طرق الحرية مغلقة …والامل الوحيد نوافذه بها ضوء

طرق الحرقة مغلقة ….الامل الوحيد نوافذه بها ضوء
حسن اسحق
من منا لا يحب ان يعيش في سعادة ،ووطن من خلال مرآته يعكس الكل والجميع علي شاشاته الحقيقية في الاعلام والتلفاز والراديو ،وكذلك البرامج ذات الاهتمام بقضايا الانسان اليبومية التي تدخل في معاشه اليومي وسكنه المستقر ،وانسانيه المصانة وكرامته المحمية بالقانون .
ان وطن كهذا يراود الكل ،وتحلم به الاغلبية في بلادي ،الوطن عندما يتجاهل المواطن ،ويتعمد بطرق مختلفة تشديد الخناق عليه ،وفتح طرق اخري لفقدان ضوء الديمقراطية والسلام الاجتماعي ،والمشاركة في شؤون الوطن السياسية والاجتماعية والاقتصادية ،بالحديث عنها في الطرقات والشوارع بالتظاهر السلمي ،في حال اخفاق السلطات في البرامج التي تمس المواطن في مأكله ومشربه ومسكنه ،او الصحف عن طريق النقد وتقديم مقترحات بديلة عن السابقة ،او حذف فقرات ،وادخال اخري ،كل هذا من المسحيل ان يتحقق دون حرية تكفل لنا حرية التعبيرفي الصحافة والاحتجاج والتظاهر السلمي ،وهي حرية شبه مخدرة من جهاز الامن الذي عين نفسه الرقيب علي الصحافة ،او بالاحري صار جهاز الامن السلطة الرابعة بدلا من الاعلام والصحافة في السودان طرقها مليئة بالاشواك والالغام المتمثلة في قوانين الصحافة والمطبوعات وقانون جهاز الامن نفسه الذي تفرعن وطغي واستكبر علي الدستور الذي يحدد صلاحياته وتحركاته ،انها تملك سلطات لا حصر لها من تعيين رئيس تحرير للصحف ،والشخص الذي يروق لها تفضله ،اما المغضوب عليهم من قبل الخفافيش ،كارهو الحقيقة ،ومرتدي اقنعة النفاق والزيف ،اصحاب الكلمة الحرة الصادقة من المحال والصعب ان يعينوا رؤوساء تحرير في الصحف ،حتي لو كانت خبراتهم الصحفية عشرات السنين .
هناك قول مأثور يردده عاشقو الحرية ومحبو السلام والديمقراطية ،والساعون الي التحرير ،ان هذه الحرية مثل النور والنار ،فمن اراد النور حتما سيكتوي بالنار ،ان الشباب السوداني خرج الي الشوارع للتعبير عن اراءه ورفضه للسياسات العرجاء الباطشة ،وبدأت فكرة الخروج هذه قبل عامين ،في فترة الانتخابات 2010 ،كشباب حركة قرفنا الشبابية ،كسرت حاجز الخوف ،خرجت الي الطرقات والميادين في اسواق الخرطوم بمدنها الثلاث ،في احياءها وميادنها السودانية الاخري .ان حركة قرفنا الشبابية قالتها ،صراحة دون وجل ،معا لاسقاط نظام البشير المستبد الديكتاتور حسن عمر البشير ،معا لبناء النسيج الاجتماعي الذي دمره نظام الانقاذ عبر نشر العنصرية ،وتتضح ملامحها في العبارات المتداولة في الشوارع السودانية من خلال الاحاديث اليومية والونسات الجانبية ،ودعت حركة قرفنا الي فضح وكشف افاعيل المؤتمر الوطني ،من جرائم خفية عن الشعوب السودانية ،وكل هذه الخطوات قام بها شباب قرفنا ،مع علمهم التام ان تكلفة كسر حاجز الخوف ،ستكون نتائجه مكلفة ،وفعلا حدث ماكان متوقع ،اعتقل الشباب من قبل اجهزة الامن ،ومارست هذه الاجهزة غير