جمهورية الفيس بوك -Facebook

جمهورية الفيس بوك –Facebook
خالد عثمان

لقد عاش جيلي نفس الظروف التي يعيشها أبناءنا وأخواننا في  السودان ومصر والمنطقة العربية، وأذكر معاناتي في الحصول على وظيفة بعد تخرجي في جامعة الخرطوم، في العام 1984 ، وكانت السلطة آنذاك تحالفاً بين الأخوان ونظام النميري، في ذلك الزمان أوصدت الابواب أمام الشرفاء ، فكانت أول وظيفة لي بشركة أجنبية بغرب العراق، ولم يطب لي المقام في العراق وكان صدام في أوج عنفوانة وحرب المدن مُستعرة بين طهران وبغداد.

هؤلاء الشباب لديهم قضايا مشروعة ذات أهمية قصوى لا ينتبه اليها الحكام ، يريدون ان يشقوا طريقهم نحو آفاق المستقبل ، يريدون ان يشهدوا أبنائهم ويسكنوا الي زوجاتهم وبيوتهم، يريدون أن يكون لهم رأي في قضايا دنياهم ودينهم ، كل تلك الأمور لا تجد لها حظاُ في أجندة الحكام في كل الاقاليم والعواصم، وتغيب عن المسؤولين في كل المستويات. 

لذلك، وللقمع المتواصل بإستخدام الاساليب التي أبتدعها السافاك والموساد ووكالة المخابرات الامريكية أضطر هؤلاء الشباب للجوء للعالم الافتراضي. وليسمح لي الشاعر المغربي المهاجر طه عدنان الذي أنتبه قبل سنوات الي هذه العوالم الجميلة التي تمكنك من الصدوح والغناء والنضال، ففي ديوانه،  ولي فيها عناكب أخري،  يقول طه:     

أنا هنا بينكم مواطنٌ حرٌّ سعيد،
خفيفٌ كرغوةٍ
طليقٌ كأرنب البراري.
من موقعٍ لموقعٍ
ومن منتدىً لمنتدىً
ألاحق موجة الأسرار
أعجنها باليدين بالقلب بالمجامع
لأبدع شكلاً تفاعلياً للحياة:
أدردش إلكترونياً. وأفرفش إلكترونياً.
أعشق إلكترونياً. وأبغض إلكترونياً.
أُخلص إلكترونياً. وأخون إلكترونياً.
أُتاجر إلكترونياً. وأُقامر إلكترونياً.
أُغازل إلكترونياً. وأناضل إلكترونياً.
أتضامن مع الانتفاضة إلكترونياً.

وانا في طريقي الي الخرطوم في ديسمبر الماضي كنا أتسأل إن كان لدي قراء في السودان ، وهل ما نسهم به من أسطر يجد حظه لدى الشباب؟ وبدون ان أستفهم فأجاني الشباب من الاخوان والاقارب بما أكتب، ووجدت بينهم من نضج وأصبح جاهزاً لقيادة الثورة .

ان ما يحدث في مصر الآن وما حدث في تونس وسيحدث في اليمن والسودان والجزائر والمغرب و…. يؤكد ان ركب الحداثة – Modernity –  والتحديث – Modernization –  ماضي الي غاياته ، فالمفاهيم الجديدة في التعاطي مع الفلسفة ومسائل الحياة قد تجاوزت الحكام العاجزين وان أستخدام الوسائل الحديثة في طرح الافكار وممارسة الديمقراطية قلب الطاولة على الافكار العقيمة وعلى البوليس السري الغبيء.

وعلى كل الشباب الذين لم ينضموا بعد الي (Facebook ) ان يفعلوا ، وعليهم الا ينتظروا كلمة سر من هذا الموقع أو ذلك، فموقع (Facebook ) يعطيك مساحة فورية بها برلمان ، وإذاعة ومجتمع حاني يخفف عليكم ضجر العسعس والخطب الطويلة من الحكام الفاسدين ، المرتشين فاقدي الصلاحية. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *