حسن اسحق
ورد خبر الاسبوع الماضي يضم في محتواه كثير من الغموض والالتباس حول ممارسة طلاب الجامعات لنشاطهم السياسي ومنابرهم فيها،وبرز هذا القرار بعد مجرزة جامعة في الاسبوع الا ول من ديسمبر الحالي ،من قبل وزارة التعليم العالي ،ويشير الخبر الي ان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كشفت عن اتجاه لمراجعة اللوائح والقوانين المتعلقة بالسلوك الطلابي وتقوية الحرس الجامعي،مشددا علي الفصل بين الجوانب الاكاديمية والانشطة السياسية ،وان تكون الاخيرة بعيدا عن الحرم الجامعي ،منوها الي التأثير الخارجي علي الجامعات بطرق تخدم الاغراض الضيقة دون المصلحة العامة ، ومنوها الي عدم منع الطالب من ممارسة النشاط السياسي في الدور الحزبية. الناشطات السياسية والثقافية والاجتماعية في كل الجامعات تمثل الرافد الذي يتطلع منه الطلاب الي اكتساب تجارب في الانشطة المذكورة سابقا،وهي تساهم بصورة كبيرة في جعلهم يخططون ويفكرون ويتطلعون الي مستقبل مشرق ،يكونون فيه هم القادة والمفكرين والكتاب ،من جانب المعارضة او السلطة المتمسكة بكرسي القيادة .قد يختلف الكثيرون في كيفية ادارة حوار سياسي ناجح وفعال في هذه المؤسسات التعليمية الكبري،وهذا شئ طبيعي ،لكن الشئ غير الطبيعي ،عندما تفكر الحكومة بعقلية احادية في قيادة منبر طلابي لوحدها،وحظر نشاط البقية المعارضين،وتهديدهم بمداهمة منابر انشطتهم في حال تمسكهم بحقهم في العمل،وما العقلية الاحادية ،الا العقلية الشمولية المسيطرة علي كل شئ،القابلة بمفهومها الاستبعادي ،واذا كان النظام الحاكم يمارس هذا السلوك مع قوي المعارضة،فماذا يتوقع من ابناءه ؟سيسلكون نفس طريقة اباءهم المجرمون،ان اباءهم يفرضون قوانين تعطل عمل الجهات الرافضة لسياستها ،بمنع التظاهرات ورفض تصاديق ممارسة العمل الجماهيري ،في حالة التمسك برأيهم تدخل الشرطة ،مستخدمة الهروات والغاز المسيل للدموع،ويأتي دور الامن في رصد المشاركين واعتقالهم ،هذه تصرفات السلطة،واما في الجامعات التي يسيطر علي اتحاداتها ،وراثي اباءهم،فدائما مايصيبهم التكبر والغرور،ويعتقدون انهم اغلبية ساحقة تفرض رؤيتها علي من تشاء،وهذا الغرور يظهر في مهاجمة منابر طلاب المعارضة بحماية كاملة من حرس الجامعة ،ويسمح بادخال آليات العنف وتصل احيانا تخبئها في المساجد،وحظر الطلاب الاسلاميين الوطنيين الجناح الموالي للحكومة داخل الجامعات نشاط مؤتمر الطلاب المستقلين في
النيلين قبل سنوات ،إثر صدام بينهما ،راح ضحيته طالب من السلطة،وكذلك جامعات اخري كالاهلية وغيرها. ان قرار وزارة التعليم العالي يأتي في وقت اصبحت الجامعات السودانية هي المبادرة في الخروج الي التظاهرات ،وتوجه انتقادات حادة وصريحة في دعوتها الي النزول الشارع والاطاحة بالنظام الذي يحتضر ويعيش علي سكرات الموت المؤجل،وهذه الخطوة ،ما هي واحدة من سياسة قمع النشاط السياسي الطلابي ،لتخفيف حدة الخوف المسيطرة عليهم،ويدرك الجميع ان الانشطة فيها ضعيفة والاقبال علي الاركان او المنابر ،عدد حضوره للاستماع قد يكون ضئيلا ،لكن الفئة الحائزة علي الحكم زورا،قد تخشي الطلاب اكثر من المعارضة في الوقت الحالي ،لقدرتها علي تحدي الاجهزة الامنية والشرطية علي الرغم من كل ظروف البطش والقمع المتكررة في لعبة السياسة السودانية ،ويقرأ من هذا القرار ان السلطات السودانية ترغب في فصل الجانب الاكاديمي عن النشاط السياسي في الجامعات السودانية ،وقد تكون احداث جامعة الجزيرة وراء مثل هذا القرار،ليست المرة الاولي التي تتأزم فيها مشاكل كهذه،وما جعل المؤتمر الوطني اتخاذ قرار كهذا ،ان الطلاب في جامعة الخرطوم في شهري يونيو ويوليو السابقين،هم اول من خرج الي الشارع معلنين رفضهم للزيادات التي قصمت ظهر المواطنين، وخروجهم تضامنا مع طلاب دارفور في الخرطوم ،ومحاكمة مرتكب جريمة القتل العمد ،وفي اشارة الي اسقاطه، هو الحل . يؤمن الكثيرون بالمقولة (لن يكون لدينا مانحيا من اجله،ان لم نكن علي استعداد ان نموت من اجله) تشي جيفارا. ان الطلاب علي استعداد لمحاربة وكسر هذا القرار ،والسكوت علي قرار كهذا ،يعني افراغ الجامعة من الكادر المؤهل او شبه المؤهل ،الجميع يعلمون النشاط الجامعي تشوبه ممارسات ،مكانها ليس الجامعة ،وفي النهاية رغم المردود الضعيف ،المنبر السياسي كالنهر لا يتوقف ابدا، والقرار هذا ادراك خفي علي خطورة طلاب المعارضة في كسر حائط الخوف من جهاز الامن وغاز الشرطة،وتحدي كرسي السلطة مهما بلغت درجة قمعه،هم قواد الثورة ،الطالب لا يخشي الموت ،لكن يخشي الرجوع للوراء والتراجع عن مبادئه التي يؤمن بها.
حسن اسحق
صحفي
[email protected]