الاخلاقية مع لعضهم ،وسائل قذرة في التعذيب ،واحد اعضاء الحركة من طلاب جامعة الخرطوم ،قال لاحدي صحف المعارضة قبل عامين في مؤتمر صحفي ،بعد اعتقاله والافراج عنه ،انه تم تجريده من ملابسه ،والتقطت له صورا ،وهو عاري الجسد ،وهددوه بنشرها ،اذا واصل الاستمرار في طريق الشرفاء والباحثين والمؤمنين بالحرية ،وعقيدتها التي تكفل للجميع التعبير عن رأيهم بالتساوي دون خوف وتمييز علي اسس يتوهمها المستبد ،ان امر البحث عن الحرية ،والحصول عليها ،لم يتوقف علي حركة قرفنا الشبابية وحدها ،لكنها كانت السباقة في العمل الجماهيري الشبابي ،قد فاجأت ديناصورات الاحزاب التي تتكلم دائما عن الحرية والديمقراطية والمشاركة الشبابية الفاعلة والمؤثرة ،لكنهم بعيدون كل البعد عن الحرية ،وان مشاركة هؤلاء الشباب سواء من حركة قرفنا الشبابية الداعية صراحة الي ازالة نظام الاستبداد والحركات الشبابية الاخري ،يشير الي ان فرض الطاعة والوصاية علي الاخرين ،وخصوصا الشباب ولي من غير عودة،وايضا قد يفتح منافذ وثقوب جديدة لارسال الاراء والتعبير عنها بشجاعة بطرق جديدة يبتكروها ،دون سياج خوف من زعيم او سياسي يدعي العصمة من الوقوع في الاخطاء والهفوات الكارثية ،مثل القادة مدعو هذه العصمة المزيفة كثر ،يتولون كراسي رؤوساء الاحزاب منذ اكثر من ثلاث عقود ،ويتجرأون في ممارسة التضليل الجماهيري والشبابي ،وحديثهم المكرر المحفوظ ،ان الشباب وقود الحراك في المستقبل ،وهم عندما اختيروا لهذه الاحزاب كانوا شبابا ،ودخلوا مرحلة الكهولة ،ورافضين التنازل ،وافساح المجال للاخرين وقود المستقبل الحقيقي ،وبريقه لمعانه الحاضر ،هم الشباب .
بعد كل هذا ،لقد كشفت ان الحرية لا تقض عليها الحكومات القمعية وحدها ،هي لها الدور الاكبر لامتلاكها ،وسائل السلطة القمعية التي تجير لنفسها خدمة مصالحها المؤقتة الذاهبة الي المذبلة ،لكن لهذه الاحزاب التي وصفتها بالديناصورية دورها ،قد يعتبر اقل ،بل يساهم في كبت الروح الساعية الي التغيير ،والمشاركة بالاراء ،والافكار والنقد ،صورة قربية جدا للواقع ،قد تكشف ان الاحزاب التي تدعي انها كبيرة ،ووطنية ،تشارك في حكومة ترفض حتي الحديث عن الحرية ،ما بالك تطبيقها علي ارض الواقع ،الصادق المهدي رئيس حزب الامة القومي ،ابنه يشارك في القصر الجمهوري ،وايضا السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديقمراطي الاصل ابنه يشارك المطلوب دوليا في القصر الجهوري .
ان ثمن الحرية المبذول من تضحيات سجن ،اعتقال ،اغتصاب ،وتشريد الي خارج الوطن يدفعه الشباب ،ويقبض ثمنه الاحزاب التي يشارك ابناءها الحكومة .
رغم الصعوبات والتحديات ،والطرق مليئة بالاشواك ،والبحث عن الحرية قد يكلف الغالي ،ويكون ثمنه الروح ،رغم طرق العبور الي الحرية مغلقة ،ودرب الحرية الاخضر محاصر ،الا ان الامل الذي بداخلنا نوافذه بها ضوء .
حسن اسحق
صحفي
[email protected]
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *