بسم الله الرحمن الرحيم
هنا نلخص بعض المشكلات الأساسية التي ظلت تعوق الدولة السودانية وشغل بال العام وأصبح الشعب السوداني يعاني منه منذ فجر الإستقلال حتى الآن على مدى ستة وخمسون عاماً حال دون الإستقرار و تقدم البلد سياسياً وإجتماعياً وإقتصادياً وكذلك ثقافياً.
من أهم هذه المشكلات الجوهرية في المجتمع السوداني ونسميها ” الأزمات المعقدة والمستوطنة على مدى نصف قرن” وهي:
1- أزمة الهوية.
ظلت الشعب السوداني منذ الإستقلال الدولة حتى الآن يُجادل حول ما هي الهوية الحقيقية للدولة السودانية؟ لم يتم الإتفاق عليها قط، يُعتقد البعض إنها هوية عربية صرف ذلك في نظرهؤلاء الأقلية الذين يرتادون سُلم الحكم بشكل دوري كما يُسمّونهم أولاد النيل ولديهم الكلمة العليا بفضل السلطة ومنطق القوة، أما الآخرون هم الأغلبية البسطا المهمشة من بطون الغير العربية ينظرون بأن الهوية زنجية أي أفريقية صرف لا غبار عليه بحكم الإجماع والأصل ولكن هؤلاء لا حول لهم ولا قوة كي يفرضوا هويتهم، لذا لم يتم تحديد الهوية السودانية بعد بشكل النهائي حتى الآن ذلك مما نشب الخلافات الحادة وشكوك في الإنتماء بين المتعلمين والمثقفين من أبناء الدولة الواحدة.
2- أزمة الشرعية.
النُخب والحكومات التي حكمت السودان عبر العصور المختلفة لم تكن مقبولة ولم يتم إنتخابهم توعيةً من إرادة المواطن السوداني، لأن معظم هذه الأنظمة جاءت إلى سُدة الحكم عبر إنقلابات عسكرية وأخرى عبر تزوير إرادة الشعب، لذا لا يمكن أن يتمتع هؤلاء الحكام بالشرعية الدستورية وليس لهم سند قانوني ولا إجماع وطني يخوّلهم الحُكم في بلد كالسودان الذي يتعدد فيه الإثنيات والديانات، لذا يتخذون القرارات المصيرية للدولة في شأن مستقبل الشعب بأسره حسب مصالحهم الضيقة.
3- أزمة المشاركة وعدم المساواة.
لا توجد مشاركة عريضة من قبل المواطنين في نظام الحكم ووضع السياسات العام للدولة، كما نجد أن النظم والقوانين لا تنطبق على سواء بين الأفراد المجتمع الواحد، وأصبح يتم تولي المناصب العليا والخدمة العامة في الدولة على إعتبارات أخري مثل القرابة والقبيلة والنسب والولاء وكذلك العلاقات الشخصية وهكذا هلم جرا، بصريح العبارة لا توجد العدالة ولا المساواة إطلاقاً بل هنالك سياسة الكيل بالمكيالين في معظم المعاملات السياسية والإقتصادية والإجتماعية وأيضاً يمارس الإقصاء والطمث الثقافي، وإن كان هنالك مشاركة تكون بمجرد وسيلة وديكور ينفّذ بها سياساتهم القزرة لتحقيق أهدافهم الخاصة أي ليست الغاية من تلك المشاركة هي إسهام المواطنين بصورة حقيقية في الحكم وإتخاذ القرارات في مستقبل الأمة السودانية المخلصة.
4- أزمة التمايز والقدرة.
تكاد تنعدم المؤسسية في أروقة الدولة السودانية في ظل هذه الحكومات الإستبدادية مما أدى إلي إنعدام التخصصية والخبرة في أي عمل، وخلط الأدوار في نظم المهنية والسياسية والإدارية حيث نجد أن رجل قانون يُعين وزيراً للصحة وآخر عسكري يُعين وزيراً للزراعة مثلاً وهكذا يُعين الهابل في مكان النابل بقرار رئاسي لا يراعي ضرورة توافر القدرات والمهارات معينة تمكن الشخص المُعين على الإبداع والتكيف مع الوظيفة ومواجهة تغيرات العمل وفهم مفردات المهنة، علماً بأن الخريجين الممتازين كثر وحدث في البطالة ولا حرج.
5- أزمة الفهم والتغلغل.
