ائمة المساجد : الة النظام الدعائية لاشعال حرب عنصرية طاحنة
بقلم: عثمان نواي
كتبت الانتباهة فى عددها يوم 28 يولويو الجارى , خبرا رئيسيا اشارت الى انه يوضح موقف عدد كبير من ائمة مساجد الخرطوم والولايات من مفاوضات الحكومة مع الحركة الشعبية قطاع الشمال فى اديس ابابا , الصحيفة التابعة لخال البشير الطيب مصطفى صاحب الاراء المتطرفة العنصرية والعداء ,ليس فقط لدولة جنوب السودان و الحركة الشعبية الحاكمة فى الجنوب , بل لما يعتبره , ” مشروعا شيطانيا ” الا وهو مشروع السودان الجديد الذى تتبناه الحركة الشعبية فى الشمال , واوردت الانتباهة ان ائمة المساجد وعلى راسهم يوسف عبد الحى , استنكروا موافقة الحكومة للعودة للتفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال , ودعا كمال رزق خطيب المسجد الكبير بالخرطوم ” اصحاب العصبات الحمراء ” فى اشارة الى ” الدبابين ” الى تحسس اسلحتهم ” إستعداداً لجهاد الحركة الشعبية التي تريد هدم البلاد وتسليمها لأمريكا “ , اواردت الانتباهة مواصلة انه ” وقال كمال رزق في خطبة الجمعة أمس إن على وفد الحكومة المشارك في المفاوضات أن يعتذر للشعب السوداني قاطبة لأنه أذاقه الهوان والذل. مضيفا أنه لاتفاوض ولاتنازل مع مايسمى بقطاع الشمال والحركة الشعبية لأنهم مصاصو دماء وقتلة وخونة علاوة على أنهم عملاء لأمريكا” , امريكا التى اضاف امام مسجد الخرطوم لن تتركنا حتى ” نتبع ملتها ” وتقتلع ” الاسلام من جذوره . وواصل داعيا وزير الدفاع لاى ترك طاولة المفاوضات فورا والتحرك للجاهد وتحرير كاودا .
ان الخطب والاشارات التى بثها ائمة المساجد كما نقلت الانتباهة , انما يمثل حالة الرعب السياسى والدينى والاجتماعى , التى يشهدها والرعب مكمنه ليس فى خوف من الحركة لذاتها , بل لما تمثله من افكار ومجموعات بشرية ذات خلفية اثنية وعرقية مختلفة وثقافة وقيم مختلفة عن تلك الحاكمة للمركز واهله منذ عقود , وما تمثله تلك المجموعات , لما يتوهمه المركز المتطرف من التجانس الاثنى والدينى الذى لايريدون له ان يتم ” تحطيمه ” او تلويثه على الاقل بالافكار والمشاريع ” الشيطانية , التى تنهى وهم التجانس وحلم ” دولة الشريعة والمشروع الحضارى ” التى يتبناها المتطرفون , والحكومة التى تدعمهم من خلفهم ومن بين ايديهم , حيث يعبرون صوتها الحقيقى الذى لاتستطيع لاسباب سياسية وديبلوماسية استخدامه علانية فى اوقات كثيرة , ولذلك تفخخ الساحة وتتيح المساحات الاعلامية وغيرها لامثال هؤلاء الائمة والمتطرفين ليلعبوا دور المنتقد الناصح للنظام واحيانا المنافس او المهدد , فى سبيل اظهار شكل من الفصل بينها وبينهم , فى حين استخدامها لهم كالتها الدعائية النازية المتوسعة , لتوصيل رسائل عنصرية وتحريضية لعامة الشعب , فى محاولة لصنع التفاف شعبى حول النظام عبر , تصويره كالبطل المدافع عن النقاء العرقى ولالانتماء الدينى للاسلام والثقافى للعروبة , وانه الضامن لبقاء السيطرة للمركز العروبى الاسلامى على السودان والحامى لهذا المركز فى وجه الغزو ” الاجنبى ” من دولة الجنوب ” المنفذة لخطط امريكا ” والاثنين دولة الجنوب ومن خلفها امريكا يستخدمون ال” الحركة الشعبية قطاع الشمال , والحركات المسلحة الاخرى , لتنفيذ هذا المخطط ” لتدمير السودان ” .
