الخرطوم – النور أحمد النور
الأربعاء ٢ يناير ٢٠١٣
دعا الرئيس السوداني عمر البشير أمس قوى المعارضة وحَملة السلاح من المتمردين إلى المشاركة في صوغ دستور دائم للبلاد، مؤكداً سعيه إلى تحسين علاقات بلاده مع جارها الجديد دولة جنوب السودان، قائلاً «نحن فصلنا الجنوب من أجل السلام».
وطالب الرئيس البشير الذي كان يخاطب حشداً جماهيرياً في ولاية النيل الأزرق المتاخمة للحدود الإثيوبية أمس لمناسبة افتتاح تعلية سد الروصيرص بكلفة نحو 500 مليون دولار، حاملي السلاح والمعارضين في الخارج بالعودة إلى السودان «الذي يسع الجميع». وحضر الاحتفال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، ووزير الموارد المائية المصري محمد بهاء الدين، ووزير المياه والطاقة الإثيوبي الامايو نقنو، ووزير البيئة والمياه الإماراتي راشد أحمد بن فهد.
وأضاف البشير: «نسعى إلى وطن آمن ومستقر وندعو جميع القوى السياسية وحاملي السلاح للمشاركة في صياغة الدستور .. لا عزل لأحد ولا حجر على رأي .. تعالوا نتفق على كيف يحكم السودان والمحافظة على بلدنا موحداً». وأكد استعداده لتحسين علاقات بلاده مع دولة الجنوب وتنفيذ اتفاقات التعاون المشترك حتى تصبح الحدود بين البلدين لتبادل التجارة والمنافع والتواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن علاقات الخرطوم مع ليبيا ومصر وإثيوبيا وأريتريا وأفريقيا الوسطى في احسن حالاتها.
وأكد البشير أنه سيتم الاحتفال قريباً بولاية النيل الأزرق خالية من أي متمرد أو خارج عن القانون. واشتعل تمرد مقاتلي «الحركة الشعبية – الشمال» في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق في حزيران (يونيو) 2011، وما زال مستمراً.
إلى ذلك، أعلن رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت أن بلاده ستقوم بسحب قواتها من الحدود مع السودان من أجل تسهيل بدء عملية نشر بعثة المراقبة المشتركة من أجل إنشاء منطقة منزوعة السلاح. وقال ميارديت خلال كلمته لمناسبة العام الميلادي الجديد، إنه على استعداد لحضور القمة المرتقبة مع الرئيس البشير في أديس أبابا في منتصف الشهر الجاري لمناقشة تطبيق اتفاقات التعاون. وأكد أن عملية سحب القوات من المناطق المتنازع عليها من شأنها تحقيق السلام والاستقرار على الشريط الحدودي بين البلدين، مجدداً تمسك بلاده بالاتفاقات الموقعة مع الخرطوم وضرورة تنفيذها.
وكان البشير وسلفاكير وقعا في أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي في العاصمة الإثيوبية اتفاق تعاون بهدف إنهاء خلافات بشأن قضايا عالقة منذ انفصال الجنوب قبل أكثر من عام، وتتعلق بعائدات النفط وترتيبات أمنية على حدودهما، واتفق البلدان على إنشاء منطقة منزوعة السلاح على حدودهما، واستئناف تصدير نفط جنوب السودان عن طريق السودان. لكن لم يسحب أي من البلدين جيشه من أي من جانبي حدودهما المشتركة وثماني مناطق متنازع عليها.
من جهة أخرى، أعلن تحالف المعارضة السودانية تقديره الأسباب التي دفعت الحركات المسلحة إلى حمل السلاح، وحض المواطنين على التظاهر لإسقاط النظام الحاكم.
وقالت المعارضة في بيان لمناسبة ذكرى استقلال البلاد، إن السودان على رغم تخلصه من المستعمر وكبته للحريات وتسلطه، لكنه بعد 57 عاماً ما زال يرزح تحت «براثن الديكتاتورية والشمولية والتسلط وكبت الحريان من بني جلدتنا». واتهم البيان حزب المؤتمر الوطني الحاكم بتقسيم البلاد وزرع الفتنة بين مكوناته وإذكاء نار القبلية والجهوية والعنصرية.
وتعهد التحالف العمل مع الحركات المسلحة من أجل ثورة شعبية تُسقط نظام البشير «التعسفي» وإقامة نظام بديل يقوم على الحرية والديموقراطية والمساواة ودولة العدالة الاجتماعية.
على صعيد آخر، اعتذرت طائفة الأقباط خلال لقاء مع حاكم ولاية الخرطوم عبدالرحمن الخضر عن تنصير فتاة مسلمة من قبل أحد أفرادها وتوعدت بإجراءات حاسمة في مواجهته حتى لا يكون الحدث مدخلاً لتعكير صفو علاقات المسلمين والأقباط في البلاد. وفي المقابل، اعتذرت حكومة ولاية الخرطوم لمطران الكنسية القبطية في العاصمة الأنبا إيليا الذي أوقفته السلطات الأمنية على خلفية الحادثة الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن الفتاة عادت إلى أسرتها ودينها الإسلامي.
وكانت السلطات المختصة اعتقلت كاهنين من الكنيسة القبطية السودانية بعدما عمّدا مسلمة اعتنقت المسيحية.
وامتدحت قيادات الطائفة القبطية برئاسة الأنبا صرابامون، مطران مدينة أم درمان، والأنبا إيليا مطران العاصمة الخرطوم، تدارك حكومة الولاية لحادثة تنصير الفتاة المسلمة بصورة مثلى. وأضافت القيادات القبطية أن ما حدث يمثل سابقة لم تحدث في تاريخ الأقباط في السودان منذ مئات السنوات، واعتبرته حادثاً فردياً. وأكد الخضر قبوله اعتذار الأقباط، واعتبر تنصير فتاة مسلمة عملية فردية لن تؤثر على التواصل والنسيج القوي بين المسلمين والأقباط.
وكان تنظيم مجهول أطلق على نفسه «تنظيم القاعدة في بلاد النيلين» اتهم أقباطاً بتشكيل شبكة لتنصير الشباب المسلم، وهدد بأعمال انتقامية ضد «تنصير فتاة مسلمة بعد خطفها».