“العدل والمساواة”: يوناميد عاجزة عن حماية المدنيين بدارفور
“جبريل آدم بلال الناطق الرسمي العدل والمساواة رأى في مقابلة مع الأناضول أن حل أزمة دارفور يتطلب إسقاط النظام الحالي، ومعالجة اختلال موازين السلطة والثروة بالسودان
الخرطوم – الأناضول
اتهمت حركة العدل والمساواة التي تحارب الجيش السوداني في إقليم دارفور غربي البلاد بعثة حفظ السلام الدولية (يوناميد) بالعجز عن أداء مهمتها وحماية المدنيين.
وفي مقابلة مع مراسل وكالة الأناضول للأنباء، قال جبريل آدم بلال الناطق الرسمي للحركة التي تعد أقوى الحركات المسلحة في دارفور، إن بعثة اليوناميد “أصبحت رهن تعليمات الأجهزة الأمنية الحكومية”، وهو الأمر الذي تنفيه الخرطوم بشكل قاطع.
وشدد جبريل على رفض حركته الانضمام لوثيقة اتفاق الدوحة للسلام في إقليم دارفور التي رعتها قطر ووقعت عليها حركة التحرير والعدالة في يوليو/ حزيران 2011، ورفضتها بقية الحركات المسلحة بالإقليم.
واعتبر أن الاتفاق “لم يخاطب القضايا الأساسية التي أدت إلى نشوب الحرب في دارفور”، وقال إنه لا يتوقع نفع من اللجنة التي شكلتها حكومة الخرطوم للتواصل مع الحركات الرافضة لاتفاق الدوحة.
في المقابل، أعرب جبريل عن تأييده لـ”وثيقة الفجر الجديد” التي وقعت عليها حركات مسلحة وأحزاب معارضة في كمبالا الأحد الماضي، وأقرت إسقاط النظام بالوسائل السلمية والعسكرية.
ورأى أن متطلبات حل أزمة دارفور تتمثل في عاملين أساسيين هما: إسقاط النظام الحالي، ومعالجة اختلال موازين السلطة والثروة في السودان.
وإلى نص الحوار:
* تشكلت مؤخرا بالخرطوم لجنة للاتصال بالحركات المسلحة بدارفور الرافضة لوثيقة سلام الدوحة.. هل اتصلت بكم هذه اللجنة؟، وما موقفكم منها؟
** اللجنة تم إنشائها وفقا لاتفاق الدوحة، ونحن نعتبر كل مخرجات اتفاق الدوحة غير جديرة بالنظر أو الاستماع إليها، وليس هناك أي تصال بين الحركة وهذه اللجنة ولا أتوقع نفع من مثل هذه اللجان.
* ما تقييمكم للدور القطري في حل النزاع في دارفور؟، وهل ترونه محايدا أم منحازا للخرطوم؟
** للأسف الدور القطري انحاز للحكومة السودانية، فيما لم تستطع الوساطة فرض أي ضغط على الحكومة الأمر الذي انتج أضعف اتفاق عرفته البشرية، وهو عبارة عن اتفاق تمت كتابته في الخرطوم وجيء به إلى الدوحة للبصمة عليه، وما هكذا تساق حركة العدل والمساواة .
* الحكومة تقول إن اتفاقية الدوحة أقرت حلول عادلة للأزمة وأنكم مرتهنين لجهات أجنبية معادية للسودان لذا ترفضون التوقيع عليها.. فما ردكم؟
** الحكومة تقول ذلك؛ لأنها هي التي فصلت هذا الاتفاق على أضعف فصيل في دارفور بحيث تتنصل من تنفيذه، وتعلم أن الطرف الآخر الذي وقع معها في وضع لا يؤهله للضغط عليها.و لم يخاطب اتفاق الدوحة القضايا التي أدت إلي نشوب الحرب، وليس لعدم توقيع الحركة على هذا الاتفاق أي صلة بالارتهان لجهات أجنبية بقدر ما هو ارتهان لرغبات وتطلعات الجماهير التي لم تُدرس في الاتفاق.