قالت صحيفة الصحافة فى عدد 28 يوليو الجارى ان مخططا لاغتيال البشير تم التخطيط له من قبل دول اجنبية وبمساعدة من الجبهة الثورية واضافت الصحيفة قائله ان المصدر : ” واعتبر أن اغتيال الرئيس البشير يهدف في المقام الأول الى اغتيال المشروع الاسلامي والعروبي في السودان، وانهاء التوجه الاسلامي في البلاد واحداث خلخلة في بنية الدولة السودانية لاحداث فراغ دستوري لتعقبه فوضى ” . اذن سيناريو نظام الانقاذ هو نحن او لطوفان , بالنسبة للسودان ككل , وبالاخص للجزء من الشعب السودانى الذى يحسب نفسه مستعربا واسلاميا , وهذا السيناريو لمحاولة اغتيال المشروع الاسلامى العروبى فى شخص البشير الحامى والراعى لهذا المشروع , انما هو مزيد من عملية التعبئة والدعاية التى تستهدف جلب الدعم فى ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة فى الخرطوم , اضافة الوضع العسكرى الذى لايسير على الاطلاق فى صالح حكومة البشير التى لم تتمكن تحقيق تقدم يذكر , خاصة فى جبهة جبال النوبة , ومع زيادة التحركات العسكرية فى مناطق واسعة من دارفور فى الشهور الاخير وتقدم نوعى ايضا شهدته العمليات هناك باسقاطات عسكرية حسب تقرير الامم المتحدة لمجلس الامن الاسبوع الماضى المحذر من تدهور الامن فى المنطقة , وبالتالى فان ازمة عسكرية اقتصادية خانقة تضاف اليها ازمة سياسية مركبة , فعلى المستوى الداخلى الاحتجاجات المتفرقة لاكثر من شهر على مستوى البلاد عى الغلاء والمطالبة باسقاط النظام شكلت اهتزازا فى ثقة النظام فى قدرته على السيطرة على الجماهير فى المركز , عبر الدعاية الاعلامية المكثفة والمسكنات الاقتصادية , اضافة الى الضغوط الدولية المستحكمة واولها قرار مجلس الامن 2046 والمهلة التى ستنتهى فى الثانى من اغسطس , والتى قد تؤدى الى فرض مزيد من العقوبات التى لايستطيع النظام تحملها . وبالتالى فان اللجوء الى سيناريوهات الاغتيال لها ربما عند البعض تفسيرات متنوعة تصل حد ان احتمال ممكن حتى من داخل النظام وخاصة الحركة الاسلامية التى اصبح البشير المطلوب دوليا يشكل لها خطرا مستفحلا وعائقا لتمكينها من الاستمرار فى حكم البلاد ربما يجب التخلص منه , ورغم اتفاقنا جزئيا مع بعض هذه السيناريوهات , الا ان الالة الدعائية للنظام ايضا لديها اعتقاد بوجود تعاطف حقيقى مع البشير من قبل الشعب فى المركز وبالتالى وجوده فى خطر ربما يخلق ما تريده الحكومة من تعاطف ربما يمدد عمرها قليلا.
ان حالة الاستقطاب العرقى, الدينى والثقافى التى تمارسه الحكومة الان, مستخدمة التها الاعلامية والدعائية , تقوم بلعبة خطيرة للغاية , فى اطار نقل الصراع فى السودان , من الصراع السياسى الاقتصادى , الى صراع عرقى دينى بحت , ورغم ان الطرف الاخر من المعادلة اى الحركة الشعبية والجبهة الثورية بمكوناتها المختلفة , لا تتبنى الخطاب العنصرى , وتدعو الى تغيير جذرى وشامل ” لكل” السودان , حيث المواطنة هى اساس الحقوق والواجبات , الا ان ما يقوم به النظام من دفع فى اتجاه الشحن العنصرى , وتصويره نفسه وقيادته المتمثلة فى البشير كدرع واقى , يحمى السودان ” العروبى الاسلاموى العنصرى المركزى ” من اى تغيير محتمل عبر القوى التى تسعى لهذا التغيير , فان النظام بهذه الطريقة يقود الصراع ليتحول الى صراع بقاء , اما نحن او انتم , او ربما نحن او الطوفان لان النظام لا يعترف بوجود الاخر , كما انه يتوهم ايضا مناصرة مطلقة من السودانيين فى المركز , وهو الان تثبت الاحتجاجات الاخيرة عكسه , رغم ضيق نطاقها , كما ان الصمت المخزى للاحزاب القوى السياسية فى المركز والمثقفين ومنظمات المجتمع المدنى , على هذه الحملات التى هى سوف تؤدى التى تدمير السودان يعد من الصميم المؤدى الى التهلكة , والذى ربما لن تكون عاقبته فقط انقسامات اخرى جديدة للسودان , فما يجر النظام السودان اليه من مواجهة مبنية على الدين والعرق , قد تكون بداية لحروب اهلية طاحنة ربما لا تتوقف حتى لو انفصل السودان مرات اخرى عديدة , وهذا الخطر الداهم الذى صمتت عنه النخب فى المركز فى الماضى الان الذى اوصل البلاد الى ماهى عليه ,لن يكون اهم اوصاف السودان , بانه دولة الصراعات والحروب والدولة التى فيها اكبر عدد من النازحين , والتى نصدر اكبر اعداد من اللاجئين , والدولة الاولى التى يدان رئيسها بجرائم ضد الانسانية وهو فى الحكم , والدولة التى ارتكبت فيها اكثر من ابادة جماعية فى اقل من 20 عام , والدولة التى تقتل شعبها وتجوعه بدم بارد , وان كانت الانقاذ والبشير هى الايدى المنفذة والمخططة , فان الصامتين عليهم هم الشياطين الخرس . ولن تتوقف الالة الدعائية للنظام عن بث سمومها حتى تجد من يقف لها بالمرصاد بقوة اعلامية ودعائية مضادة وفعالة وبعمل سياسى ومدنى فعال يتحكم ان لم ينهى اثار البربوجاندا الفتاكة عبر ائمة المساجد ومنبر السلام العادل وغيرهم التى يمكن ان تؤدى الى تدمير حقيقى للبلاد.
http://osmannawaypost.net/
http://www.huffingtonpost.com/osman-naway/
[email protected]