يعني عدم قدرة الحكومة على فهم وكسب التأييد الشعبي وتآلف مع أفراد المجتمع من المستويين المحلي والقومي، كما ليس لها جراة أن يتغلغل في نفوس الشعب من أجل أن يفهم ويستجيب مصالح ومطالب المشروعة للمواطنيين بمختلف توجهاتهم وأعمارهم حتى يلتّف الناس حول حكومتهم الرشيدة ويلقى الدعم وقبولاً واسعاً من كافة أنحاء الأقاليم النائية للدولة، هكذا يمكن فرض هيبة الدولة والسيادته، ولكن المؤسف دائماً أن الأنظمة الدكتاتورية القمعية تحاول أن تفرض كل الأمور بالقوة وتراوغ أن تكسب التأييد الشعب بالتزوير، تلك هي مشكتنا الأكبر في نظام الحكم في السودان.
6- أزمة توزيع الموارد والمنافع العامة في الدولة.
إستقرار النظام الحكم في أي دولة يرتبط مباشرةً مع التوازن السياسي والتنمية الإقتصادية الشاملة وكذلك التقدّم الإجتماعي والثقافي، فإن مشكلة التوزيع ليس حصرياً على توزيع عوائد التنمية من الموارد المادية والعينية من الصندوق المركزي، إنما يجب أيضاً توزيع أعباء التنمية بشكل متساوي في المجتمع الحضري والريفي وفق المعايير والكثافة السكانية مع الخصوصية في نصيب المناطق الإنتاج، ولكن للأسف لا تُطبق هذه المعايير في السودان بل يحول جلة هذه العائدات للمصالح الحزب الحاكم.
7- أزمة الحقوق الإنسانية.
ربنا سبحانه وتعالى عندما خلق الإنسان ميزه وكرمه على سائر المخلوقاته وحمله في البر والبحر وجعله خليفة في الأرض، إذاً يجب أن يحترم فيه ويصان كرامته بغض النظر عن إنتماءاته المختلفة بحيث ألّا يهان ولا يُقمع ولا يحرم من حقوقه وكذلك أن لا يُنتيهك حرماته وكل ذلك ممنوع وفق الأعراف والديانات السماوية والقوانين الدولية والمحلية، ويجب الإعتراف بالحقوق الإنسانية التي بها يعيش الناس حياةً كريمة ويتمكن من خلالها التكيف مع البيئة المحيط به بمقتضى تلك الحقوق والواجبات من دون تهميش أو ظلم حتى يجد كل واحد نفسه في السياسة والإقتصاد والمجتمع والثقافة الدولة وبعدئذ يساهم في التنمية والأمن والإستقرار ويعلن ولاءه التام للدولة، وللأسف الشديد ينتهك كل تلك الحقوق الإنسانية في السودان في ضوء النهار حيث يُضرب الإنسان كالحمار ويُغتصب المراة بصورة جماعية وبل يعذب شخص برئي بواسطة الأجهزة الأمنية التابعة للحزب الحاكم من دون أي تهمة يوجه إلية أو أي ذنب يقترفه بعينه وبل ذهبوا أبعد من ذلك في قتل المواطنيين وحرق القرى وإغتيال السياسيين يفعلون ما يُأمرون من الشيطان من أجل السلطة هم ليسوا بالبشر ربنا يهون القاسي و يأتي بحكّام راشديين.
8- أزمة التخلف.
لا ننكر بأن السودان ما زال في زيل دول العالم الثالث، ولكن السبب في تأخره يرجع إلى الأنظمة الدكتاتورية القمعية الرجعية التي حكمت السودان منذ الإستقلال حتى الآن، ومن أهم السمات التخلّف المتفشي في السودان هو: – إتباع السياسة التقليدية والمصلحية الضيقة في نظام الحكم وعدم تطورها مع تقدم الزمن والعالم. – حكم الأقلية وإقصاء الآخرين ثم إستغلال المال العام في صالح الخاص وتدهور الوضع المعيشي. – إنتشار الأمية بصورها المختلفة وعدم إهتمام بالتعليم من قبل الدولة وتغيير سُلم التعليمي والمناهج الدراسية في كل مرة. – تخلّف الإقتصادي وعدم التنمية المتوازنة، المتمثل في إتباع طرق الإنتاج التقليدية وشيوع البطالة وعدم كفاية رؤوس الأموال المنتجة في تغطية حاجيات الدولة، كذلك التاخر الصناعي والثقافي في البلد. – النظرة القبلية في المعاملات الرسمية وغيرها مما أدى إلى التفاوت الطبقي بين فئات المجتمع والإنتماءات الضيقة. – تردئ الأحوال الصحية والخدمية وبدائية البنى التحتية والمرافق العامة للدولة. – غياب العقلانية في تخطيط وتنفيذ القرارات المصيرية والمشروعات الدولة. – ظلم وإنتهاك الحقوق الإنسانية جعلا ضُعف الولاء للدولة.
Nasir Kundas
Nidaal11@ Hotmail.com