* ما تقييمكم لتحركات المجتمع الدولي والدول العربية على وجه الخصوص من الأزمة في دارفور؟
** المجتمع الدولي قدم الكثير طوال فترة الحرب في دارفور وفي كردفان والنيل الازرق وما زال يقدم وهو يبحث عن حلول سلمية للأزمات السودانية، لكن حكومة المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) لا تساعده على ذلك.أما الدول العربية فهي منقسمة على بعضها؛ فبينما هناك دول تدعم الحكومة السودانية بشكل منقطع النظير، نجد بعض الدول تطالب النظام بضرورة حلحلة المشاكل مع الآخرين.الجامعة العربية من جانبها، لم تحترم دماء الآلاف من الأبرياء الذين قتلهم النظام، وما زالت ترفض تقديم المجرمين للمحكمة الجنائية الدولية وهو موقف مخز بكل المقاييس.
* تعولون على إسقاط نظام الخرطوم بالقوة العسكرية لكن السؤال المطروح هو مدى قدرتكم على ذلك؟
** الصحيح أننا نعول على إسقاط النظام مستخدمين كل الآليات والوسائل بما في ذلك العمل السياسي والعسكري، وإن كانت قوات حركة العدل والمساواة لوحدها تمكنت من دخول مدينة أم درمان السودانية في مايو/ آيار 2008 وأظهرت أن النظام نمر من ورق وفي أوهن الحالات، فإنها الآن وبالعمل مع كل مكونات الجبهة الثورية والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي وقعت على ميثاق الفجر الجديد حتما سنتمكن من إسقاط النظام وعما قريب جدا.أما قواتنا فهي لم تُهزم يوما من قبل مليشيات النظام، لكننا نقدر ونتخذ الموقف المناسب في الزمان المناسب، واليوم أستطيع القول لو أردنا دخول أي مدينة لفعلنا، لكننا ندخر جهدنا لضرب النظام في عقر داره مرة أخرى وغدا لناظره قريب.(ميثاق الفجر الجديد تم التوقيع عليه بين أحزاب المعارضة والحركات المسلحة الأحد الماضي في كمبالا، وأقر إسقاط النظام بالوسائل السلمية والعسكرية).
* البعض يقول أن من بين أسباب استفحال أزمة إقليم دارفور أن الحركات لا تمتلك رؤية سياسية واضحة للحل ما تعليقكم؟
** غير صحيح القول بأن حركة قدمت كل هذه التضحيات الجسام لا تملك رؤية سياسية؛ فنحن قدمنا رؤيتنا لحل الأزمة السودانية ولم نجد من يستمع إلينا، وقدمنا رؤية لحل المشكلة السودانية في دارفور في كل من أبوجا والدوحة ولم نجد رجل رشيد في الطرف الحكومي.وما من مكان ندعى إليه إلا وقدمنا رؤية متكاملة، لكن لا يوجد شريك يمكن التفاهم معه. ولا أعتقد ان هناك خلاف أيدولوجي، والدليل على ذلك تشكيلنا للجبهة الثورية، والعمل جنبا الى جنب لإسقاط النظام، ولا نعرف التكوين القبلي إلا في حديث الحكومة الرامي لتقزيم مواقفنا.(الجبهة الثورية هي: تحالف يضم الحركات المسلحة بدارفور شكل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، ويضم أيضا: الحركة الشعبية قطاع الشمال التي تحارب الحكومة في مناطق متاخمة لدولة جنوب السودان).
* ما رأيك بتكرار الحكومة اتهامها بأن العدل والمساواة مجرد جناح عسكري لحزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي؟
** هذا حديث العاجز عن مواجهتنا، وإن كان كذلك فلماذا لا يجلسون مع المؤتمر الشعبي ويتوصلون إلى سلام في السودان، ولماذا يلاحقوننا ويوسطون إلينا دول الجوار والأطراف الدولية للجلوس معنا بغرض كسب الوقت.نحن حركة لها مشروع، ولها أهدافها ومبادئها وآلياتها، وقدمت وما زالت تقدم من أجل مشروع المهمشين في السودان، ولا ارتباط لنا الا بجماهيرنا وشعبنا
* ما تقييمكم لأداء قوة حفظ السلام التي تقودها الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في دارفور “يوناميد”، وهل استطاعت حماية المدنيين؟
** هي أكبر قوة حفظ سلام وأضعف من أن توفر الحماية لنفسها، اليوناميد وصلت إلى طريق مسدود في التعامل مع المليشيات الحكومية فهي أضعف من أن يسمح لها بالمرور أو الاعتراض على عرقلة مهامها من قبل مليشيات النظام، وأصبحت رهن تعليمات الأجهزة الأمنية الحكومية ولا تستطيع أن تجري تحقيقاً لأي جريمة في أي مكان في دارفور دون إذن الحكومة، وهذا يخالف التفويض الممنوح لها، نحن نطالب بضرورة تغيير التفويض الممنوح لليوناميد بحيث تتمكن من الوقوف في وجه المرتكبين للجرائم من قبل مليشيات النظام.
