون بأن الثورة في تصاعد مستمر شاؤوا أم أبوا وعملية بهذا النوع قد يتعلقون بها لإعادة التفاؤل إلى جندهم ومرتزقتهم ومن لف لفهم في مواجهة الثورة المتصاعدة التي ما زالت تصيبهم بخيبة أمل يوماً بعد يوم
وقد يكون لهكذة عملية اعتبارات سياسية ضيقة داخل بالوعة مايسمي المؤتمر الوطني فهي تعمل علي لم شتات تيارات الحزب الحاكم لمواجهة الثوار وجموع الشعب الهادرة والتي لا شك ستقتلعهم من جذورهم المتعفنة والتي عاست فساداً في التربة السودانية
ولو تأملنا صورة الرفيق فضيل لوجدناها تجمع الناس الذين عاش الفضيل لأجلهم ومات وسطهم ان صورته تمثل ساحة البسطاء يهرولون وراء لقمة العيش والحلم الذي صادره نظام الابادة الجماعية ولو اعدة الكرة لتقليب ملامحه لوجدت الوجوه طيبة والوجوه الكادحة الوجوهـ المعذبة ووالجوه أدمتها الحياة وقسوة الواقع المرير والوجوه التي كساها الزمن بؤساً وضنكاً وكذلك لوجدت أيد خشنة و ساق مقطوعة وقطار من المتعبين والخاطئين الأبرياء والناشلين الصغار والمساكين والحائرين الذين يجهلون قراءة أعماقهم وكثير منهم يجهل قراءة الجريدة!
من أجل هؤلاء يعمل الفضيل و المناضلون جميعاً ويتشردون في الاحراش والمنافي الواسعة ولأجلهم نذر فضيل محمد رحومة حياته وكان موته بينهم محاطاً بزحامهم وعزاباتهم وأفراحهم وأحلامهم المتواضعة في وطن لاتشوبه شائبة العنصرية البغيضة
وتسوده العدالة ودولة القانون والحرية والعدالة والمساواة
ختاماً سيظل موت الفضيل مثل تلك السمبلة التي تضحي بنفسها بعد ان تملاء اعماق الوادي بذوراً فينفجر الوادي قمحاً وسنابل وخضرة كما يقول درويش:
يا دامي العينين و الكفين !
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقية
و لا زرد السلاسل !
نيرون مات ، ولم تمت روما …
بعينيها تقاتل !
وحبوب سنبلة تموت
ستملأ الوادي سنابل ..!
خلاصة القول ان حركة العدل والمساواة هي مشروع فكري عريض وهي تتطلع لأشواق السودانيين في الخلاص من الطغمة الحاكمة وليست حركة افراد تنتهي بموت مؤسسها او قائدها
وسيظل ديدن الحركة هو تقديم ارتال الشهداء للخلاص من العصابة الفاسدة المستبدة
إعلام الحركة