أصدر محمد الغنوشي القائم بأعمال الرئاسة التونسية تعليماته لقوات الجيش التونسي بالتدخل لوقف أعمال الإنفلات الأمني التي شهدتها بعض المدن التونسية بعد أن أُجبر الرئيس زين العابدين بن علي أمس الجمعة على التنحي ومغادرة البلاد التي حكمها زهاء 23 عاما.
جاء ذلك بينما أكد مصدر رسمي سعودي أن زين العابدين بن علي وصل وأسرته إلى مدينة جدة ليل الجمعة السبت، وأصدر الديوان الملكي السعودي بيانا رحب فيه ببن علي وعائلته في المملكة.
واكد البيان الذي نقلته وكالة الأنباء السعودية تقدير حكومة المملكة “للظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب التونسي وتأييدها لكل إجراء يعود عليه بالخير”.
وكان مواطنون تونسيون أفادوا بوقوع أعمال سلب ونهب في بعض المدن وناشدوا الجيش التدخل لحمايتهم من حوادث الانفلات الأمني.
وقد انتشرت قوات الجيش في المناطق الحيوية بالعاصمة التونسية وفرضت سيطرتها على المطار وأغلقت المجال الجوي للبلاد.
تأتي هذه التطورات بعد يوم شهد أحداثا درامية حيث أُجبر أمس الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على التنحي عن السلطة ومغادرة البلاد بعد شهر من الاحتجاجات العنيفة على الأوضاع الاقتصادية والتي أدت الى مقتل واصابة العشرات من المدنيين التونسيين.
وفي خطاب متلفز أعلن رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي توليه مقاليد السلطة ودعا جميع التونسيين الى الوحدة ووعد باحترام الدستور والقيام باصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية تلبي تطلعات التونسيين.
وقال الغنوشي البالغ من العمر 69 عاما إنه سيتولى إدارة دفة الحكم في البلاد مؤقتا بسبب “تعذر أداء الرئيس بن علي لمهامه”.
وقال الغنوشي: “إذا تعذر على الرئيس القيام بمهامه، فإنه يوكل إدارة دفة الحكم إلى رئيس الحكومة. ونظرا لذلك، أتولى بداية من الآن ممارسة سلطات رئيس الجمهورية”.
وأعلن أنه سيلتقي اعتبارا من السبت بممثلي الاحزاب السياسية في تونس لبحث تشكيل حكومة جديدة.
فرنسا ترفض استقبال بن علي
جاء ذلك بعد أن أفاد مراسل بي بي سي في باريس بأن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رفض السماح لطائرة بن علي بالهبوط في فرنسا.
وأعلن مسؤول فرنسي رفض بلاده استقبال بن علي، وقد ذكرت الرئاسة الفرنسية في وقت سابق أنها “أخذت علما بالعملية الدستورية الانتقالية في تونس”، وذلك في إشارة إلى تولي الغنوشي السلطات في البلاد خلفا لبن علي.
وكانت وكالة الأنباء الفرنسية قد نقلت أيضا عن متحدث باسم وزارة الخارجية في مالطا أن قائد طائرة بن علي اتصل ببرج المراقبة في مطار فاليتا طالبا السماح بالتحليق في أجواء البلاد في طريقها إلى بلد آخر.
لكن المتحدث نفى أن تكون هناك خطة لهبوط الطائرة في الأراضي المالطية.
كما نفت الخارجية الإيطالية أنباء تحدثت عن احتمال وصول بن علي إلى إيطاليا، واصفة تلك التقارير بأن “لا أساس لها من الصحة”.
في هذه الأثناء نقلت قناة “نسمة” التلفزيونية التونسية الخاصة أنباء عن اعتقال عدد من أقارب بن علي، لكن لم تؤكد جهة أخرى هذه المعلومات.
الموقف الأمريكي
من جهته اشاد الرئيس الأمريكي باراك اوباما بما وصفه بـ”شجاعة” وكرامة” الشعب التونسي داعيا الى اجراء انتخابات نزيهة وحرة.
وقال اوباما في بيان “ادين واستنكر استخدام العنف ضد المدنيين في تونس الذين يعبرون سلميا عن رأيهم, واشيد بشجاعة وكرامة الشعب التونسي”.
واضاف ان “الولايات المتحدة تقف مع المجتمع الدولي شاهدا على هذا النضال الشجاع من اجل الحصول على الحقوق العالمية التي علينا جميعا ان نلتزم بها, وسنتذكر لفترة طويلة صور الشعب التونسي وهو يسعى إلى جعل صوته مسموعا”.
ودعا أوباما كل الاطراف الى المحافظة على الهدوء وتجنب العنف.
حالة الطوارىء
وقد تحدى العديد من التونسيين قرار حظر التجول وخرجوا احتفالا بالإطاحة ببن علي، كانت تونس العاصمة شهدت الجمعة اعلانا لحالة الطوارئ وفرض حظر التجوال ليلا بعد مسيرة ضخمة امام وزارة الداخلية التونسية.
وفي ظل تواصل الاحتجاجات المستمرة منذ نحو شهر، يجري إجلاء آلاف السائحين الأجانب من تونس.
هذا وقد كشفت مصادر طبية تونسية أن ستة عشر شخصا لقوا حتفهم خلال الاحتجاجات التي جرت خلال يوم الجمعة.
وقال التلفزيون التونسي إن حالة الطوارئ تعني منع أي تجمع يزيد المشاركون فيه عن ثلاثة أشخاص.
وتقول منظمات حقوق الإنسان إن أكثر من 70 شخصا قتلوا خلال الاضطرابات الاجتماعية التي شهدتها تونس بعد ان فتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين الذين كانوا يحتجون ضد الفساد وتفشي البطالة وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وكانت الآلاف قد تدفقت إلى الشوارع في العاصمة تونس بعد الخطاب المتلفز الذي ألقاه بن علي الخميس وأعلن فيه عدم ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2014، ووعد “بمجتمع ديمقراطي في البلاد”.