بقلم – بحرالدين ادم كرامة
لم تعد تكفينا مساحة هذا الوطن كي نحلم ، ضاقت بنا امالنا واحلامنا ، تكاثر علينا المحن والمصائب ، وانتحر الشعب عالق في احلامه التي رسمها لنفسه ولوطن تداعبه نسمات الرقي والتقدم والازدهار ، ليعيش فيه ويعد الراية لمن بعده ، قليلون هم من بذلوا ارواحهم وانفسهم من أجل هذا الوطن ويعملون من غير كلل ولا ملل وبصمت ، بعيدا عن الظهور امام أعين الاخرين ، ولكن سرعان ما تكشفهم تلك العيون وتصل اليهم من خلال اعمالهم الملموسة والناتجة عن اخلاصهم العجيب ، ولا عجيب في هذا ، فالذين يصلحون ما افسده الناس موجودون حتى قيام الساعة ، ولكن الغريب ان تخرج علينا أصوات نشاذ تعلن الحرب على هؤلاء ، والتي ماتزيدهم الا ثباتا وقوة وعزيمة على قوتهم وعزيمتهم وايمانهم بمبادئهم.
الناظر من فوق صخرة التأمل ذات الارتفاع المعنوي الشاهق الى أولئك المعروفين بسماسرة البيع والشراء في سوق العرض والطلب ، سوق النخاسة العالمي ، الذين يتاجرون بهموم الشعب ويمسحون بمناديلهم الناعمة دموعهم ، مرددين شعار الوطنية وهزيج اﻹباء ، الناظر اليهم يصاب بالدهشة والحيرة من اساليبهم الملتوية التي يستخدمونها عندما يوصد المخلصون من أبناء هذا الوطن الأبواب في وجوههم ، فتراهم يدقون نواقيس الخطر من خلال كتاباتهم الصحفية ونشرات الاخبار والبرامج الزائفة المدججة بثقافة الكراهية والعداء تجاه الوطنيين الشرفاء ، بهدف تضليل الرأي العام ، وبالمقابل يجعلون من أوكار الفساد الغارقين في اوحاله عمالقة في الدفع بعجلة التنمية والتقدم والرقي ، وبسبب حفنة من الجنيهات تراهم ينسون أو يتناسون مبادئهم وقيمهم التي تربوا عليها ، فبئس الحياة التي يعيشونها ( يقولون عش رجبا ترى عجبا )
يعمدون في الكذب وهم يعرفون ، الى ان وصل بنا الحال عندما نشاهد القنوات السودانية ، ونشرات الاخبار ، علينا ان نحقق لنرى وسائل الاعلام الاخرى للتأكيد من الخبر الصحيح ، حينما يتحكم على الاعلام حفنة من الاعلاميين ويحاولون تشكيل الرسالة وفق قناعاتهم وثوابتهم التي هي أقرب الى الطوبي منها الى الواقع ، فلنا ان نحكم على هذا الفكر بالافلاس وعلى الثقافة بالخواء ، وهو ما تشهده واقع اغلب الصحف والقنوات السودانية.
كيف يمكن اعادة انتاج الثقافة ؟ والاعلام الحكومي السائد على زمام الأمور حشد خلفه الجم الغفير من المثقفين الذين لايعرفون من الثقافة الا انها البوق الأكثر ضجيجا لفرض وضع يحسبه أفضل الأوضاع وهو سراب.
هذه هي حقيقة الاعلام مهما كان مصدره ، سوى اكان ممثلا لجهة رسمية أو شبه رسمية ، وسوى كان ناطقا باسم الثقافة بوجه عام أم باسم فئة تدعي لنفسها حق التمثيل لبعض ألوان الطيف الثقافي وضجيج ابواقه
الاعلام هي مهنة شريفة وهي المرءاة العاكسة لهموم الشعب وقضاياه اليومية ، فهذه المهنة عندما تفقد حياديتها تكون اداة من أدوات التزييف وقلب الحقائق ، ولكن الخاتمة تكون خنجر على رقاب المسيئين اليها
فدعاة التغيير والعدالة والمساواة بين الناس ، الصادقين من أجل الوطن ، الذين يعملون ليل نهار من غير كلل ولا ملل ، تناولتهم بعض الصحف المحلية المتقمصة بقميص الوطنية والقنوات الفضائية الزائفة ، بعبارات لا اخلاقية بعيدة عن المهنية ، من اشخاص يخضعون لمعايير الزيادة والنقصان ويعيشون في الممرات المؤدية الى سراديب الحقد على هذا الوطن لازاحة كل وطني عن خدمة الوطن
جميل ان ننتقد الاخرين ولكن الأجمل ان ننتقد ونصلح أنفسنا أولا ثم ان يكون نقدنا بناءا يساعد الاخرين على النهوض بمسئولياتهم لا بغرض التشفي والنيل منهم و الاساءة اليهم ، لأن الذي يعمل لا بد ان يخطئ ، لأنه ليس ملكا منزلا ولا نبيا مرسلأ ، ودعاة التغيير بشر يخطئون ويصيبون ولهم محاسن وعليهم مساوئ وهم لا ينكرون هذا
بحرالدين ادم كرامة
[email protected]