* البعض يقول إن اتفاق الخرطوم وجوبا يسهل على الأولى الانقضاض عليكم باعتبار أن جوبا هي الداعم الأساسي لكم.. فما ردكم على ذلك وكذلك على اتهامكم بخوض حرب بالوكالة لصالح جوبا؟، وماذا عن علاقتكم مع تشاد؟
** الحكومة تفترض الأحداث وتصدقها، نحن من دعا لحلحلة المشكل السوداني مع الجنوب بالطرق السلمية نتيجة للعلاقات الشعبية والمصير المشترك للشعب السوداني، وليس لنا دعم نتلقاه من جوبا حتى نتضرر وينقض علينا، نحن نتلقى دعمنا بقوتنا التي نفرضها على مليشيات النظام التي تهرب من المعارك وتخلف لنا العدة والعتاد العسكري، والقتال بالوكالة اتهامات حكومة المؤتمر الوطني ظلت تلاحقنا وقتما ساءت علاقتها مع أي من دول الجوار وهي من باب إقحامنا في خلافات الحكومة مع الآخرين، أما علاقتنا مع تشاد فهي كعلاقتنا مع دول الجوار الأخرى ليس لنا سوى التراب السوداني فنحن حركة تركز جهودها وقواتها داخل الحدود الجغرافية.
* ما تعليقك على الانشقاقات التي حدثت بالحركة بعد مقتل زعيمها ومؤسسها خليل إبراهيم في ديسمبر/ كانون الأول 2011؟ وما تقييمك للتفاوض الجاري الآن بين المجموعة المنشقة وحكومة الخرطوم بالدوحة؟
** ما حدث لا يرقى لمستوى القول أنه انشقاق يوثر على قوة الحركة، فالقوة العسكرية الضاربة ما زالت كما هي، وما زالت الحركة قادرة على الانتشار الواسع وقتما رأينا ذلك، وإعادة انتشار قواتنا في شمال وجنوب كردفان في الأيام الماضية دليل كبير على صحة ما نقول، وقيادة الحركة لا تملك عصى سحرية للحيلولة دون من خار عزمه ورغب في مصالحة النظام الذي قتل الآلاف، أما ما يجري في الدوحة فهو ليس بتفاوض وانما مجموعة شباب متواجدون في الفندق ينتظرون رحمة الحكومة، وهي عملية تأتي في إطار مواصلة التآمر لتصفية القضية السودانية في دارفور وهذا ما لا نسمح به.
* المجموعة المنشقة تقول إن الحركة يسيطر عليها أشقاء خليل وأقربائه؟
** كيف يعقل هذا وبعضهم قضى في الحركة بضع سنين ولم يتحدث عن سيطرة أسرة، لكن من يريد البكاء لا تغلبه الحيلة؛ فالحركة معروف عنها قوميتها، ومشهود لها تنوعها السياسي والجغرافي والديني، ولا أحد يدعي غير ذلك إلا مكابر.
* حكومة الخرطوم تتهم حركات دارفور بأن لها توجهات عنصرية وتريد القضاء على الهوية العربية للسودان.. ما تعليقك؟
** حركة العدل والمساواة دون غيرها ليست حركة دارفورية من الأساس وإن كنا نتشرف بدارفور، وهويتنا سودانية، ولسنا في حالة صراع مع أي انتماء اثني أو جغرافي في السودان، وما يقال عن العنصرية هواجس غرستها الأجهزة الأمنية في أذهان المغرضين، وسنبدد كل هذه الهواجس، ولن نسمح لاحد أن يقصي أي ثقافة في السودان
.* برأيك ما هي متطلبات الحل العادل والشامل لأزمة دارفور؟
** حل المشكلة السودانية في دارفور لا ينفصل عن حل المشكلة السودانية في باقي أقاليم السودان، وتتمثل متطلبات الحل في عاملين أساسيين هما: إسقاط النظام الحالي، ومعالجة اختلال موازين السلطة والثروة في السودان مع وضع أولويات للمناطق المتأثرة بالحرب وعلى رأسها دارفور.